محامي قضايا التطرف في تونس لـ«الشرق الأوسط»: تهمة تشكيل «وفاق إجرامي» تهدد الإرهابيين الموقوفين

قال إن توقيف أجانب مسلحين يعدّ «تطوراً خطيراً جداً»

السجن المدني في المرناقية (موقع رئاسة الجمهورية التونسية)
السجن المدني في المرناقية (موقع رئاسة الجمهورية التونسية)
TT

محامي قضايا التطرف في تونس لـ«الشرق الأوسط»: تهمة تشكيل «وفاق إجرامي» تهدد الإرهابيين الموقوفين

السجن المدني في المرناقية (موقع رئاسة الجمهورية التونسية)
السجن المدني في المرناقية (موقع رئاسة الجمهورية التونسية)

قال سمير بن عمر، محامي المتهمين في القضايا الإرهابية بتونس، إنه يتوقع أن تسفر التحقيقات، مع المساجين الإرهابيين الخمسة الذين هربوا من السجن ثم أعيد اعتقالهم، عن توجيه اتهامات جديدة إليهم ثم إعادة محاكمتهم.

قوات الأمن كسبت معركة مكافحة الإرهاب (أرشيفية - متداولة)

وتوقع أن يحاكم المساجين الخمسة بتهمة «الفرار من السجن»، لكن التهمة الأخطر التي يرجح أن توجه إليهم قد تكون «تشكيل وفاق إجرامي»، أي «عصابة ارتكبت عدة جرائم وجنايات».

قصر العدالة التونسي (متداولة)

وأشار بن عمر إلى أن بعض وسائل الإعلام سبق أن أشارت إلى مشاركة «عدد من الإرهابيين الهاربين» في الهجوم بالسلاح الأبيض على فرع بنك في ضاحية بومهل، من محافظة بن عروس جنوب العاصمة، غير بعيد من «جبل بوقرنين» الذي أعلنت السلطات الأمنية انهم اعتقلوا مختبئين فيه.

سرية

و أوضح بن عمر، محامي الجماعات المتطرفة والإرهابية، أن «القانون التونسي يسمح للسلطات القضائية والنيابة العمومية بسرية الأبحاث مؤقتاً وباستنطاق كل المتهمين في القضايا الإرهابية لمدة لا تقل عن 48 ساعة من دون حضور المحامي».

مبنى وزارة الداخلية التونسية (متداولة)

من جهة أخرى، أورد محامون أن حراس السجون الموقوفين بعد حادثة «التهريب» ضمنت لهم السلطات القضائية والأمنية فرص الدفاع عن أنفسهم، في انتظار التأكد من ملابسات الحادثة، وهل تعلق الأمر بـ«تقصير مهني» أم بـ«جريمة» و«مؤامرة» وبـ«تهريب منظم لمتهمين خطرين؛ اثنان منهم سبق أن صدر ضدهما حكم بالإعدام؛ ومن بينهم من حوكم بالمؤبد أو بالسجن لمدة تزيد على 20 عاماً، ضمن ما عرفت في العشرية الماضية بـ(قضايا الإرهاب) و(ميليشيات أنصار الشريعة وتنظيم القاعدة)».

رجال أمن تونسيون في حالة استنفار (أرشيف وسائل إعلام محلية)

أسلحة ومخدرات وأموال

من جهة أخرى، كشفت مصادر قضائية وأمنية رسمية في تونس عن أن سلطات الأمن والجهات القضائية المكلفة ملفات الإرهاب والجرائم المالية أوقفت مؤخراً 5 أجانب يحملون جوازات أوروبية بحوزتهم أسلحة ومخدرات. ورجحت المصادر نفسها أن يكون هؤلاء الأوروبيون الخمسة يحملون جوازات سفر سويدية.

في هذا السياق، كشفت مصادر رسمية أن قاضي التحقيق في «القطب القضائي لمكافحة الإرهاب» أصدر بطاقات إيداع بالسجن في حق الأجانب الخمسة بتهم تعلقت بـ«الانضمام إلى تنظيم إرهابي، والتخابر مع جهة أجنبية، ومسك سلاح ناري دون ترخيص».

