قلق مصري من استمرار تدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة

القاهرة جددت دعوتها لإحياء عملية السلام استناداً إلى «حل الدولتين»

السيسي خلال استقبال المديرة التنفيذية لبرنامج الغذاء العالمي (الرئاسة المصرية)
السيسي خلال استقبال المديرة التنفيذية لبرنامج الغذاء العالمي (الرئاسة المصرية)
TT

قلق مصري من استمرار تدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة

السيسي خلال استقبال المديرة التنفيذية لبرنامج الغذاء العالمي (الرئاسة المصرية)
السيسي خلال استقبال المديرة التنفيذية لبرنامج الغذاء العالمي (الرئاسة المصرية)

بينما جددت مصر دعواتها لإحياء عملية السلام، استناداً إلى «حل الدولتين»، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم (السبت)، على «قلق بلاده البالغ من استمرار تدهور الأوضاع الإنسانية بقطاع غزة».

وتواصل مصر اتصالاتها العربية والدولية لوقف التصعيد في قطاع غزة، واستمرار وصول المساعدات إلى القطاع. وأجرى السيسي محادثات مع رئيس الحكومة اللبنانية، نجيب ميقاتي، اليوم (السبت) في القاهرة، بحضور رئيس المخابرات العامة المصرية عباس كامل، وسفير لبنان في القاهرة علي الحلبي.

ووفق وكالة «أنباء الشرق الأوسط» الرسمية في مصر، فإن اللقاء شهد «تأكيد قوة وعمق العلاقات التاريخية الوثيقة، والتنسيق المستمر بين البلدين الشقيقين». وخلال اللقاء، شدّد السيسي على «ثبات الدعم المصري لمؤسسات الدولة اللبنانية، بما يحافظ على استقرار لبنان وأمن شعبها»، وهو ما ثمّنه رئيس الحكومة اللبنانية، مؤكداً من جانبه «أهمية الدور المصري في ترسيخ الاستقرار بلبنان، بما يعكس خصوصية العلاقة بين البلدين».

كما تناول اللقاء سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين في شتى المجالات، كما جرى البحث في الأوضاع الإقليمية والتصعيد العسكري الإسرائيلي في غزة، حيث أعرب ميقاتي عن التقدير للدور المصري المسؤول في هذه الأزمة الخطيرة، على المسارين السياسي والإنساني، فيما استعرض السيسي الجهود التي تقوم بها مصر للدفع في اتجاه «وقف إطلاق النار وإتاحة المجال لنفاذ المساعدات الإنسانية».

في سياق ذلك، أكد السيسي وميقاتي خلال اللقاء «ضرورة تحمل المجتمع الدولي مسؤولياته من خلال العمل المكثف على احتواء الموقف، وتجنب توسع نطاق العنف، مع ضرورة إعادة إطلاق مسار السلام، وتطبيق مبدأ حل الدولتين، بما يحقق العدل والأمن والاستقرار لشعوب المنطقة».

كما التقى السيسي، اليوم (السبت)، المديرة التنفيذية لبرنامج الغذاء العالمي، سيندي ماكين. وبحسب إفادة للمتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، أحمد فهمي، فإن اللقاء تناول الملفات الإقليمية، وعلى رأسها تطورات الأوضاع في قطاع غزة، حيث وجهت المديرة التنفيذية الشكر لمصر على الدور القيادي المحوري، الذي تقوم به لتقديم الدعم لأهالي القطاع، سواء من خلال الدعم المصري المباشر، أو عن طريق تنسيق المساعدات المقدمة من الأطراف الدولية، بما فيها برنامج الغذاء العالمي والمنظمات الأممية الأخرى ذات الصلة.

