البرلمان التونسي ينطلق في مناقشة ميزانية 2024

رئيس الحكومة أكد أنه «محظوظ بالعمل وفق منهجية التفاؤل»

بودربالة في استقبال الحشاني (موقع البرلمان التونسي)
بودربالة في استقبال الحشاني (موقع البرلمان التونسي)
TT

البرلمان التونسي ينطلق في مناقشة ميزانية 2024

بودربالة في استقبال الحشاني (موقع البرلمان التونسي)
بودربالة في استقبال الحشاني (موقع البرلمان التونسي)

انطلق البرلمان التونسي، الجمعة، في مناقشة الميزانية العامة لعام 2024، في ظل توقعات باستعادة الانتعاشة الاقتصادية، وإعادة محركات التنمية للاشتغال من جديد. وتأمل الحكومة التي يقودها أحمد الحشاني في تحقيق نسبة نمو في حدود 2.1 في المائة خلال السنة المقبلة، على أن تتم السنة الحالية بنسبة نمو منتظرة لا تزيد على 0.9 في المائة.

ومن المنتظر الانتهاء من النقاشات البرلمانية حول الميزانية في 10 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وذلك وفق الروزمانة التي حددها البرلمان التونسي.

وفي افتتاح الجلسة البرلمانية المخصصة للانطلاق في مناقشة الميزانية، أكد الحشاني امتنانه لرئيس الجمهورية وتكليفه بمهام رئيس الحكومة، والتزام الحكومة بتنفيذ السياسات العامة للدولة التي يضبطها رئيس الجمهورية ودستور 2022، معتبرا أن الانتماء لتونس هو فضل من عند الله، قائلاً: «تونس حبيبتي».

وأضاف أن مقاربته في العمل الحكومي تعتمد على «الفعل والإنجاز قبل الكلام»، قائلاً: «تكلمت في الجزائر والكلام يأتي بعد الفعل والإنجاز»، على حد قوله.

واستعرض الحشاني مجموعة من مشاريع الأوامر والقرارات التي سبق أن صادقت عليها الحكومة من بينها مشروع جواز السفر وبطاقة التعريف البيومترية، بالإضافة إلى الإدماج المالي قائلاً: «التدقيق في الانتدابات سيكشف العديد من الإخلالات في الإدارة التونسية».

وأبدى رئيس الحكومة تفاؤله بالتأكيد على تطوّر احتياطي تونس من النقد الأجنبي ليقدر بـ110 أيام توريد، وذلك نتيجة لتحسن مؤشرات الموسم السياحي، وتحويلات التونسيين بالخارج، وذلك رغم الديون التي فاقمتها الحكومات السابقة، على حد تعبيره.

ودعا الحشاني خلال مداخلته أمام البرلمان إلى ضرورة إتمام برنامج الإدماج المالي، واستكمال التشاور حول قانون المساهمات العمومية للبنوك وغيرها من المحاور الاقتصادية.

واعتبر الحشاني نفسه محظوظاً بالعمل وفق منهجية التفاؤل، على حد قوله، مذكّراً بتراجع نسبة التضخم من 10 في المائة إلى 8 في المائة، وتحسّن القيمة المضافة بقطاعات النقل والخدمات والإعلامية، بالإضافة إلى تحسن عدد من مؤشرات النمو، على حد تعبيره.

لكنه في المقابل، انتقد بشدة مبدأ استقلالية البنك المركزي التونسي قائلاً: «ليست هناك مؤسّسة عمومية مستقلة، تونس هي التي نالت الاستقلال وليس البنك المركزي»، على حد تعبيره.

ومن ناحيته، قال إبراهيم بودربالة، رئيس البرلمان التونسي، إن التشخيص الموضوعي للأوضاع في تونس يحيل على ما تواجهه تونس من تحديات اقتصادية واجتماعية وتنموية، بعضها هيكلي، وبعضها الآخر ظرفي ناجم عن مخلّفات الجائحة وانعكاساتها السلبية على مؤشرات التنمية ونسب النمو، فضلاً عن تضرّر الاقتصاد المحلي من تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية ومجمل التطورات الجيو-استراتيجية والتكنولوجية النوعية.

