«الوحدة» لـ«لجم» الميليشيات خوفاً من عودة الاشتباكات لطرابلس

مؤتمر «إعمار درنة» الليبية ينتهي إلى تشكيل لجنة لإعداد «خارطة طريق»

الفريق أول الحداد رئيس أركان قوات الدبيبة ملتقياً وفداً من أعيان المنطقتين الشرقية والغربية (رئاسة الأركان)
الفريق أول الحداد رئيس أركان قوات الدبيبة ملتقياً وفداً من أعيان المنطقتين الشرقية والغربية (رئاسة الأركان)
TT

«الوحدة» لـ«لجم» الميليشيات خوفاً من عودة الاشتباكات لطرابلس

الفريق أول الحداد رئيس أركان قوات الدبيبة ملتقياً وفداً من أعيان المنطقتين الشرقية والغربية (رئاسة الأركان)
الفريق أول الحداد رئيس أركان قوات الدبيبة ملتقياً وفداً من أعيان المنطقتين الشرقية والغربية (رئاسة الأركان)

فيما تكثّف السلطة التنفيذية في العاصمة الليبية جهودها لـ«لجم» تحركات بعض الميليشيات تخوفاً من عودة التوترات والاشتباكات إلى طرابلس، أنهى المؤتمر الدولي لإعادة إعمار مدينة درنة، الذي انعقد على مدار يومين بشرق ليبيا، فعالياته ومناقشاته التي انتهت إلى تشكيل لجنة لإعداد «خارطة طريق» بشأن تنفيذ المشاريع المنتظر تشييدها.

وسعت السلطات التنفيذية في طرابلس، ممثلة في المجلس الرئاسي وحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، لمواجهة «صراع النفوذ المتصاعد» بين تشكيلات مسلحة في مدينة غريان وخارجها، من خلال دعم التنسيق بين مختلف الأجهزة الأمنية؛ لـ«الحفاظ على أمن واستقرار وسلامة المواطنين».

وقال مسؤول بالحكومة إن السلطة في طرابلس «استشعرت الخطر بعد عودة الاشتباكات بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة بين بعض الميليشيات في غريان، والتي أودت بحياة 10 قتلى على الأقل، وضِعفهم من الجرحى الأسبوع الماضي»، وأرجع ذلك «لمحاولة بعض الأطراف المسلحة، الموالية لـ(الجيش الوطني)، الدخول على خط الأزمة، والعودة إلى مدينة غريان (جنوب طرابلس) بعد مغادرتها على خليفة الحرب السابقة على طرابلس».

وأضاف المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن هذه الأحداث هي التي دفعت الفريق أول ركن محمد الحداد، رئيس أركان قوات حكومة الدبيبة، إلى الاجتماع بأعيان وحكماء ومشايخ من شرق ليبيا وغربها «للتأكيد على تهدئة الأوضاع في البلاد»، مشيراً إلى أن الاجتماع العسكري، الذي ترأسه محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي بطرابلس قبل يومين، وضم قيادات المناطق العسكرية بطرابلس، و«العسكرية الوسطى»، و«الساحل الغربي»، يصب في الغرض نفسه، أي بحث تنظيم مختلف الوحدات العسكرية، وسير العمل بمختلف المناطق، واستعراض الموقف العسكري بمدينة غريان.

المنفي والحداد في لقاء سابق بقيادات عسكرية بطرابلس (رئاسة أركان "الوحدة")

من جانبه، قال مكتب الحداد إن لقاءه بوفد القبائل مساء (الخميس)، استهدف «رأب الصدع بين أبناء البلد الواحد، ومنع الاقتتال بين جميع الليبيين، والنهوض بالمؤسسة العسكرية، بالإضافة إلى توحيد الصف بين أبناء المؤسسة العسكرية شرقاً وغرباً وجنوباً». وخلال اللقاء، أكد الحداد على «حرمة دم» الليبي، مطالباً مشايخ وأعيان شرق غرب ليبيا بـ«الالتفات إلى الوطن، وترك كل المساومات»، وقال إنه «يقع على عاتق رجال المصالحة مسؤوليات، ومنها أن يجوبوا ليبيا ويكونوا صفاً واحداً، وألا يلتفتوا لكل مخرب».

