التداعيات العسكرية والسياسية لتدمير جسر شمبات السوداني

معلومات متضاربة حول تأثيراته العسكرية

مشهد لأحد الجسور في العاصمة السودانية الخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)
مشهد لأحد الجسور في العاصمة السودانية الخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

التداعيات العسكرية والسياسية لتدمير جسر شمبات السوداني

مشهد لأحد الجسور في العاصمة السودانية الخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)
مشهد لأحد الجسور في العاصمة السودانية الخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)

أجمع خبراء عسكريون وسياسيون على الأهمية الاستراتيجية و«العسكرية» لجسر «شمبات»، الرابط بين مدينتي الخرطوم بحري وأم درمان، الذي تم تدميره السبت... ومثلما تبادل الطرفان الجيش و«الدعم السريع» الاتهامات بتدميره، فإن الآراء تضاربت بشأن تأثيراته العسكرية على طرفي الحرب، باعتباره يربط بين منطقة بحري، التي يسيطر عليها «الدعم» بشكل شبه كامل، ومدينة أم درمان التي يسيطر على أجزاء واسعة منها، بينما هلل موالون للجيش بتدميره واعتبروه استجابة لمطالباتهم المبكرة بذلك.

حرائق جرَّاء الحرب في العاصمة السودانية الخرطوم (أ.ف.ب)

ورأى خبراء، أن تدمير الجسر قد يدفع قوات «الدعم السريع» للبحث عن خطوط إمداد جديدة لمنطقة الخرطوم بحري، بينما يقول آخرون إن «الدعم» بمقدره توفير الإمداد عبر الجسور الأخرى، التي يسيطر عليها، ويستغل خطوط الإمداد المفتوحة بالنسبة له من الجهة الغربية، ويستهدف بكثافة معسكرات الجيش في سلاح المهندسين ومنطقة كرري العسكرية في أم درمان.

وقال الخبير الأمني اللواء المتقاعد معتصم عبد القادر لـ«الشرق الأوسط» إن جسر شمبات يعد من الكباري الحيوية، بل أهم جسر في ولاية الخرطوم، لأنه يربط مدن الخرطوم وبحري وأم درمان، لقربه من جسر المك نمر، ولسهولة الذهاب منه لكوبري المنشية.

وأوضح، أن ولاية الخرطوم تربطها خمسة جسور بغرب السودان، وتربط بدورها شرق البلاد بغرب السودان، وهي جسور «خزان جبل أولياء، والفتيحاب، والنيل الأبيض، وشمبات، والحلفايا»، وإن هذه الجسور كلها بعد تدمير جسر شمبات، تصبح تحت سيطرة القوات المسلحة السودانية.

وقال الخبير الأمني، إن القوات المسلحة أصبحت تسيطر على الحركة بين شرق وغرب السودان، بعد تدمير الجسر المهم، وتبعاً لذلك فإنها أصبحت على جسور ولايات شمال الخرطوم وجنوبه، وتابع: «يعني هذا العزل التام لقوات وإمداد وحركة الدعم السريع».

عناصر من قوات «الدعم السريع» السودانية (أ.ف.ب)

وأكد اللواء المعتصم، أن قوات الدعم السريع وقعت في مصيدة جغرافية ليس بإمكانها الخروج منها إلا بالاستسلام وإلقاء السلاح والهرب كمدنيين، أو مواجهة القوات المسلحة في صراع غير متكافئ.

أما المستشار الإعلامي لرئيس «حركة تمازج» عثمان عبد الرحمن سليمان (وهي حركة مسلحة موقعة على اتفاق جوبا لسلام السودان، واختارت القتال إلى جانب قوات الدعم السريع)، فقال إن تدمير جسر شمبات «لن يؤثر على الموقف العملياتي لقوات الدعم السريع، إنما سيضيق الخناق على الجيش»، واعتبر تدمير الجسر «خطوة تفتح النار عليه في مناطق أخرى من البلاد»، وتابع: «إن انتصارات قوات الدعم السريع ظلت تسير بوتيرة ثابتة منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل (نيسان)، وهي انتصارات وسيطرة، كلها لصالحها».

ورأى سليمان، أن استهداف البنية التحتية «هو دليل قاطع على ارتباك في صفوف الجيش، من سيطرة الدعم السريع على مناطق استراتيجية داخل وخارج الخرطوم، فضلاً عن انضمام الكثير من الكيانات له».

جنود من الجيش السوداني (أ.ف.ب)

وقال الجودة قادم، في تحليل على صفحته على منصة «فيسبوك»، إن ضباط الجيش فقدوا خلال الثلاثين عاماً من الحكم والعزلة، فرصة التحديث ومتابعة جديد الأبحاث في التكنولوجيا العسكرية على مستوى العالم. وتابع: «أكاد أجزم أن ضباط الجيش السوداني لم يكونوا يقرأون المجلات العسكرية العالمية، أو الإقليمية التي تصدر شهرياً أو ربع سنوياً مثل مجلة الجندي، وأسبوع الطيران وتقنية الفضاء، ومجلة الجو الدولية، ويونيباث الأميركية... إلخ».

وأوضح: «إنهم لو كانوا يتابعون لعرفوا أن قصف وتدمير جسر ليس أمراً سهلاً»، وتابع: «حسابات ذلك ليست قطع الإمداد والتواصل بين القوات، وإنما يمتد أثره إلى تعديل الاستراتيجيات وتكتيكات الطرف الآخر»، واستطرد: «قبل هدم الجسر لحرمان العدو من طريق الإمداد، يجب السؤال عن كيف سيتصرف العدو بعد هدم الجسر، فربما كان ترك الجسر أفضل من هدمه».

وقطع بأن التداعيات العسكرية لهدم جسر شمبات، «ستضع قوات الدعم السريع أمام مهمة ضرورية، وهي السيطرة على سلاح المهندسين لتأمين جسري الفتيحاب وجسر الحديد»، وتابع: «سوف تبدأ بجسر جبل أولياء وستضع جسر كوستي - بولاية النيل الأزرق - في قمة الأولويات».

ورأى الجودة، أن تدمير الجسر «حفز مقاتلي قوات الدعم السريع ورفع معنوياتهم العسكرية لشن هجمات غير مسبوقة، لتأمين الجسور».


مقالات ذات صلة

السودان: اتهامات بين طرفي النزاع تهدد بتعثر «مفاوضات جدة»

شمال افريقيا ممثلون لطرفي النزاع السوداني خلال توقيع «اتفاق جدة» في مايو 2023 (رويترز)

السودان: اتهامات بين طرفي النزاع تهدد بتعثر «مفاوضات جدة»

كشفت مصادر عن تفاصيل جديدة بشأن خلافات واتهامات متبادلة بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» تهدد بتعثر الجولة الثانية من المفاوضات بينهما في جدة.

«الشرق الأوسط» (ودمدني (السودان) )
شمال افريقيا اعتمد مجلس الأمن الدولي، يوم الجمعة الماضي، القرار رقم 2715 الذي أنهى ولاية «بعثة الأمم المتحدة في السودان» (يونيتامس) اعتباراً من 3 ديسمبر

عرمان لـ«الشرق الأوسط»: إنهاء عمل «يونيتامس» يرشح تصعيد الحرب

اعتمد مجلس الأمن الدولي، الجمعة الماضي، القرار رقم 2715 الذي أنهى ولاية «بعثة الأمم المتحدة في السودان» (يونيتامس) اعتباراً من اليوم (الأحد).

محمد أمين ياسين (ودمدني (السودان))
شمال افريقيا ماذا وراء إلغاء تفويض «يونيتامس» وإبقاء مهامها؟

ماذا وراء إلغاء تفويض «يونيتامس» وإبقاء مهامها؟

تباينت وجهات النظر السودانية حول اعتماد مجلس الأمن الدولي القرار رقم 2715، الذي قضى بإنهاء تفويض بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الانتقال في السودان «يونيتامس

أحمد يونس (أديس أبابا)
شمال افريقيا قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان خلال جولة في قاعدة فلامنغو البحرية في بورتسودان أغسطس الماضي (أ.ف.ب)

الجيش السوداني يوسع هجماته على «الدعم السريع» بالخرطوم

وسّع الجيش السوداني (السبت) استخدام الطائرات دون طيار، حيث شنّ عدداً من الهجمات على أهداف لقوات «الدعم السريع» في مناطق متفرقة من العاصمة، الخرطوم.