ووفق المصادر نفسها، فقد أوقف «الأجانب الخمسة» قبل أكثر من أسبوعين بالقرب من المنتجع السياحي في مدينة الحمامات (50 كيلومتراً جنوب العاصمة تونس).

وفي مرحلة أولى «جرى توقيف 3 منهم في سيارة خاصة بمدخل المدينة، وذلك إثر ورود معلومة مفادها دخولهم التراب التونسي بطرق غير قانونية. وبالتحري مع المشتبه فيهم الثلاثة وتفتيش سيارتهم، عثرت قوات الأمن على (قطع مخدرة) قبل الكشف عن عنصرين آخرين كانا في انتظارهما بمنزل تسوغاه مؤخراً».

وبعد مداهمة المنزل، وجدت قوات الأمن داخله أسلحة نارية ومخدرات وجوازات سفر أجنبية. وقد تخلت النيابة العمومية في المحكمة الابتدائية بمحافظة نابل جنوب العاصمة تونس عن الملف لفائدة «القطب القضائي لمكافحة الإرهاب في العاصمة تونس».

قطب الإرهاب

وأعلن المحامي والحقوقي العياشي الهمامي أن «(قطب الإرهاب) أصبح منذ مدة مكلفاً التحقيق في أغلب القضايا الاستثنائية» التي تهم التونسيين والأجانب المشتبه فيهم في قضايا «التآمر على أمن الدولة» و«الإرهاب» فضلاً عن عدد من السياسيين الذين تحوم حولهم «شبهات خطرة».

محامي قضايا الإرهاب في تونس سمير بن عمر

من جهة أخرى، رجح المحامي سمير بن عمر أن تجري المحاكم «صلحاً» مع عدد من كبار رجال الأعمال والسياسيين السابقين الذين أوقفوا مؤخراً في قضايا «تبييض أموال» و«شبهات فساد مالي» و«تهريب». وتوقع بن عمر أن يفرج عن أغلبهم مقابل «ضمان مالي» وتعهد رسمي بتسوية وضعياتهم القانونية مع مصالح الضرائب، ضمن المسار الذي قرره الرئيس قيس سعيد قبل نحو عامين حول «الصلح الجزائي» مع المتهمين بالفساد، وبينهم عدد من أبرز أقرباء الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي والمليارديرات الذين اتهموا بـ«الإثراء غير المشروع قبل ثورة 2011 وخلال العشرية الماضية».

وكانت مصادر أمنية وقضائية أعلنت توقيف مروان المبروك؛ أحد أكبر مليارديرات تونس وصهر الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، وأحد أبرز المساهمين في شركات تونسية - فرنسية في قطاعات البنوك والتجارة والخدمات والاتصالات.

كما كشفت المصادر نفسها، عن إيقاف عبد الرحيم الزواري، الأمين العام للحزب الحاكم في عهد بن علي ورجل الأعمال الكبير الذي تولى قبل ثورة 2011 حقائب وزارية كثيرة؛ بينها الخارجية والنقل والسياحة والشباب والرياضة والفلاحة. وقد تفرغ الزواري بعد سقوط حكم بن علي لرئاسة واحدة من كبريات شركات توريد السيارات الفرنسية وتوزيعها في تونس كان المالك الرئيسي فيها صهره وزوجته، إلى جانب شركات سياحية.

ووفق مصادر قضائية، فقد أوقف مروان المبروك والزواري «مؤقتاً» في قضايا تتعلق بـ«جرائم مالية» وشبهات في «سوء التصرف» في مؤسسات عمومية أو شبه عمومية.