ويطالب سكان غريان السلطةَ في طرابلس بـ«وقف انتهاكات واسعة» يتعرضون لها على يد بعض الميليشيات، مشيرين في تسجيل مصور مساء (الخميس)، إلى أن ديارهم تتعرض للسرقة، كما يتم اعتقال المواطنين من قبل ميليشيا عبد السلام زوبي، آمر «القوة المشتركة» المكلف من حكومة الدبيبة.

جانب من المشاركين في المؤتمر الدولي لإعادة إعمار درنة (حكومة الاستقرار)

في غضون ذلك، اختتمت بمدينة بنغازي، مساء الخميس، فعاليات المؤتمر الدولي لإعادة إعمار درنة والمناطق المتضررة، بمشاركة وفود أكثر من 26 دولة ينتمون لشركات عربية ودولية، بالإضافة إلى سفراء ووفود دبلوماسية.

وقالت الحكومة الليبية، المكلفة من مجلس النواب، إن المشاركين في المؤتمر اتفقوا على تشكيل لجنة تتولى الإشراف على تنفيذ ما أطلق عليه «إعلان درنة»، بالإضافة إلى تشكيل لجنة تقنية تتكون من مهندسين وتقنيين اختصاصيين، تتولى إعداد الدراسات و«خارطة طريق» إعادة الإعمار، ثم عرضها على لجنة المتابعة للتصديق قبل الشروع في تنفيذها.

ونوهت الحكومة، التي يترأسها أسامة حمّاد، إلى أن أكثر من 400 شركة وشخصية، ودبلوماسيين من أكثر من 35 جنسية من أنحاء العالم، شاركوا في المؤتمر.

قوات أمنية خلال تمكين عائلات ليبية من منازلهم ومزارعهم (النائب العام)

في شأن مختلف، مكّن المستشار الصديق الصور، النائب العام الليبي، 18 عائلة من العودة إلى ديارهم ومزارعهم التي أخرجوا منها عام 2013 «تحت تهديد السلاح»، في قصر بن غشير (جنوب طرابلس). وأوضح مكتب النائب العام أن 73 مواطناً تقدموا ببلاغات، يشتكون فيها إجبارهم على مغادرة منازلهم، وترك مزارعهم منذ عام 2013 بعد «إكراهات من مدعين مارسوا القوة ضدهم»، مشيراً إلى أن التحقيقات «أثبتت وجود تعدٍ على حقوق المتضررين»، فانتهى وكيل النيابة إلى وجوب إزالة مظاهر التعدي بإصدار قرار يقضي بإخلاء الأملاك العقارية ممن شغلها دون وجه حق، وتمكين 18 عائلة من العودة إلى ديارهم ومزارعهم.

اجتماع ليبي- مغربي بالرباط يترأسه وزير الصناعة والتجارة المغربي رياض مزور ووزير الاقتصاد والتجارة بحكومة "الوحدة" (حكومتنا)

في شأن مختلف، بحث وزير الاقتصاد والتجارة بحكومة «الوحدة»، محمد الحويج، في العاصمة المغربية الرباط مع وزير الصناعة والتجارة المغربي، رياض مزور، آلية تفعيل اتفاقية العلاقات التجارية بين ليبيا والمملكة المغربية.

وأكد الجانبان، بحسب بيان وزارة الاقتصاد الليبية، أهمية تطوير التعاون التجاري بين البلدين، كذلك دارسة وتفعيل الاتفاقيات ومذكرات التفاهم المبرمة خلال السنوات الماضية، وخاصة الاتفاقيات التجارية والجمركية، واتفاقية تشجيع وحماية الاستثمار في كل المجالات موضع الاهتمام المشترك.


مقالات ذات صلة

السنوسي عديل القذافي... من السجن إلى فيلا رهن الإقامة الجبرية

شمال افريقيا السنوسي يلتقي خارج محبسه وفدا من قبيلته (المجلس الاجتماعي بسوق الجمعة والنواحي الأربعة)

السنوسي عديل القذافي... من السجن إلى فيلا رهن الإقامة الجبرية

يقبع السنوسي رئيس جهاز الاستخبارات بنظام الرئيس الراحل معمر القذافي، في سجن معيتيقة تحت إشراف «قوة الردع»، التي سمحت بنقله إلى فيلا رهن الإقامة الجبرية.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة وشكشك في لقاء سابق (حكومة الوحدة)

