ما المنتظَر من القمة العربية الطارئة بشأن الحرب على غزة؟

اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة لبحث حرب غزة أكتوبر 2023 (الشرق الأوسط)
اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة لبحث حرب غزة أكتوبر 2023 (الشرق الأوسط)
TT

ما المنتظَر من القمة العربية الطارئة بشأن الحرب على غزة؟

اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة لبحث حرب غزة أكتوبر 2023 (الشرق الأوسط)
اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة لبحث حرب غزة أكتوبر 2023 (الشرق الأوسط)

تستعد جامعة الدول العربية لعقد قمة عربية طارئة في الرياض في 11 نوفمبر (تشرين الثاني)، وتستهدف القمة في المقام الأول «بحث الوضع في قطاع غزة». وبينما تتصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة، يتطلع مراقبون «لنتائج اجتماع القادة العرب في الرياض».

وأعلنت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية (مساء الاثنين) تلقيها طلباً رسمياً من دولة فلسطين والمملكة العربية السعودية، لعقد دورة غير عادية لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة برئاسة السعودية التي ترأس الدورة الحالية الـ32. وقال المتحدث باسم الأمين العام لجامعة الدول العربية، جمال رشدي، لـ«الشرق الأوسط» إن «القمة الطارئة ستُعقد في الرياض في نفس توقيت القمة العربية - الأفريقية يوم 11 نوفمبر»، مشيراً إلى أنها «دورة غير عادية تستهدف مناقشة الوضع في غزة في سياق القضية الفلسطينية بشكل شامل».

وأوضح رشدي أن «الوضع في غزة الآن له تبعات مؤلمة على الرأي العام العربي، وآثار إنسانية وأمنية على المنطقة، لكنه يعد أيضاً جزءاً من القضية الفلسطينية في شمولها ومستقبلها وتطورها، لذلك من المنتظر أن تبحث القمة الخطوات الواجب اتخاذها تجاه القضية ككل».

مقر «جامعة الدول العربية» في القاهرة (أ.ش.أ)

هدف أساسي للقمة

يأتي انعقاد القمة الطارئة استجابةً لدعوة وجهها الرئيس الفلسطيني محمود عباس مساء (السبت)، لعقد قمة طارئة تستهدف «وقف العدوان على الشعب الفلسطيني». وقال مستشار الرئيس الفلسطيني للشؤون الدينية، قاضي قضاة فلسطين، محمود الهباش، يوم (الثلاثاء)، إن القمة الطارئة لديها هدف أساسي، وهو «وقف إطلاق النار، ووقف قتل الفلسطينيين في قطاع غزة».

وبشأن المنتظَر من القمة الطارئة، قال المتحدث باسم الأمين العام للجامعة العربية، إنه «لا يُمكن أن نستبق نتائج القمة، لأنها تعبّر عن إرادة القادة العرب المشاركين فيها»، مستدركاً: «لكنها تُعقد في ظل ظرف معين وأحداث متحركة ومتصاعدة، ولا بد أن تكون مواكبة للحدث على نحو يلبي تطلعات الرأي العام العربي، وتُقدم مساندة قوية للشعب الفلسطيني».

ويرى أستاذ الإعلام السياسي بالسعودية، عبد الله العساف، أن هناك الكثير من الأمور المنتظَرة من القمة الطارئة، وأهمها «وحدة الصف والكلمة، وإدراك أن الخطر الفعلي ليس على غزة؛ بل على جميع دول المنطقة من دون استثناء». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «كل حرب لا بد أن تسفر عن ترتيبات سياسية، تُقرّ فيها خرائط جديدة، وتنشأ جراءها كيانات متعددة، وهذا جزء من الخطر المتمثل في إعادة طمس الهوية الفلسطينية، من خلال فرض تهجير الفلسطينيين للدول العربية المجاورة بعد تعريضها لضغوط سياسية واقتصادية وأمنية حتى تقبل بالواقع الجديد»، موضحاً أن «هذا الأمر له خطورته وأبعاده في الحاضر والمستقبل لعل أبسطها نقل الصراع ليصبح بين العرب وتحميل هذه الدول التبعات المترتبة عليه أمنياً واقتصادياً وسياسياً وقانونياً».

