قائد الجيش الجزائري يزور الصين لتنويع الشراكات العسكرية

بعد مباحثات في روسيا لشراء طائرات حربية

رئيس أركان الجيش الجزائري مع مدير التعاون الدولي بوزارة الدفاع الصينية («الدفاع» الجزائرية)
رئيس أركان الجيش الجزائري مع مدير التعاون الدولي بوزارة الدفاع الصينية («الدفاع» الجزائرية)
TT

قائد الجيش الجزائري يزور الصين لتنويع الشراكات العسكرية

رئيس أركان الجيش الجزائري مع مدير التعاون الدولي بوزارة الدفاع الصينية («الدفاع» الجزائرية)
رئيس أركان الجيش الجزائري مع مدير التعاون الدولي بوزارة الدفاع الصينية («الدفاع» الجزائرية)

بدأ رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق أول سعيد شنقريحة، الأحد، زيارة إلى الصين «تندرج في إطار تعزيز أواصر الصداقة وعلاقات التعاون العسكري، بين الجيش الوطني الشعبي الجزائري وجيش التحرير الشعبي الصيني»، وفق بيان لوزارة الدفاع الجزائرية، من دون تقديم تفاصيل.

وأكد البيان أن العميد جان باو تشين رئيس مكتب التعاون الدولي بوزارة الدفاع الصينية، كان في استقبال شنقريحة بمطار بكين الدولي، مبرزاً أن الزيارة «ستمكن الطرفين من التباحث حول المسائل ذات الاهتمام المشترك، وكذا السبل الكفيلة بتعزيز علاقات التعاون العسكري بين البلدين».

ويضع المراقبون تنقل شنقريحة إلى الصين، في سياق مسعى الجيش الجزائري لتنويع شراكاته في مجال شراء الأسلحة والمعدات الحربية، ويعكس ذلك ارتفاع حجم الإنفاق العسكري في موازنة سنة 2024 (23 مليار دولار). والمعروف أن القوات العسكرية الجزائرية مجهزة بالعتاد العسكري الروسي، منذ عهد الاتحاد السوفياتي، وجاء ذلك عاكساً لخيار الدولة بالانخراط في المعسكر الاشتراكي بعد الاستقلال عام 1962.

قائد الجيش الجزائري مع مدير التعاون الدولي بوزارة الدفاع الصينية («الدفاع» الجزائرية)

وعندما زار الرئيس عبد المجيد تبون الصين في يوليو (تموز) الماضي، صرّح بعد لقاء جمعه برئيس وزراء الصين لي كيونغ، بأن بلاده «تخطو خطوات ثابتة للارتقاء إلى مرحلة جديدة، كقوة عسكرية واقتصادية ودبلوماسية في القارة الأفريقية»، مؤكداً «حاجتها إلى الخبرة الصينية»، بخصوص تطوير الاقتصاد وتحقيق معدلات عالية في التنمية. كما صرّح بأن العلاقات الجزائرية - الصينية «جيدة جداً، والبلدين يتبادلان مساعدة ومساندة مطلقة». وعدّ الصين «دولة صديقة، وقد أصبحت من بين أقوى دول العالم اقتصادياً ودبلوماسياً وعسكرياً».

الرئيسان الجزائري والصيني في لقاء ببكين في يوليو الماضي (الرئاسة الجزائرية)

وتُوّجت زيارة تبون إلى الصين، التي دامت ثلاثة أيام، بالتوقيع على 19 اتفاق تعاون، شملت قطاعات الفضاء والزراعة والطاقة والنقل بالسكك الحديدية والعلوم والتكنولوجيا. وركزت الاتفاقات أيضاً على التعليم والرياضة والاتصالات والتنمية المستدامة والتجارة والتفتيش والحجر الصحي، إلى جانب التعاون في مجال الطاقة النظيفة والمتجددة. وأصدر الرئيسان وثيقة مشتركة تضبط مجالات التعاون، من بين ما جاء فيها أن البلدين «يوليان أهمية للتعاون السياسي والأمني».