من جانبه، شدّد السيسي على «قلق مصر البالغ من استمرار تدهور الأوضاع الإنسانية بالقطاع»، مستعرضاً الجهود المكثفة، التي تقوم بها مصر على مدار الساعة لضمان إدخال أكبر قدر ممكن من المساعدات، بما يلبي الاحتياجات الحقيقية لأهالي القطاع، مع استمرار المساعي المصرية مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية، للدفع في اتجاه الوقف الفوري لإطلاق النار، مؤكداً كذلك «ضرورة إحياء المسار السياسي، استناداً إلى حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، وفقاً للمرجعيات الدولية المعتمدة».

لقاء سفراء دول المجموعة العربية المعتمدين في اليونان مع رئيس البرلمان اليوناني (الخارجية المصرية)

على صعيد التحركات المصرية الخارجية، أكد سفير مصر لدى اليونان، عمر عامر، أن «السلام الشامل والعادل القائم على أساس حل الدولتين، هو السبيل الوحيدة لإنهاء الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، بما يسهم في حفظ الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي».

جاء ذلك خلال مشاركة السفير المصري في لقاء سفراء دول المجموعة العربية المعتمدين في اليونان مع رئيس البرلمان اليوناني، كونستنتين تاسولاس، وذلك في إطار الجهود التي يبذلها السفراء العرب مع المسؤولين اليونانيين، بهدف عرض موقف الدول العربية من التصعيد العسكري المتواصل ضد قطاع غزة.

‏ووفق بيان لوزارة الخارجية المصرية، اليوم (السبت)، فقد استعرض عامر الجهود المبذولة للعمل على «ضرورة إنفاذ هدنة إنسانية فورية، بما يسمح بسرعة واستدامة نفاذ المساعدات الإنسانية لقطاع غزة»، مشيراً إلى أن تدهور الأوضاع الإنسانية في غزة «بات يستلزم تضافر الجهود الدولية لحماية المدنيين، وتوفير الملاذ الآمن لهم».

وذكرت «الخارجية المصرية» أن رئيس البرلمان اليوناني أعرب عن قلقه البالغ من «استمرار التطورات الراهنة في منطقة الشرق الأوسط، والتداعيات التي قد تترتب على ذلك، خاصة ما يتعلق بتزايد معدلات الهجرة غير المشروعة إلى اليونان ودول الاتحاد الأوروبي»، مشدداً على أن «حق الدفاع عن النفس يجب أن يتم في إطار مراعاة قواعد القانون الدولي».

ورحّب رئيس البرلمان اليوناني بقرار مصر فتح معبر رفح، لافتاً إلى «أهمية إعادة إحياء عملية السلام».


مقالات ذات صلة

مباحثات سعودية لتعزيز العمل المشترك في دعم حقوق الشعب الفلسطيني

الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (واس)

مباحثات سعودية لتعزيز العمل المشترك في دعم حقوق الشعب الفلسطيني

بحث الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، (الاحد)، مستجدات القضية الفلسطينية مع نظرائه في مصر والاردن وتركيا لدعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (الشرق الأوسط)

وزير الخارجية السعودي يبحث مع نظيرَيه البحريني والغامبي أوضاع فلسطين

بحث وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان هاتفياً مع نظيرَيه؛ البحريني الدكتور عبد اللطيف الزياني، والغامبي مامادو تانقارا، مستجدات الأوضاع في فلسطين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي مسافرون داخل مطار بغداد الدولي (أرشيفية - أ.ف.ب)

«فوضى» تضرب مطار بغداد... والحكومة تتدخل بالتحقيق

قالت مصادر حكومية إن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني «أمر بتشكيل لجنة للتحقيق في أسباب فوضى شهدها مطار بغداد الدولي»، جراء التضارب والتأخير في مواعيد الرحلات.

فاضل النشمي (بغداد)
شمال افريقيا السياسي التونسي المنذر الزنايدي (صفحته على فيسبوك)

محكمة تونسية تقر بعودة الوزير السابق المنذر الزنايدي إلى سباق الرئاسة

قبلت المحكمة الإدارية في تونس طلب الاستئناف الذي تقدم به الوزير السابق والناشط السياسي المنذر الزنايدي للمشاركة بالانتخابات بعد استبعاده من هيئة الانتخابات.

