تونس تجدد رفض لعب «دور دركي» لأوروبا في «المتوسط»

خلال مؤتمر دولي احتضنته حول سبل التعاطي الإعلامي مع قضايا الهجرة

جانب من المؤتمر الدولي حول سبل التعاطي الإعلامي مع قضايا الهجرة في المتوسط (وكالة الأنباء التونسية)
جانب من المؤتمر الدولي حول سبل التعاطي الإعلامي مع قضايا الهجرة في المتوسط (وكالة الأنباء التونسية)
TT

تونس تجدد رفض لعب «دور دركي» لأوروبا في «المتوسط»

جانب من المؤتمر الدولي حول سبل التعاطي الإعلامي مع قضايا الهجرة في المتوسط (وكالة الأنباء التونسية)
جانب من المؤتمر الدولي حول سبل التعاطي الإعلامي مع قضايا الهجرة في المتوسط (وكالة الأنباء التونسية)

اختتمت، اليوم الجمعة، في العاصمة التونسية فعاليات مؤتمر دولي حول سبل التعاطي الإعلامي مع قضايا الهجرة في المتوسط، بصياغة مشروع ميثاق أخلاقي حول الإعلام والهجرة، تلتزم به رابطة وكالات أنباء البحر المتوسط، وبتأكيد السلطات التونسية مجدداً على أنها لن تقوم بدور الدركي أو الشرطي في البحر الأبيض المتوسط.

وعرف المؤتمر، الذي نظمته وكالة الأنباء التونسية الرسمية، مشاركة عشرة ممثلين لوكالات أنباء متوسطية أعضاء في الرابطة التي تترأسها تونس لمدة سنة واحدة، تمتد من مايو (أيار) 2023 إلى مايو 2024.

الرئيس قيس سعيد خلال استقباله رئيسة الحكومة الإيطالية الصيف الماضي لبحث إشكالية الهجرة (إ.ب.أ)

وتضمن برنامج هذا المؤتمر، الذي بدأ أمس الخميس، تقديم عدد من المداخلات حول مختلف جوانب الهجرة وأسبابها، وعرض شريط مصور حول الهجرة، إضافة لتنظيم زيارة ميدانية صباح اليوم الجمعة، انطلقت من ميناء رادس بالضاحية الجنوبية للعاصمة التونسية، وخصصت لمتابعة عمل وحدات الحرس البحري التونسي في تفقد السواحل. كما شهد اليوم الثاني للمؤتمر تقديم عدة مداخلات تناولت «مصادر الخبر الرسمية في علاقتها بمستجدات الهجرة»، و«التغطية الإعلامية لقضايا الهجرة في حوض البحر الأبيض المتوسط»، إضافة إلى تنظيم جلسة حوارية لصياغة مشروع «ميثاق أخلاقي حول الإعلام والهجرة».

وخلال هذا المؤتمر دافعت السلطات التونسية مجدداً عن وجهة نظرها في التعاطي مع ملف الهجرة؛ إذ قال منير بن رجيبة، كاتب الدولة لدى وزير الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، إن ظاهرة الهجرة تشكل تحديات جسيمة لضفتي المتوسط، وتفرض ضغوطات كبرى تمليها إشكاليات الهجرة على دول العبور والمقصد، داعياً إلى ضرورة إرساء شراكة فاعلة مع دول الاتحاد الأوروبي، تقوم على تبادل المصالح وتحقيق الاستقرار والتنمية المتضامنة.

وأكد بن رجيبة مجدداً رفض تونس لتوطين المهاجرين غير الشرعييّن وطالبي اللجوء على أراضيها، ورفضها القيام بدور الدركي في البحر الأبيض المتوسط، مؤكداً في المقابل أنها لا تدّخر جهداً، رغم محدودية إمكانياتها اللوجيستية والمادية والبشرية، في التصدي لشبكات الاتجار بالبشر، متهماً التيارات اليمينية المتطرفة في أوروبا بالتركيز على رحلات الهجرة غير الشرعية في برامجها وحملاتها الانتخابية، وتجنيد وسائل الإعلام المحسوبة عليها للترويج لأطروحاتها المناوئة للمهاجرين، على حد تعبيره.