فلسطينيون ينزحون من منازلهم شمال غزة هرباً من القصف الإسرائيلي (رويترز)

رفض التهجير القسري

وسبق أن رفضت دول عربية عدة، من بينها المملكة العربية السعودية ومصر والأردن، مقترحات «تهجير سكان غزة، أو توطينهم في دول عربية أخرى». وعدّ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ذلك «تصفيةً للقضية»، مؤكداً في تصريحات سابقة أنه «لن يتم على حساب مصر».

ومنذ بداية الحرب في غزة، قدمت الدول العربية «الدعم السياسي من خلال استثمار كل علاقتها بشكل منفرد من أجل إيجاد حلول سريعة ووقف التصعيد وحصار الأزمة»، حسب العساف، الذي أشار إلى أن «المنطقة العربية ولا سيما المملكة العربية السعودية ومصر والأردن لم تهدأ دبلوماسياً مع الدعوة لفتح معابر رفح من أجل إدخال المساعدات الإنسانية».

ويرى أستاذ العلوم السياسية في مصر، أحمد يوسف، أنه «حتى الآن فإن الأداء العربي في مواجهة ما يجري في غزة لم يصل إلى حده الأقصى»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «الدول العربية لعبت حداً أدنى من الدور الدبلوماسي، الذي لم يكتمل في قمة القاهرة للسلام، وكذلك في مجلس الأمن لاعتبارات خارجة عن إرادتهم، وإن نجحوا في الحصول على أغلبية الأصوات في الجمعية العامة للأمم المتحدة، لصالح قرار الهدنة الإنسانية، لكن قرارات الجمعية العامة لا تجد طريقها للتنفيذ لأنها لا تستند إلى قوة مُلزمة». وأخيراً صوَّتت الجمعية العامة للأمم المتحدة بالأغلبية لصالح مشروع قرار عربي يدعو إلى هدنة إنسانية فورية في غزة.

السرعة مطلوبة

في السياق، أشار يوسف إلى ما عدّه «تأخيراً في موعد عقد القمة الطارئة». وقال إن «هناك تأخيراً واضحاً في تحديد الموعد، لا سيما مع عدد الضحايا الذين يسقطون يومياً من الجانب الفلسطيني». وأضاف أن «السرعة مطلوبة في مثل هذه الأمور، فعندما بدأت أحداث (أيلول الأسود) في الأردن عام 1970 عُقدت قمة عربية طارئة في اليوم التالي للدعوة إليها».

لكنّ مصدراً دبلوماسياً بالجامعة العربية أشار إلى أنه «كان لا بد من الحذر والتأني في اختيار توقيت القمة الطارئة فهي محفوفة بالمخاطر»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «الوضع يتحرك بسرعة، والساحة مفتوحة على جميع الاحتمالات في ظل العملية الإسرائيلية المتصاعدة، التي لا يُمكن التكهن بمسارها وجدولها الزمني، وما إذا كانت ستتوسع إلى جبهات أخرى، لا سيما أنها لم تتأثر حتى الآن بأي تحركات دبلوماسية سواء على مستوى الأمم المتحدة أو مجلس الأمن».

وأضاف: «لا نعلم إلى أين ستأخذنا الأحداث في الأيام المقبلة قبل القمة الطارئة»، موضحاً أن «الأمور صعبة والأحداث تتغير، ومن المهم منح بعض الوقت ربما تتضح الصورة، ما يعطي القمة العربية فرصة لاتخاذ موقف أقوى».

تصاعد الدخان جرّاء القصف الإسرائيلي على قطاع غزة (أ.ف.ب)

ضغط دبلوماسي

وفي ظل عدم استجابة إسرائيل حتى الآن لدعوات وقف إطلاق النار، يتساءل مراقبون عن جدوى القمة، لكنّ المصدر الدبلوماسي أكد «أهميتها كونها جزءاً من ضغط دبلوماسي متصاعد بدأ بمحاولات في مجلس الأمن، لم تنجح، وامتد إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، واستطاع بالتدريج بناء موقف دولي أقوى مساند لوقف إطلاق النار».