محمد أمين ياسين (ودمدني (السودان) )
شمال افريقيا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ف.ب)

مجلس الأمن ينهي مهمة «يونيتامس» في السودان

صوت مجلس الأمن، مساء أمس (الجمعة) على قرار ينهي بمفعول «فوري» مهمة بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان «يونيتامس»، ناقلاً المهمات

علي بردى (واشنطن)

مثول محامية أمام القضاء التونسي بسبب ملف «التآمر ضد أمن الدولة»

جانب من الوقفة التضامنية مع دليلة مصدق (موقع جبهة الخلاص)
جانب من الوقفة التضامنية مع دليلة مصدق (موقع جبهة الخلاص)
TT

مثول محامية أمام القضاء التونسي بسبب ملف «التآمر ضد أمن الدولة»

جانب من الوقفة التضامنية مع دليلة مصدق (موقع جبهة الخلاص)
جانب من الوقفة التضامنية مع دليلة مصدق (موقع جبهة الخلاص)

مثلت المحامية التونسية دليلة مصدق بن مبارك، عضو هيئة الدفاع عن الموقوفين في ملف «التآمر ضد أمن الدولة»، (الثلاثاء)، أمام المحكمة الابتدائية بتونس العاصمة، على خلفية تصريحات أدلت بها على قناة تونسية حول قضية المساجين السياسيين، كما أُحيل معها في القضية نفسها الصحافي برهان بسيس، الذي يعمل بالقناة ذاتها.

وتنديداً بما تتعرّض له مصدق وغيرها من الناشطين السياسيين، من مضايقات وحظر لتقديم أي معلومات حول ملف التآمر وحول وضعية المتهمين، نظمت «جبهة الخلاص الوطني» المعارضة (الثلاثاء)، وقفة تضامنيّة أمام مقر المحكمة الابتدائيّة لمُساندة المتهمين، والتنديد بما تتعرّض له مصدق من «مضايقات واستهداف مُمنهج، تحت طائلة المرسوم الرئاسي 54 على خلفيّة تصريحات إعلامية، تتعلق بقضية (التآمر على أمن الدولة)».

في هذا السياق، كشف أحمد نجيب الشابي، رئيس «جبهة الخلاص الوطني»، عن إحالة عدد آخر من المحامين، من بينهم إسلام حمزة وعبد العزيز الصيد، إلى التحقيق؛ بسبب تصريحات إعلامية أدلوا بها حول قضية المعتقلين السياسيّين. وقال إن ذلك يُمثّل «إمعاناً في محاصرة حرية التعبير، واستهدافاً للمحامين بهدف إخراس أصواتهم، في انتهاك صارخ للحصانة التي منحها القانون للدفاع»، على حد تعبيره.

يذكر أن القضاء التونسي أصدر قراراً يقضي بمنع تداول معلومات حول ملف «التآمر ضد أمن الدولة»، ولاحق كثيراً من المحامين، الذين أدلوا بتصريحات خاصة عند دخول عدد من المعتقلين السياسيين، من بينهم جوهر بن مبارك، شقيق دليلة مصدق، وراشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة»، وعصام الشابي رئيس «الحزب الجمهوري»، في إضراب عن الطعام داخل غرف اعتقالهم في السجن المدني.

وكان هؤلاء المحامين قد طالبوا بفتح تحقيقات ضد المعتقلين، وتحديد التهم الموجهة لهم بدقة، بالاعتماد على حجج وأدلة قانونية، بعد اعتقال دام 6 أشهر للمعتقلين جميعاً، وتمديد أول بالسجن لمدة 4 أشهر لبعض المعتقلين، ولمرتين بأربعة أشهر للبعض الآخر.

من جهة ثانية، أصدرت محكمة بوسط العاصمة تونس، قرار إيداع بسجن رجل الأعمال والرئيس الأسبق لنادي النجم الساحلي رضا شرف الدين؛ بسبب جرائم مالية، وفق ما صرح به محاموه اليوم (الثلاثاء). وقال المحامي جمال الحاجي إن شرف الدين «يواجه تهم غسل الأموال، وارتكاب جرائم جمركية وصرفية، وتهرب ضريبي».

وتم إيقاف شرف الدين، وهو رجل أعمال معروف في القطاع الصحي ونائب سابق في البرلمان، منذ 26 يوماً للتحقيق في شبهة التآمر على أمن الدولة أيضاً لكن لم توجه له تهم. وقال محاميه لإذاعة «شمس إف إم» الخاصة، إن هيئة الدفاع تقدمت بمطلب صلح للجمارك لمعرفة ما المطلوب من شرف الدين.

ويقبع في السجون التونسية العشرات من السياسيين ورجال الأعمال في حملة إيقافات منذ أشهر، بتهم تتعلق بفساد مالي وشبهة التآمر على أمن الدولة. لكن المعارضة تقول إن التهم ملفقة وسياسية، وتتهم الرئيس التونسي قيس سعيد بممارسة ضغوط على السلطة القضائية.

في حين يردد سعيد، الذي أطاح النظام السياسي القائم قبل 2021، بأنه يريد «تصحيح مسار الثورة، ومكافحة الفساد والفوضى بمؤسسات الدولة».


تراشق لفظي بين «ويجز» ووائل غنيم يُثير الاهتمام في مصر

«ويجز» (صفحته على فيسبوك)
«ويجز» (صفحته على فيسبوك)
TT

تراشق لفظي بين «ويجز» ووائل غنيم يُثير الاهتمام في مصر

«ويجز» (صفحته على فيسبوك)
«ويجز» (صفحته على فيسبوك)

أثار التراشق اللفظي بين الناشط السياسي المصري وائل غنيم، ومطرب الراب المصري «ويجز» حول حرب غزة، اهتمام متابعي مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، وتصدرت تدوينات واسما غنيم و«ويجز» محركات البحث على «غوغل» وعلى منصة «إكس»، الثلاثاء، خصوصاً بعد تعليقات لمتابعين تحدثوا عن أن غنيم أغلق حساباته على «السوشيال ميديا»، وأنه جرى اختراق حساب «ويجز» على «إكس»، ووضع صور لأشخاص آخرين بدلاً من صورته.

بدأ التراشق بتدوينة «ويجز» على «إكس»، تساءل فيها: «لماذا يحق للمواطن الإسرائيلي العيش في الأمان فوق أرض مسروقة، في حين أن مواطنين عزل أبرياء يتعرضون للبشائع الإسرائيلية؟». ووجّه «ويجز» حديثه لغنيم قائلاً: «لا تتحدث عن إسرائيل بقدر ما تتحدث عن (حماس)»، كما وجّه «جملاً غاضبة» لغنيم بشأن مواقفه.

ورد غنيم على تدوينة «ويجز»، وانتقد «حماس»، فأتبعها «ويجز» بتدوينة أخرى انتقد فيها غنيم.

وعلق عدد من المتابعين على تدوينة «ويجز» منهم أحمد رضا، الذي قال: «شكراً يا ويجز على موقفك». ونصح كثير من المتابعين «ويجز» بألا يرد على غنيم. وعلّق بعض المتابعين بشكل موسع على اختفاء حسابات غنيم على «فيسبوك» و«إكس» و«إنستغرام». وذكر صاحب حساب يدعي «ميد ديرادج» بأن وائل في الغالب «حذف حسابه مؤقتاً خوفاً من سحب المتابعات»، مشيراً إلى أن «هذه الحركة يقوم بها كل المشاهير عند أي مشكلة». بينما قال مدونون آخرون إن وائل اخترق حساب «ويجز»، واستبدل بصورة مطرب الراب صوراً لأشخاص آخرين.

وائل غنيم (موقع ساوندكلاود)

ورأى أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، عثمان فكري، أن «التراشق على (السوشيال ميديا) أصبح الاستخدام الأبرز للبعض على (فيسبوك) و(إكس) والمنصات الجديدة مثل الأنستا وثريدز... وغيرها»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «البعض على (السوشيال ميديا) يكون هدفه إشعال الفتن، وإثارة المشكلات».

يذكر أن «ويجز» واسمه الحقيقي أحمد علي، مطرب راب مصري (25 عاماً)، حقق شهرة كبيرة منذ عام 2020 بأغنية «دورك جاي» مع «مولوتوف» المختص بالموسيقى الإلكترونية، ونال «ويجز» شهرة واسعة وسط الشباب والأجيال الجديدة خصوصاً في المناطق الشعبية.

عودة إلى فكري الذي أوضح أن «الفترة الأخيرة شهدت وقائع تراشق كثيرة بين ناشطين في مصر وخارجها بشأن الحرب على غزة»، مشيراً إلى أن «التراشق على (إكس) للأسف يسير وراءه كثير من المتابعين، ويتحول الأمر إلى معركة».

