باتيلي يحشد لجمع «الخمسة الكبار» لبحث خلافات الانتخابات الليبية

حمّاد عدّه «منحازاً ومكرساً للانقسام»... وطالب بتعيين مبعوث جديد

الدبيبة خلال لقاء سابق مع باتيلي في طرابلس لبحث أزمة الانتخابات (المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة)
الدبيبة خلال لقاء سابق مع باتيلي في طرابلس لبحث أزمة الانتخابات (المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة)
TT

باتيلي يحشد لجمع «الخمسة الكبار» لبحث خلافات الانتخابات الليبية

الدبيبة خلال لقاء سابق مع باتيلي في طرابلس لبحث أزمة الانتخابات (المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة)
الدبيبة خلال لقاء سابق مع باتيلي في طرابلس لبحث أزمة الانتخابات (المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة)

تجاهل عبد الله باتيلي، المبعوث الأممي إلى ليبيا، الاتهامات التي وجهها إليه أسامة حمّاد، رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب الليبي، بـ«الانحياز وترسيخ الانقسام»، ومضى يحشد محلياً وخارجياً لاجتماع «الأطراف الرئيسية»، أو ما سمّاهم «الخمسة الكبار» على طاولة الحوار، بغية التوصل إلى تسوية سياسية حول خلافات الانتخابات المُنتظرة.

وفيما اتجه باتيلي عربياً لدعم مقترحه بلقاء وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، انتقد حمّاد «إقصاء» حكومته من حضور الاجتماع المُرتقب «في حين تمت دعوة المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة للمشاركة في الاجتماع؛ وهما كيانان منبثقان عن اتفاقات سابقة، وانتهت مدتهما وولايتهما».

بوريطة خلال استقبال باتيلي في الرباط (الخارجية المغربية)

ويراهن متابعون لجولات باتيلي على مدى قدرته على إحداث اختراق في ملف الانتخابات المُعطّلة، وهل سيلجأ إلى تغيير استراتيجية التعامل مستقبلاً مع من سمّاهم «الخمسة الكبار» أم لا؟، وهؤلاء الخمسة هم القائد العام لـ«الجيش الوطني» خليفة حفتر، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، بالإضافة إلى محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي، وعبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، إلى جانب محمد تكالة رئيس المجلس الأعلى للدولة.

ودانت حكومة حمّاد في تصريح صحافي مساء أمس (الخميس)، ما وصفته بـ«ازدواجية معايير» البعثة ورئيسها في التعاطي مع الشأن الليبي، عادّة أن ذلك «يطرح تساؤلاً حول إرادة المبعوث الخاص للأمين العام ومدى قدرته على اتخاذ القرارات الصائبة». كما دفعت حكومة حمّاد بـ«عدم شرعية» أي حوارات أو مفاوضات «لا تساوي بين المؤسسات الشرعية المنتخبة من الشعب، وما نتج عنها من مؤسسات، ومن استولوا على السلطة بقوة السلاح، أو الذين أتوا بتوافقات دولية مؤقتة».

حمّاد انتقد ما وصفه بـ«ازدواجية معايير» البعثة ورئيسها في التعاطي مع الشأن الليبي (الحكومة)

في سياق ذلك، أهابت حكومة حماد بالأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بأن «يضع البعثة والمبعوث الخاص في ميزان البحث والتقصي»، ورأت أنه «لا يصلح لإدارة الأزمة الليبية»، لكونه «منحازاً لطرف دون الآخر؛ ويرسخ الانقسام والتشظي بين الليبيين»، مشددة على «دعمها المطلق وغير المشروط لتحقيق تطلعات الشعب الليبي، وتكريس حقه في انتخاب رئيسه وممثليه الشرعيين، وفق ما يقرره الليبيون أنفسهم، دون إملاءات خارجية مغرضة أو فساد داخلي»، مؤكدة أنها ترفض عقد أي اجتماعات لا تكون طرفاً أساسياً فيها، ولن تعترف بأي مخرجات عن هذه اللقاءات، وأن نتائجها غير ملزمة لها.