وفي مطلع أغسطس (آب) الماضي، زار شنقريحة موسكو وبحث مع مدير التعاون العسكري بوزارة الدفاع الروسية ديمتري شوغاييف، صفقة بيع طائرات عسكرية. وقالت وزارة الدفاع الجزائرية يومها، إن شنقريحة «اطلع على آخر التجهيزات والتقنيات المستخدمة في مجال الطيران العسكري». وقام بزيارة لشركة «ديناميكا» الروسية لتكنولوجيا الطيران، حيث «عاين آخر التجهيزات والتكنولوجيات في مجال التكوين القاعدي للطيارين، بما في ذلك البرامج المخصصة للمحاكاة في مجال الطيران»، بحسب وزارة الدفاع.

نموذج لطائرات حربية عاينه قائد الجيش الجزائري خلال زيارته إلى موسكو في أغسطس الماضي (وزارة الدفاع الجزائرية)

وعشية الزيارة التي قادت تبون إلى موسكو ولقائه بالرئيس فلاديمير بوتين (منتصف يونيو/ حزيران الماضي)، صرّح وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو للصحافة المحلية، بأن الجزائر قدمت طلبية مهمة لشراء العتاد الحربي، تتضمن دبابات وطائرات وأنظمة دفاع مضادة للطائرات.

وأكدت دراسة حديثة لـ«معهد استوكهولم للأبحاث حول السلام»، عن التسلح في العالم، نُشرت في مارس (آذار) 2023، أن الجزائر هي ثالث أكبر مستورد عالمي للسلاح الروسي بعد الهند والصين. وأوضحت أن موسكو هي أول ممول للجيش الجزائري بالأسلحة والأنظمة العسكرية، بنسبة تتجاوز 50 بالمائة من إجمالي حجم التسليح الجزائري. وشكّل العتاد الحربي الروسي، ما يقارب 76 بالمائة من واردات الجزائر التسليحية عام 2022، حسب ما نقلته الدراسة عن «خبراء في المجال العسكري».


مقالات ذات صلة

نقاشات سعودية - أوروبية تتناول جهود حل النزاعات الإقليمية والدولية

الخليج وزير الدولة السعودي خلال اجتماعه مع أعضاء اللجنة السياسية والأمنية والممثل الخاص للاتحاد الأوروبي (واس)

نقاشات سعودية - أوروبية تتناول جهود حل النزاعات الإقليمية والدولية

شهدت العاصمة الرياض، الأحد، مناقشات سعودية - أوروبية تناولت جهود الجانبين في حل النزاعات الإقليمية والدولية وأوجه التعاون والتنسيق المشترك في العديد من المجالات

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)

لائحة الخلافات بين الجزائر وفرنسا في اتساع متزايد

يقول صنصال إن «أجزاء كبيرة من غرب الجزائر تعود إلى المغرب»، وإن قادة الاستعمار الفرنسي «كانوا سبباً في اقتطاعها، مرتكبين بذلك حماقة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الخليج م. وليد الخريجي وفروخ شريفزاده يترأسان الجولة الثالثة من المشاورات السياسية بين السعودية وطاجيكستان في الرياض (واس)

مشاورات سعودية - طاجيكية تناقش تعزيز التعاون في شتى المجالات

بحثت جولة المباحثات الثالثة من المشاورات السياسية بين وزارتي الخارجية السعودية والطاجيكستانية، الأربعاء، تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج م. وليد الخريجي ترأس الجانب السعودي في الجولة الثانية من المشاورات السياسية مع «الخارجية الصينية» (واس)

مشاورات سعودية – صينية تعزز التنسيق المشترك

بحثت الجولة الثانية من المشاورات السياسية بين وزارتي الخارجية السعودية والصينية في الرياض، الاثنين، تطوير العلاقات الثنائية، وأهمية تعزيز التنسيق المشترك.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا أعلام الجزائر ترفرف في أحد شوارع العاصمة (رويترز)

