الرئيس الموريتاني يدافع عن حصيلته قبل أشهر على الانتخابات

لم يعلن ترشحه لولاية ثانية… وأكد أن «الأمر متروك للشعب»

الرئيس الموريتاني دافع عن حصيلته في الحكم (د.ب.أ)
الرئيس الموريتاني دافع عن حصيلته في الحكم (د.ب.أ)
TT

الرئيس الموريتاني يدافع عن حصيلته قبل أشهر على الانتخابات

الرئيس الموريتاني دافع عن حصيلته في الحكم (د.ب.أ)
الرئيس الموريتاني دافع عن حصيلته في الحكم (د.ب.أ)

دافع الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني في مقابلة مع وسائل إعلام محلية، نشرت اليوم (الثلاثاء)، عن حصيلته سياسته القائمة على «التهدئة» بين أحزاب الموالاة والمعارضة، وقال إن «نهج التهدئة السياسية بين الشركاء في الوطن هو قناعة راسخة، وخيار ثابت ومسؤولية وطنية»، رابطاً بين غياب التهدئة وعدم الاستقرار في بعض دول العالم.

وكان ولد الغزواني يتحدث مع وسائل إعلام محلية موريتانية، في مقابلة مكتوبة نشرت بشكل متزامن، وهي الأولى من نوعها منذ وصوله إلى الحكم منتصف 2019، قال فيها إن «ما تشهده مناطق عدة في العالم من عدم استقرار، سببه في المقام الأول هو انقطاع خيط الصلة بين الشركاء في الوطن، وسيادة منطق الإقصاء، وتوفير الظروف المناسبة للتخوين والتشنيع والإقصاء».

ومنذ وصوله إلى الحكم أطلق ولد الغزواني ما سماه «التهدئة السياسية»، وأصبح يجري لقاءات دورية مع قادة أحزاب المعارضة، لكن عدداً من خصومه يقولون إن التهدئة «قتلت العمل السياسي» في البلاد، مشيرين إلى أن أحزاب المعارضة التي كانت تتصدر صفوف منتقدي العمل الحكومي «أصبحت ميتة وغائبة». لكن ولد الغزواني رفض هذه التهمة بشدة، قائلا: «قناعتي هي أننا باللقاء المباشر والنقاش الهادئ والتشاور، وبقليل من التنازل والمرونة، يمكن أن نتفق ونوحد الرؤى حول كثير من القضايا، وإن تعذر ذلك، نتفهم ويعذر بعضنا البعض في المواضيع التي لم ننجح في توحيد المواقف حولها».

قادة المعارضة قالوا إن الأحزاب المعارضة التي كانت تتصدر صفوف منتقدي العمل الحكومي «أصبحت ميتة وغائبة» (الشرق الأوسط)

وتأتي تصريحات ولد الغزواني بعد انتخابات تشريعية ومحلية نظمت في مايو (أيار) الماضي، واكتسحتها أغلبيته الرئاسية، وتلقت فيها أحزاب المعارضة التاريخية ضربة قاسية حين فشلت في دخول البرلمان، وهو ما أعاد إلى النقاش العام الحديث حول «موت المعارضة»، لكن الانتخابات أيضاً أثارت خلافات داخل صفوف الأحزاب الداعمة للرئيس، وطعنت في نزاهتها عدة أحزاب سياسية.

غير أن ولد الغزواني قلل من شأن ذلك، وقال إن «المعارضة حية وموجودة، وتمارس دورها في النقد والتوجيه، والأغلبية هي الأخرى قوية ومنسجمة ومتماسكة أكثر من أي وقت مضى»، كما تطرق لموضوع تزوير الانتخابات، وقال إن ما سجل من خروقات «لم يرق حسب اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، وحسب الجهات القضائية المختصة، إلى الطعن في مصداقية هذه الانتخابات». مشددا على أن الانتخابات «هي المؤشر الوحيد على ثقة الشعب ورضاه عن نظامه وحكومته أو عكس ذلك، وشعبنا ذكي ولديه وعي ويحلل ويقارن... وهو وحده من يقرر من يمنحه ثقته» عبر الانتخابات.

ورغم اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية (منتصف 2024)، فإن ولد الغزواني لم يعلن ترشحه لولاية رئاسية ثانية، وفي كل مرة يطرح عليه السؤال يتفادى الإجابة بالنفي أو التأكيد، مشيراً إلى أن «الأمر بيد الشعب الموريتاني»، وقد قال في مقابلته الأخيرة: «صحيح أني قلت إن الأمر بيد الشعب الموريتاني، وأغلبيتي السياسية بشكل خاص... لكن الأولوية الآن للعمل، وكل شيء في وقته (...) وخدمة شعبي هي دائما شرف لي».

الرئيس ولد الغزواني يدلي بصوته في الانتخابات السابقة (الشرق الأوسط)

في سياق ذلك، استعرض ولد الغزواني في مقابلته مع وسائل الإعلام المحلية ما يشبه حصيلة أربع سنوات من الحكم، ودافع عنها بشدة، معلنا أن حكومته تعمل حالياً على أكثر من 140 مشروعاً استثمارياً كبيراً، كلفة إنجازها تزيد على 500 مليار أوقية قديمة (1,2 مليار دولار أميركي)، وتوقع اكتمال الأشغال في ثلثها قبل نهاية شهر أبريل (نيسان) المقبل، أي قبل موعد الانتخابات الرئاسية.