وزادت حكومة حماد من تصعيدها بدعوة غوتيريش إلى «تعيين مبعوث جديد ليرأس البعثة الأممية، يكون اختياره وفق معايير الحياد والكفاءة ونزاهة الذمة».

بدوره، أكد مجلس النواب، اليوم (الجمعة)، رفضه المشاركة في أي حوار أو اتفاق سياسي «لا يحترم الإرادة الليبية والمؤسسات الشرعية المنتخبة من الشعب الليبي، وما انبثق عنها من مؤسسات تنفيذية»، مبدياً تحفظه على عدم دعوة حكومة حماد المكلفة من مجلس النواب إلى الاجتماع الذي أعلنه باتيلي. وقال المجلس في بيان، إنه يرفض أيضاً «تكرار التجارب السابقة، التي لم تثبت نجاعتها في حل الأزمة الليبية»، كما أنه لن يقبل بأي مخرجات مكررة لما سبق اتخاذه من قبل البعثة الأممية سابقاً.

صالح مستقبلاً باتيلي في مكتبه ببنغازي (المكتب الإعلامي لرئيس النواب الليبي)

واستقبل سياسيون ليبيون عدة دعوة باتيلي لقادة ليبيا إلى عقد اجتماع بـ«استغراب»، عادّين أنهم «سبب الانسداد السياسي» الذي تعانيه البلاد، بسبب تمسك كل طرف بما يراه مناسباً لبقائه في السلطة.

وسبق للمبعوث الأممي أن وجّه انتقادات عدة لأطراف مختلفة في ليبيا، بسبب عدم توافقها بشأن قوانين الانتخابات، ونقل موسى الكوني، النائب بالمجلس الرئاسي، أن الأول أبلغه بأنه «إذا جرت الانتخابات بالقوانين الحالية فستصطدم بالأطراف المتناقضة نفسها، التي سمّاها (الخمسة الكبار)، لكونهم لن يسلموا السلطة لمن سيُنتخب».

وظلت الأوساط السياسية في ليبيا تترقب تحرك البعثة الأممية حيال حالة الجمود المسيطرة على المشهد السياسي، بعد فشل مجلسي النواب و«الدولة» في التوصل إلى حل بشأن قانوني الانتخابات، إلى أن أعلن باتيلي الخميس، عن توجيهه دعوات لـ«الفاعلين المؤسسيين» إلى عقد اجتماع لمناقشة الخطوات المقبلة للاستحقاق المنتظر.

الدبيبة خلال لقاء سابق مع باتيلي في طرابلس لبحث أزمة الانتخابات (المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة)

وسارعت البعثات الدبلوماسية في ليبيا، ومن بينها الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وفرنسا وإيطاليا وألمانيا، بإعلان «ترحيبها بحرارة» بدعوة باتيلي، كما حثت في بيانها «الأطراف على الاستفادة من هذه الفرصة لوضع ليبيا على طريق الاستقرار، والازدهار طويل الأمد، لجميع مواطنيها».

وإثر التحركات الأممية الجديدة، التقى المنفي، مساء أمس (الخميس) بتكالة، وتمحور اللقاء حول تطورات الأوضاع السياسية المحلية والإقليمية، إضافة إلى توحيد جهود مجلسه و«الأعلى للدولة» مع بقية المؤسسات المنبثقة عن الاتفاق السياسي، للوصول إلى تسوية سياسية شاملة تحقق الاستقرار للوصول إلى الانتخابات الرئاسية. بينما قال المجلس الأعلى للدولة إن تكالة والمنفي ناقشا «سبل الدفع بالعملية السياسية وكسر الجمود الرهن، والمبادرة المزمع إطلاقها من قبل باتيلي، والمتعلقة بقانوني الاستحقاق، وكيفية الوصول إليه».

المنفي وتكالة في مقر المجلس الرئاسي بطرابلس (المجلس الرئاسي الليبي)

في شأن مختلف، قالت وزارة الخارجية، التابعة لحكومة «الوحدة» الوطنية، إن مدير إدارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي بمجلس الوزراء، المكلف تسيير أعمال وزارة الخارجية الطاهر الباعور، التقى بمدينة أويالا في غينيا الاستوائية مع الممثل الخاص للحكومة الصينية للشؤون الأفريقية، ليو يوي شي، لبحث مواصلة دعم الجهود لاستقرار ليبيا.