«الشرق الأوسط» (تونس)
يوميات الشرق اختيار فوهة الوعبة ضمن أفضل 100 موقع للتراث الجيولوجي عالمياً (هيئة المساحة الجيولوجية)

فوهة الوعبة في جدة ضمن أجمل المعالم الجيولوجية عالمياً

يترقَّب قطاع السياحة في السعودية تحويل فوهة الوعبة بغرب البلاد وجهةً سياحية، بُعيد اختيارها الأفضل بين 100 موقع للتراث الجيولوجي العالمي.

سعيد الأبيض (جدة)

«دماء ورصاص» في الذكرى الـ55 لـ«ثورة القذافي»

أنصار القذافي يُنزلون صورة الملك إدريس السنوسي (أرشيفية متداولة على صفحات أنصار النظام السابق)
أنصار القذافي يُنزلون صورة الملك إدريس السنوسي (أرشيفية متداولة على صفحات أنصار النظام السابق)
TT

«دماء ورصاص» في الذكرى الـ55 لـ«ثورة القذافي»

أنصار القذافي يُنزلون صورة الملك إدريس السنوسي (أرشيفية متداولة على صفحات أنصار النظام السابق)
أنصار القذافي يُنزلون صورة الملك إدريس السنوسي (أرشيفية متداولة على صفحات أنصار النظام السابق)

في أجواء أمنية وسياسية مضطربة، لم تخلُ من إطلاق رصاص وسقوط دماء، احتفلت مدن ليبية بالذكرى الـ55 لـ«ثورة الفاتح من سبتمبر (أيلول)» التي حكم بمقتضاها الرئيس الراحل معمر القذافي البلاد أكثر من 4 عقود منذ عام 1969.

وخرج مؤيدون لنظام القذافي، مساء السبت، في مدن عدة، من بينها زليتن، شرق العاصمة طرابلس، رافعين الرايات الخضراء المعبرة عن النظام الجماهيري السابق، لكن سرعان ما انقلبت أجواء الاحتفال إلى كرّ وفرّ، سقط على إثرها 3 من مؤيدي القذافي، وقتل مواطن آخر بعد اندلاع اشتباكات مع أنصار «ثورة 17 فبراير (شباط)».

وللمرة الأولى يعلّق الساعدي القذافي، نجل الرئيس الراحل، على «ثورة الفاتح» منذ خروجه من السجن، وقال عبر حسابه على منصة «إكس»: «الليلة هي ذكرى (الفاتح العظيم) الذي سطّر في التاريخ المجد والإنجازات وجلب العزة والكرامة للشعب الليبي، في هذه المناسبة الكريمة أتقدم بالتهنئة لأهلنا في ربوع ليبيا الغالية».

القذافي في صورة أرشيفية مع زوجته صفية وأبنائه سيف العرب وخميس والمعتصم بالله (غيتي)

ومن قلب المدن، التي لا تزال على ولائها للنظام السابق، من بينها غات وأوباري (جنوباً) إلى بني وليد (شمالاً) ثم زليتن وصبراتة (غرباً) لاحت صور القذافي والرايات الخضراء المعبرة عن حقبته، ما أثار حفيظة معارضيه، وتسببت في مشاحنات.

وأعلن نشطاء في مدينة زليتن ومصادر محلية أن اشتباكات اندلعت بين مناصري القذافي وآخرين من «ثورة 17 فبراير» ما أدى إلى سقوط 3 قتلى من المؤيدين للنظام السابق. هم أيوب حديد، وعطية جبران، وعبد القادر الحويج. فيما قال آخرون إن مواطناً آخر يدعى عطية جبران قتل على يد موالين للنظام السابق.

