الاتحاد التونسي للشغل يتهم حكومة الحشاني بـ«التستر»

انتقدها لاستبعاده من إعداد ميزانية 2024

الرئيس التونسي لدى استقباله رئيس الحكومة أحمد الحشاني (أرشيفية - موقع رئاسة الجمهورية)
الرئيس التونسي لدى استقباله رئيس الحكومة أحمد الحشاني (أرشيفية - موقع رئاسة الجمهورية)
TT

الاتحاد التونسي للشغل يتهم حكومة الحشاني بـ«التستر»

الرئيس التونسي لدى استقباله رئيس الحكومة أحمد الحشاني (أرشيفية - موقع رئاسة الجمهورية)
الرئيس التونسي لدى استقباله رئيس الحكومة أحمد الحشاني (أرشيفية - موقع رئاسة الجمهورية)

طالب الاتحاد العام للشغل (نقابة العمال) في تونس بالمشاركة الفعلية في مناقشة ميزانية البلاد للسنة المقبلة، منتقداً انفراد حكومة أحمد الحشاني بالأمر، والتستر على كل مراحل إعداد الميزانية وعدم الإفصاح عن مكوناتها وعن مصادر التمويل المنتظرة والمحتملة.

وتأتي هذه الانتقادات إثر تصديق مجلس الوزراء التونسي على ميزانية 2024، دون إجراء مشاورات تقليدية كانت نقابة العمال تدلي من خلالها بعدة آراء، وتسهم ببعض الإصلاحات الهادفة إلى الدفاع عن الفئات الاجتماعية المتضررة من الوضعين الاقتصادي والاجتماعي اللذين تمر بهما تونس وعدة دول أخرى. ومن المنتظر عرض مشروع قانون المالية الجديد على مجموعة من اللجان البرلمانية في انتظار عرضه على نواب البرلمان المنبثق عن انتخابات 2022، والتصديق على الميزانية قبل نهاية السنة الحالية.

رئيس الحكومة التونسية في اجتماع وزاري سابق مخصص لمتابعة المشروعات (رئاسة الحكومة)

طريقة انفرادية

وفي هذا الشأن، قال سامي الطاهري المتحدث باسم اتحاد الشغل في تصريح إعلامي أدلى به على هامش المؤتمر العادي للجامعة العامة للبنوك والمؤسّسات المالية المنعقد بمدينة الحمامات (شمال شرقي تونس)، إن «الحكومة تصوغ مشروع قانون المالية لسنة 2024 بطريقة انفرادية، وفي غرف مظلمة حتى يتم عرضه على البرلمان دون مشاركة الأطراف الاجتماعية».

وانتقد الطاهري عدم تقديم الحكومة منذ سنوات برنامجاً أو مخطط تنمية جديداً فيما يتعلق بالميزانية العمومية، مؤكداً أن ما يقدم خلال الفترة الأخيرة ليس إلا «مجرد استنساخ للبرنامج السابق». ونفى اطلاع اتحاد الشغل على مشروع قانون المالية للسنة المقبلة بصفة رسمية، عادّاً أن خطوطه العامة تشير إلى أنه لا يختلف في شيء عن سابقيه. وعدّ الطاهري «اعتماد السلطة الحالية في هذا المشروع على الشعارات والفرضيات الوهمية نفسها، ما يجعل الميزانية تعيش أزمة وراء الأخرى»، وهو ما يؤثر عليها ويجعلها غير قادرة على تسديد احتياجات الميزانية العمومية.

جانب من مظاهرة سابقة نظمها اتحاد الشغل التونسي لمطالبة الحكومة بتحسين الأجور (أ.ف.ب)

الفئات الاجتماعية الضعيفة

وكان الاتحاد العام التونسي للشغل قد قاطع المفاوضات المتعثرة مع صندوق النقد الدولي قصد الحصول على قرض مالي قدره 1.9 مليار دولار، وصرحت القيادات النقابية بأن الحكومة لا يمكنها تنفيذ إصلاحات اقتصادية هيكلية دون الإضرار بالفئات الاجتماعية الضعيفة، في حال قررت رفع الدعم عن عدد من المنتجات الاستهلاكية، كما رفض الاتحاد حزمة الشروط التي طالب بها صندوق النقد؛ ومن بينها إصلاح وضعية المؤسسات العمومية الكبرى، ملمحاً إلى إمكانية التفويت في بعض منها إلى القطاع الخاص، وما سينجر عنه من أضرار بموظفي تلك المؤسسات.

ويحتكم اتحاد الشغل على مركز مهم للدراسات والتوثيق، وهو يعتمد على مجموعة من الدراسات الاستشرافية المهمة التي يعدها خبراء في المجالين الاقتصادي والاجتماعي، وهو غالباً ما يقدم عدداً من المقترحات الموجهة للحد من تدهور القدرة الشرائية ومراعاة نسب التضخم المالي الفعلية المسجلة على المستوى المحلي.