ويعد وائل غنيم (43 عاماً) من النشطاء المؤثرين في «السوشيال ميديا»، وهو ممن برزوا خلال أحداث 25 يناير (كانون الثاني) 2011، واختارته مجلة «تايم» الأميركية ضمن قائمة المائة شخصية الأكثر تأثيراً في العالم عام 2011.


هل يحتاج المصريون موافقة إسرائيلية للعودة إلى بلدهم من غزة؟

دخان يتصاعد خلال غارة إسرائيلية على مخيم جنين للاجئين في الضفة الغربية (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد خلال غارة إسرائيلية على مخيم جنين للاجئين في الضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

هل يحتاج المصريون موافقة إسرائيلية للعودة إلى بلدهم من غزة؟

دخان يتصاعد خلال غارة إسرائيلية على مخيم جنين للاجئين في الضفة الغربية (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد خلال غارة إسرائيلية على مخيم جنين للاجئين في الضفة الغربية (أ.ف.ب)

أكدت وزارة الخارجية المصرية أنها «من تتولى ترتيبات عودة المصريين من قطاع غزة». وذلك عقب حديث لبرلماني مصري سابق بشأن «إرسال قوائم الراغبين في الخروج من القطاع الفلسطيني إلى السلطات الإسرائيلية للحصول على موافقتها، والتأكد مع عدم وجود علاقة لتلك الأسماء بحركة (حماس)».

وأوضح المتحدث الرسمي باسم «الخارجية المصرية»، أحمد أبو زيد، في بيان، الثلاثاء، أن «مكتب التمثيل المصري لدى السلطة الفلسطينية في رام الله، والقطاع القنصلي بوزارة الخارجية، يتلقيان الأسماء والوثائق الخاصة بالمواطنين الراغبين في العودة إلى أرض الوطن، حيث يتم إعداد كشوف تفصيلية بها لموافاة السلطات المصرية المعنية بها، تمهيداً لتسليمها للقائمين على معبر رفح الحدودي من الجانبين المصري والفلسطيني لتسهيل عملية عبورهم من قطاع غزة إلى الأراضي المصرية».

وذكر متحدث «الخارجية المصرية»، في رده على استفسار عدد من المحررين الدبلوماسيين حول الإجراءات المتبعة لعودة المصريين من قطاع غزة لمصر، أن «كل ما يتردد إعلامياً خلاف ذلك»، داعياً إلى «توخي الحذر والدقة الشديدة عند تداول أي معلومات غير صحيحة منسوبة لأي جهة أو أفراد لا يتمتعون بصفة رسمية».

بيان «الخارجية المصرية» جاء في أعقاب تصريحات أدلى بها البرلماني المصري السابق ورئيس «منتدى الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية» الدكتور سمير غطاس، خلال لقاء، مساء الاثنين، مع الإعلامي عمرو أديب على قناة «إم بي سي». وقال فيها إنه «يتم إخطار الجانب الإسرائيلي بأسماء المصريين الراغبين في العودة من غزة لتحديد مدى علاقتهم بـ(حماس)، والموافقة على عودتهم أو رفضها».

وأثار حديث غطاس تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، وكان لافتاً أن منشور بيان «الخارجية المصرية» على صفحتها الرسمية بموقع «فيسبوك» قد حفل بعشرات الردود معظمها يتضمن شكاوى من مواطنين عالقين داخل قطاع غزة أو من ذويهم، يطالبون فيها الحكومة المصرية بـ«سرعة التحرك لضمان خروجهم من القطاع».

فلسطينيون يفرون من المعارك العنيفة بين الجيش الإسرائيلي و«حماس» بمدينة خان يونس (د.ب.أ)

من جانبه، أشار مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، رخا أحمد حسن، إلى أن ما يعيشه قطاع غزة حالياً هو «فترة استثنائية» لا يمكن الحديث فيها عن إجراءات معتادة يجري اتباعها في الظروف العادية، موضحاً أن إسرائيل «هي من تسيطر فعلياً الآن على القطاع، وتتحكم في حركة الأفراد والشاحنات داخله بصورة كاملة».

وأضاف حسن لـ«الشرق الأوسط» أن الأمر الواقع حالياً في قطاع غزة «يفرض إجراءات استثنائية، خاصة في ظل الخوف المبالغ فيه من جانب إسرائيل من إمكانية خروج قيادات من حركة (حماس) من القطاع، سواء بين المصابين الذين يخرجون لتلقي العلاج، أو بين المسافرين من حملة جوازات السفر الأجنبية، وهو ما يجعلها تفرض حصاراً كاملاً على الجانب الفلسطيني من معبر رفح، ولا يُمكن خروج أحد منه إلا بتنسيق مسبق»، بحسب قوله.

واعتبر مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق أن طرح أمور تتعلق بالترتيبات الاستثنائية في قطاع غزة حالياً «بصورة مثيرة» أمر «لا يخدم المصلحة العامة، بل يمثل ضغطاً لا مبرر له»، مؤكداً أن حالة الحرب الراهنة في القطاع الفلسطيني «تفرض ما يكفي من ضغوط، وتتطلب عملاً دقيقاً لضمان سلامة خروج المواطنين المصريين الراغبين في العودة إلى أرض الوطن».

ويعد معبر رفح شريان الحياة الرئيسي الذي يربط قطاع غزة الفلسطيني بالعالم الخارجي، وهو المعبر الوحيد للقطاع مع دولة غير إسرائيل، إلا أن إسرائيل قصفت بوابة الجانب الفلسطيني من المعبر والطريق المؤدية إليه عدة مرات منذ اندلاع الموجة الحالية من الصراع بعد عملية «طوفان الأقصى» التي نفذتها حركة «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وأوقفت مصر خروج رعايا الدول الأجنبية، ورهنته بدخول المساعدات إلى القطاع، وبدأ دخول المساعدات فعلياً من يوم 21 أكتوبر الماضي، بالتزامن مع السماح بخروج رعايا دول أجنبية عدة، كما نشطت حركة الدخول والخروج من المعبر خلال أسبوع الهدنة الإنسانية.


خبيرة أممية تطالب الجزائر بالإفراج عن المدافعين عن حقوق الإنسان

وزير الاتصال الجزائري مع الخبيرة الأممية (وزارة الاتصال)
وزير الاتصال الجزائري مع الخبيرة الأممية (وزارة الاتصال)
TT

خبيرة أممية تطالب الجزائر بالإفراج عن المدافعين عن حقوق الإنسان

وزير الاتصال الجزائري مع الخبيرة الأممية (وزارة الاتصال)
وزير الاتصال الجزائري مع الخبيرة الأممية (وزارة الاتصال)

دعت المقررة الخاصة للأمم المتحدة بشأن وضع المدافعين عن حقوق الإنسان، ماري لاولور، الثلاثاء، الحكومة الجزائرية إلى الإفراج عن الناشطين الحقوقيين، وعدم استهدافهم بسبب نشاطهم مع تعديل القوانين التي تجرّم عملهم، في ختام زيارة للبلد.

وأوصت الخبيرة الأممية خلال مؤتمر صحافي السلطات الجزائرية بـ«الإفراج عن جميع المدافعين عن حقوق الإنسان المسجونين، بسبب ممارستهم حرية التعبير والرأي وتكوين الجمعيات». وبحسب اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين، لا يزال العشرات خلف القضبان في الجزائر على خلفية الحراك المطالب بالديمقراطية أو الدفاع عن الحريات الفردية.

وذكرت المقررة أن «معظم الذين قابلتهم إما سجنوا مرة واحدة على الأقل في حياتهم، وإما يواجهون اتهامات جنائية». كما دعت الحكومة إلى «تعديل المواد في قانون العقوبات، التي تنص على عقوبات جنائية لكل من يشتم أو يهين الأفراد، أو الهيئات أو المؤسسات»؛ لأنه «يتعارض مع القانون الدولي لحقوق الإنسان وحرية التعبير».

الخبيرة الأممية تتوسط نشطاء ومحامين بمدينة تيزي وزو (حسابات ناشطين)

ورغم ترحيبها بجهود الحكومة في مجال حقوق الإنسان، فإنها أشارت إلى أن «المدافعين عن حقوق الإنسان، الذين اختاروا العمل خارج إطار المجتمع المدني، الذي صممته الحكومة، يواجهون صعوبات خطيرة مما يؤثر أيضاً على أسرهم». مبدية أسفها لأن «بعض المدافعين عن حقوق الإنسان رفضوا، أو ألغوا مقابلاتهم في اللحظة الأخيرة خوفاً من المضايقات».