وأضاف قائلاً: «نحن نتقاسم مع الوظيفة التنفيذية الوعي بجسامة التحديات المطروحة وبالمسؤولية الملقاة على عاتقنا لرفعها استجابة للتطلّعات والانتظارات»، وفي هذا الإطار جدّد التأكيد على أنه يجب على الجميع بذل مزيد من الجهد واعتماد الأساليب والمناهج الكفيلة بإرجاع الثقة بمؤسسات الدولة وزرع الطمأنينة في النفوس.

ويؤكد مشروع الميزان الاقتصادي للسنة المقبلة أنها ستكون «مفصلية في تجسيم أولويات استعادة الاستقرار الاقتصادي والمالي، ودفع الاستثمار، وتمتين التماسك الاجتماعي».

ووفق ما أعدته الحكومة من سيناريوهات، فإن الاهتمام سيرتكز خلال السنة المقبلة على توفير متطلبات دفع النمو وتحسين التنافسية عبر التقدم في تجسيم الإصلاحات المتعلقة بمناخ الأعمال والاستثمار وتنفيذ الاستراتيجيات القطاعية الرامية إلى النهوض بعدد من الأنشطة الواعدة.

واتضح أن ميزانية تونس للسنة المقبلة ستكون في حدود 77.868 مليار دينار تونسي (نحو 26 مليار دولار)، مسجلة زيادة بنحو 9.3 في المائة، مقارنة مع ميزانية سنة 2023. وتقدر الموارد الذاتية المساهمة في الميزانية بنحو 64 في المائة، على أن تتولى سد الفارق من خلال الاقتراض الداخلي والخارجي.

واعتمدت الميزانية على فرضية سعر البرميل من النفط في الأسواق العالمية بنحو 81 دولاراً، وهي أسعار غير واقعية كما عبر عن ذلك عدد من الخبراء في الاقتصاد والمالية، وذلك نتيجة الأزمات الإقليمية والاضطرابات التي قد تحصل في تلك الأسواق.

وينشد مشروع ميزانية تونس للسنة المقبلة بلوغ الدخل الفردي للتونسي نحو 15026.7 دينار تونسي (نحو 5 آلاف دولار) خلال سنة 2024، مقابل 13695.4 دينار تونسي (نحو 4565 دولاراً) خلال السنة الحالية.


مقالات ذات صلة

تونس تسعى لخفض عجز الموازنة إلى 5.5 % في 2025

الاقتصاد منظر عام لشارع الحبيب بورقيبة في وسط تونس (رويترز)

تونس تسعى لخفض عجز الموازنة إلى 5.5 % في 2025

أظهرت أحدث نسخة من مشروع قانون الموازنة التونسية، أن تونس تأمل في خفض عجز الميزانية إلى 5.5 في المائة عام 2025 من 6.3 في المائة متوقعة في 2024.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا من التظاهرة التي نظّمها أقارب معارضين للرئيس التونسي للمطالبة بالإفراج عنهم (د.ب.أ)

عائلات معارضين تونسيين معتقلين يتظاهرون ضد «الظلم»

تظاهر نحو مائة من أقارب معارضين للرئيس التونسي، بعضهم مسجون منذ ما يقارب العام ونصف العام، لمناسبة عيد الجمهورية للمطالبة بالإفراج عنهم.

«الشرق الأوسط» (تونس)
يوميات الشرق خبير تونسي يتفقد مزرعة تين شوكي موبوءة بالحشرات القرمزية في صفاقس بتونس في 19 يوليو 2024 (رويترز)

الحشرة القرمزية تصيب محاصيل تونس من التين الشوكي (صور)

الحشرة أصبحت تشكل تهديداً كبيراً لمحصول التين الشوكي لأنها تدمر مساحات واسعة من المزارع وتثير قلقاً اقتصادياً كبيراً منذ اكتشافها في تونس لأول مرة عام 2021.