الانقسامات تطال ديوان المحاسبة الليبي

وسط صمت رسمي من السلطة التنفيذية بطرابلس، دخل ديوان المحاسبة في ليبيا دائرة الصراع على رئاسته بين رئيسه خالد شكشك، ووكيله الموقوف عطية الله السعيطي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا جلسة في مجلس النواب الليبي (المجلس)

تباين ليبي حول استدعاء البرلمان حكومة حماد للمساءلة

فتح قرار رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، استدعاء حكومة أسامة حماد، المكلفة من مجلسه، للمساءلة، نقاشاً واسعاً بين النخب السياسية والمراقبين للشأن الليبي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا عمليات شفط مياه الأمطار في بنغازي (وسائل إعلام ليبية)

سوء الأحوال الجوية يعطل الدراسة في شرق ليبيا

أدّت التقلبات الجوية العنيفة التي شهدتها معظم مناطق شرق ليبيا إلى تعليق الدراسة في مدن عدة، بناءً على توجيه من السلطات المحلية.

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا الدبيبة خلال احتفال «عيد الاستقلال» بطرابلس (حكومة الوحدة)

ليبيا: الدبيبة يدعو إلى اعتماد دستور «ينهي المراحل الانتقالية»

هاجم رئيس حكومة الوحدة «المؤقتة» عبد الحميد الدبيبة، مجدداً «خصومه السياسيين»، ودعا إلى اعتماد دستور ينهي المراحل الانتقالية.

خالد محمود (القاهرة)

السنوسي عديل القذافي... من السجن إلى فيلا رهن الإقامة الجبرية

السنوسي يلتقي خارج محبسه وفدا من قبيلته (المجلس الاجتماعي بسوق الجمعة والنواحي الأربعة)
السنوسي يلتقي خارج محبسه وفدا من قبيلته (المجلس الاجتماعي بسوق الجمعة والنواحي الأربعة)
TT

السنوسي عديل القذافي... من السجن إلى فيلا رهن الإقامة الجبرية

السنوسي يلتقي خارج محبسه وفدا من قبيلته (المجلس الاجتماعي بسوق الجمعة والنواحي الأربعة)
السنوسي يلتقي خارج محبسه وفدا من قبيلته (المجلس الاجتماعي بسوق الجمعة والنواحي الأربعة)

يوشك عبد الله السنوسي، رئيس جهاز الاستخبارات الليبية في نظام الرئيس الراحل معمر القذافي، أن يودّع حياة السجن بمفهومه العام، لينتقل إلى مقر آخر أكثر خصوصية خارج أسواره، لكنه يظل تحت رقابة سجانيه.

واطمأن وفد من قبيلة المقارحة، التي ينتمي إليها السنوسي، على صحته خلال أول لقاء جمعهم به مساء الأربعاء منذ اعتقاله، ووضعه في سجن معيتيقة بطرابلس، لكنهم طالبوا بسرعة إطلاق سراحه.

السنوسي يلتقي خارج محبسه وفدا من قبيلته (المجلس الاجتماعي بسوق الجمعة والنواحي الأربعة)

والسنوسي (73 عاماً) واحد من أقوى رجال النظام السابق، وقد حكم عليه بالإعدام عام 2015 لاتهامه بقمع «ثورة 17 فبراير (شباط)» 2011. وفي نهاية عام 2019 برأته محكمة في العاصمة طرابلس مع آخرين من حكم مماثل في قضية «سجن أبو سليم»، غير أن المحكمة العليا نقضت الحكم قبل نحو عام، وأعادت المحاكمة بإسنادها لدائرة جنايات جديدة.

مطالب بسرعة الإفراج عن السنوسي

يقبع السنوسي في سجن معيتيقة تحت إشراف «قوة الردع»، برئاسة عبد الرؤوف كاره، التي منعته من المثول أمام القضاء 13 مرة متتالية، لكنها سمحت بمثوله مطلع العام الجاري أمام محكمة استئناف طرابلس، عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، بعد سلسلة طويلة من تأجيل القضية.

وقال الشيخ هارون أرحومة، أحد أعيان قبيلة المقارحة، لـ«الشرق الأوسط»، اليوم (الخميس)، إن وفداً من القبيلة اطمأن على السنوسي، الذي يعاني من مرضي القلب وسرطان الكبد، مشيراً إلى أنه «تمت الموافقة على نقله من السجن إلى فيلا بسوق الجمعة بطرابلس، ونطالب بالإفراج عنه لأنه لم يرتكب جرماً».