وخلال اللقاء، أكد الباعور موقف ليبيا الداعم لتوحيد الموقف الأفريقي إزاء المفاوضات الجارية؛ موضحاً أنه يمكن للصين لعب دور مهم في دعم المطالبة الأفريقية بالحصول على حقوق القارة كاملةً بمجلس الأمن. كما ناقش اللقاء، تطلع الصين لتنسيق التعاون مع ليبيا في إطار عضويتها لمجموعة العشرة التابعة للاتحاد الأفريقي، والمعنية بالتفاوض في مسار عملية إصلاح مجلس الأمن الدولي، ومسعى حصول القارة الأفريقية على مقعدين دائمين بالمجلس.

واستعرض الجانبان أهمية رفع مستوى التعاون الدبلوماسي بين ليبيا والصين، وانتقال كامل فريق السفارة الصينية إلى طرابلس، «كنظيراتها من السفارات العربية والغربية، التي باشرت بعثاتها الدبلوماسية والقنصلية العمل من العاصمة».


مقالات ذات صلة

تحرك دبلوماسي فرنسي «نشط» في ليبيا... ماذا يستهدف؟

شمال افريقيا المبعوث الفرنسي بول سولير في لقاء مع رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي في طرابلس (السفارة الفرنسية)

تحرك دبلوماسي فرنسي «نشط» في ليبيا... ماذا يستهدف؟

تكثَّفت المساعي الدبلوماسية الفرنسية بين الأفرقاء الليبيين، على مدار شهر أكتوبر الحالي عبر سلسلة لقاءات أجراها بول سولير مبعوث الرئيس إيمانويل ماكرون إلى ليبيا.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا المشاركون في الاجتماع مع البعثة الأممية في صورة مشتركة (البعثة الأممية)

الدبيبة يتعهد مكافحة «الفساد» في قطاع الصحة

قال عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة، إن جهاز الإمداد الطبي في بلده كان لسنوات «محطةً استُغلت للفساد والاحتكار».

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا صورة أرشيفية متداوَلة لعدد من الليبيين الذي كانوا قد نُفوا إلى جزر بجنوب إيطاليا عام 1911

قصة نفي 5 آلاف ليبي إلى جنوب إيطاليا

أرجع مؤرخون عمليات نفي آلاف الليبيين إلى إيطاليا إلى اشتداد ضربات المقاومة الليبية للقوات الغازية، منذ معركة شارع «الشط - الهاني» في طرابلس عام 1911.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا من اجتماع سابق للمجلس الرئاسي مع وفد من الأمازيغ (أرشيفية)

أمازيغ ليبيا يطالبون «الرئاسي» بسحب التشكيلات العسكرية من مدنهم

وسط صمت رسمي من حكومة الوحدة الليبية «المؤقتة»، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، حذر المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا من أي «تحركات لميليشيات قبلية داخل المدن التابعة له».

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة (حكومة الوحدة)

غموض وتساؤلات بعد تعهد الدبيبة بـ«خطوات حازمة» لإجراء الانتخابات الليبية

تعهد عبد الحميد الدبيبة خلال مشاركته في احتفالية أقيمت بمسقط رأسه بمدينة مصراتة باتخاذ «خطوات حازمة» للوصول إلى الانتخابات العامة.

جاكلين زاهر (القاهرة)

الفساد يُهيمن على النقاش السياسي في موريتانيا

صورة عامة لندوة حزب «الإنصاف» عن الفساد (حزب الإنصاف)
صورة عامة لندوة حزب «الإنصاف» عن الفساد (حزب الإنصاف)
TT

الفساد يُهيمن على النقاش السياسي في موريتانيا

صورة عامة لندوة حزب «الإنصاف» عن الفساد (حزب الإنصاف)
صورة عامة لندوة حزب «الإنصاف» عن الفساد (حزب الإنصاف)

عاد الحديث عن الفساد إلى واجهة النقاش السياسي في موريتانيا؛ حيث نظّم حزب «الإنصاف» الحاكم، السبت والأحد، ندوة لنقاش «الحكامة الجيدة، وخطورة انتشار الفسادين الإداري والمالي على تحقيق التنمية».