«الشرق الأوسط» (تونس)
المشرق العربي بإمكان العراقيين السفر إلى تونس من دون تأشيرة دخول (أ.ف.ب)

تونس تُعفي العراقيين والإيرانيين من تأشيرة الدخول

أعلنت تونس إعفاء الإيرانيين والعراقيين من تأشيرة الدخول إلى أراضيها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا تونسيون يعاينون الخراف في مركز بيع بمدينة القصرين حيث زادت أسعار الأضاحي بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف (أ.و.ب)

ارتفاع أسعار أضاحي العيد يقض مضجع التونسيين

أعداد كبيرة من التونسيين عبرت عن تذمرها وشكواها من ارتفاع أسعار أضاحي العيد، وهو ارتفاع كبير وغير منتظر، وأصبح يقض مضجع جل الآباء التونسيين.

«الشرق الأوسط» (تونس)

القاهرة تعزز مشاركتها في قوات حفظ السلام بأفريقيا

بدر عبد العاطي يلتقي كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي يلتقي كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)
TT

القاهرة تعزز مشاركتها في قوات حفظ السلام بأفريقيا

بدر عبد العاطي يلتقي كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي يلتقي كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)

تأكيدات مصرية على لسان وزير الخارجية، بدر عبد العاطي، بشأن «الدور النبيل» الذي تقوم به القوات المصرية ضمن بعثات حفظ السلام عبر «تعزيز السلم والأمن» في أفريقيا، وأنها تعكس «الالتزام المصري التاريخي بدعم الاستقرار في القارة السمراء».

تصريحات وزير الخارجية جاءت خلال زيارته للكتيبة المصرية ضمن قوات حفظ السلام في الكونغو الديمقراطية، التي تأتي أيضاً قبيل أسابيع من مشاركة جديدة مرتقبة مطلع العام المقبل في الصومال ضمن قوات حفظ سلام أفريقية، وسط تحفظات إثيوبية التي أعلنت مقديشو استبعاد قواتها رسمياً، وأرجعت ذلك إلى «انتهاكها الصارخ لسيادة واستقلال الصومال».

الزيارة المصرية للقوات التي يمر على وجودها نحو 25 عاماً، تعد بحسب خبراء تحدثوا مع «الشرق الأوسط»، تأكيداً على «الحضور المتنامي للقاهرة، وتعزيزاً لمشاركاتها بالقارة السمراء»، مستبعدين أن تتحول أي تحفظات إثيوبية تجاه الوجود المصري بمقديشو لمواجهات أو تصعيد عسكري.

وبحسب ما كشفته «الخارجية المصرية» في أواخر مايو (أيار) 2024، «فمنذ عام 1960، عندما أرسلت مصر قواتها إلى عمليات الأمم المتحدة في الكونغو، خدم ما يزيد على 30 ألفاً من حفظة السلام المصريين في 37 بعثة لحفظ السلام في 24 دولة، وبصفتها واحدة من كبريات الدول التي تسهم بقوات نظامية في عمليات حفظ السلام، تنشُر مصر حالياً 1602 من حفظة السلام من النساء والرجال المصريين في عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام في الكونغو الديمقراطية والسودان وجنوب السودان والصحراء الغربية».

ووفق تقديرات نقلتها «هيئة الاستعلامات» المصرية الرسمية، منتصف يونيو (حزيران) 2022، تسترشد مصر في عمليات حفظ السلام بثلاثة مبادئ أممية أساسية، وهي «موافقة الأطراف والحياد، وعدم استعمال القوة إلا دفاعاً عن النفس، ودفاعاً عن الولاية».

بدر عبد العاطي يصافح كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)

وتاريخياً، شاركت مصر في قوات حفظ السلام بأفريقيا في «الكونغو أثناء فترة الحرب الأهلية من 1960 إلى 1961، ثم من نوفمبر (تشرين الثاني) 1999، وكوت ديفوار لمساعدة الأطراف الإيفوارية على تنفيذ اتفاق السلام الموقع بينهما في يناير (كانون الثاني) 2003، والصومال في الفترة من ديسمبر (كانون الأول) 1992 إلى فبراير (شباط) 1995، وأفريقيا الوسطى من يونيو 1998 إلى مارس (آذار) 2000، وأنغولا من 1991 وحتى 1999، وموزمبيق من فبراير 1993 إلى يونيو 1995، وجزر القمر من 1997 وحتى 1999، وبوروندي منذ سبتمبر (أيلول) 2004، وإقليم دارفور بالسودان منذ أغسطس (آب) 2004».