والتزمت السلطات الرسمية الصمت حيال ما شهدته زلتين حتى الساعات الأولى من صباح الأحد، لكن صفحات من المدينة على مواقع التواصل الاجتماعي أشارت إلى أن مسلحين من ميليشيا «حريز» قتلوا الثلاثة خلال احتفالهم بـ«ثورة الفاتح». وانتشرت مقاطع فيديو لسيارة مدججة بالرشاشات تطلق النار بشكل عشوائي على المواطنين.

أجواء الاحتفالات من بني وليد (مواقع التواصل)

وجاء ذلك وسط مطالب شعبية لحكماء وأعيان زليتن والمجلس البلدي بـ«التحرك الفوري لحقن الدماء وتهدئة الأوضاع في المدينة التي تشهد اضطرابات واسعة، دفعت بعض أهالي المقتولين إلى إضرام النار في منزل أحد المتهمين بقتله».

 

وأعاد حساب منسوب لعائشة ابنة الرئيس الراحل، على منصة «إكس»، التدوينة التي كتبها الساعدي، وسط احتفاء واسع من أنصار النظام السابق، وحرص معارضيه على التذكير بأنه كان «نظاماً ديكتاتورياً حكم ليبيا بالحديد والنار؛ ولم يهتم بتنمية البلاد».

وعدّت قيادات ومسؤولون بالنظام السابق «ثورة الفاتح» حدثاً تاريخياً التفّ حوله الليبيون.

وقال أحمد قذاف الدم، المسؤول السياسي في «جبهة النضال الوطني الليبية»، إن «اللغط كثر في الآونة الأخيرة عن دوافع الحركة الثورية وبدايتها»، مشيراً إلى أنها «كانت صرخة حرية عبّر عنها معمر القذافي في بيانه الأول للثورة، عندما نادى الشعب الليبي بقوله أيها الشعب الليبي العظيم».

وقال قذاف الدم إن «ما نراه اليوم على الأرض الليبية يذكرنا بأن فجراً يلوح، وأن شعبنا سينتفض حتماً بقيادة أبنائه الأحرار ليزيح عن كاهله كابوس الذل والخنوع والعار ويستعيد وطنه وكرامته وكبريائه».

وعادة ما تشهد هذه الذكرى مناوشات لفظية بين أنصار «ثورة 17 فبراير» التي أطاحت القذافي عام 2011، وأنصار ثورة «الفاتح من سبتمبر» التي جاءت به إلى الحكم قبل عقود، وحملات انتقاد لاذعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

«ميدان الشهداء» بطرابلس الذي شهد أكبر الاحتفالات بإسقاط نظام القذافي (أرشيفية - مديرية أمن طرابلس)

وعدّ مصطفى الزائدي، أمين اللجنة التنفيذية للحركة الوطنية الشعبية الليبية، أن «(ثورة الفاتح من سبتمبر) حدث تاريخي شاء من شاء وأبى من أبى»، وقال إنها «جاءت ضمن سلسلة من الثورات في الوطن العربي التي دشنتها (ثورة 23 يوليو - تموز) المجيدة وإعادة إطلاق حركات التحرر في أفريقيا».

وأضاف: «في هذه الظروف التي تمر بها ليبيا نجدد الدعوة إلى إطلاق عملية نضالية جادة لاستعادة الوطن وحماية الشعب، تكون القوات المسلحة العربية الليبية عمودها الفقري».

وقبل 55 عاماً من الآن، كانت ليبيا تحت حكم الملك محمد إدريس السنوسي، قبل أن يقود القذافي حركة «الضباط الوحدويين» في الجيش الليبي، وينقلب عليه، بحسب معارضيه، ليحكم البلاد قرابة 42 عاماً. وعلى الرغم مما أحدثته «الفاتح من سبتمبر» في البلاد من تغيير، فإن هناك من ينادون بالعودة إلى النظام الملكي «لإنقاذ البلاد من التخبط السياسي».

ولا يزال الليبيون الرافضون للثورتين يكررون مقولة متداولة: «الفاتح ليست بعظيمة ولن تعود، و(فبراير) ليست بمجيدة ولن تسود».