وتصنف موريتانيا من بين الدول التي تعاني الفساد، وسبق أن اعترفت الحكومة باستعادة أموال من المفسدين، في حين تضيع سنوياً أموالاً هائلة في صفقات تحوم حولها شبهات فساد، وفق تقارير رسمية صادرة عن الحكومة ومنظمات دولية كثيرة.

وكان الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني، قد التزم بعد إعادة انتخابه يونيو (حزيران) الماضي، بأن تكون ولايته الرئاسية الثانية خاصة بالحرب على الفساد والمفسدين، وحماية المال العام.

جانب من نقاشات محاربة الفساد في موريتانيا (حزب الإنصاف)

في غضون ذلك، وبعد مرور 3 أشهر على تعيين حكومة جديدة مهمتها الأولى الحرب على الفساد، جاءت ندوة حزب «الإنصاف» الحاكم تحت عنوان: «الحكامة الجيدة بين التزام الدولة القوي والانخراط الصادق من طرف النخب والمجتمع»، وقال رئيس الحزب الحاكم، سيد أحمد ولد محمد، إن النقاش حول الفساد «يدخل في إطار سلسلة النشاطات السياسية والفكرية الموازية والداعمة لتنفيذ برنامج فخامة رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني».

وأضاف ولد محمد: «أن الجميع مطالب بالانخراط في مواجهة الفساد، الذي يتسبب استشراؤه في تهديد مستقبلنا»، مشيراً إلى أن رئيس البلاد «تعهّد بمحاربته، بوصف هذه المحاربة عملاً استراتيجياً ومصيرياً بالنسبة لنا».

وجرى النقاش حول تعريف الفساد ومفهومه، وأهم التجارب الناجحة لمحاربته، إضافة إلى دور النخب السياسية والإدارية في الحرب على الفساد، وأهمية تبني السلوك المدني بصفته من مفاتيح نجاح سياسة الشفافية ومكافحة الفساد.

وتناول النقاش أيضاً، الإطار القانوني والمؤسسي للحكامة الرشيدة ومكافحة الفساد، وضرورة وجود «آليات الرقابة المختلفة الضامنة لمحاربة الفساد وفقاً للقانون»، مع التركيز على أهمية «شفافية الحياة العامة وواجب المحاسبة، بصفتها ضمانات أساسية للحكامة الرشيدة والتخفيف من ممارسات الفساد».

الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني (أ.ف.ب - أرشيفية)

النقاش حول محاربة الفساد لم يقتصر على الأحزاب السياسية الموالية للسلطة، وإنما كان محورياً في خطاب المعارضة؛ حيث قال حزب «التجمع الوطني للإصلاح والتنمية» (تواصل)، إن ما تقوم به الحكومة من محاربة للفساد لا يزال «مجرد شعارات».

«تواصل» الذي يوصف بأنه الحزب المعارض الأكثر تمثيلاً في البرلمان، ويتولى زعامة مؤسسة المعارضة الديمقراطية، قال في بيان صحافي عقب انعقاد دورة مجلسه الوطني الأسبوع الماضي: «إن محاربة الفساد لا تزالُ في طور الشعارات، ولم نشاهد آثارها على الوقائع».

وأضاف الحزب أنه «لم تتم إدانة مسؤولين بتهم الفساد، رغم اعتراف السلطات بأن الفساد من كبرى عقبات التنمية، وإعلانها العزم على وقفه»، وشدد على أن «كثيراً ممن أثيرت حولهم شبه فساد أُعيد تعيينهم، في تحدٍّ صارخ للشعب المغلوب على أمره».

وخلُص الحزب إلى «أن ممارسات الفساد هي سبب استمرار أوضاع المواطنين في التردي، رغم وعود كثيرة وشعارات براقة متداولة»، مشيراً إلى أن «أسعار السلع الأساسية لا تزالُ فوق متناول المواطن البسيط وحتى متوسط الدخل، وما زالت الخدمات الأساسية من صحة وتعليم ونقل وكهرباء وماء بعيدة كل البُعد عن تلبية أبسط متطلبات العيش الكريم»، وفق تعبير الحزب.