ورأى أن القمة العربية «محطة لبناء موقف سياسي عالمي رافض للعمليات العسكرية، حتى إن لم يكن لها أثر لحظي». ولفت إلى أن «هناك تحولاً في المواقف الغربية في الآونة الأخيرة، ومن المهم أن ترى هذه الدول جدية من الجانب العربي وأن الدول العربية تضع ثقلها السياسي خلف القضية وتجتمع على مستوى القمة».

بدوره، أعرب د.أحمد يوسف عن أمله في أن تستطيع القمة العربية الطارئة «التوافق على إجراءات عملية قادرة على دعم الموقف الفلسطيني»، مؤكداً أن «الحد الأدنى المطلوب من القادة العرب في القمة، هو الوصول إلى صيغة قد لا يكون لها تأثير قريب المدى على ما يجري في غزة، لكنها قد تسهم على الأقل في إيصال صورة ما يحدث للعالم الغربي، عبر رسالة إعلامية عربية تدعم القضية دولياً».

كان مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب قد عقد اجتماعاً في مقر الأمانة العامة في القاهرة في أكتوبر (تشرين الأول). وأصدر بياناً تحفظت على بعض بنوده عدة دول. ومن جانبه شدد العساف على «أهمية القمة في إشعار العالم بوحدة الصف العربي»، مؤكداً أن «الأمر أخطر مما يتصور الجميع، والغرب وأميركا على قوتهما، إذا رأيا وحدة الصف والتحرك ضدهما سيتراجعان ولو خطوات».


مقالات ذات صلة

«مقتل رهائن» و«ضغوط الداخل» الإسرائيلي... هل يعجّلان «هدنة غزة»؟

شمال افريقيا فلسطينيون يتفقدون منازلهم شرق دير البلح وسط قطاع غزة بحثاً عن أشياء يمكن انتشالها من بين الأنقاض (أ.ف.ب)

«مقتل رهائن» و«ضغوط الداخل» الإسرائيلي... هل يعجّلان «هدنة غزة»؟

فجَّر إعلان إسرائيل العثور على جثث رهائن بقطاع غزة موجة احتجاجات واسعة؛ رفضاً لسياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا بدر عبد العاطي خلال لقاء سيغريد كاغ في القاهرة (الخارجية المصرية)

مصر تدين سياسة «الأرض المحروقة» في الضفة الغربية

أدانت مصر «استمرار الاعتداءات العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية، التي أدت لاستشهاد وإصابة عشرات الفلسطينيين على مدار الأيام الماضية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية متظاهر في تل أبيب مساء السبت يرتدى قناعاً لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للتنديد بسياسته في ملف المحتجزين لدى «حماس» (د.ب.أ)

جثث المختطفين الستة تؤجج الغضب ضد نتنياهو

في أعقاب تباهي الجيش الإسرائيلي والحكومة باسترداد «ستة جثامين» لمحتجزين لدى «حماس»، خرجت عائلات في موجة مظاهرات شوّشت الحياة الاقتصادية في شتى أنحاء البلاد.

نظير مجلي (تل أبيب)
الخليج وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان (الشرق الأوسط)

وزير الخارجية السعودي يتلقى اتصالاً هاتفياً من رئيس وزراء فلسطين

 تلقى الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، اتصالاً هاتفيًا، الأحد، من رئيس وزراء فلسطين وزير الخارجية والمغتربين الدكتور محمد مصطفى.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي جنود إسرائيليون خلال العملية العسكرية في جنين بالضفة الغربية (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جندي خلال عمليته في الضفة الغربية

أعلن الجيش الإسرائيلي، السبت، مقتل أحد جنوده في رابع أيام عمليته في الضفة الغربية المحتلة حيث يتركز القتال في مخيم جنين للاجئين.

«الشرق الأوسط» (رام الله)

مصر: أدوية «ناقصة»... وبدائل «شحيحة»

صيدليات في مصر تشهد نقصاً في بعض الأدوية (نقابة صيادلة القاهرة)
صيدليات في مصر تشهد نقصاً في بعض الأدوية (نقابة صيادلة القاهرة)
TT

مصر: أدوية «ناقصة»... وبدائل «شحيحة»

صيدليات في مصر تشهد نقصاً في بعض الأدوية (نقابة صيادلة القاهرة)
صيدليات في مصر تشهد نقصاً في بعض الأدوية (نقابة صيادلة القاهرة)

يقف عماد عبد الحميد، وهو موظف حكومي في العقد الثالث، أمام «صيدلية الإسعاف» (حكومية) في وسط العاصمة القاهرة، من السادسة صباحاً لحجز دوره في طابور ممتد لمسافات؛ وذلك لصرف العلاج الشهري لوالدته المسنة التي تعيش معه في منطقة المرج (شرق القاهرة).

