مصر: تجدد المطالبات بإقرار قانون «المسؤولية الطبية»

عقب حكم قضائي ببراءة طبيب من «الإهمال»

جانب من اجتماع لنقابة الأطباء لمناقشة قانون المسؤولية الطبية عام 2022 (نقابة أطباء مصر)
جانب من اجتماع لنقابة الأطباء لمناقشة قانون المسؤولية الطبية عام 2022 (نقابة أطباء مصر)
TT

مصر: تجدد المطالبات بإقرار قانون «المسؤولية الطبية»

جانب من اجتماع لنقابة الأطباء لمناقشة قانون المسؤولية الطبية عام 2022 (نقابة أطباء مصر)
جانب من اجتماع لنقابة الأطباء لمناقشة قانون المسؤولية الطبية عام 2022 (نقابة أطباء مصر)

جدّد حكم قضائي ببراءة طبيب مصري من «الإهمال الطبي»، بعد قضائه عاماً كاملاً في الحبس الاحتياطي، المطالبات في مصر بإقرار قانون «المسؤولية الطبية»، الذي أثار جدلاً واسعاً خلال الفترة الماضية.

وطالب «نقيب الأطباء» بمصر الدكتور أسامة عبد الحي بـ«سرعة إقرار قانون عادل للمسؤولية الطبية، يضمن وجود هيئة مستقلة لتحديد المسؤولية الطبية»، وقال في إفادة رسمية، الاثنين: «يجب أن تتولى التحقيق مع الأطباء لجنة فنية متخصصة، وأن تكون العقوبات مدنية (تعويضات) وليست جنائية»، مؤكداً أن ذلك «سيصب في صالح المريض والطبيب معاً».

وقضت محكمة جنح أول الرمل بالإسكندرية، السبت الماضي، ببراءة أستاذ التخدير والرعاية المركزة بطب الإسكندرية الدكتور تامر غنيم، من تهمة الإهمال الطبي، والتسبب في وفاة طفل يدعى أيوب.

وتعود الواقعة إلى مايو (أيار) العام الماضي؛ حين توفي الطفل أثناء إجراء عملية منظار صدري، لاستخراج جسم غريب استنشقه بالشعيب الأيسر، وفي 20 نوفمبر (تشرين الثاني) قررت النيابة العامة، حبس الطبيب احتياطياً وإحالته على المحاكمة.

وقال نقيب الأطباء إن «غياب قانون المسؤولية الطبية هو السبب المباشر في تلك الأحداث المؤسفة التي يتعرض لها الأطباء»، محذراً من أن ذلك «ينذر بكارثة مستقبلية على القطاع الصحي بالكامل؛ لأنه سيدفع بعض الأطباء إلى تجنب الحالات الحرجة خوفاً من تعرضهم للحبس والابتزاز، أو الهجرة خارج مصر بحثاً عن بيئة عمل آمنة».

وتقدر نقابة الأطباء أن إجمالي عدد الأطباء في مصر بالقطاعين العام والخاص أكثر من 200 ألف طبيب، بينما يعمل نحو 65 في المائة من بينهم بالخارج، وفق تقديرات حكومية.

وأثار قانون «المسؤولية الطبية» الذي يطالب به الأطباء جدلاً واسعاً خلال العامين الماضيين، وخلال مناقشة مجلس النواب (الغرفة الأولى بالبرلمان) مشروع قانون تقدمت به الحكومة، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أبدت نقابة الأطباء «تحفظها» على بعض مواده التي تجيز حبس الأطباء في حال ارتكاب خطأ طبي، ودشنت النقابة حينها حملة توقيعات طالبت فيها بفتح حوار مجتمعي حول مشروع القانون، كما تقدمت بمشروع قانون بديل للمشروع الحكومي، في محاولة للبحث عن حلول تشريعية لفض الالتباس والتداخل بين حق المريض ومسؤولية الطبيب.