وفاجأ اعتقال مروان المبروك المراقبين في تونس؛ لأنه يعدّ من بين أبرز رجال الأعمال في البلاد وهو الذي ينتمي إلى «مجموعة اقتصادية عملاقة» لديها أسهم كبيرة في أحد أكبر البنوك التونسية؛ «بنك تونس العربي الدولي»، وفي كبرى الشركات التونسية الفرنسية للاتصالات والتجارة والخدمات، بعد أسابيع من إصدار قرار منع بالسفر ضده وضد عدد من أفراد عائلته وشقيقيه المتهمين بدورهما في قضايا ذات «شبهات مالية».

وسبق للمبروك أن أحيل مع عدد من كبار رجال الأعمال إلى التحقيق في عشرات قضايا الجرائم المالية بعد ثورة 2011، بينها اتهامات بـ«تبييض أموال» و«تهريب أموال» و«شراء أملاك بصفة غير قانونية في الخارج». لكن المحاكم برأتهم من أغلب تلك القضايا عام 2014. كما صادقت رئاسة الحكومة في عهد يوسف الشاهد (2017 - 2020) على إلغاء قرار المصادرة الصادر ضد أملاكه وأسرته في بلد أوروبي.


مقالات ذات صلة

تركيا: صدامات بين الشرطة ومحتجين بعد عزل رئيسي بلديتين معارضين

شؤون إقليمية محتجون أشعلوا النار في الشوارع المحيطة ببلدية تونجلي في شرق تركيا بعد عزل رئيسه وتعيين وصي عليها (إعلام تركي)

تركيا: صدامات بين الشرطة ومحتجين بعد عزل رئيسي بلديتين معارضين

وقعت أعمال عنف ومصادمات بين الشرطة ومحتجين على عزل رئيسَي بلدية منتخبَين من صفوف المعارضة في شرق تركيا، بعد إدانتهما بـ«الإرهاب»، وتعيين وصيين بدلاً منهما.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

قتل 10 مصلين عندما فتح رجل النار على مزار صوفي في ولاية بغلان في شمال شرقي أفغانستان، وفق ما أفاد الناطق باسم وزارة الداخلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الخليج يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)

«اعتدال» يرصد أسباب مهاجمة «الفكر المتطرف» الدول المستقرّة

أوضح «المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرّف (اعتدال)» أن استقرار الدول «يفيد التفرغ والتركيز على التنمية؛ خدمة لمصالح الناس الواقعية».

غازي الحارثي (الرياض)

حوادث مرورية متكرّرة تفجع مصريين

الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)
الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)
TT

حوادث مرورية متكرّرة تفجع مصريين

الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)
الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)

شهدت مناطق متفرقة في مصر حوادث مرورية مفجعة، أخيراً؛ مما أثار تساؤلات حول أسباب تكرارها، في حين رأى خبراء أن «غالبية تلك الحوادث تقع نتيجة لأخطاء من العنصر البشري».

وشهدت مصر، الجمعة، حادثاً أُصيب خلاله نحو 52 شخصاً، إثر انقلاب حافلة (أتوبيس رحلات) على طريق «الجلالة - الزعفرانة» (شمال محافظة البحر الأحمر - جنوب مصر)، قبل توجهها إلى دير الأنبا أنطونيوس بالمحافظة.

وأعلنت وزارة الصحة المصرية «خروج جميع المصابين من المستشفى، بعد تحسّن حالاتهم»، وقالت في إفادة لها، الجمعة، إن «الحادث أسفر عن إصابة 52 راكباً؛ نُقل 31 منهم إلى مستشفى (رأس غارب) التخصصي، في حين تم إسعاف 21 مصاباً آخرين بموقع الحادث».

واحتجزت الأجهزة الأمنية سائق «الحافلة» المتسبّب في الحادث، في حين كلّفت السلطات القضائية لجنة فنية بفحص أسباب وقوع الحادث حول ما إذا كان عطلاً فنياً أم خطأ بشرياً نتيجة للقيادة الخاطئة، حسب وسائل إعلام محلية.

وأعاد انقلاب الحافلة بطريق «الجلالة - الزعفرانة» إلى الأذهان حادث انقلاب حافلة تابعة لجامعة «الجلالة الأهلية»، على الطريق السريع «الجلالة - العين السخنة»، في منتصف شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي؛ مما أدّى إلى وفاة 7 أشخاص، وإصابة نحو 25 آخرين.

