بوريطة وباتيلي يجريان محادثات في الرباط حول الأزمة الليبية

المغرب عبَّر عن استعداده لفتح مجال التحاور بين أطراف النزاع للتوافق حول النقاط الخلافية

بوريطة وباتيلي يجريان مباحثات حول الأزمة الليبية (الخارجية المغربية)
بوريطة وباتيلي يجريان مباحثات حول الأزمة الليبية (الخارجية المغربية)
TT

بوريطة وباتيلي يجريان محادثات في الرباط حول الأزمة الليبية

بوريطة وباتيلي يجريان مباحثات حول الأزمة الليبية (الخارجية المغربية)
بوريطة وباتيلي يجريان مباحثات حول الأزمة الليبية (الخارجية المغربية)

أجرى ناصر بوريطة وزير خارجية المغرب، مساء الخميس، مباحثات مع عبد الله باتيلي الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثتها إلى ليبيا. وقال مصدر في وزارة الخارجية المغربية لـ«الشرق الأوسط» إن زيارة باتيلي للرباط تندرج في إطار المشاورات الدائمة للأمم المتحدة وبعثتها إلى ليبيا مع المملكة المغربية، للتداول باستمرار حول الوضع السياسي في هذا البلد المغاربي.

وأضاف المصدر ذاته أن زيارة باتيلي للرباط «فرصة للتشاور وتبادل الرؤى حول السبل الكفيلة بدفع العملية السياسية في ليبيا؛ قصد التوصل لتوافقات ضرورية لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية، كسبيل لتجاوز الأزمة الحالية».

بوريطة خلال استقباله المبعوث الأممي باتيلي في الرباط (الخارجية المغربية)

وكان باتيلي قد أطلق مبادرة لإجراء الانتخابات في ليبيا خلال شهر يونيو (حزيران) المقبل، بهدف وضع حد للأزمة والانقسام في ليبيا. تجدر الإشارة إلى أن المغرب يظل منخرطاً في الجهود الأممية الرامية إلى إيجاد حل سياسي للأزمة الليبية، كما أنه يظل منفتحاً على كل الأفكار والآراء والمبادرات التي من شأنها تحقيق هذا الهدف.

وأوضح المصدر ذاته أنه من هذا المنطلق، فإن المغرب يجدد استعداده لمواصلة التعاون مع البعثة الأممية، ومع كل الأطراف الليبية، لتسهيل تقريب وجهات النظر، وتوفير الأجواء المناسبة لذلك، في أفق إيجاد التوافقات الضرورية للوصول إلى حل سياسي، وإجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة، بوصفها محطة مهمة في الحل السياسي، وللحسم في مسألة الشرعية. ويُعد لقاء بوريطة باتيلي الثاني من نوعه خلال سنة 2023.

بوريطة مستقبلاً باتيلي في مقر الخارجية بالرباط (الخارجية المغربية)

وقال بوريطة، في مؤتمر صحافي مشترك مع باتيلي، إن هذا اللقاء «يأتي في إطار التشاور الدائم بين المملكة المغربية والبعثة الأممية في ليبيا، للتداول حول الوضع السياسي في هذا البلد المغاربي الشقيق». كما جدد وزير خارجية المغرب لباتيلي تأكيد المملكة المغربية، بقيادة الملك محمد السادس، على مواصلة دعمها للجهود الأممية، الرامية لإيجاد حل للانسداد السياسي الذي يعرفه هذا الملف، مشدداً على استعداد المغرب الدائم للعمل مع باتيلي من أجل تنفيذ مهامه في ليبيا.

وأضاف بوريطة موضحاً أن اللقاء مع باتيلي شكَّل أيضاً فرصة لمناقشة آخر التطورات المتعلقة بالملف الليبي، مشيراً إلى أن «هناك تطابقاً في وجهات النظر بشأن ضرورة توافق الأطراف السياسية الرئيسية الليبية على التوصل إلى اتفاق سياسي شامل بعيداً عن أي تدخلات أو أجندات خارجية، كما أكدنا على استمرار التزام المغرب بدعم جهود المبعوث الشخصي للأمين العام الأممي في هذا الملف».