مهاجرون أفارقة وصلوا تونس للعبور من سواحلها إلى أوروبا (إ.ب.أ)

من ناحيته، قال جورج بينينتيكس، الأمين العام لرابطة وكالات أنباء البحر الأبيض المتوسط، إن من بين أدوار وسائل الإعلام الضغط على السلطات والحكومات والوكالات الدولية لإطلاق مشاريع، وحل المشاكل المتعلقة بالهجرة، وتهيئة الظروف اللازمة لتشجيع الناس على تعمير أوطانهم.

في السياق ذاته، أكدت أحلام الهمامي، المديرة العامة للمرصد التونسي للهجرة (حكومي)، أن أرقام الهجرة غير النظامية «تعد مفزعة»، وتحدثت في هذا السياق عن وصول أكثر من 151 ألف مهاجر غير نظامي إلى الأراضي الإيطالية، من بينهم 11 في المائة من التونسيين، ما بين بداية السنة الحالية وحتى حدود 22 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، بحسب وزارة الداخلية الإيطالية.

يذكر أن تونس والاتحاد الأوروبي وقّعا منتصف شهر يوليو (تموز) الماضي، مذكرة تفاهم لإرساء «شراكة استراتيجية وشاملة» في مجالات مكافحة الهجرة غير النظامية، والتنمية الاقتصادية والطاقات المتجدّدة، وتضمن الاتفاق تقديم مساعدة مالية لتونس بقيمة 105 ملايين يورو لمكافحة الهجرة غير النظامية، إضافة إلى 150 مليون يورو لدعم الميزانية التي تعاني من تراجع الموارد الذاتية ونقص السيولة المالية.


مقالات ذات صلة

النفط يرتفع في مستهل تعاملات الأسبوع... والخام الأميركي يقترب من 70 دولاراً

الاقتصاد حفارات النفط تعمل بالقرب من كالغاري في مقاطعة ألبرتا الكندية (أ.ب)

النفط يرتفع في مستهل تعاملات الأسبوع... والخام الأميركي يقترب من 70 دولاراً

ارتفعت أسعار النفط خلال جلسة الاثنين، بعد أن أظهرت بيانات أميركية تباطؤ التضخم بأكثر من المتوقع؛ مما أنعش الآمال في مزيد من تيسير السياسات النقدية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا أوربو وكريسترسون وميلوني وكالاس وميتسوتاكيس خلال اجتماعهم في فنلندا اليوم (أ.ف.ب)

رئيس الوزراء الفنلندي: روسيا تشكل «تهديداً دائماً» للاتحاد الأوروبي

عَدَّ رئيس الوزراء الفنلندي بيتيري أوربو، اليوم الأحد، أن روسيا تشكل «تهديداً دائماً وخطراً» للاتحاد الأوروبي.

«الشرق الأوسط» (هلسنكي)
شؤون إقليمية جانب من اجتماع مجلس الشؤون العامة للاتحاد الأوروبي (إعلام تركي)

الاتحاد الأوروبي يضغط على تركيا لتنفيذ إصلاحات لنيل عضويته

كرّر الاتحاد الأوروبي مطالبة تركيا باستيفاء المعايير المؤهلة للحصول على عضويته، ولا سيما مجالات الديمقراطية وحقوق الإنسان والتعبير وسيادة القانون.