وذكرت في هذا السياق حالة الناشط أحمد منصري، الذي اعتقل بعد لقائه المقرر الخاص المعني بحرية التجمع السلمي، وتكوين الجمعيات في سبتمبر (أيلول) الماضي. كما أشارت المقررة إلى حالات «تقييد حرية تنقل المدافعين عن حقوق الإنسان» داخل الجزائر، ومنعهم من السفر إلى الخارج، معربة عن أسفها لـ«حرمان» الناشطين الحقوقيين من الوصول إلى موارد مالية من الخارج تحت طائلة السجن، ما «يفاقم عزلتهم» على حد قولها.

ورأت أن «القوانين السارية حالياً تستخدم للحد من عمل المدافعين عن حقوق الإنسان ومعاقبتهم»، لافتة بصورة خاصة إلى استخدام بند من القانون الجنائي على ارتباط بالمسائل الإرهابية، بهدف «قمع» الناشطين. وقالت بهذا الخصوص إن «تحديد الإرهاب في هذا البند مبهم وواسع، إلى حد أنه يترك للأجهزة الأمنية هامش تصرف كبيراً لتوقيف المدافعين عن حقوق الإنسان». كما تطرقت المقررة الأممية إلى الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، التي حلتها السلطات في مطلع العام، وأبدت أملها في أن تتمكن من «استعادة مكانتها بين منظمات المجتمع المدني».

كما رأت أن حل منظمة غير حكومية أخرى بارزة هي «تجمع عمل الشباب» يشكل «عقوبة بالغة الشدة». وبدأت لاولور زيارتها للجزائر في 26 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بدعوة من الحكومة، التقت خلالها نحو خمسين ناشطاً حقوقياً وصحافيين، إضافة إلى مسؤولين منهم وزير العدل، ومنظمات المجتمع المدني في العاصمة الجزائرية ووهران وتيزي وزو، على أن تقدم تقريرها لمجلس حقوق الإنسان في مارس (آذار) المقبل.


تشديد مصري - قبرصي على ضرورة التهدئة وتدفق المساعدات لغزة

 السيسي التقى نظيره القبرصي نيكوس خريستودوليدس في القاهرة (الرئاسة المصرية)
السيسي التقى نظيره القبرصي نيكوس خريستودوليدس في القاهرة (الرئاسة المصرية)
TT

تشديد مصري - قبرصي على ضرورة التهدئة وتدفق المساعدات لغزة

 السيسي التقى نظيره القبرصي نيكوس خريستودوليدس في القاهرة (الرئاسة المصرية)
السيسي التقى نظيره القبرصي نيكوس خريستودوليدس في القاهرة (الرئاسة المصرية)

شددت مباحثات مصرية - قبرصية في القاهرة، الثلاثاء، على «ضرورة التهدئة وتدفق المساعدات إلى قطاع غزة». في حين استقبل مطار العريش الدولي قوافل إغاثية للفلسطينيين.

وأكدت مسؤولة أميركية من العريش، الثلاثاء، «التزام واشنطن بحماية المدنيين في غزة».

وعُقدت في القاهرة مباحثات قمة بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره القبرصي نيكوس خريستودوليدس، وتناولت العلاقات الثنائية وتداعيات حرب غزة.

ووفق إفادة للمتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، أحمد فهمي، الثلاثاء، فإن اللقاء تطرق إلى التصعيد في قطاع غزة؛ حيث استعرض الرئيس المصري الجهود المصرية للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار في القطاع، مؤكداً «ضرورة اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته في هذا الشأن».

كما تناول السيسي العمل المكثف الذي تقوم به مصر لنفاذ المساعدات الإنسانية المصرية لأهالي القطاع، مشدداً على «استعداد مصر لاستقبال وتنسيق كل المساعدات الدولية الموجهة للقطاع».

من جهته، ثمن الرئيس القبرصي الجهود المصرية الحثيثة للتهدئة، وكذا على الجانب الإنساني، مؤكداً حرص قبرص على «التنسيق المستمر مع مصر في هذا الصدد، خاصة في ضوء الرؤية المشتركة للبلدين بشأن أولوية العمل لإقرار السلام وضمان الاستقرار في الإقليم».

أيضاً شدد الرئيس المصري خلال اللقاء على «ضرورة العمل الدولي على الدفع بإنفاذ حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، بعدّ ذلك هو السبيل لتحقيق السلام والأمن والاستقرار في المنطقة».

مباحثات السيسي وخريستودوليدس بشأن غزة في القاهرة (الرئاسة المصرية)

وبحسب متحدث «الرئاسة المصرية» شهد اللقاء أيضاً التأكيد على مواصلة تعزيز العلاقات المتميزة والوثيقة التي تتطور بشكل مطرد خلال الفترة الأخيرة بين البلدين.

واستعرض الرئيسان سبل توسيع هذا التعاون في عدد من الملفات ذات الأولوية وعلى رأسها ملف الطاقة، مع استشراف آفاق جديدة لتوطيد العلاقات، سواء على المستوى الثنائي أو من خلال آلية التعاون الثلاثي بين مصر وقبرص واليونان.

وتنتظم مصر وقبرص واليونان في آلية تعاون ثلاثي موسعة تشمل المجالات العسكرية والسياسية، وتنسيق المصالح في شرق المتوسط، تنامت بعد اكتشافات بالغاز الطبيعي في شرق المتوسط.

إلى ذلك، استقبل مطار العريش بمصر قوافل إغاثية للفلسطينيين، وأكدت مديرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، سامانثا باور، أنه «يجب بذل المزيد من الجهود لحماية المدنيين، وتسريع وتيرة وصول المساعدات المنقذة للحياة إلى أهل غزة».

جاء ذلك خلال زيارة باور إلى العريش، الثلاثاء؛ حيث تلتقي عددا من المسؤولين المحليين والمنظمات الإنسانية المصرية والدولية، التي تعمل على تسريع وتيرة المساعدات التي تشتد الحاجة إليها في غزة.

وبحسب وكالة أنباء «الشرق الأوسط» الرسمية في مصر، الثلاثاء: «ستقوم مديرة الوكالة الأميركية للتنمية بتسليم 36 ألف رطل من المساعدات الغذائية والإمدادات الطبية التي تم نقلها جواً، بناء على طلب الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، من قبل وزارة الدفاع الأميركية من العاصمة الأردنية عمان إلى العريش».

واستؤنف القتال بين إسرائيل وحركة «حماس»، الجمعة الماضي، بعد توقف استمر سبعة أيام لتبادل الرهائن والسجناء وتسليم المساعدات الإنسانية. وحث مسؤولون أميركيون إسرائيل مراراً على تقليل الخسائر من المدنيين في جنوب غزة بسبب ارتفاع عدد القتلى في العمليات العسكرية في شمال غزة.

زيارة سامانثا باور إلى العريش (السفارة الأميركية بالقاهرة)

وذكرت السفارة الأميركية بالقاهرة، في بيان صحافي، الثلاثاء، أن المسؤولة الأميركية ستعيد التأكيد خلال زيارتها للعريش المصرية على «التزام الولايات المتحدة بحماية المدنيين بما يتوافق مع القانون الإنساني الدولي، والضرورة المطلقة لاستمرار عبور الإمدادات الإنسانية إلى غزة عند المستويات التي تم التوصل إليها خلال الهدنة الإنسانية وتجاوزها».

ووفقاً للسفارة الأميركية «تعمل الولايات المتحدة بشكل عاجل على تلبية الاحتياجات الإنسانية الملحة في غزة».


«اليمين» يدعو لإلغاء الاتفاق الفرنسي - الجزائري بشأن الهجرة

الرئيس الجزائري مستقبلاً نظيره الفرنسي بمناسبة زيارته للجزائر في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)
الرئيس الجزائري مستقبلاً نظيره الفرنسي بمناسبة زيارته للجزائر في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)
TT

«اليمين» يدعو لإلغاء الاتفاق الفرنسي - الجزائري بشأن الهجرة

الرئيس الجزائري مستقبلاً نظيره الفرنسي بمناسبة زيارته للجزائر في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)
الرئيس الجزائري مستقبلاً نظيره الفرنسي بمناسبة زيارته للجزائر في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)

تنوي المعارضة اليمينية الفرنسية الضغط على الحكومة حول موضوع الهجرة، عبر مطالبتها (الخميس) في الجمعية الوطنية بإلغاء الاتفاق الفرنسي - الجزائري، المبرم عام 1968 ومراجعة بنود دستورية بهذا الصدد.

وأدرج هذان المقترحان في رأس قائمة جدول الجمعية، المخصص لكتلة «الجمهوريين» (يمين)، وهي 60 نائباً من أصل 577 نائباً.