المنفي مستقبلا وفد من قبيلة المقارحة (المجلس الرئاسي الليبي)

وأوضح الشيخ هارون أن الوفد الذي ضمّ 22 شخصاً من مشايخ ووجهاء المقارحة، التقى رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، الأربعاء، وجددوا مطلبهم بـ«ضرورة الإسراع بالإفراج عن ولدنا عبد الله». وقال بهذا الخصوص: «هذا رابع اجتماع بالمنفي، وقد سبق أن رفعنا إليه جميع التقارير الطبية، التي تؤكد اعتلال صحة السنوسي». مبرزاً أن الوفد الذي التقى أيضاً مشايخ من سوق الجمعة «حصل على وعد من المنفي بإطلاق سراح السنوسي. ونتمنى تحقق ذلك في القريب العاجل»، وأضاف موضحاً: «لقد سمحوا بنقله إلى (حوش) فيلا في سوق الجمعة رهن الإقامة الجبرية، كي تتمكن ابنته سارة وأولادها وباقي الأسرة من الدرجة الأولى، بالإضافة إلى الأطباء، من زيارته».

وخلال مثوله أول مرة أمام محكمة استئناف طرابلس، عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، وجهت له أكثر من 25 تهمة، من بينها قتل المتظاهرين خلال «ثورة 17 فبراير» عام 2011، بحسب محاميه أحمد نشاد، لكنه «نفاها جميعاً».

وأوضح المجلس الاجتماعي بـ«سوق الجمعة والنواحي الأربعة» أنه عقب الانتهاء من لقائه بوفد قبيلة المقارحة، تم التنسيق مع «جهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة»، ونظمت زيارة للسنوسي بالتنسيق مع المجلس الرئاسي.

وكان المنفي قد التقى وفداً من أعيان وحكماء قبيلة المقارحة بمقر المجلس في العاصمة طرابلس، وأوضح المجلس أن الوفد أكد «الدور الكبير»، الذي يضطلع به المنفي تجاه ملف المصالحة، وأهميته للاستقرار على المستويات كافة، كما تطرق اللقاء للخطوات العملية المتخذة من قبل المجلس الرئاسي حول ملف السجناء السياسيين.

استهداف السنوسي

العقيد السنوسي هو زوج شقيقة صفية فركاش، الزوجة الثانية للقذافي، وكان ضمن الدائرة المقربة جداً منه طوال فترة حكمه، التي جاوزت 42 عاماً. ويدافع أنصار السنوسي عنه في مواجهة أي اتهامات توجه إليه، مشيرين إلى أنه «مستهدف لكونه شخصية مؤثرة في ليبيا سابقاً وراهناً».

السنوسي يلتقي خارج محبسه وفدا من قبيلته (المجلس الاجتماعي بسوق الجمعة والنواحي الأربعة)

وعلى مدار العام الماضي، أرجأت محكمة استئناف طرابلس محاكمة السنوسي ومنصور ضو، رئيس الحرس الخاص للقذافي، 13 مرة، إلى موعد آخر بسبب رفض ميليشيا «قوة الردع الخاصة»، التي تحتجز السنوسي في سجن معيتيقة بالعاصمة، مثوله أمام المحكمة.

وكانت وزيرة العدل بحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، حليمة عبد الرحمن، قد أمرت في نهاية عام 2022 بالإفراج الصحي عن منصور ضو، لكن لم يُسمح له بمغادرة سجنه.

وضو، المودع بسجن مصراتة العسكري غرب ليبيا، كان آمراً لحرس القذافي برتبة عميد، وظل إلى جواره حتى اعتقل معه في 20 أكتوبر (تشرين الأول) عام 2011، لكنه نجا من القتل، ومنذ ذلك التاريخ وهو ينتظر تنفيذ حكم الإعدام بتهمة التنكيل بمتظاهري «ثورة 17 فبراير».

سيف الإسلام القذافي (أ.ب)

وكان الفريق الممثل لسيف الإسلام، نجل القذافي، انسحب من اجتماع «المصالحة الوطنية»، وأرجع ذلك لأسباب عدة، من بينها عدم الإفراج عن بعض رموز النظام السابق الذين لا يزالون بالسجن.