الاقتصاد ترمب يلقي تصريحاً في مار-إيه-لاجو في بالم بيتش، فلوريدا، 16 ديسمبر 2024 (رويترز)

ترمب يهدد أوروبا... زيادة شراء النفط والغاز الأميركي أو مواجهة الرسوم

قال الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، إن الاتحاد الأوروبي قد يواجه فرض رسوم جمركية إذا لم يسع لتقليص العجز التجاري المتزايد مع الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
العالم السفينة الصينية حاملة البضائع «يي بينغ 3» راسية وتخضع للمراقبة من قبل سفينة دورية بحرية دنماركية (لا تظهر في الصورة) في بحر كاتيغات بالقرب من مدينة غرانا في غوتلاند بالدنمارك 20 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

الشرطة الأوروبية تحقق بشأن سفينة صينية كانت بالقرب من كابلات اتصالات تعرضت لأضرار

رافق رجال شرطة أوروبيون الخميس، رجال شرطة صينيين للتحقيق بشأن سفينة صينية كانت قرب اثنين من كابلات الاتصالات لحقت بهما أضرار في قعر بحر البلطيق الشهر الماضي.

«الشرق الأوسط» (كوبنهاغن)

رحيل الإخواني يوسف ندا يطرح تساؤلات عن مصير «أموال الجماعة»

يوسف ندا (متداولة على حسابات موالية للإخوان)
يوسف ندا (متداولة على حسابات موالية للإخوان)
TT

رحيل الإخواني يوسف ندا يطرح تساؤلات عن مصير «أموال الجماعة»

يوسف ندا (متداولة على حسابات موالية للإخوان)
يوسف ندا (متداولة على حسابات موالية للإخوان)

أثار رحيل القيادي في جماعة «الإخوان»، يوسف ندا، الأحد، تساؤلات حول مصير «أموال الجماعة»، ومدى تأثر «الإخوان» اقتصادياً بوفاته.

ووفق مراقبين، فإن «ندا يُعدّ مؤسس كيان الجماعة المالي». وأشاروا إلى أنه «منذ ستينات القرن الماضي أسس ندا عدة شركات اقتصادية كان لها دور بارز في تمويل أنشطة الجماعة».

يأتي هذا في وقتٍ أدرجت فيه مصر ندا على «قوائم الإرهاب» في منتصف ديسمبر (كانون الأول) الحالي، عقب إدانته بـ«تمويل جماعة إرهابية».

ويرى خبراء في مصر أن «رحيل ندا سيكون له تأثيرات مالية وتنظيمية على (الإخوان)»، ورجحوا أن «تُدار المنظومة المالية للجماعة التي كان يتولى ندا جزءاً كبيراً فيها، بالكوادر الثانية التي كانت تساعده في إدارة شبكة علاقات الجماعة في الخارج».

وتُصنِّف السلطات المصرية «الإخوان»، على أنها «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات الجماعة، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، في حين يقيم عناصر للجماعة خارج البلاد.

وأعلنت «الإخوان»، الأحد، رحيل يوسف ندا (المقيم خارج مصر) عن عُمر ناهز 94 عاماً. وندا، الذي وُلد في الإسكندرية (شمال مصر) عام 1931، شغل منصب رئيس مجلس إدارة «بنك التقوى» ومفوض العلاقات السياسية الدولية في الجماعة.

ووفق وسائل إعلام محلية، بدأ ندا نشاطه الاقتصادي لحساب «الإخوان» عام 1956 بعد الإفراج عنه في قضية محاولة اغتيال الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر، في الحادث الذي وقع في أكتوبر (تشرين الأول) 1954 بميدان المنشية في الإسكندرية.

ونقل ندا نشاطه المالي بعد ذلك إلى خارج مصر، حيث توجَّه إلى ليبيا، ومنها إلى النمسا عام 1960، وتوسع نشاطه حتى لُقب، في نهاية الستينات من القرن الماضي، بأنه (ملك الأسمنت في منطقة البحر المتوسط).

الخبير الأمني المصري، عضو مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان)، اللواء فاروق المقرحي، يعتقد أنه «برحيل ندا قد تحدث أزمة اقتصادية ومالية داخل (الإخوان)»، وقال إنه «كان المسؤول المالي الأول في الجماعة، ورحيله سوف يسبب ارتباكاً بشأن إدارة الأنشطة الاقتصادية للجماعة، خصوصاً في الخارج».