ولا توافق الحكومة التونسية اتحاد الشغل على هذا التوصيف، وتؤكد أثر مصادقة مجلس الوزراء على مشروع ميزانية السنة المقبلة، على أنها أوردت عدة أبواب هدفها تكريس الدور الاجتماعي للدولة وتأمين تزويد السوق بالمواد الأساسية ودعم قطاع الفلاحة والصيد البحري والموارد المائية. وأشارت إلى أنها تخطط لمقاومة التهرب الجبائي وإدماج القطاع الهامشي، عبر حزمة تضم 5 فصول قانونية هدفها ترشيد الامتياز الجبائي.


مقالات ذات صلة

تونس: انتشال 6 جثث متحللة لمهاجرات من بينهن رضيعة

شمال افريقيا «الحرس الوطني التونسي» ينقذ قارباً يحمل مهاجرين غير نظاميين (صفحة الحرس الوطني التونسي على فيسبوك)

تونس: انتشال 6 جثث متحللة لمهاجرات من بينهن رضيعة

أعلن مصدر قضائي في تونس الخميس العثور على ست جثث متحللة لمهاجرات غرقى من بينهن رضيعة في أحدث مأساة تشهدها سواحل تونس.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا جانب من وقفة سابقة نظمها محامون وسط العاصمة التونسية للاحتجاج على «التضييق على الحريات» (أرشيفية - إ.ب.أ)

تونس: المحامون يحملون «الشارات الحمراء» احتجاجاً على «قيود مسلطة على مهامهم»

يتّهم المحامون، السلطةَ التنفيذية «بالهيمنة على جهاز القضاء» منذ إطاحة الرئيس قيس سعيد بالنظام السياسي في 2021، وتوسيع صلاحياته في دستور جديد، و«بإعاقة عملهم».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي وعلم بلاده (د.ب.أ)

توقيف 4 أشخاص في تونس بسبب رفع علم تركيا خطأ على مبنى حكومي

فتحت وزارة النقل تحقيقاً في الواقعة «لتحميل المسؤوليات، واتخاذ الإجراءات الإدارية والترتيبية في الغرض».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا العلم التونسي أمام البنك المركزي في العاصمة تونس 4 أكتوبر 2017 (رويترز)

توقيف 4 أشخاص في تونس بسبب رفع علم تركيا خطأ على مبنى حكومي

أوقف القضاء التونسي 4 أشخاص إثر رفع علم دولة تركيا من طريق الخطأ على مبنى حكومي بالعاصمة، على ما ذكرت وسائل إعلام محلية، الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا إحدى الطائرات الأربع التي تسلمتها تونس (وكالة الأنباء التونسية)

4 طائرات استطلاع من أميركا إلى تونس

سلمت أميركا تونس 4 طائرات مخصصة للاستطلاع ومجهزة بأحدث المنظومات؛ «بما سيعزز القدرات العسكرية والعملياتية للجيش الوطني في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة».

«الشرق الأوسط» (تونس)

كيف ينظر الليبيون لما يجري في غزة ولبنان؟

كيف ينظر الليبيون لما يجري في غزة ولبنان؟
TT

كيف ينظر الليبيون لما يجري في غزة ولبنان؟

كيف ينظر الليبيون لما يجري في غزة ولبنان؟

لا يجد بعض المسؤولين الليبيين غضاضة في ارتداء الكوفية الفلسطينية الشهيرة أمام عدسات المصورين، تعبيراً عن دعمهم لقطاع غزة ضد العدوان الإسرائيلي، في ظل تمسك البلد المنقسم سياسياً بـ«تجريم التطبيع مع إسرائيل».

فمن أمام جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى قاعات الاجتماعات في ليبيا، تأتي الموافقة الرسمية لتعكس جانباً من رؤية البلاد حيال الأحداث في غزة، وما يجري في لبنان، لكن تظل ردود الفعل المجتمعية «أكثر غضباً» في كثير من الأحايين.

وفي ظل تعاطف مجتمعي ليبي واسع مع الشعبين الفلسطيني واللبناني، يأتي الخطاب الرسمي على لسان رئيس «المجلس الرئاسي» محمد المنفي، ليؤكد أن «ما يرتكبه الاحتلال الإسرائيلي من جرائم إبادة وتطهير عرقي ضد الشعبين الفلسطيني واللبناني يُمثل انتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية».

وتعبر قطاعات ليبية عدة عن «تعاطفها وتضامنها» مع ما يجري في غزة ولبنان، وفق ما يرصد عبد الرؤوف بيت المال، النائب بحزب «ليبيا النماء»، لكنه يشير إلى أن الانقسام الحاصل في البلاد «يفتت الرؤية في ظل عدم وجود حكومة واحدة».