ومن المرجح رفض المقترحين، إلا أن اليمين سيسعى من خلالهما إلى تجسيد «الحزم» الحقيقي في مسائل الهجرة بنظر الرأي العام، على ما أفيد داخل التكتل.

وأثار الجمهوريون بطرحهم مسودة قرار، تدعو إلى «إلغاء السلطات الفرنسية الاتفاق الفرنسي - الجزائري العائد إلى 27 ديسمبر (كانون الأول) 1968»، بلبلة وضجة داخل الغالبية الرئاسية.

ولن يكون مثل هذا النص في حال إقراره ملزماً، إلا أنّ نواباً من كتلة حزب «النهضة» الرئاسي لم يكونوا معارضين لتوجيه «إشارة» إلى الجزائر، من خلال مراجعة الوضع المؤاتي، الممنوح لرعاياها على صعيد شروط التنقل والإقامة والعمل في فرنسا.

وبعد نقاش داخلي، أوضحت نائبة رئيس الحزب ماري لوبيك أن المجموعة «انضمت في نهاية المطاف إلى موقف الغالبية، القاضي بالتصويت ضدّه» حتى لو «كنا جميعنا موافقين على أن الاتفاق لم يعد يعمل».

الرئيس الجزائري مع الوزيرة الأولى الفرنسية بالجزائر في 10 أكتوبر 2022 (الرئاسة الجزائرية)

في المقابل، يعتزم نواب حزب «آفاق» Horizons، الذي أسسه رئيس الوزراء السابق، إدوار فيليب، التمايز عن موقف حلفائهم في حزب الرئيس إيمانويل ماكرون، بالتصويت من أجل الاقتراح.

وأوضح زعيم الكتلة، لوران ماركانجيلي، أن هذا الموقف اعتمد «بتوافق تام مع كلام إدوار فيليب»، الذي دعا بنفسه في يونيو (حزيران) إلى هذه المراجعة.

ويقضي الاتفاق، الموقع عام 1968 في وقت كان فيه الاقتصاد الفرنسي بحاجة إلى يد عاملة، بمنح الجزائريين امتيازات مهمة، ولا سيما استثنائهم من القوانين المتصلة بالهجرة، حيث بإمكانهم البقاء في فرنسا بموجب «تصريح إقامة»، وليس «بطاقة إقامة».

كما بإمكانهم الإقامة بحرية لمزاولة نشاط تجاري أو مهنة مستقلة، والحصول على سند إقامة لـ10 سنوات بسرعة أكبر من رعايا دول أخرى.

ويرى نواب «الجمهوريين» أن ذلك يوازي «حقاً تلقائياً في الهجرة»، في وقت يهدف فيه مشروع قانون حكومي، من المتوقع مواصلة مناقشته في الجمعية الوطنية في 11 ديسمبر الحالي، إلى «ضبط الهجرة» بصورة أفضل.

وترى لوبيك أن إصدار قرار برلماني «لا معنى له... إنه إساءة موجهة إلى الجزائر، في وقت تحسنت فيه علاقاتنا خلال الأشهر الأخيرة».

مارين لوبان المعروفة بمواقفها المناهضة للهجرة تلقي كلمتها بالبرلمان الفرنسي (أ.ف.ب)

كما عبّر زميلها ماتيو لوفيفر عن الرأي نفسه، إلا أنه اعتبر أن الاتفاق «تخطاه الزمن تماماً»، وقال في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية إن «كل ما سيفعله (القرار) هو أنه سيغضب أصدقاءنا الجزائريين، ونحن في البرلمان لا نزاول العمل الدبلوماسي، بدل رئيس الجمهورية».

وفي مواجهة «الفخ»، الذي نصبه اليمين، بحسب تعبير مصدر حكومي، قال مصدر في حزب النهضة إنه سيتسنى للسلطة التنفيذية الخميس «عرض موقفها» بشأن هذه المسألة، متوقعاً الخوض في «إعادة تفاوض».

ومع المقترح الثاني، سيؤكد الجمهوريون مرة أخرى على أن سن قوانين حول الهجرة لن يأتي بنتائج من دون إصلاحات دستورية، وصفها النائب باتريك هرتزل بأنها «الأساس».

وهم يطالبون بتوسيع نطاق الاستفتاء ليشمل أي مشروع قانون، أو مشروع قانون أساسيّ، بما في ذلك مسائل الهجرة.

كما تنص المسودة، التي تم رفضها لدى درسها، على فرض معيار «الاندماج» من أجل حصول المهاجرين على الجنسية الفرنسية، ووقف العمل بحق المواطنة بالولادة في مايوت، إحدى المقاطعات الفرنسية ما وراء البحار، الواقعة في المحيط الهندي، وفرض حصص هجرة يحددها البرلمان.

والهدف الأساسي لمشروع القانون هو السماح بأن تكون قوانين أساسية، يتم إقرارها في الجمعية الوطنية أو مجلس الشيوخ، أو بموجب استفتاء، مخالفة للاتفاقات الثنائية أو القانون الأوروبي.

وندّد المعسكر الرئاسي المعارض لمثل هذه التدابير، بـ«فريكست في مجال الهجرة»، بحسب كلمة مستوحاة من «بريكست»، وتعني خروجاً فرنسياً عن الإجماع الأوروبي.

وسيكون المسعى الأساسي، الخميس، بحسب أحد مسؤولي الجمهوريين، هو «إبداء موقف واضح وحازم بشأن الهجرة، في مواجهة ادّعاءات الغالبية الكاذبة».


الدبيبة يتهم مجلس النواب بـ«التسبب في الانقسام الليبي»

اجتماع المنفي مع باتيلي (البعثة الأممية)
اجتماع المنفي مع باتيلي (البعثة الأممية)
TT

الدبيبة يتهم مجلس النواب بـ«التسبب في الانقسام الليبي»

اجتماع المنفي مع باتيلي (البعثة الأممية)
اجتماع المنفي مع باتيلي (البعثة الأممية)

في تصعيد جديد للخلافات بين الأطراف الليبية الرئيسية، المدعوة لاجتماع خماسي بحضور رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، عبد الله باتيلي، للاتفاق على القوانين المنظمة للانتخابات المؤجلة، صعّد رئيس حكومة الوحدة «المؤقتة»، عبد الحميد الدبيبة، اليوم الثلاثاء، خلافه مع مجلس النواب، واتهمه بـ«التسبب في الانقسام الحالي في البلاد». وجاء ذلك فيما تجاهل رئيس المجلس الأعلى للدولة، محمد تكالة انقسام «الأعلى للدولة» حول اجتماع باتيلي.

الدبيبة خلال اجتماع حكومي في الزاوية (حكومة الوحدة)

وقال الدبيبة خلال اجتماع لحكومته في مدينة الزاوية (غرب العاصمة طرابلس)، اليوم الثلاثاء، إن «السلطة التشريعية تورطت في كل المخالفات القانونية والدستورية، وتعقد الجلسات بعدد قليل من النواب لصياغة القوانين»، في مشهد وصفه بـ(المضحك). مجددا شروطه الأربعة الأساسية لنجاح مبادرة باتيلي، أولها الثقة المتبادلة بين الأطراف، واستعداد الجميع لتأمين الانتخابات، وإقرار قوانين انتخابية عادلة ونزيهة وقابلة للتنفيذ، وعدم السماح بتشكيل حكومة جديدة.

ورغم أنه رحب مجددا بمبادرة البعثة الأممية، لكنه عدّ في المقابل أنه «لابد من توفر عدة شروط لنجاحها، بما في ذلك إشراك جميع الأطراف في الحوار، وأن تكون القوانين الانتخابية عادلة ونزيهة ومقبولة من الجميع»، مطالبا أيضا أن تكون القوانين الانتخابية قابلة للتنفيذ. كما طالب الدبيبة بعدم السماح للمسارات الموازية بالتشويش على الهدف الرئيسي، وهو الذهاب للانتخابات، وتضييع الوقت على الشعب.

عقيلة صالح قال إن كل ما يصدر من حكومة الدبيبة «لا يترتب عليه أي التزام على الدولة» (المكتب الإعلامي لعقيلة)

وتزامنت تصريحات الدبيبة مع رسالة لرئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، وجهها، الثلاثاء، للنائب العام الليبي، والمجلس الأعلى للقضاء، وعدد من الجهات الرقابية، مفادها أن كل ما يصدر من حكومة الدبيبة، التي وصفها بـ«منتهية الولاية»، «لا يترتب عليه أي التزام على الدولة». وقال إن قرارها بتكليف عمر أبو بكر مُمثلاً قانونياً للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد «هو والعدم سواء».