ورأى المقرر المساعد للجنة الصحة بالحوار الوطني الدكتور محمد حسن خليل، إقرار قانون عادل للمسؤولية الطبية أنه «في مصلحة كل من المريض والطبيب»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «مشروع القانون الذي ناقشه مجلس النواب العام الماضي تم تجميده عقب جلسات استماع بحضور نقابة الأطباء، كما تضمنت توصيات لجنة الصحة بالحوار الوطني مقترحات بتعديلات تشريعية خاصة بقانون المسؤولية الطبية الذي حظي باهتمام كبير في النقاشات باللجنة».

وأشار خليل إلى أنه «في الوضع الراهن فإن حدوث أي مشكلة خلال أي عملية جراحية سيؤدي إلى دخول الطبيب السجن، فثمة الكثير من الالتباس في مصطلحات طبية وتشريعية، منها أنه يجب التفريق بين الخطأ الطبي والإهمال الجسيم، فالأول يجب أن تكون عقوبته إدارية، بينما الثاني تكون عقوبته جنائية».


مقالات ذات صلة

مصر: رفع أسماء 716 شخصاً من «قوائم الإرهاب»

شمال افريقيا مقر النيابة العامة المصرية (النيابة العامة)

مصر: رفع أسماء 716 شخصاً من «قوائم الإرهاب»

وفق إفادة للنيابة العامة المصرية الأحد فإن إجراء رفع أسماء مدرجين بـ«قوائم الإرهاب» يأتي في إطار توجه للحكومة المصرية بـ«مراجعة موقف القوائم الإرهابية جميعها»

أحمد إمبابي (القاهرة)
المشرق العربي وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يوقع في دفتر الشرف بمقر وزارة الخارجية الكويتية (صفحة الخارجية المصرية عبر «فيسبوك»)

وزير الخارجية المصري: قد نكون الأكثر تضرراً من التصعيد في البحر الأحمر

قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، اليوم الأحد، إن مصر قد تكون الأكثر تضرراً بالتصعيد الحالي في البحر الأحمر.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
شمال افريقيا أحمد رفعت (الشرق الأوسط)

رفع الحصانة عن برلماني مصري في قضية وفاة اللاعب رفعت

وافق مجلس الشيوخ المصري على رفع الحصانة عن النائب أحمد دياب؛ للاستماع إلى أقواله في تحقيقات النيابة العامة بشأن وفاة اللاعب أحمد رفعت.

أحمد عدلي (القاهرة)
العالم العربي اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
العالم العربي وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

تأكيدات مصرية خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

لائحة الخلافات بين الجزائر وفرنسا في اتساع متزايد

من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)
من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)
TT

لائحة الخلافات بين الجزائر وفرنسا في اتساع متزايد

من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)
من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)

عمَّق اعتقال الكاتب الفرنسي الجزائري، بوعلام صنصال، من الفجوة في العلاقات بين الجزائر وباريس، إلى حد يصعب معه توقع تقليصها في وقت قريب، حسب تقدير مراقبين.

ومنذ السبت 16 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، يوجد الكاتب السبعيني في مقار الأمن الجزائري، حيث يجري استجوابه حول تصريحات صحافية أطلقها في فرنسا، حملت شبهة «تحقير الوطن»، على أساس مزاعم بأن «أجزاء كبيرة من غرب الجزائر تعود إلى المغرب»، وأن قادة الاستعمار الفرنسي «كانوا سبباً في اقتطاعها مرتكبين بذلك حماقة». كما قال إن «بوليساريو» التي تطالب باستقلال الصحراء عن المغرب، «من صنع الجزائر لضرب استقرار المغرب».

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (متداولة)

وكان يمكن أن تمر «قضية صنصال» من دون أن تسهم في مزيد من التصعيد مع فرنسا، لولا ما نسبته وسائل إعلام باريسية للرئيس إيمانويل ماكرون، بأنه «قلق» من اعتقال مؤلف رواية «قرية الألماني» الشهيرة (2008)، وبأنه يعتزم التدخل لدى السلطات الجزائرية لإطلاق سراحه.