والمنفي الذي أكد حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره و«إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف»، ذكّر أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة نهاية الأسبوع الماضي، بموقف بلده، الذي انضم إلى جنوب أفريقيا في القضية المرفوعة أمام محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل.

وفيما دعا المنفي لتعزيز المساءلة عن «الانتهاكات والإبادة الجماعية» التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، رأى أن «إبعاد شبح نشوب حرب إقليمية في المنطقة، يكون من خلال معالجة الوضع في غزة، وإيقاف الانتهاكات والاعتداءات الجسيمة في فلسطين ولبنان».

وفي أعقاب اندلاع الحرب على غزة، شهدت طرابلس بعض المظاهرات الغاضبة، مثل بقية العواصم العربية؛ إذ احتشد آلاف المواطنين في «ميدان الشهداء» بوسط طرابلس، للتنديد بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وتضامناً مع الشعب الفلسطيني.

ويرى بيت المال في حديث إلى «الشرق الأوسط»، أن الشعب الليبي «واعٍ لما يحاك للقضية الفلسطينية؛ وأن النظام الصهيوني يعمل على تفتيت العرب والعمل على تأسيس إسرائيل الكبرى». ويعتقد أن كل ما يحدث في فلسطين ولبنان وسوريا والعراق «يسير في اتجاه تكوين إسرائيل الكبرى».

الموقف الرسمي الليبي المُعلن من إسرائيل والتطبيع معها «مجرّم» وفق قرار سابق لمجلس النواب، الذي أكد رئيسه، عقيلة صالح، عدم «إقامة أي اتصالات أو علاقات مع الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين الإسرائيليين، وتجريم سفر الطائرات والسفن الإسرائيلية عبر ليبيا».

وظهر صالح مرتدياً الكوفية الفلسطينية في جلسة رسمية عقدها البرلمان، عقب الكشف عن «لقاء سري» بين وزيرة الخارجية بحكومة «الوحدة الوطنية» المقالة نجلاء المنقوش، ونظيرها الإسرائيلي إيلي كوهين في روما.

وقال صالح: «عاشت فلسطين في الوجدان الليبي اسماً عزيزاً يثير الحزن، ويشعل الغضب، ويلهب الأحاسيس، فنشأ تقارب كبير بينها وبين ليبيا، أسهم في إبراز خصوصية ما بينهما من روابط، ومنشأ هذا التقارب في العروبة والإسلام هو تعرض البلدين إلى احتلال استيطاني هدف إلى طمس الهوية».

ومندوب ليبيا بالأمم المتحدة الطاهر السني، الذي ظهر مرتدياً الكوفية الفلسطيني هو الآخر خلال كلمة سابقة له في جلسة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، تتعلق بالشأن الليبي، قال إن ليبيا «لن تعدّ المقاومة ضد الاحتلال والدفاع عن النفس إرهاباً؛ ومن منكم نال استقلاله وتحرر من الاستعمار دون مقاومة».

ونقل السني جانباً من كلمته في تغريدات قصيرة عبر حسابه على منصة «إكس»، وزاد: «التاريخ سيتذكر من أخذ موقفاً قانونياً أو إنسانياً مما يجري؛ وسيتذكر كل من كانت إنسانيته في غيبوبة ودعم، أو صمت على الجرائم والفظائع المرتكبة بالبث المباشر صوتاً وصورة».

وكان رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، قد سارع لإصدار قرار في 25 يونيو (حزيران) الماضي، يستثني بموجبه مواطني دولة فلسطين من جميع الرسوم المتعلقة بالتأشيرات والإقامة، المحددة باللائحة التنفيذية للقانون رقم 6 لسنة 1987.

ولم تمنع الاتهامات المواجهة لحكومة «الوحدة» بالسعي لـ«التطبيع مع إسرائيل» من ارتداء الدبيبة الكوفية الفلسطينية خلال جولة ميدانية، بالعاصمة طرابلس قبل نحو عام تقريباً.

كما استقبل في مرات سابقة بمكتبه نائب رئيس الوزراء، ووزير الإعلام الفلسطيني نبيل أبو ردينة، والسفير الفلسطيني لدى ليبيا محمد رحال، وبحث معهما مستجدات الأوضاع السياسية في فلسطين، وآلية تقديم المساعدات الإنسانية لأهالي غزة، إضافة إلى سُبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين.

وبموازاة المواقف الرسمية، تعكس ردود الفعل الخاصة مواقف «أكثر سخونة» تجاه ما يحدث في غزة ولبنان، إذ انتقد أحمد قذاف الدم المسؤول السياسي لـ«جبهة النضال الوطني الليبية»، «الصمت على ما يحدث من عدوان سَافِرْ على لبنان».

وقال في تصريح صحافي: «أحيي الصمود البطولي لـ(حزب الله)، والشعب اللبناني لوقوفهما بكبرياء في وجه الغطرسة الإسرائيلية».