الخلافات السياسية تعرقل صادرات القمح الفرنسي إلى الجزائر

كانت الجزائر تستورد ما بين مليونين و6 ملايين طن قمح فرنسي سنوياً؛ مما جعلها من أكبر زبائن فرنسا. غير أن الكميات المستوردة انخفضت بشكل لافت في السنوات الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

انتخابات «جوبالاند» تعمق الخلاف مع حكومة الصومال

رئيس ولاية جوبالاند أحمد محمد إسلام مدوبي (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس ولاية جوبالاند أحمد محمد إسلام مدوبي (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

انتخابات «جوبالاند» تعمق الخلاف مع حكومة الصومال

رئيس ولاية جوبالاند أحمد محمد إسلام مدوبي (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس ولاية جوبالاند أحمد محمد إسلام مدوبي (وكالة الأنباء الصومالية)

إجراء الانتخابات الرئاسية في ولاية جوبالاند جنوب الصومال، رغم رفض مقديشو، حرّك تساؤلات بشأن مسار العلاقات مع الحكومة الفيدرالية الصومالية، مع حديث عن إعادة انتخاب الرئيس الحالي أحمد محمد مدوبي، الرافض لقانون الاقتراع المباشر الموحد للبلاد.

اقتراع جوبالاند، وفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، سيعمق الخلاف مع حكومة الصومال غير المعترفة بالانتخابات، والمتمسكة بإجراء انتخابات بنظام الاقتراع المباشر، مرجحين احتمال وصول الأمر «إلى «مواجهات أو اقتتال أهلي» بين الحكومتين، وقد يستدعي «انفصال» ولاية جوبالاند ما لم يتم حدوث توافقات وحلول سريعة.

وجاءت انتخابات «جوبالاند» بعد يومين من مصادقة نواب مجلسي البرلمان الفيدرالي (الشعب والشيوخ) في جلسة مشتركة، السبت، على مشروع قانون الانتخابات الوطنية المَعنيّ بإجراء انتخابات بنظام «الصوت الواحد» في البلاد، وهو القانون الذي يرفضه مدوبي، الذي يعد رئيساً لجوبالاند منذ إنشائها عام 2013، ويعد الأطول بقاءً في كرسي الرئاسة بالمقارنة مع نظرائه في الولايات الإقليمية.

وأفادت وسائل إعلام صومالية محلية، الاثنين، بأن «أعضاء برلمان ولاية جوبالاند في جنوب الصومال، أعادوا الاثنين، انتخاب مدوبي رئيساً للولاية في فترة رئاسية ثالثة» على الرغم من معارضة الحكومة الصومالية للانتخابات التي جرت في الولاية.

رئيس ولاية جوبالاند يتفقد عدداً من المناطق المحررة من الإرهاب (وكالة الأنباء الصومالية)

وحصل مدوبي على 55 صوتاً مقابل 16 لأقرب منافسيه فيصل محمد متان، في حين حصل المرشح الثالث، أبو بكر عبدي حسن على 4 أصوات فقط، وفق المصادر نفسها التي كشفت أن مرشحين آخرين في مدينة «كسمايو» مقاطعون لهذه الانتخابات، أعلنوا إجراء انتخابات موازية.

وأجريت تلك الانتخابات بحسب المحلل والأكاديمي المتخصص في شؤون منطقة القرن الأفريقي، الدكتور على محمود كولاني، «بسرعة، وأسفرت عن فوز مدوبي كما كان متوقعاً».

بينما رأى الخبير في الشؤون الأفريقية، مدير مركز دراسات شرق أفريقيا في نيروبي، الدكتور عبد الله أحمد إبراهيم، أن «انتهاء انتخابات جوبالاند بانتخاب مدوبي للمرة الثالثة مع تسمية المعارضة رئيساً آخر (يتحدث السيناتور إلياس غابوس، عضو مجلس الشيوخ، أنه تم انتخابه رئيساً)، وهذا يعني أن الولاية فيها رئيسان، وربما تندلع مواجهات بينهما».

