الجزائر: تبون يشدد على مواصلة القضاء «التصدي للإجرام والفساد»

ناشد العالم والعرب رفع دعوى جنائية ضد إسرائيل

جانب من افتتاح السنة القضائية العام الماضي (الرئاسة)
جانب من افتتاح السنة القضائية العام الماضي (الرئاسة)
TT

الجزائر: تبون يشدد على مواصلة القضاء «التصدي للإجرام والفساد»

جانب من افتتاح السنة القضائية العام الماضي (الرئاسة)
جانب من افتتاح السنة القضائية العام الماضي (الرئاسة)

​أشاد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، بـ«الجهد الذي يبذله القضاء في مكافحة الإجرام ومحاربة الفساد»، في وقت وصلت فيه إلى «المحكمة العليا» عشرات الطعون، في أحكام ثقيلة بالسجن صدرت بحق عدد كبير من وجهاء النظام، طالتهم تهم «الفساد وسوء التسيير واختلاس مال عام»، خلال فترة حكم الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة (1999- 2019).

ودعا تبون، الاثنين، بمناسبة إطلاق السنة القضائية الجديدة (2023– 2024)، جهاز القضاء إلى «القيام بدوره كاملاً، والانخراط وبكل حزم لاحترام ضوابط القضاء، والتصدي لكل المحاولات التي تسيء لمصداقية العدالة»؛ مشيراً إلى أن «الدولة تقدِّر ما يبذله القضاة من جهد لحماية الحقوق ومكافحة الإجرام ومحاربة الفساد»، وطالبهم بـ«الحرص على الاضطلاع بمسؤولياتهم بأمانة وإخلاص».

الرئيس تبون مع وزيره للعدل (الرئاسة)

وحضر مراسيم افتتاح السنة القضائية، أعضاء الطاقم الحكومي، ورئيس أركان الجيش الفريق أول سعيد شنقريحة، وأبرز مسؤولي الهيئات القضائية. ويُعد رئيس الجمهورية وفق الدستور: «القاضي الأول في البلاد».

وتطرق تبون في خطابه، ضمناً، إلى تذمر المتقاضين من «طول المدة» التي يستغرقها الفصل في ملفاتهم، بدءاً من المحكمة الابتدائية، إلى محكمة الاستئناف، ثم المحكمة العليا بوصفها آخر درجة في التقاضي. وقال بهذا الخصوص إن «المحاكمات التي تستمر لسنوات تولد شعوراً بعدم الرضا لدى المواطن، وتطيل معاناته لاستعادة حقوقه». وللتقليل من المدة، تعهد تبون بـ«مزيد من الجهود للرفع من وتيرة الفصل في القضايا، واستكمال مشروع التحول الرقمي، والاستفادة من آليات التقاضي الإلكتروني، والمرونة في الإجراءات القضائية وتبسيطها».

وتتعامل الجهات القضائية، منذ رحيل الرئيس بوتفليقة عن الحكم تحت الضغط الشعبي (2 أبريل «نيسان» 2019)، مع مئات من ملفات الفساد، اتُّهم فيها عدد كبير من المسؤولين المدنيين، من بينهم 3 رؤساء حكومات، وقائدان للاستخبارات، ورئيسان لسلاح الدرك، ومدير الشرطة. وغالبيتهم دانتهم المحاكم بعقوبات ثقيلة بالسجن، وقد أودعوا طعوناً ضدها، وملفاتهم مكدَّسة بالمحكمة العليا في انتظار تثبيت الأحكام أو نقضها.

الرئيس الجزائري في افتتاح السنة القضائية الجديدة (الرئاسة)

كما أن القضاء تعرض لانتقادات شديدة منذ اندلاع الحراك، بسبب متابعة وسجن أكثر من 300 ناشط بناء على تهم، عدَّها حقوقيون سياسية، بينما دافع تبون في مناسبات عديدة عن القضاة، مؤكداً أنه «لا يوجد سجين رأي في بلادنا».

على صعيد آخر، ناشد الرئيس تبون في خطابه: «أحرار العالم والعرب والهيئات الدولية، رفع دعوى قضائية أمام المحكمة الجنائية الدولية والمنظمات الحقوقية الدولية، ضد انتهاكات الكيان الصهيوني في حق الشعب الفلسطيني»، موضحاً أن «خطوة كهذه تمثل سبيلاً لإنهاء حالة الإفلات من العقاب بحق الاحتلال الصهيوني التي دامت عقوداً. كما تمثل ملاذاً للأشقاء الفلسطينيين لاستعادة حقهم في إقامة دولتهم المستقلة». وانتقد تبون «صمت العالم أمام المجازر اليومية التي تقترف بحق الشعب الفلسطيني المحاصر، وهو وضع يتعارض مع قواعد القانون الدولي الإنساني، لا سيما أن هذه المجازر تمثل إبادة جماعية في حق شعب محتل».