بدوره، استغل رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، لقاءه مساء (الاثنين) بالعاصمة طرابلس مع باتيلي، للتأكيد على «استراتيجية المجلس في التوفيق بين الأطراف الليبية، عبر سياسات الحياد الإيجابي، ودعم المشاركة الفاعلة بالحوار بشكل يتوسع لخلق أكبر توافق، وتعزيز الاستقرار ومنع عودة الاستقطاب السياسي الحاد». ونقل عن باتيلي إعرابه عن تقديره للمجلس والخطوات التي يتخذها لتوطيد دعائم الاستقرار، لافتا إلى أن باتيلي أحاطه بآخر المستجدات الخاصة بمساعي عقد لقاء ليبي، بهدف الوصول للانتخابات.

باتيلي وعماد السايح رئيس لجنة الانتخابات في لقاء سابق لمناقشة التحضير للانتخابات الليبية (البعثة)

كما تعهد المنفي، خلال اجتماعه، مساء (الاثنين)، مع وفد من أمازيغ ليبيا، أن يكون المجلس الرئاسي الصوت المعبر عن حقوقهم السياسية في إطار الحوار السياسي الليبي، لكونه المظلة لكل الفئات غير الممثلة. ونقل عن الوفد تأكيده على أهمية تماسك المؤسسة العسكرية وتجردها، وبقائها بمنأى عن كل التجاذبات السياسية، ومطالبته بالتمثيل السياسي لهم بشكل عام.

من جانبه، قال باتيلي إنه اتفق مع المنفي على ضرورة بذل كل الجهود الممكنة للتوصل بشكل نهائي إلى حل للقضايا الخلافية العالقة، لإجراء انتخابات تلبي تطلعات الشعب الليبي، وأدرج الاجتماع في إطار مشاوراتهما المستمرة بشأن العملية السياسية، والتنسيق لعقد الاجتماع التحضيري، المرتقب لممثلي الأطراف الليبية الرئيسية.

كما شدد باتيلي خلال اجتماعه، مساء الاثنين، مع وفد من المكونات السياسية والاجتماعية في فزّان، على أهمية تسريع وتيرة العمل لإرساء نهج شامل وموحد بهدف إطلاق مسار توافقي «يمكننا من المضي قدماً نحو إجراء عملية انتخابية ناجحة في ليبيا».

في المقابل، أكد بيان مشترك القوى السياسية لإقليم فزان، ومنهم أعضاء في مجلسي النواب و«الأعلى للدولة»، اليوم الثلاثاء، أن أي حوار سياسي يقصي سكان فزان «لن يمثلهم ونحن غير ملزمين بمخرجاته». وأعلن البيان دعم تشكيل حكومة جديدة موحدة، وإنهاء المراحل الانتقالية عبر إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية.

من جهته، أشار سفير قطر لدى ليبيا، خالد الدوسري، عقب لقائه، الثلاثاء بطرابلس مع باتيلي إلى «دعم بلاده للدفع قُدماً بالعملية السياسية والاستقرار في البلاد، ودعم المسار السياسي الذي يحافظ على وحدة ليبيا واستقرارها وسيادتها، وصولاً إلى الانتخابات الحرة والنزيهة».

بموازاة ذلك، قال نائب المنفي، موسى الكوني، إنه أبلغ مساء أمس (الاثنين) مفوض الهجرة والشؤون الداخلية بالاتحاد الأوروبي، إيفا جوهانسن، خلال اجتماعهما ببروكسل، أنه قد حان الوقت لأوروبا لأن تترجم التعاون إلى أفعال واضحة على الأرض، وأن تتم بلورة شراكة واضحة المعالم، وفي مدة زمنية محددة لمساعدة ليبيا على حماية حدودها الجنوبية، حيث لا يجب الانتظار لأن يصل المهاجر للبحر حتى يتم إرجاعه لمراكز الإيواء، في انتظار ترحيله مرة أخرى لوطنه الأم.


الجزائر وروسيا تجريان تمارين عسكرية في عرض المتوسط

الفرقاطة الروسية لدى وصولها ميناء الجزائر (وزارة الدفاع الجزائرية)
الفرقاطة الروسية لدى وصولها ميناء الجزائر (وزارة الدفاع الجزائرية)
TT

الجزائر وروسيا تجريان تمارين عسكرية في عرض المتوسط

الفرقاطة الروسية لدى وصولها ميناء الجزائر (وزارة الدفاع الجزائرية)
الفرقاطة الروسية لدى وصولها ميناء الجزائر (وزارة الدفاع الجزائرية)

​أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية عن إجراء تمارين مشتركة بين البحريتين الجزائرية والروسية، الجمعة المقبل، بمناسبة توقف فرقاطة روسية بميناء عاصمة البلاد. وقالت إن النشاط العسكري المقرر «يهدف إلى تعزيز التعاون العملياتي المشترك بين البحريتين الجزائرية والروسية».

وأكدت الوزارة عبر حسابها بالإعلام الاجتماعي، مساء (الاثنين)، أن الفرقاطة التي وصلت في اليوم نفسه هي قطعة من الأسطول الروسي للبحر الأسود، وتحمل اسم «الأميرال غريغوروفيتش»، مشيرة إلى أن التمرين سيتم «بالواجهة البحرية الوسطى». كما أوضحت أن وصولها إلى المياه الإقليمية الجزائرية يأتي في إطار «تجسيد برنامج التعاون العسكري الثنائي الجزائري- الروسي».

ويشمل التمرين تنفيذ اجتماعات فنية وتدريبات على الرصيف، ومناورات تكتيكية، وعمليات للمنع البحري، وتفعيل مركز العمليات البحرية المشترك الجزائري- الروسي لقيادة التمرين.

ويدوم توقف القطعة البحرية الروسية بالجزائر حتى 12 من الشهر الجاري.

رئيس أركان الجيش الجزائري سعيد شنقريحة مع وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغ بموسكو في أغسطس الماضي (الدفاع الجزائرية)

وتُعد الفرقاطة الروسية الجديدة الثالثة من نوعها التي ترسو في مواني الجزائر خلال الأشهر القليلة الماضية؛ إذ سبق لفرقاطة «ميركوري 734» أن توقفت في شهر أغسطس الماضي. كما شهد التعاون العسكري بين الجزائر وموسكو كثافة في السنتين الماضيتين، عكستها زيارات متبادلة على أعلى مستوى في القطاعين العسكريين بالبلدين.

كان رئيس أركان الجيش الجزائري، الفريق أول سعيد شنقريحة، قد زار روسيا نهاية يوليو (تموز) الماضي، والتقى وزير الدفاع سيرغي شويغو الذي صرح يومها بأن العلاقات الروسية- الجزائرية «تتطور بشكل ديناميكي وإيجابي»، مبرزاً أن روسيا والجزائر «تنتهجان سياسة خارجية مستقلة، وتدافعان عن مصالحهما الوطنية، رغم الضغوط غير المسبوقة من قبل الغرب». وكان يشير ضمناً إلى مساعي بعض أعضاء بالكونغرس الأميركي لتفعيل عقوبات ضد الجزائر بحجة «التقارب العسكري مع روسيا».

كما زار شنقريحة بكين منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وأبدى اهتماماً مركَّزاً بصناعة السفن الحربية الصينية.

وبمناسبة زيارة الرئيس عبد المجيد تبون إلى موسكو، في يونيو (حزيران) الماضي، نقلت وكالة «سبوتنيك» عن شويغو، أن الجزائر تريد شراء عتاد حربي روسي، يتمثل في دبابات وطائرات وأنظمة دفاع مضادة للطائرات.

كما أفادت تقارير متخصصة بأن القيادة العسكرية الجزائرية مهتمة بشكل خاص بالحصول على غواصات متطورة، وطائرات «سو– 57» و«سو– 34»، و«سو– 30»، كما تريد أنظمة الدفاع الجوي الجديدة، مثل «إس– 400»، و«فايكينغ»، و«أنتيي– 4000».

ويأتي ذلك في سياق رغبة الجزائر في رفع وارداتها من الأسلحة، وزيادة مهمة شهدتها موازنة الجيش في قانون المالية لسنتي 2023 و2024.

ضباط البحريتين الجزائرية والروسية بمقر قيادة القوات البحرية الجزائرية (وزارة الدفاع)

في سياق ذي صلة، أكد الرئيس بوتين، أمس (الاثنين)، خلال مراسم قبول أوراق اعتماد سفراء جدد، من بينهم سفير الجزائر، أن بلده «يقدر المسار السياسي المتوازن للجزائر»؛ مشيراً إلى أن التعاون الاقتصادي الروسي- الجزائري «يتقدم بوتيرة جيدة».