وهاجمت الصحافة الجزائرية الصادرة الأحد، في معظمها، الطيف السياسي الفرنسي، بسبب «تعاطف اليمين المتطرف واللوبي الصهيوني»، مع الكاتب، قياساً إلى قربه من هذه الأوساط منذ سنين طويلة، وقد أكد ذلك بنفسه، بموقفه المؤيد للعدوان الإسرائيلي على غزة، منذ «طوفان الأقصى» (7 أكتوبر/تشرين الأول 2023)، فضلاً عن معارضته مطلب سلطات بلده الأصلي، الجزائر، «باعتراف فرنسا بجرائمها خلال فترة الاستعمار» (1830- 1962).

وتزامنت «أزمة صنصال» مع أزمة كاتب فرنسي جزائري آخر، هو كمال داوود، الفائز منذ أسابيع قليلة بجائزة «غونكور» المرموقة عن روايته «حور العين». وفجَّر هذا العمل الأدبي غضباً في الجزائر، بحجة أنه «انتهك محظور العشرية السوداء»؛ بسبب تناول الرواية قصة فتاة تعرضت للذبح على أيدي متطرفين مسلحين. علماً أن جزائرية أعلنت، الخميس الماضي، عن رفع دعوى قضائية ضد كمال داوود بتهمة «سرقة قصتها» التي أسقطها، حسبها، على الشخصية المحورية في الرواية.

كما يلام داوود الذي عاش في الجزائر حتى سنة 2021، على «إفراطه في ممارسة جلد الذات إرضاءً للفرنسيين»، خصوصاً أنه لا يتردد في مهاجمة الجزائريين بسبب «العنف المستشري فيهم». ولامس داوود التيار العنصري والتيارات الدينية في فرنسا، بخصوص الحرب في غزة. وصرح للصحافة مراراً: «لا أنتمي إلى جيل الثورة، وعلى هذا الأساس لست معنياً بمسألة تجريم الاستعمار والتوبة عن ممارساته».

ويرى قطاع من الجزائريين أن فرنسا منحت داوود جنسيتها (عام 2020 بقرار من الرئيس ماكرون)، «في مقابل أن يستفز بلاده في تاريخها وسيادتها (الذاكرة والاستعمار)، ويثخن في جرح غائر (مرحلة الاقتتال مع الإرهاب) لم تشفَ منه بعد».

الروائي الفرنسي الجزائري كمال داود (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

وكانت العلاقات بين البلدين معقَدة بما فيه الكفاية منذ الصيف الماضي، عندما سحبت الجزائر سفيرها من باريس؛ احتجاجاً على اعترافها بخطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء، وحينها شجبت «قيام حلف بين الاستعمار القديم والجديد»، وتقصد البلدين، علماً أن العلاقات بين العاصمتين المغاربيتين مقطوعة رسمياً منذ 2021.

وفي الأصل، كان الخلاف الجزائري - الفرنسي مرتبطاً بـ«الذاكرة وأوجاع الاستعمار»، وهو ملف حال دون تطبيع العلاقات بينهما منذ استقلال الجزائر عام 1962. وقامت محاولات لإحداث «مصالحة بين الذاكرتين»، على إثر زيارة أداها ماكرون إلى الجزائر في أغسطس (آب) 2022، لكن «منغصات» كثيرة منعت التقارب في هذا المجال، منها مساعٍ أطلقها اليمين التقليدي واليمين المتشدد، خلال هذا العام، لإلغاء «اتفاق الهجرة 1968»، الذي يسيّر مسائل الإقامة والدارسة والتجارة و«لمّ الشمل العائلي»، بالنسبة للجزائريين في فرنسا.

وعدَّت الجزائر هذا المسعى بمثابة استفزاز لها من جانب كل الطبقة السياسية الفرنسية، حكومة وأحزاباً، حتى وإن لم يحققوا الهدف. ومما زاد العلاقات صعوبة، رفض فرنسا، منذ أشهر، طلباً جزائرياً لاسترجاع أغراض الأمير عبد القادر الجزائري، المحجوزة في قصر بوسط فرنسا، حيث عاش قائد المقاومة الشعبية ضد الاستعمار في القرن الـ19، أسيراً بين عامي 1848 و1852. وتسبب هذا الرفض في إلغاء زيارة للرئيس الجزائري إلى باريس، بعد أن كان تم الاتفاق على إجرائها خريف هذا العام.