وشهدت منطقة الشيخ زايد بمحافظة الجيزة (غرب القاهرة) حادث «دهس» سيارة، دراجةً نارية كان يستقلها عامل «دليفري» (التوصيل المنزلي)؛ مما أدى إلى مقتله.

كما شهدت محافظة الفيوم (جنوب القاهرة) حادث انقلاب سيارة نقل ركاب، الخميس، على الطريق الصحراوي السريع؛ مما أدى إلى إصابة 14 شخصاً.

وأظهرت التحريات الأولية للحادث أن السيارة تعرّضت للانقلاب، نتيجة السرعة الزائدة، وفقدان السائق السيطرة عليها.

وسجّلت إصابات حوادث الطرق في مصر ارتفاعاً بنسبة 27 في المائة، على أساس سنوي، بواقع 71016 إصابة عام 2023، في حين بلغ عدد المتوفين في حوادث الطرق خلال العام نفسه 5861 حالة وفاة، بنسبة انخفاض 24.5 في المائة، وفقاً للنشرة السنوية لنتائج حوادث السيارات والقطارات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، في شهر مايو (أيار) الماضي.

طريق الجلالة (وزارة النقل المصرية)

وباعتقاد رئيس الجمعية المصرية لرعايا ضحايا الطرق (منظمة مدنية)، سامي مختار، أن «نحو 80 في المائة من حوادث الطرق يحدّث نتيجة لأخطاء من العنصر البشري»، مشيراً إلى أن «تكرار الحوادث المرورية يستوجب مزيداً من الاهتمام من جهات حكومية؛ للحد من وقوعها، وتعزيز السلامة على الطرق».

ودعا مختار، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى «ضرورة تكثيف حملات التوعية بالسلامة المرورية، لجميع مستخدمي الطرق، من سائقي السيارات والركاب»، قائلاً إن حملات التوعية يجب أن تشمل «التعريف بقواعد وآداب السير على الطرق، وإجراءات السلامة، والكشف على تعاطي المخدرات للسائقين في أثناء السير»، ومشدداً على ضرورة «تكثيف حملات الرقابة بخصوص تعاطي المخدرات في أثناء القيادة».

ولقي حادث انقلاب حافلة طريق «الجلالة» تفاعلاً من رواد منصات التواصل الاجتماعي في مصر؛ حيث دعوا إلى «مراجعة الحالة الفنية للطريق، بعد تكرار حوادث انقلاب حافلات الركاب عليه».

بينما يستبعد أستاذ هندسة الطرق بجامعة عين شمس، حسن مهدي، فرضية أن يكون وقوع الحوادث بسبب الحالة الفنية للطريق، مرجعاً ذلك إلى «عدم تكرار الحوادث في مكان واحد على الطريق»، ومشيراً إلى أن «وقوع الحوادث المرورية في مناطق متفرقة يعني أن السبب قد يكون فنياً؛ بسبب (المركبة)، أو لخطأ بشري من السائق».

وأشار مهدي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى ضرورة «تطبيق منظومة النقل الذكي، للحد من الحوادث، خصوصاً على الطرق السريعة»، مضيفاً أن «التوسع في المراقبة الذكية لحركة السير سيقلّل من الأخطاء، ويُسهم في التزام السائقين بإجراءات السلامة في أثناء القيادة»، وموضحاً أن «مشروع قانون المرور الجديد، المعروض أمام البرلمان ينص على تطبيق هذه المنظومة بشكل موسع».

وتضع الحكومة المصرية «قانون المرور الجديد» ضمن أولوياتها في الأجندة التشريعية لدور الانعقاد الحالي للبرلمان، وناقش مجلس النواب، في شهر أكتوبر الماضي «بعض التعديلات على قانون المرور، تضمّنت عقوبات مغلظة على مخالفات السير، والقيادة دون ترخيص».