وضمن متابعة مصرية لقواتها، التقى بدر عبد العاطي، الجمعة، مع أعضاء كتيبة الشرطة المصرية المُشاركة في مهام حفظ السلام ضمن بعثة الأمم المتحدة لحفظ الاستقرار في الكونغو الديمقراطية خلال زيارته التي بدأت الخميس، واستمرت ليومين إلى العاصمة كينشاسا، لتعزيز التعاون بكل المجالات، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وقال عبد العاطي إن «مصر إحدى كبرى الدول المساهمة في قوات حفظ السلام الأممية»، مؤكداً أن «وجود الكتيبة المصرية في الكونغو الديمقراطية يعكس عمق العلاقات التاريخية بين البلدين وأهمية الشراكة الاستراتيجية مع دول حوض النيل الجنوبي». كما نقل وزير الخارجية، رسالة إلى رئيس الكونغو الديمقراطية، فيليكس تشيسيكيدي، من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تتضمن سبل تعزيز العلاقات، وإحاطة بما تم توقيعه من اتفاقيات تعاون خلال زيارته وتدشين «مجلس أعمال مشترك».

ووفق الخبير في الشؤون الأفريقية، عبد الناصر الحاج، فإن كلمة السر في مشاركة مصر بشكل معتاد ضمن قوات حفظ السلام في أفريقيا بشكل عام هي «طبيعة القوات المصرية حيث تتجلى الإمكانات العالية والخبرات التاريخية المتراكمة، ما جعل مصر دائمة المشاركة والحضور ضمن قوات حفظ السلام منذ أزمان بعيدة»، مؤكداً أن لمصر تجارب عدة في العمل ضمن بعثات حفظ السلام في كثير من دول أفريقيا التي شهدت نزاعات وأوضاع أمنية بالغة التعقيد، مثل ساحل العاج، والكونغو، وأفريقيا الوسطى، وأنغولا، وموزمبيق، وليبيريا، ورواندا، وجزر القمر، ومالي وغيرها.

جانب من كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في مهام حفظ السلام بالكونغو الديمقراطية (الخارجية المصرية)

الحاج أشار إلى أنه رغم أن الاضطرابات السياسية التي تشهدها كثير من دول أفريقيا «تزيد من تعقيد» عمل بعثات الأمم المتحدة الخاصة بحفظ السلام في أفريقيا، وعدم قدرة هذه البعثات على إحراز أي تقدم في ظل نقص المؤسسات الديمقراطية الفعالة في عدد من البلدان الأفريقية؛ فإن مصر تدرك جيداً مدى أهمية تكثيف حضورها الأمني في القارة السمراء، باعتبار أن «العدول عن المشاركة المصرية ضمن بعثات حفظ السلام، سوف يترك فراغاً عريضاً» ربما تستغله دول أخرى تنافس مصر في خارطة التمركز الفاعل في أفريقيا.

الخبير الاستراتيجي المصري، اللواء سمير فرج، أوضح أن هناك قوات لحفظ السلام تتبع الأمم المتحدة، وأخرى تتبع الاتحاد الأفريقي، وكل له ميزانية منفصلة؛ لكن يتعاونان في هذا المسار الأمني لحفظ الاستقرار بالدول التي تشهد اضطرابات ومصر لها حضور واسع بالاثنين، مؤكداً أن مشاركة القاهرة بتلك القوات يتنامى ويتعزز في القارة الأفريقية بهدف استعادة الحضور الذي عرف في الستينات بقوته، وكان دافعاً ومساهماً لتأسيس الاتحاد الأفريقي والحفاظ على استقرار واستقلال دوله.

وهو ما أكده وزير الخارجية المصري خلال زيارته للكتيبة المصرية بالكونغو الديمقراطية بالقول إن «المشاركة في بعثات حفظ السلام تعكس الالتزام المصري التاريخي بدعم الاستقرار في أفريقيا، والمساهمة الفاعلة في صون السلم والأمن الدوليين».