مقالات ذات صلة

قلق جزائري إزاء ملفات حساسة مشتركة مع فرنسا

تحليل إخباري الرئيسان الجزائري والفرنسي على هامش قمة مجموعة الـ7 بإيطاليا في 13 يونيو 2024 (الرئاسة الجزائرية)

قلق جزائري إزاء ملفات حساسة مشتركة مع فرنسا

تُطرح تساؤلات بالجزائر حول احتمال رؤية تبون مع رئيس حكومة من اليمين المتشدد قياساً إلى الخصومة الشديدة التي يبديها رموز هذا الطيف السياسي تجاه الجزائر ومهاجريها

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا هاريس في اجتماع مع كبار المسؤولين بالخارجية الجزائرية شهر سبتمبر 2023 (الخارجية الجزائرية)

تنسيق أميركي - جزائري لـ«منع التدهور» في ليبيا

كتبت وزارة الخارجية الأميركية بحسابها على منصة «إكس» أن هاريس «أكد تطلع بلاده إلى العمل بشكل وثيق مع الجزائر لتحقيق الأهداف الثنائية والإقليمية المشتركة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيسان الجزائري والفرنسي خلال قمة مجموعة السبع بإيطاليا في يونيو الحالي (الرئاسة الجزائرية)

مناكفات انتخابية فرنسية بظل جزائري

بينما تتخوّف الجزائر من مصير ملفات مشتركة مع فرنسا حال تحقيق اليمين المتطرف فوزاً عريضاً تجدّدت مناكفات بين متنافسين فرنسيين على خلفية حرب غزة وجرائم الاستعمار.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا من العاصمة الجزائرية (مواقع التواصل)

الجزائر: مرشحون لـ«الرئاسية» يتحدثون عن «عقبات وعراقيل»

«سلطة الانتخابات» مسؤولة، بموجب الدستور، عن «توفير الظروف والشروط القانونية الفعلية لانتخابات رئاسية مفتوحة وشفافة ونزيهة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا أحد شوارع العاصمة الجزائر (رويترز)

الجزائر ترفض «اتهامات ومآخذ حقوقية» صادرة عن الأمم المتحدة

أكدت الحكومة الجزائرية أن الإجراءات التي اتخذتها «تتوافق مع الشروط السارية على المستوى الدولي، خصوصاً بمجلس الأمن، وحتى على المستوى الإقليمي».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

التراجعات المتكرّرة للجيش السوداني «تهز الثقة» في أدائه

دبابة مدمَّرة نتيجة الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في أم درمان (رويترز)
دبابة مدمَّرة نتيجة الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في أم درمان (رويترز)
TT

التراجعات المتكرّرة للجيش السوداني «تهز الثقة» في أدائه

دبابة مدمَّرة نتيجة الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في أم درمان (رويترز)
دبابة مدمَّرة نتيجة الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في أم درمان (رويترز)

رغم مرور أكثر من 6 أشهر فإن سيناريو انسحاب الجيش السوداني من مدينة ود مدني، حاضرة ولاية الجزيرة بوسط البلاد، وتراجُعه أمام قوات «الدعم السريع»، لا يزال حاضراً في أذهان السودانيين، الذين باتوا يصابون بالهلع، ويسارعون للنزوح بمجرد سيطرة قوات «الدعم» على مدينة جديدة، بناءً على تصوّرهم أن الجيش لن يتمكن من دحرها.

وزادت تراجعات الجيش في مدن سودانية أمام «الدعم» الشكوكَ في أداء قواته، و«هزّت الثقة» في إمكانية استعادتها، وفق تقييم خبراء وعسكريين سابقين، وتَواكَب ذلك مع إفادات شبيهة ناقمة لمواطنين عبّروا عنها على منصات التواصل الاجتماعي.

لكن، في المقابل، درج مسؤولون في الجيش على توجيه خطابات حماسية يتوعّدون فيها بهزيمة «الدعم السريع»، وكان أحدثها ما جاء على لسان قائده عبد الفتاح البرهان، مساء الثلاثاء، إذ قال إنهم لن يتفاوضوا مع «عدو» يستمر في انتهاكاته، ولن يخضعوا لأي «ابتزاز بتفاوض يسلب هيبة وإرادة القوات، ولا يلبي طموح الشعب».

قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان (يسار) ومساعده ياسر العطا في أم درمان (الجيش السوداني)

ورأى البرهان كذلك أن قواته قد تخسر معركة، لكنها «لن تخسر الحرب». وزاد: «إذا خسرنا أشخاصاً، فالسودانيون كُثر»، وهي ذات الفكرة التي ردّدها قبله مساعده ياسر العطا، بأنهم سيواصلون الحرب، حتى لو راح ضحيتها كل سكان البلاد، حسب ما ورد في خطاب له نهاية أبريل (نيسان) الماضي.