وأوضح المقرحي، لـ«الشرق الأوسط»، أن «ندا كان يدير عدداً من الأنشطة الاقتصادية لحساب (الإخوان)، خصوصاً بعد تأسيسه بنك (التقوى) في جزر البهاما»، مشيراً إلى أن «هناك تساؤلات حول الشخص الذي يحل محل ندا في إدارة الأنشطة الاقتصادية، هل من بين أبنائه، أم من قيادات أخرى تابعة للإخوان في الخارج».

جانب من محاكمة سابقة لعناصر من «الإخوان» في مصر (أ.ف.ب)

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2001، وجّه الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش، اتهاماً إلى ندا بـ«ضلوع شركاته في دعم الإرهاب وتمويل هجمات 11 سبتمبر (أيلول)»، وأدرجته الإدارة الأميركية ضمن «القائمة السوداء للداعمين للإرهاب»، قبل أن تقدم الحكومة السويسرية طلباً لمجلس الأمن في عام 2009 بشطب اسم ندا من «قائمة الداعمين للإرهاب».

وتصدّر رحيل ندا «الترند» على منصات التواصل، الأحد، حيث غردت عناصر مُوالية للجماعة ناعية الراحل، متحدثة عن «إسهاماته داخل الجماعة، خاصة المالية والتنظيمية».

وفي القاهرة، قال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن «ندا، مسؤول بيت المال لـ(الإخوان)، ومسؤول علاقاتهم الدولية والخارجية».

وأشار، عبر حسابه على «إكس»، الأحد، إلى أن «ندا لم يتأخر عن دعم الإخوان بأمواله، ويُعدّ أغنى قيادات الجماعة، وحرّض كثيراً من الدول على مصر»، لافتاً إلى «صدور حكم بحقّه في اتهامه بـ(تمويل الإخوان) قبل أن يجري العفو عنه وقت حكم الجماعة لمصر».

وكانت السلطات المصرية قد أحالت ندا، في عام 2008، إلى المحاكمة العسكرية بتهمة «تمويل الإرهاب»، وحُكم عليه (غيابياً) بالسجن 10 سنوات، قبل أن يصدر «الإخوان» قراراً بالعفو عنه في يوليو (تموز) 2012. والشهر الحالي، أدرجت محكمة مصرية ندا على «قوائم الإرهاب» لمدة خمس سنوات، ضمن 76 متهماً آخرين.

وأكد الخبير في الحركات الأصولية بمصر، عمرو عبد المنعم، أن «الجماعة سوف تتأثر مالياً برحيل ندا، خاصة أنه كان أحد مصادر دخْل الجماعة عبر شركاته ومشروعاته، كما أنه كان يتولى إدارة الشؤون المالية لـ(الإخوان)».

ويرجح أن يجري إسناد الشركات والكيانات الاقتصادية، التي كان يشرف يوسف ندا على إدارتها، إلى كوادر الجماعة التي كانت تساعده بالخارج، مثل محمود الإبياري، مشيراً إلى أن هناك «كيانات اقتصادية كان يشرف عليها ندا في أفريقيا ودول آسيوية وأوروبية، وكان يعتمد في إدارتها على كوادر للجماعة في الخارج».

ويرى عبد المنعم أن «غياب ندا سوف يؤثر تنظيمياً وحركياً أيضاً على الجماعة»، موضحاً، لـ«الشرق الأوسط»، أن «الجماعة أمام (انتقال جيلي) بتولّي أجيال جديدة إدارتها في الخارج، بدلاً من قيادات جيل الستينات والسبعينات».

ووفق رأي الخبير في شؤون الحركات الأصولية ماهر فرغلي، فإن «العلاقات الخارجية لـ(الإخوان) سوف تتأثر أكثر برحيل ندا»، وقال إن «التأثير الأكبر سيكون على نشاط الجماعة خارجياً»، مضيفاً، لـ«الشرق الأوسط»، أن «ندا كان يشرف على شبكة علاقات واسعة مع المراكز الإسلامية الأوروبية، وجمعيات حقوقية في الخارج، وشركات وكيانات اقتصادية».