تحذير جزائري من «قوس النار» في منطقة الساحل

خلال اجتماع وزاري حول مجلس الأمن عقد بلندن

وزير خارجية الجزائر (يسار) في الاجتماع التشاوري حول مجلس الأمن (الخارجية الجزائرية)
وزير خارجية الجزائر (يسار) في الاجتماع التشاوري حول مجلس الأمن (الخارجية الجزائرية)
TT

تحذير جزائري من «قوس النار» في منطقة الساحل

وزير خارجية الجزائر (يسار) في الاجتماع التشاوري حول مجلس الأمن (الخارجية الجزائرية)
وزير خارجية الجزائر (يسار) في الاجتماع التشاوري حول مجلس الأمن (الخارجية الجزائرية)

قال وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، في «اجتماع تشاوري حول مجلس الأمن» عقد في لندن الثلاثاء، إن منطقة الساحل جنوب الصحراء «باتت موطناً لأخطر النقاط الساخنة والصراعات المسلحة والأزمات متعددة الأبعاد».

وأكد عطاف أن مشاكل هذه المنطقة «تمتد في شكل قوس نار، من البحر الأحمر إلى المحيط الأطلسي ومن السودان إلى الصحراء الغربية. ففي غضون سنوات قليلة فقط، أصبحت هذه المنطقة بؤرة عالمية للإرهاب والجريمة المنظمة عابرة للأوطان، وسط تفاقم المشاكل الناجمة عن انعدام الاستقرار السياسي، الناجم بدوره عن عودة التغييرات غير الدستورية للحكومات مؤخراً»، في إشارة، ضمناً، إلى الانقلاب العسكري في النيجر الذي وقع في 26 يوليو (تموز) الماضي.

وجاء حديث عطاف، خلال حضوره اجتماعاً بالمملكة المتحدة بمشاركة وزراء خارجية بريطانيا ودول أفريقيا الأعضاء غير الدائمين بمجلس الأمن، حالياً، التي ستلتحق به مطلع 2024 من بينها الجزائر، وفق تقرير عن نشاط عطاف نشرته وزارة الخارجية الجزائرية الأربعاء.

جانب من الاجتماع التشاوري حول مجلس الأمن الذي عقد الثلاثاء بلندن (الخارجية الجزائرية)

ومما جاء في كلمته، أن «أولوياتنا (المجموعة الأفريقية) تتمثل في العمل على إحياء اهتمام مجلس الأمن، ومشاركته في معالجة الصراعات والأزمات التي تشن في المنطقتين الأفريقية والعربية، في شراكة وثيقة مع الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية». مشيراً إلى أن «تلك هي الروح التي تستعد بها الجزائر للانضمام إلى مجلس الأمن الدولي، في غضون شهر ونصف تقريباً، متحمسة تماماً لتقديم نصيبها في المسعى الجماعي للحفاظ على السلم والأمن الدوليين».

وتناول عطاف في خطابه، «المأساة المستمرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لا سيما في قطاع غزة المحاصر، وهي بمثابة تذكير مروع بالحاجة الملحة إلى معالجة القضية الفلسطينية، معالجة سليمة وفقاً لحل الدولتين الذي اتفق عليه المجتمع الدولي قبل عقود».

وذكر عطاف أن بلاده ستدعو خلال عضويتها التي ستدوم عامين، إلى «التغلب على نهج العمل الروتيني، ومعالجة الأسباب الجذرية للصراعات وحالات الأزمات مع إيلاء مزيد من الاهتمام لدور المرأة في عمليات السلام، ولمحنة الأطفال في الصراعات المسلحة، والتوصل إلى نموذج جديد لعمليات السلام يكون أكثر ملاءمة للسياقات المعاصرة، والعمل جنباً إلى جنب مع المنظمات الإقليمية، ولا سيما الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية».

ولفت الوزير الجزائري إلى أن «تعميق الاختلافات والانقسامات الجيوسياسية، بين الأعضاء الدائمين، قد اقتحم جميع مداولات مجلس الأمن، وأعاق قدرة المجلس على التصرف والرد. وهذا الوضع أحيا مطالبات دولية بإصلاح شامل، قصد مساعدة مجلس الأمن في تجاوز صعوباته الداخلية وتقديم رد مناسب للتحديات الحالية». وأضاف: «نحن نعتقد أيضاً أنه ليس لدينا بديل عن مجلس الأمن، وأنه علينا العمل على أن يكون على مستوى التطلعات والآمال التي وضعتها فيه شعوبنا جماعياً».