كما كشف بوريطة أيضاً أن اللقاء شكَّل مناسبة للحديث حول مخرجات اجتماع أعضاء اللجنة المشتركة المكلفة من مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة الليبيَّيْن (6+6) إعداد القوانين الانتخابية، في يونيو (حزيران) 2023، بمدينة بوزنيقة المغربية (جنوب الرباط)، التي أفضت إلى توافقات مهمة بشأن تنظيم الانتخابات التشريعية والرئاسية في هذا البلد.

في سياق ذلك، أشار بوريطة إلى أن المملكة المغربية تتابع باهتمام بالغ مآلات تنفيذ هذا الاتفاق، وما تبعته من إشكالات قد تهدد تنظيم الانتخابات التي تطمح إليها جميع مكونات الشعب الليبي ويتابعها المجتمع الدولي باهتمام بالغ، مؤكداً مرة أخرى استعداد المغرب، وبتعليمات من الملك محمد السادس، لفتح المجال لليبيين للتحاور من جديد حول النقاط الخلافية، والوصول إلى توافقات بشأنها، وإنهاء حالة الانقسام التي تشهدها البلاد حالياً، وإقامة مؤسسات شرعية تخدم الليبيين وتحافظ على المصالح العليا للبلاد. كما جدد بوريطة التأكيد أن المغرب يرى أن الانتخابات هي الحل الأسلم في ليبيا، موضحاً أن المسار الانتخابي لا يمكن أن ينجح إلا بانخراط الأفرقاء الليبيين أنفسهم، وعبَّر عن أسفه للعراقيل التي تعوق تنظيمها، آملاً تجاوزها بفضل حكمة الأشقاء الليبيين وتبصرهم.


مقالات ذات صلة

ليبيا: اجتماع مرتقب لأعضاء مجلسي النواب و«الدولة» في درنة

شمال افريقيا صورة وزعها مجلس النواب لوصول أعضائه إلى مدينة درنة

ليبيا: اجتماع مرتقب لأعضاء مجلسي النواب و«الدولة» في درنة

أعلن عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب الليبي، وصول عدد من أعضائه إلى درنة التي ستستضيف، الاثنين، جلسة رسمية هي الأولى للمجلس بالمدينة.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة في افتتاح أعمال المؤتمر الأول لقادة الاستخبارات العسكرية لدول جوار ليبيا (حكومة الوحدة)

مدينة ليبية تنتفض ضد «المرتزقة»... وحكومة الدبيبة

احتشد مئات المتظاهرين في مدينة بني وليد، شمال غربي ليبيا، الموالية لنظام الرئيس الراحل معمر القذافي للتظاهر، منددين بـ«المرتزقة» والقوات والقواعد الأجنبية.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من اجتماع أعضاء بمجلسي «النواب» و«الأعلى للدولة» في بوزنيقة بالمغرب (المتحدث باسم مجلس النواب)

تباين ليبي بشأن تفعيل مخرجات «اجتماع بوزنيقة»

أعلن ممثلون عن مجلسَي النواب و«الأعلى للدولة» في ليبيا، نهاية الأسبوع الماضي، توصلهم إلى اتفاق يستهدف إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في البلاد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا جانب من أشغال مؤتمر «قادة دول الاستخبارات العسكرية لدول الجوار» في طرابلس (الوحدة)

الدبيبة: لن نسمح بأن تكون ليبيا ساحة لتصفية الحسابات

الدبيبة يؤكد أن بلاده «لن تكون ساحة لتصفية الصراعات الإقليمية، ولن تستخدم ورقة ضغط في الصراعات الدولية والإقليمية».