ولفت بوتين إلى أنه في الفترة بين 2024 و2025 ستحصل الجزائر على مقعد غير دائم في مجلس الأمن الدولي: «وبالطبع سنكثف التنسيق مع الشركاء الجزائريين، بشأن القضايا الحالية على الساحتين الدولية والإقليمية».

قائد الجيش الجزائري مع مدير المصلحة الفيدرالية للتعاون العسكري والفني لفيدرالية روسيا في أغسطس الماضي بموسكو (وزارة الدفاع الجزائرية)

ونقلت وكالة الأنباء ذاتها عن نائب مدير «مركز تنمية صادرات المنتجات الزراعية» بوزارة الزراعة الروسية، أندريه كوتشيروف، أن روسيا ضاعفت صادراتها من المنتجات الزراعية إلى الجزائر، بأكثر من الضعف خلال عام.

وأوضح أن روسيا «هي واحدة من أكبر 5 مصدرين للمنتجات الزراعية إلى الجزائر؛ إذ بلغت قيمة صادرات روسيا من المنتجات الزراعية والصناعية إلى الجزائر بحلول نهاية عام 2021 نحو 336 مليون دولار، وارتفع هذا الرقم بحلول نهاية عام 2022 إلى 699 مليون دولار»، مبرزاً أن الدولة المغاربية «واحدة من أكثر البلدان النامية ديناميكية في القارة الأفريقية».


الانتخابات التونسية تعاني عزوف الناخبين وتسجيل «خروقاً»

رئيس هيئة الانتخابات في اجتماع تحضيري للانتخابات المقبلة (موقع الهيئة)
رئيس هيئة الانتخابات في اجتماع تحضيري للانتخابات المقبلة (موقع الهيئة)
TT

الانتخابات التونسية تعاني عزوف الناخبين وتسجيل «خروقاً»

رئيس هيئة الانتخابات في اجتماع تحضيري للانتخابات المقبلة (موقع الهيئة)
رئيس هيئة الانتخابات في اجتماع تحضيري للانتخابات المقبلة (موقع الهيئة)

بعد 4 أيام على انطلاق الحملة الانتخابية الخاصة بالانتخابات المحلية التونسية التي ستُجرى في 24 من ديسمبر (كانون الأول) الحالي، أقر محمد التليلي المنصري، المتحدث باسم الهيئة التونسية للانتخابات، بـ«بطء الحملة»، وعبَّر عن أمله في أن تشهد وتيرة الحملة الانتخابية تصاعداً خلال الأيام المقبلة، مع اقتراب موعد التوجه إلى مراكز الاقتراع.

وقال المنصري في تصريح إعلامي إنه تم رصد بعض المخالفات البسيطة والخروق خلال الأيام الثلاثة الأولى من الحملة الانتخابية التي ستتواصل حتى 22 من الشهر الحالي، موضحاً أنّها لا ترتقي إلى جرائم انتخابية كبرى، كاستعمال العلم الوطني في الحملة، وناشد المخالفين احترام القانون الانتخابي.

وتشمل الحملة الانتخابيّة المرشحين للانتخابات المباشرة، البالغ عددهم 6177 مرشحاً، وقد وقَّعت هيئة الانتخابات التونسية عدة اتفاقيات مع وسائل إعلام محلية، بهدف تنظيم حملات دعائية لهذه الانتخابات المحلية، وفي إطار ضمان مشاركة معقولة من قبل الناخبين التونسيين.

تونسية تدلي بصوتها في الانتخابات الماضية (إ.ب.أ)

ومن خلال تنقلات ميدانية قامت بها «الشرق الأوسط» إلى عدد من الأحياء السكنية القريبة من العاصمة التونسية، وبالتحديد في أحياء الغزالة، وبرج الطويل، والبكري، وحي شاكر، ورواد، والنخيلات، لم يلاحظ وجود أنشطة سياسية لافتة للانتباه، أو محاولات جادة للتعريف ببرامج انتخابية، على غرار ما كان يحدث في انتخابات 2011 و2014 و2019 من اجتماعات شعبية، واحتفالات في الشوارع، واستعمال أبواق الدعاية بشكل مكثف.

وفسَّر بعض المتابعين للعملية الانتخابية التي ستفرز أعضاء الغرفة النيابية الثانية (المجلس الوطني للأقاليم والجهات)، غياب مظاهر الدعاية بتوجه عدد من المرشحين للمجالس المحلية إلى السكان في مقر سكنهم، وطرق أبوابهم للتعريف المباشر بأنفسهم وبرامجهم المستقبلية. بينما يرى مراقبون أن عدم انخراط كثير من التونسيين في المسار السياسي الجديد الذي أقره الرئيس قيس سعيد في 25 من يوليو (تموز)2021، وعدم فهم نظام «التمثيل القاعدي» الذي يسعى لإرسائه، قد يكون من بين أسباب التخاذل والعزوف عن المشاركة السياسية الواسعة.

كما أن التخلي عن الأجسام الوسيطة، من أحزاب سياسية وأطراف حقوقية، ومنظمات المجتمع المدني، والتوجه المباشر إلى المواطنين، قد يكون كذلك من بين الأسباب الكامنة وراء العزوف عن المشاركة السياسية التي تجلَّت في انتخابات البرلمان التونسي، من خلال محدودية المشاركة التي لم تتجاوز حدود 11.4 في المائة، من إجمالي أكثر من 9 ملايين ناخب.

يذكر أن هيئة الانتخابات حددت موعد إرساء المجلس الوطني للجهات والأقاليم (الغرفة النيابية الثانية) قبل نهاية أبريل (نيسان) المقبل. وسينبثق هذا المجلس عن الانتخابات المحلية التي ستُجرى في 24 من ديسمبر الحالي، وسيضم في تركيبته 77 عضواً منتخباً عن الجهات والأقاليم، ولن يتم تسجيل شغور في تركيبته نظراً لتسجيل مرشحين في كل الدوائر الانتخابية دون استثناء، في إشارة إلى مواصلة حالة الشغور في البرلمان الحالي (انتخاب 154 من 163)، إذ لم يتم انتخاب 7 نواب يمثلون التونسيين بالخارج حتى الآن.

وسينظر المجلس الوطني للأقاليم والجهات في المشاريع المتعلّقة بميزانيّة الدولة، ومخططات التنمية الجهوية والإقليمية والوطنية لضمان التوازن بين الجهات والأقاليم. كما ستكون له صلاحيات الرقابة والمساءلة في مختلف المسائل المتعلقة بتنفيذ الميزانية ومخططات التنمية.

ووفق نص دستور 2022، لا تتمّ المصادقة على قانون المالية ومخططات التنمية إلا بأغلبية الأعضاء الحاضرين بكل من المجلسين، على ألا تقل هذه الأغلبية عن ثلث أعضاء كل مجلس.


السودان: اتهامات بين طرفي النزاع تهدد بتعثر «مفاوضات جدة»

ممثلون لطرفي النزاع السوداني خلال توقيع «اتفاق جدة» في مايو 2023 (رويترز)
ممثلون لطرفي النزاع السوداني خلال توقيع «اتفاق جدة» في مايو 2023 (رويترز)
TT

السودان: اتهامات بين طرفي النزاع تهدد بتعثر «مفاوضات جدة»

ممثلون لطرفي النزاع السوداني خلال توقيع «اتفاق جدة» في مايو 2023 (رويترز)
ممثلون لطرفي النزاع السوداني خلال توقيع «اتفاق جدة» في مايو 2023 (رويترز)

كشفت مصادر، يوم الاثنين، عن تفاصيل جديدة بشأن خلافات واتهامات متبادلة بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» تهدد بتعثر الجولة الثانية من المفاوضات بينهما في «منبر جدة» الذي ترعاه وساطة سعودية – أميركية.

وأوضحت المصادر أن المفاوضات أصبحت مهددة بالتعليق لعدم إحراز تقدم يذكر، وربما يتم استئنافها في وقت لاحق دون إعلان رسمي، مشيرة إلى أن وفد الجيش سبق وأن وافق على مقترح تقدم به خبير بمنظمة التنمية الحكومية «إيغاد» حول ما يتعلق بمواقع السيطرة التي كانت محل خلافات بين الطرفين، وتسببت في إفشال الجولة السابقة.