عبد الحميد يضطر إلى القدوم لـ«صيدلية الإسعاف» مرة شهرياً لصرف العلاج لوالدته، الذي لم يعد متوفراً منذ فترة في أغلب الصيدليات الخاصة. ما يشكو منه المواطن المصري يعاني منه أغلب المصريين في ظل أدوية أساسية «غير متوفرة» في الصيدليات الأخرى، وعدم وجود بدائل لها، بسبب أزمة الدولار التي شهدتها مصر خلال الشهور الماضية.

عبد الحميد قال لـ«الشرق الأوسط» إن الشهور الأخيرة شهدت ازدحاماً كبيراً وزيادة في الطوابير أمام «الإسعاف»، مع التشديد في إجراءات الصرف، رغم أن الأدوية كان يحصل عليها سابقاً من «معهد ناصر» (مستشفى حكومي)، لكن بعضها لم يعد متوفراً في المعهد، مما اضطره للذهاب إلى «صيدلية الإسعاف» للحصول على الأدوية الناقصة بموجب الروشتة الخاصة بوالدته.

و«صيدلية الإسعاف» لها أفرع في بعض المحافظات المصرية، وتتبع الشركة المصرية للأدوية، وتتوفر فيها الأدوية الناقصة، بالإضافة إلى الأدوية المدرجة باعتبارها مخدرة، بجانب الألبان الخاصة بالأطفال.

مقر للشركة المصرية لتجارة الأدوية في القاهرة (الشركة)

موقف عبد الحميد أمام «صيدلية الإسعاف» يتكرر مع آخرين يصطفون أمام الصيدلية الشهيرة على مدار اليوم للحصول على الأدوية الناقصة، التي «انضم إليها في الأسابيع الأخيرة (الأنسولين) لمرضى السكر، حيث يتم صرفه من (الإسعاف) مع نقصه الحاد في الصيدليات الأخرى»، بحسب عضو لجنة «الصحة» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب أحمد عبد اللطيف الطحاوي.

وقال الطحاوي لـ«الشرق الأوسط» إن الأدوية الناقصة لمرضى الأمراض المزمنة تُوفَّر من خلال «صيدلية الإسعاف»، بالإضافة إلى أدوية الأورام والعلاجات الكيميائية، مشيراً إلى «وجود

نقص في بعض الأدوية المستوردة من الخارج، بالإضافة إلى نقص حتى في الأدوية المصنعة محلياً».

وحمّل رئيس «شعبة الأدوية» باتحاد الغرف التجارية، الدكتور علي عوف، مسؤولية نقص الأدوية في البلاد إلى أزمة الدولار، وتغير سعر الصرف خلال مارس (آذار) الماضي، بعدما وجدت الشركات المصرية نفسها مطالبة بالحصول على الدولار من البنوك المصرية بمتوسط 50 جنيهاً، بعدما كانت تحصل عليه بمتوسط 31 جنيهاً، مما جعل الشركات مطالبة بسداد فوارق مالية كبيرة للبنوك، في وقت يتعين عليها بيع الأدوية بالأسعار نفسها المحددة سلفاً على سعر الدولار القديم؛ نظراً لأن الأدوية مسعرة جبرياً.

عوف قال لـ«الشرق الأوسط» إن إحدى الشركات الكبرى طُلب منها توفير فارق يصل إلى 300 مليون جنيه (الدولار يساوي 48.56 جنيه في البنوك المصرية) بشكل فوري، من أجل الإفراج عن المواد الخام الخاصة بها والموجودة في الجمارك. وهو أمر زاد من أعباء الشركات التشغيلية بصورة كبيرة، خصوصاً أن «البنك المركزي والبنوك المصرية لم تقدم أي تسهيلات لشركات الدواء، التي وجدت نفسها مطالبة، مع زيادة سعر الصرف، بضخ مزيد من الأموال، أو تقليل ما تقوم باستيراده، وبالتالي تقليل إنتاجها، الأمر الذي حدث بشكل مفاجئ وفوري».