هذا التأكيد المصري يأتي قبل نحو شهر من المشاركة المصرية في قوات حفظ السلام الأفريقية، بالصومال، حيث أكد سفير مقديشو لدى مصر، علي عبدي أواري، في إفادة، أغسطس الماضي، أن «القاهرة في إطار اتفاقية الدفاع المشترك مع الصومال ستكون أولى الدول التي تنشر قوات لدعم الجيش الصومالي من يناير 2025 وتستمر حتى عام 2029. بعد انسحاب قوات الاتحاد الأفريقي الحالية»، قبل أن تعلن مقديشو، أخيراً «استبعاد القوات الإثيوبية رسمياً من المشاركة في عمليات البعثة الجديدة؛ بسبب انتهاكها الصارخ لسيادة واستقلال الصومال».

الرئيس الصومالي خلال توقيعه قانوناً في يناير الماضي يُبطل مذكرة تفاهم «أرض الصومال» وإثيوبيا (حساب الرئيس الصومالي على «إكس»)

ولم تعلق أديس أبابا رسمياً على هذا الاستبعاد، لكن تحدّث وزير الخارجية الإثيوبي السابق، تاي أصقي سيلاسي، في أغسطس الماضي، عن الموقف الإثيوبي بشأن البعثة الجديدة لقوات حفظ السلام في الصومال، حيث طالب بـ«ألا تشكّل تهديداً لأمننا القومي، هذا ليس خوفاً، لكنه تجنّب لإشعال صراعات أخرى بالمنطقة»، مؤكداً أن بلاده «أصبحت قوة كبرى قادرة على حماية مصالحها».

وعدَّ الخبير الاستراتيجي المصري أن استمرار الوجود المصري في قوات حفظ السلام على مدار السنوات الماضية والمقبلة، لاسيما بالصومال له دلالة على قوة مصر وقدرتها على الدعم الأمني والعسكري وتقديم كل الإمكانات، لاسيما التدريب وتحقيق الاستقرار، مستبعداً حدوث أي تحرك إثيوبي ضد الوجود المصري في الصومال العام المقبل.

فيما يرى الخبير في الشؤون الأفريقية أن الاستعداد القوي الذي أظهرته مصر للمشاركة ضمن بعثة حفظ السلام في الصومال، يأتي من واقع الحرص المصري على استتباب الأمن في هذه البقعة الاستراتيجية في القرن الأفريقي؛ لأن استتباب الأمن في الصومال يعني تلقائياً تأمين حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر، ومن ثم ضمان انسياب الحركة التجارية الدولية عبر قناة السويس. فضلاً عن أن مصر لن تنزوي بعيداً وتترك الصومال ملعباً مميزاً للقوات الإثيوبية، خصوصاً بعدما أبرمت إثيوبيا اتفاقاً مطلع العام مع إقليم «أرض الصومال» لاستغلال منفذ «بربرة» البحري المطل على ساحل البحر الأحمر.

وفي تقدير عبد الناصر الحاج فإن نجاح مصر في أي مشاركة فاعلة ضمن قوات حفظ السلام في أفريقيا، يتوقف في المقام الأول، على مدى قدرة مصر في انتزاع تفويضات واسعة من مجلس السلم والأمن الأفريقي لطبيعة عمل هذه البعثات، بحسبان أن إحدى المشكلات التي ظلت تسهم في إعاقة عمل بعثات حفظ السلام، هي نوعية التفويض الممنوح لها؛ وهو الذي ما يكون دائماً تفويضاً محدوداً وقاصراً يضع هذه البعثات وكأنها مُقيدة بـ«سلاسل».

وأوضح أنه ينبغي على مصر الاجتهاد في تقديم نماذج استثنائية في أساليب عمل قواتها ضمن بعثات حفظ السلام، بحيث يصبح الرهان على مشاركة القوات المصرية، هو خط الدفاع الأول لمدى جدواها في تحقيق غاية حفظ السلام.