وزيرا خارجية الجزائر وبريطانيا (الخارجية الجزائرية)

ويزور عطاف بريطانيا في إطار «الدورة الثانية للحوار الاستراتيجي الجزائري البريطاني»، حسب بيان للخارجية الجزائرية الذي أكد أنه أجرى مشاورات مع وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية، اللورد طارق أحمد، «تناولت عدداً من الجوانب المتعلقة بالعلاقات الثنائية بين البلدين، إلى جانب القضايا الإقليمية والدولية، وعلى رأسها التطورات الخطيرة التي تشهدها القضية الفلسطينية».

وتتضمن أجندة الزيارة، لقاءات ثنائية مع مسؤولين بريطانيين، ولقاءً مع رجال أعمال بحضور اللورد ريتشارد ريسبي، المبعوث الخاص لرئيس الوزراء البريطاني، المكلف بتعزيز الشراكة الاقتصادية مع الجزائر، وفق ما أورده البيان ذاته.


مقالات ذات صلة

وزيرا خارجية السعودية والجزائر يبحثان التطورات الإقليمية

الخليج الأمير فيصل بن فرحان والوزير أحمد عطّاف (الخارجية السعودية)

وزيرا خارجية السعودية والجزائر يبحثان التطورات الإقليمية

بحث وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان مع نظيره الجزائري أحمد عطّاف، التطورات الإقليمية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا الرئيس أصدر عفواً لصالح 2741 سجيناً عشية العام الجديد (الرئاسة)

الجزائر: إقصاء المعتقلين بتهم «التآمر والخيانة» من العفو الرئاسي

تضمن عفو رئاسي لصالح 2471 سجيناً، صدر بالجزائر عشية العام الجديد، استبعاد عدد كبير من نزلاء المؤسسات العقابية لاتهامهم بـ«التآمر على سلطة الدولة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
أوروبا 
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس حكومته فرنسوا بايرو (رويترز)

فرنسا تبحث خيارات الرد على «الإذلال» الجزائري

تتوجه الأنظار في فرنسا نحو البرلمان لتلمس المسار الذي ستسلكه الأزمة الفرنسية - الجزائرية بمناسبة الكلمة المرتقبة، اليوم، لرئيس الحكومة الجديد فرنسوا بايرو؛ حيث.

ميشال أبونجم (باريس)
شمال افريقيا وزير العدل الفرنسي جيرالد درامانان خارجاً من قصر الإليزيه في 8 الجاري ويتبعه وزير الدفاع سيباستيان لو كورنو (رويترز)

فرنسا تبحث خيارات الرد على ما تعده «إذلالاً» جزائرياً

فرنسا تبحث خيارات الرد على ما تعده «إذلالاً» جزائرياً، وزراء وسياسيون فرنسيون يعرضون مروحة واسعة لـ«الانتقام من الإهانة» التي لحقت ببلادهم.

ميشال أبونجم (باريس)
شمال افريقيا جولة حوار الرئاسة مع الأحزاب في 21 مايو 2024 (الرئاسة)

قيود جديدة تثير الجدل بين القوى السياسية في الجزائر

يفرض المشروع على الأحزاب «اعتماد الديمقراطية» في انتخاب قياداتها. وتنص «المادة 37» على أن «مدة الولاية القيادية لا تتجاوز 5 سنوات، مع إمكانية التجديد مرة واحدة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

جزائريون يشنّون حملة بفرنسا ضد «تمجيد» أحد رموز الاستعمار

مظاهرة لجزائريين بمدينة ليون بفرنسا لإزالة اسم المارشال بيجو من شارع رئيسي (ناشطون جزائريون بفرنسا)
مظاهرة لجزائريين بمدينة ليون بفرنسا لإزالة اسم المارشال بيجو من شارع رئيسي (ناشطون جزائريون بفرنسا)
TT

جزائريون يشنّون حملة بفرنسا ضد «تمجيد» أحد رموز الاستعمار

مظاهرة لجزائريين بمدينة ليون بفرنسا لإزالة اسم المارشال بيجو من شارع رئيسي (ناشطون جزائريون بفرنسا)
مظاهرة لجزائريين بمدينة ليون بفرنسا لإزالة اسم المارشال بيجو من شارع رئيسي (ناشطون جزائريون بفرنسا)

في حين تغرق العلاقات بين الجزائر وباريس في دوامة من التوترات، جدّد جزائريون يعيشون بوسط فرنسا حملة سبق أن أطلقوها في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لنزع اسم حاكم عسكري بالجزائر خلال القرن الـ19، اشتهر بالبطش ضد قبائل قادت ثورات عسكرية، بهدف طرد الاستعمار الفرنسي من البلاد.