وأفادت المصادر بأن خبير «إيغاد» اقترح تجميد تحركات جميع القوات، بحيث يبقى كلٌّ في مناطق سيطرته، على أن يتم ذلك مباشرة بعد توقيع اتفاق وقف العدائيات الذي تمت الموافقة عليه من الطرفين، لكن الجيش عاد ورفض المقترح.

وقالت المصادر، التي فضّلت حجب هويتها، لـ«الشرق الأوسط»، إن وفد الجيش المفاوض رفض أيضاً بنداً آخر يتحدث عن بدء «حوار سياسي شامل» بعد 15 يوماً من التوقيع على وقف العدائيات.

وأضافت أن رفض الجيش كذلك القبول بمقترح «المركز المشترك» المعني بمراقبة وقف إطلاق النار، الذي يتكوّن من 4 دول برئاسة المملكة العربية السعودية، وتُمثل فيه كل دولة بـ50 فرداً، بالإضافة إلى مشاركة من طرفي النزاع؛ الجيش وقوات «الدعم السريع». كما تمسك الجيش بخروج قوات «الدعم السريع» من العاصمة.

حرائق جرَّاء الحرب في العاصمة السودانية الخرطوم (أ.ف.ب)

إجراءات «بناء الثقة»

من جانبها، اتهمت قوات «الدعم السريع» الجيش بأنه لم يلتزم بتنفيذ إجراءات «بناء الثقة» المتفق عليها في «منبر جدة» والمتعلقة بالقبض على قادة النظام المعزول (نظام الرئيس السابق عمر البشير) الهاربين من السجون، وذلك على الرغم من منح مهلة إضافية ثانية مدتها 10 أيام لتنفيذ هذا البند.

وأضافت «الدعم السريع» أن الجيش رفض أيضاً السماح بمرور المساعدات الإنسانية في المناطق المتضررة في العاصمة الخرطوم وأقاليم دارفور وكردفان والنيل الأبيض، كما رفض منح تأشيرات للعاملين في المجال الإنساني والطبي لمدة شهر.

ونقلت وكالة أنباء العالم العربي، عن مصدر مطلع على مجرى المفاوضات، أن محاولات الجيش السوداني إشراك عناصر وصفها بأنها تنتمي لنظام الرئيس السابق عمر البشير، شكّلت أحد الأسباب الرئيسية في فشل الجولة الثانية من مفاوضات جدة.

وقال المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، إن الجيش سعى إلى «إغراق منبر المفاوضات بعنصرين ينتميان للنظام البائد؛ هما السفير عمر صديق المعروف بانتمائه للنظام السابق، والعميد في جهاز الأمن القاضي صلاح المبارك الذي يتولى إدارة العون الإنساني».

وأضاف أن وفد «الدعم السريع» رفض وجود الرجلين وتمسك بموقفه، فتأخر انطلاق الجولة لثلاثة أيام قبل أن يتم الاتفاق على إبعاد الاثنين وتجريدهما من منصبيهما، لكن تم الإبقاء عليهما بوصفهما خبيرين من خارج قاعة التفاوض.

رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان (إعلام مجلس السيادة)

تعليق المفاوضات دون إحراز أي تقدم

وأكد المصدر تعثر الجولة الثانية من المفاوضات بين الجيش و«الدعم السريع» في جدة؛ حيث علقت الوساطة المفاوضات دون إحراز أي تقدم، لا سيما في الملفات الإنسانية ووقف إطلاق النار. وبدأت الجولة الثانية من مفاوضات جدة، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي ببندين أساسيين؛ هما المساعدات الإنسانية وإجراءات بناء الثقة بين الطرفين.

وفي 7 نوفمبر، وقع الطرفان على التزامات توصيل المساعدات الإنسانية وإجراءات بناء الثقة التي شملت 4 بنود أساسية؛ أهمها إلقاء القبض على الإسلاميين الفارين من السجون، رغم التزام وفد الجيش أمام المسهلين بتنفيذ إجراءات بناء الثقة.

وأكد المصدر أنه تم تحديد مدة 10 أيام للقبض على المطلوبين. وذكر المصدر أن وفد «الدعم السريع» سلم قائمة بأسماء المطلوب القبض عليهم في اليوم الثاني من التوقيع، حيث طلب وفد الجيش مهلة مدتها 5 أيام، لكنه لم ينفذ ما تعهد به.

ووفقاً للمصدر ذاته، فإن وفد الجيش طلب مهلة إضافية لتمديد المهلة إلى 10 أيام أخرى، لكنه أيضاً لم يلتزم و«تعلل بأسباب واهية»، ثم خرج رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان وأيضاً نائبه ياسر العطا بتصريحات قضت على التزامات «بناء الثقة».

وأضاف المصدر: «فيما يتعلق بالشأن الإنساني رفض وفد الجيش دخول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المتضررة في دارفور والخرطوم وكردفان والنيل الأبيض، كما رفض فتح مطارات نيالا والجنينة والفاشر للأغراض الإنسانية وتمسك بإيصال المساعدات عبر مطار بورتسودان فقط».

الحرب المتواصلة في السودان طالت مواقع مدنية عدة (أ.ف.ب)

السيطرة على العاصمة

وتمكنت قوات الدعم السريع من السيطرة على مساحات كبيرة من العاصمة الخرطوم، وأجبرت الجيش على التراجع في دارفور وكردفان. وسيطرت قوات الدعم السريع، منذ نهاية الشهر الماضي، على معاقل رئيسية للجيش في نيالا وزالنجي والجنينة والضعين في إقليم دارفور.

وقال المصدر، لوكالة أنباء العالم العربي، إن وفد الجيش طلب من منظمة «أطباء بلا حدود» والمنظمتين الإيطالية والنرويجية وقف أعمالها في الخرطوم، ورفض منح تأشيرات للعاملين في المجال الإنساني والطبي لمدة شهر بالتمام.

وقالت منظمة «أطباء بلا حدود» في السودان، يوم الجمعة، إنها اضطرت، الأسبوع الماضي، إلى اتخاذ القرار الصعب بتقليص عدد الموظفين إلى الحد الأدنى داخل مستشفى «البان جديد».

وأضافت عبر «فيسبوك»: «يأتي هذا الإجراء في أعقاب القيود الصارمة المفروضة على تحركات الموظفين وتأخير السلطات إصدار تصاريح السفر». ويعد مستشفى «البان جديد» المركز الوحيد لتقديم الخدمات الطبية والعلاجية في مدينة الخرطوم بحري.

وأوضح المصدر أنه منذ توقيع التزامات جدة الإنسانية وإجراءات بناء الثقة، الشهر الماضي، لم يُنفذ بند واحد ولم تدخل ولو شاحنة واحدة للمناطق المتضررة.

وتابع: «بعد انتهاء المهلتين الأولى والثانية، 10 أيام لكل مهلة، دون تنفيذ أي بند من الاتفاق. وبتاريخ 1 ديسمبر (كانون الأول) علقت الوساطة المفاوضات دون إحراز أي تقدم، وذلك بتراجع الجيش ليس عن التزاماته في هذه الجولة فحسب، وإنما عن الجولة الماضية وأثبت عدم جديته للتفاوض».

سكان يغادرون منازلهم في جنوب الخرطوم وسط قتال بين الجيش وقوات «الدعم السريع» (رويترز)

حزب الأمة: خيبة أمل

من جهة أخرى، قال رئيس حزب الأمة القومي فضل الله برمة ناصر، يوم الاثنين، إن انهيار مفاوضات جدة شكّل خيبة أمل للشعب السوداني، مضيفاً أن التصعيد الإعلامي والخطابات غير الحكيمة يشيران إلى عدم توفر الإرادة السياسية لدى طرفي الحرب لتنفيذ ما اتفق عليه في الجولات السابقة والوصول لاتفاق لوقف إطلاق النار.

وذكر، في بيان، أن الحزب يحمّل الطرف المتشدد مسؤولية فشل المفاوضات، مشيراً إلى أن التصريحات غير المسؤولة وتوزيع الاتهامات والتنصل عن المسؤوليات، تؤكد عدم توفر هذه الإرادة للوصول إلى اتفاق.

وناشد رئيس الحزب، الطرفين ضرورة الالتزام بتعهداتهما واستشعار المسؤولية الوطنية والعمل الجاد على إنجاح العملية التفاوضية في جدة للوصول لسلام حقيقي.

ودعا ناصر جميع القوى الوطنية لتوحيد جهودها في مواجهة الداعين لاستمرار الحرب، ودعم الجهود المبذولة في منبر جدة التفاوضي، الذي بذل فيه الوسطاء كل ما في وسعهم من دعم لمساعدة الطرفين للوصول إلى اتفاق.