ورأى مراقبون آخرون في تلك الخطابات الحماسية أنها «موجّهة للجيش، وكتائب الإسلاميين الذين يشاركونه القتال».

«الدعم» تتوسّع

وتوسّعت باضطراد خريطةُ المناطق التي تسيطر عليها «الدعم السريع»، لتُقارِب أكثر من نصف مساحة البلاد؛ إذ تبسط نفوذها على 5 ولايات من أصل 18 ولاية تشكّل السودان، بينما تسيطر على مساحات واسعة من 6 ولايات، وتحاصر 5 عواصم لولايات ومدن رئيسة، وتهدّد أكثر من ولاية.

ولم تتبقّ للجيش سيطرة كاملة إلاّ على 5 ولايات، هي ولايات شرق السودان الثلاث، وولايتا الشمال، بينما يسيطر على أكثر من 80 بالمائة من العاصمة الخرطوم، إلى جانب سيطرته على معظم الطرق البرّية الرابطة بين ولايات البلاد من جهة الغرب والجنوب مع الشرق والشمال والوسط.

وقال ضابط سابق في الجيش لـ«الشرق الأوسط»، مشترطاً عدم ذكر اسمه، إن «المواطنين كانوا يتوقّعون تقدّم الجيش وتحقيق انتصارات سريعة، لكنه ظل يتراجع، ويفشل في الحفاظ على مناطق سيطرته، مكتفياً بالدفاع عن قياداته».

وأرجع الضابط السابق «السقوط المتوالي» للمدن والقيادات العسكرية بيد «الدعم السريع» إلى «تدنّي قدرات الجيش في حرب المدن».

أحد شوارع أم درمان القديمة التي يسيطر عليها الجيش السوداني (رويترز)

ووفقاً للضابط السوداني السابق، فإن «حالة السخط وسط القاعدة الشعبية للجيش والناشطين طبيعية؛ لأن المواطنين يبحثون عن الأمن باعتباره مهمة الجيوش الرئيسية، وليس الانسحاب».

ويعتقد العسكري السابق أن «الجيش في (ود مدني) كان في موقف عسكري يمكّنه من الصمود والقتال لفترة طويلة، لكن قيادة فرقة الجيش انسحبت، ما جعل الكثيرين يخشون مواجهة وضع مماثل، لذلك يفكر الكل في الفرار متى اقتربت (الدعم) من مناطقهم».

تراجُع شعبية

ويقول المحلل السياسي أشرف عبد العزيز، إن «(الدعم السريع) نجحت في بناء تحالفات تجاوزت الجهوية، ما مكّنها من الحشد والتقدم في ولاية الجزيرة، وولايات الوسط الجنوبي». وتابع: «انتشار (الدعم السريع) في هذه المساحة الجغرافية يُفقد الجيش المناورة، وتحرّكه لخوض معارك قد يُفقده مدناً أخرى وسط البلاد».

وعزا عبد العزيز ما سمّاه بـ«تراجع شعبية الجيش» إلى «حالة الضجر من صمت الجيش، وعدم إطلاع الناس على الحقائق، وذلك على الرغم من فقدان (قوات الدعم السريع) للمشروعية الأخلاقية بالانتهاكات وعمليات النهب والقتل وترويع المدنيين، التي ترتكبها القوات في مناطق سيطرتها».

سودانيات ينتظرن في طابور للحصول على مساعدات من الصليب الأحمر في ضواحي مدينة أدري التشادية بعد فرارهن من الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور بالسودان (رويترز)

ويعتقد عبد العزيز أن «الدعم» تتفوق على الجيش في حركتها السريعة، وقدرتها على المناورة. وزاد: «(الدعم السريع) خطوط إمدادها مفتوحة ولم تنكسر، وتمتد من الجنينة أقصى غرب البلاد إلى الخرطوم، وقد يتيح لها تموضعها في ولاية سنار فتح طرق إمداد جديدة عبر الجنوب».

وقلّل ضابط متقاعد برتبة وسيطة من تكتيكات الجيش السوداني، المتمثلة في «الانسحاب»، وقال إنها «لم تعُد قادرة على مواجهة الحروب الحديثة وحرب المدن، وخوض معركة من هذا النوع في منطقة مأهولة بالسكان قد يسبّب خسائر كبيرة بين المدنيين».

وبحسب الضابط المتقاعد، فإن «تكتيكات الجيش غير الملائمة، وخسائره الفادحة، أفقدت السودانيين الثقة في قيادة الجيش الحالية، وأصابتهم باليأس من تحقيقها لنصر قريب».