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا جانب من اجتماع اللجنة العسكرية الليبية المشتركة «5+5» في روما الخميس (البعثة الأوروبية)

ليبيا: خوري تسارع لتفعيل مبادرتها وسط صراع على ديوان المحاسبة

تسعى المبعوثة الأممية بالإنابة في ليبيا ستيفاني خوري إلى جمع الأفرقاء السياسيين على «المبادرة» التي أطلقتها أمام مجلس الأمن الدولي منتصف الأسبوع الماضي.

جمال جوهر (القاهرة)

رحيل الإخواني يوسف ندا يطرح تساؤلات عن مصير «أموال الجماعة»

يوسف ندا (متداولة على حسابات موالية للإخوان)
يوسف ندا (متداولة على حسابات موالية للإخوان)
TT

رحيل الإخواني يوسف ندا يطرح تساؤلات عن مصير «أموال الجماعة»

يوسف ندا (متداولة على حسابات موالية للإخوان)
يوسف ندا (متداولة على حسابات موالية للإخوان)

أثار رحيل القيادي في جماعة «الإخوان»، يوسف ندا، الأحد، تساؤلات حول مصير «أموال الجماعة»، ومدى تأثر «الإخوان» اقتصادياً بوفاته.

ووفق مراقبين، فإن «ندا يُعدّ مؤسس كيان الجماعة المالي». وأشاروا إلى أنه «منذ ستينات القرن الماضي أسس ندا عدة شركات اقتصادية كان لها دور بارز في تمويل أنشطة الجماعة».

يأتي هذا في وقتٍ أدرجت فيه مصر ندا على «قوائم الإرهاب» في منتصف ديسمبر (كانون الأول) الحالي، عقب إدانته بـ«تمويل جماعة إرهابية».

ويرى خبراء في مصر أن «رحيل ندا سيكون له تأثيرات مالية وتنظيمية على (الإخوان)»، ورجحوا أن «تُدار المنظومة المالية للجماعة التي كان يتولى ندا جزءاً كبيراً فيها، بالكوادر الثانية التي كانت تساعده في إدارة شبكة علاقات الجماعة في الخارج».

وتُصنِّف السلطات المصرية «الإخوان»، على أنها «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات الجماعة، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، في حين يقيم عناصر للجماعة خارج البلاد.

وأعلنت «الإخوان»، الأحد، رحيل يوسف ندا (المقيم خارج مصر) عن عُمر ناهز 94 عاماً. وندا، الذي وُلد في الإسكندرية (شمال مصر) عام 1931، شغل منصب رئيس مجلس إدارة «بنك التقوى» ومفوض العلاقات السياسية الدولية في الجماعة.

ووفق وسائل إعلام محلية، بدأ ندا نشاطه الاقتصادي لحساب «الإخوان» عام 1956 بعد الإفراج عنه في قضية محاولة اغتيال الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر، في الحادث الذي وقع في أكتوبر (تشرين الأول) 1954 بميدان المنشية في الإسكندرية.

ونقل ندا نشاطه المالي بعد ذلك إلى خارج مصر، حيث توجَّه إلى ليبيا، ومنها إلى النمسا عام 1960، وتوسع نشاطه حتى لُقب، في نهاية الستينات من القرن الماضي، بأنه (ملك الأسمنت في منطقة البحر المتوسط).

الخبير الأمني المصري، عضو مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان)، اللواء فاروق المقرحي، يعتقد أنه «برحيل ندا قد تحدث أزمة اقتصادية ومالية داخل (الإخوان)»، وقال إنه «كان المسؤول المالي الأول في الجماعة، ورحيله سوف يسبب ارتباكاً بشأن إدارة الأنشطة الاقتصادية للجماعة، خصوصاً في الخارج».