وكان أحمد مدوبي قد انسحب من اجتماعات «المجلس الاستشاري الوطني» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي التي ترعاها الحكومة الفيدرالية، ورفض نتائجها التي أقرت إجراء انتخابات مباشرة موحدة للولايات الإقليمية الصومالية، وصدر بشأنها قانون نهائي من البرلمان، السبت، رفضته ولايتا جوبالاند وبونتلاند، وقوى سياسية أخرى.

وفي خطاب قبل نحو أسبوع، كشف رئيس الوزراء الصومالي حمزة عبدي بري، أن «رئيس جوبالاند المنتهية ولايته، أحمد مدوبي، وقّع جميع الاتفاقيات لتوجيه الانتخابات المباشرة في البلاد»، مؤكداً أن «العملية الانتخابية التي في جوبالاند غير قانونية، وما يتمخض عنها غير مقبول»، في تصريحات سبقها بيان أصدرته وزارة الداخلية الصومالية في 10 نوفمبر (تشرين الثاني) كرر عدم الاعتراف بالاقتراع أيضاً.

وأجريت آخر انتخابات مباشرة في البلاد عام 1968، تلتها انقلابات وحروب أهلية ليبدأ الصومال العمل بنظام الانتخابات غير المباشرة في عام 2000، إذ ينتخب بناءً على المحاصصة القبلية، في ولاياته الخمس أعضاء المجالس التشريعية المحلية ومندوبو العشائر نواب البرلمان الفيدرالي، الذين ينتخبون بدورهم رئيس البلاد، إلا أنه في الآونة الأخيرة ازدادت المطالبة لإجراء انتخابات مباشرة، وفق إعلام محلي.

وسبق يوم الاقتراع في ولاية جوبالاند، نفي بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال (أتميس) في بيان صحافي، الأحد، التقارير التي تزعم أن عناصر الشرطة التابعة لها متورطة في تنظيم الانتخابات في ولاية جوبالاند، مجددة التزامها بالحياد والدعوة إلى حوار بنَّاء بين الحكومة الفيدرالية الصومالية وسلطات جوبالاند لحل النزاعات الانتخابية سلمياً.

وبرأي كولاني فإن «تلك الانتخابات التي جرت في حكومة إقليم جوبالاند الصومالية تتعارض مع قانون الانتخابات الذي أقره البرلمان قبل أيام، كما أنها خطوة خطيرة على نزاهة الانتخابات التي من المتوقع إجراؤها في مناطق إقليمية عدة قريباً في الصومال، وسبق أن حذرت الحكومة المركزية من هذا الأمر، وأكدت عدم الاعتراف بانتخابات مدوبي».

ويعد انتخاب أحمد محمد إسلام (أحمد مدوبي) وفق كولاني «انتكاسة قوية للمفاوضات البطيئة بالفعل بين الحكومة الفيدرالية وحكومة جوبالاند الإقليمية»، متوقعاً أن يزيد فوز مدوبي من «تصعيد الصراع القوي بين الطرفين».

ويرى أن «هذا الصراع سينتهي إلى فوضى بالبلاد في حال وجود حل فوري ينهي هذا الأمر، وكذلك التدخل الأجنبي الذي سيؤثر في نهاية المطاف في كل الانتخابات الأخرى التي من المتوقع إجراؤها قريباً في البلاد».

وبحسب تقدير مدير مركز دراسات شرق أفريقيا في نيروبي، الدكتور عبد الله أحمد إبراهيم فإن «أحمد مدوبي يريد أن يفشل الحكومة الفيدرالية ونظامها الانتخابي، ويبدو في ظل الأجواء الحالية أن انتخاب مدوبي وقانون الانتخابات المدعوم من الحكومة سينتهيان بالفشل».

وسيؤدي ذلك بحسب إبراهيم إلى «تعميق الخلافات مع حكومة الصومال، وقد يحدث اقتتال مسلح بين الحكومة الفيدرالية وحكومة مدوبي»، مرجحاً حال تطور الخلافات أن تؤدي إلى انقسام وانفصال ولاية جوبالاند عن الصومال.