مبادرة الجالية الجزائرية في فرنسا تأتي في وقت تتفاقم فيه التوترات بين الرئيسين الجزائري والفرنسي (الرئاسة الجزائرية)

القصة بدأت قبل عدة أسابيع، عندما بدأت «جمعية فرنسيين من أصول جزائرية» تنشط بمدينة ليون، تضغط على عمدتها غريغوري دوسيه، من أجل استبدال اسم المارشال توماس بيجو (1784-1849) من شارع رئيسي بالدائرة السادسة بالمدينة، بحجة أن «الإبقاء عليه تمجيدٌ لمجرم حرب، وإهانة لنا، ولجميع الفرنسيين الذين يؤمنون بقيم الجمهورية والقيم الإنسانية لبلدنا فرنسا»، وفق ما كتبه ناشطو الجمعية في حساباتهم بالإعلام الاجتماعي.

ونظم مئات الأشخاص، عدد منهم يحمل جنسيتي البلدين، وآخرون هاجروا من الجزائر إلى فرنسا في بداية الألفينات، مظاهرة الأحد الماضي في الشارع، الذي يحمل اسم بيجو، لمطالبة رئيس البلدية دوسيه بإلغاء اسمه من المكان، على أساس أنه «عرف بمجازره التي ارتكبها في الجزائر في القرن التاسع عشر».

ووصف المتظاهرون أنفسهم بأنهم «أبناء مئات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال، الذين تم خنقهم وحرقهم أحياء على يد مارشال فرنسا توماس بيجو»، الذي حكم الجزائر من 1830 إلى 1840.

اسم المارشال بيجو على اللوحة في باريس قبل نزعه (متداولة)

ويناضل المحتجون ليحمل الشارع، الذي يقع بالقرب من القنصلية الجزائرية، اسم «شارع 17 أكتوبر 1961»، تكريماً لـ297 جزائرياً نكّل بهم محافظ شرطة باريس، موريس بابون، عندما خرجوا في مظاهرات في ذلك التاريخ لدعم ثورة التحرير (1954-1962)، التي كانت على وشك الحسم مع الاستعمار.

ووفق الصحافة المحلية في ليون، فقد أعلن غريغوري دوسيه منذ فترة عن دعمه لفكرة تغيير تسمية شارع بيجو، وأكدت أنه «من المتوقع أن تطلق مدينة ليون في الأسابيع المقبلة لجنة من الخبراء لإجراء جرد للشارع والتماثيل، وكذا اللوحات والمواقع التي تُثير الجدل، وتقديم حلول لكل منها».

عمدة مدينة ليون غريغوري دوسيه (حسابه الخاص بالإعلام الاجتماعي)

من جهته، أعلن «الاتحاد الجزائري»، وهو جمعية للمهاجرين الجزائريين في فرنسا، عزمه رفع دعوى قضائية ضد دوسيه بتهمة «تمجيد جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية»، مقترحاً أن يصبح شارع بيجو «شارع كاميل بلان»، عمدة إيفيان-ليه-بان، الذي جرى اغتياله عام 1961 من قِبَل «منظمة الجيش السري»، في حين كان يناضل من أجل السلام في الجزائر.

وقتلت هذه المنظمة المئات من الأشخاص في الجزائر غداة الإعلان عن استقلالها عام 1962، رافضة فكرة خروج فرنسا منها.

عمدة باريس تشرف على إعادة تسمية الشارع بالدائرة 16 (بلدية باريس)

وفي حين يستمر الجدل في ليون، حسمت عمدة باريس، آن هيدالغو، القضية نفسها عندما نزعت في 14 من أكتوبر الماضي، اسم المارشال بيجو من طريق رئيسي بالدائرة رقم 16 «بسبب دوره السيئ في الجزائر؛ حيث ارتكب ما يمكن أن يعد اليوم جرائم حرب»، وفق بيان للعمدة التي تنتمي لليسار، والتي سمّت الطريق نفسه باسم هوبرت جيرمان، أحد رموز تحرير فرنسا من ألمانيا النازية خلال الحرب العالمية الثانية.

وتتزامن هذه التطورات مع اقتراب العلاقات بين البلدين من القطيعة، بعد أن اشتدت الأزمة بين البلدين في يوليو (تموز) الماضي، عندما أعلنت باريس دعمها خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء، وهو ما أثار سخط الجزائر، التي سحبت سفيرها فوراً، وألغت ترتيبات زيارة كانت ستقود الرئيس عبد المجيد تبون إلى فرنسا في خريف العام الماضي.

جانب من المظاهرة بدعم من الحزب الشيوعي الفرنسي (متداولة)

ومع ذلك ظل هدير الأزمة صامتاً، على الرغم من الحملات التي شنّها اليمين الفرنسي المتطرف بهدف إلغاء «اتفاق الهجرة 1968»، الذي يؤطر مسائل الإقامة والدراسة والعمل والتجارة، و«لمّ الشمل العائلي»، بالنسبة للجزائريين في فرنسا.