كما أكد رئيس «لجنة التصنيع» بنقابة الصيادلة، الدكتور محفوظ رمزي، لـ«الشرق الأوسط» أن «مصانع الأدوية المحلية وجدت نفسها مطالبة بالاقتراض من البنوك بفائدة تصل إلى 25 في المائة سنوياً، من أجل تنفيذ عمليات الاستيراد للمواد الخام بجانب سداد فارق سعر الصرف»، منتقداً «عدم وجود تسهيلات بنكية استثنائية لقطاع الدواء، كان يمكن أن تساهم في توفير الأدوية بشكل أسرع للمواطنين».

وجود نقص في بعض الأدوية المستوردة من الخارج والمحلية (رويترز)

أما مدير مركز «الحق في الدواء»، محمود فؤاد، فقد انتقد «عدم تحرك الحكومة المصرية السريع مع ملف نقص الأدوية»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن الأزمة تكررت بشكل مشابه لما حدث في عام 2017 بعد تحريك سعر الصرف في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016، ولجأت الحكومة آنذاك إلى «زيادة سعر الأدوية بشكل فوري، مما أتاح للشركات استئناف إنتاجها».

فؤاد أوضح أن عمليات الاستيراد التي تجري لكميات من الأدوية التي لا تُصنع محلياً «لا تتوفر إلا عبر منافذ (صيدلية الإسعاف) بأفرعها». لكن رئيس «لجنة التصنيع» بنقابة الصيادلة يرى أن «إتاحة الأدوية بشكل حصري من خلال (صيدلية الإسعاف) يشكل انتهاكاً لقانون حماية المنافسة، مع احتكار صيدليات محددة، حتى لو كانت تابعة للدولة المصرية، لتوزيع أصناف معينة من الدواء».

كما تحدث محفوظ رمزي عن نقص في الأدوية «رُصد سواء في الأدوية المصنعة محلياً أو المستوردة من الخارج». ويتوقع أن تحدث انفراجة كبيرة مع نهاية الشهر الجاري لأسباب عدة، منها «انتهاء تطوير خطوط إنتاج بعض مصانع الدواء المحلية التي استغرقت وقتاً أطول من المتوقع، بالإضافة إلى استيراد الأدوية من الخارج، والإفراج عن شحنات من المواد الخام التي تدخل في خطوط التصنيع».

وهنا أشار علي عوف إلى أن جزءاً من مشكلة الإحساس بنقص الأدوية يرجع إلى «طلب الحصول على الدواء باسم محدد، وليس بالمادة الفعالة مع وجود بدائل لغالبية الأدوية الناقصة بالأسواق؛ لكن بأسماء أخرى لا يقبل المرضى على شرائها».

إحدى الصيدليات داخل مستشفى حكومي في مصر (وزارة الصحة المصرية)

وخلال مؤتمر صحافي الأسبوع الماضي، أكد رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، «ضخ 10 مليارات جنيه لهيئة الدواء من أجل توفير الأدوية في الأسواق». كما تعهد في يوليو (تموز) الماضي بانتهاء الأزمة خلال ثلاثة أشهر، بعد الاتفاق مع ممثلي الشركات على زيادات تدريجية في أصناف الدواء التي تقوم بإنتاجها أو استيرادها من الخارج.

من جانبه، أكد عضو لجنة «الصحة» بالبرلمان «ضرورة توافر الأدوية بأسعار تناسب المرضى، وتأخذ في الاعتبار الوضع الاقتصادي الخاص بهم، مما يفرض ضرورة وجود رقابة على الشركات لمنع التلاعب بأسعار الأدوية أو زيادتها بشكل كبير دفعة واحدة».

لكن رئيس «شعبة الأدوية» باتحاد الغرف التجارية أشار إلى أن «أحد مصانع الأدوية الشهيرة بلغت خسائره 121 مليون جنيه في النصف الأول من العام الجاري، مما يتطلب ضرورة وجود نظرة حكومية مختلفة للتعامل مع قطاع الدواء الذي يعاني من خسائر قد تؤدي إلى توقف مصانع عن العمل».