وأوضح المقرحي، لـ«الشرق الأوسط»، أن «ندا كان يدير عدداً من الأنشطة الاقتصادية لحساب (الإخوان)، خصوصاً بعد تأسيسه بنك (التقوى) في جزر البهاما»، مشيراً إلى أن «هناك تساؤلات حول الشخص الذي يحل محل ندا في إدارة الأنشطة الاقتصادية، هل من بين أبنائه، أم من قيادات أخرى تابعة للإخوان في الخارج».

جانب من محاكمة سابقة لعناصر من «الإخوان» في مصر (أ.ف.ب)

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2001، وجّه الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش، اتهاماً إلى ندا بـ«ضلوع شركاته في دعم الإرهاب وتمويل هجمات 11 سبتمبر (أيلول)»، وأدرجته الإدارة الأميركية ضمن «القائمة السوداء للداعمين للإرهاب»، قبل أن تقدم الحكومة السويسرية طلباً لمجلس الأمن في عام 2009 بشطب اسم ندا من «قائمة الداعمين للإرهاب».

وتصدّر رحيل ندا «الترند» على منصات التواصل، الأحد، حيث غردت عناصر مُوالية للجماعة ناعية الراحل، متحدثة عن «إسهاماته داخل الجماعة، خاصة المالية والتنظيمية».

وفي القاهرة، قال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن «ندا، مسؤول بيت المال لـ(الإخوان)، ومسؤول علاقاتهم الدولية والخارجية».

وأشار، عبر حسابه على «إكس»، الأحد، إلى أن «ندا لم يتأخر عن دعم الإخوان بأمواله، ويُعدّ أغنى قيادات الجماعة، وحرّض كثيراً من الدول على مصر»، لافتاً إلى «صدور حكم بحقّه في اتهامه بـ(تمويل الإخوان) قبل أن يجري العفو عنه وقت حكم الجماعة لمصر».

وكانت السلطات المصرية قد أحالت ندا، في عام 2008، إلى المحاكمة العسكرية بتهمة «تمويل الإرهاب»، وحُكم عليه (غيابياً) بالسجن 10 سنوات، قبل أن يصدر «الإخوان» قراراً بالعفو عنه في يوليو (تموز) 2012. والشهر الحالي، أدرجت محكمة مصرية ندا على «قوائم الإرهاب» لمدة خمس سنوات، ضمن 76 متهماً آخرين.

وأكد الخبير في الحركات الأصولية بمصر، عمرو عبد المنعم، أن «الجماعة سوف تتأثر مالياً برحيل ندا، خاصة أنه كان أحد مصادر دخْل الجماعة عبر شركاته ومشروعاته، كما أنه كان يتولى إدارة الشؤون المالية لـ(الإخوان)».

ويرجح أن يجري إسناد الشركات والكيانات الاقتصادية، التي كان يشرف يوسف ندا على إدارتها، إلى كوادر الجماعة التي كانت تساعده بالخارج، مثل محمود الإبياري، مشيراً إلى أن هناك «كيانات اقتصادية كان يشرف عليها ندا في أفريقيا ودول آسيوية وأوروبية، وكان يعتمد في إدارتها على كوادر للجماعة في الخارج».

ويرى عبد المنعم أن «غياب ندا سوف يؤثر تنظيمياً وحركياً أيضاً على الجماعة»، موضحاً، لـ«الشرق الأوسط»، أن «الجماعة أمام (انتقال جيلي) بتولّي أجيال جديدة إدارتها في الخارج، بدلاً من قيادات جيل الستينات والسبعينات».

ووفق رأي الخبير في شؤون الحركات الأصولية ماهر فرغلي، فإن «العلاقات الخارجية لـ(الإخوان) سوف تتأثر أكثر برحيل ندا»، وقال إن «التأثير الأكبر سيكون على نشاط الجماعة خارجياً»، مضيفاً، لـ«الشرق الأوسط»، أن «ندا كان يشرف على شبكة علاقات واسعة مع المراكز الإسلامية الأوروبية، وجمعيات حقوقية في الخارج، وشركات وكيانات اقتصادية».