كما قلص نسبة الدين الخارجي من 70% عام 2019، إلى 43% عام 2022، ورفع نسبة النمو من ناقص 0.9% عام 2019 لتصل إلى 6.4% عام 2022، وضاعف الاستثمارات الأجنبية المباشرة من نصف مليار دولار عام 2019، إلى 1.5 مليار دولار في عام 2022.

ورغم هذه الأرقام فإن الموريتانيين ينظرون بقلق كبير إلى الأوضاع الإقليمية غير المستقرة، وخاصة في منطقة الساحل الأفريقي، التي يتصاعد فيها خطر الإرهاب، وتضربها موجة من الانقلابات العسكرية، وفي هذا السياق، قال ولد الغزواني: «موقف موريتانيا ثابت وقد عبرت عنه أكثر من مرة؛ وهو رفض تغيير الأنظمة بالطرق غير الدستورية، واعتبار الأساليب الديمقراطية هي السبيل الوحيد للتناوب على السلطة»، قبل أن يضيف: «ليس من منهجيتنا التدخل في الشؤون الداخلية للدول المستقلة، ونعمل ضمن الأطر الإقليمية والدولية من أجل استتباب الشرعية، والمحافظة على السلام في المنطقة».


مقالات ذات صلة

«كادوريم»... مغني «راب» يعلن الترشح لرئاسة تونس

شمال افريقيا مغني الراب ورجل الأعمال التونسي كريم الغربي من صفحته الرسمية على فيسبوك

«كادوريم»... مغني «راب» يعلن الترشح لرئاسة تونس

أعلن مغني الراب، كريم الغربي، في فيديو، ترشحه للانتخابات الرئاسية في تونس، والمقررة  في السادس من شهر أكتوبر المقبل.

كوثر وكيل (تونس)
أميركا اللاتينية رئيس فنزويلا نيكولاس مادورو يسعى للفوز بولاية ثالثة أمام خصمه السفير السابق إدموندو غونزاليس أوروتيا (أ.ب)

منع مراقبين من دخول فنزويلا عشية الاستحقاق الرئاسي

ساهم قيام كراكاس بمنع رحلة جوية تقل رؤساء دول سابقين من أميركا اللاتينية لمراقبة الانتخابات الرئاسية المقررة الأحد في تفاقم الأجواء المتوترة أصلاً في فنزويلا.

«الشرق الأوسط» (كراكاس)
الولايات المتحدة​ الممثلة الشهيرة جينيفر أنيستون (أ.ب)

«نساء القطط»... جينيفر أنيستون تهاجم فانس لانتقاده هاريس «غير المنجبة»

انتقدت الممثلة الشهيرة، جينيفر أنيستون، جي دي فانس، بعد أن وصف بعض السيدات من الحزب الديمقراطي، بمن في ذلك كامالا هاريس بـ«نساء القطط بلا أطفال».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (أ.ف.ب)

ترمب يحذر: الأبقار قد تحل مكان البشر

يعتقد الرئيس الأميركي السابق والمرشح الجمهوري دونالد ترمب أن الأبقار ستحل مكان البشر في النهاية إذا تم حظر تناول اللحوم الحمراء.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الوزير السابق بلقاسم ساحلي يعلن رفع طعون في قرار رفض ترشحه للرئاسة (إعلام الحملة)

وزير جزائري سابق يطعن في أسباب رفض ترشحه للرئاسة

رفض وزير جزائري سابق المسوّغات التي قدمتها «سلطة الانتخابات» لتفسير رفض ترشحه لاستحقاق الرئاسة، فيما أعلن مرشحان تم قبول ملفهما عزمهما خوض الحملة الشهر المقبل.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

بوارج إريترية في سواحل السودان... رسائل في بريد إثيوبيا

رئيس إريتريا آسياس أفورقي مستقبِلاً الفريق عبد الفتاح البرهان في أسمرا سبتمبر 2023 (مجلس السيادة السوداني «فيسبوك»)
رئيس إريتريا آسياس أفورقي مستقبِلاً الفريق عبد الفتاح البرهان في أسمرا سبتمبر 2023 (مجلس السيادة السوداني «فيسبوك»)
TT

بوارج إريترية في سواحل السودان... رسائل في بريد إثيوبيا

رئيس إريتريا آسياس أفورقي مستقبِلاً الفريق عبد الفتاح البرهان في أسمرا سبتمبر 2023 (مجلس السيادة السوداني «فيسبوك»)
رئيس إريتريا آسياس أفورقي مستقبِلاً الفريق عبد الفتاح البرهان في أسمرا سبتمبر 2023 (مجلس السيادة السوداني «فيسبوك»)

في خطوة مفاجئة، رست الجمعة بوارج إريترية في السواحل السودانية، أثارت جدلاً كبيراً بشأن دواعيها في هذا التوقيت الذي تشهد فيه البلاد قتالاً بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، وبعد قرار أسمرا المفاجئ طرد دبلوماسي سوداني، وهي خطوة عدّها محللون سياسيون تعبيراً عن العلاقات القوية بين البلدين، ورسائل لدول إقليمية بوقوف إريتريا إلى جانب الجيش السوداني.

وفي سياق آخر، علمت «الشرق الأوسط»، من مصادر عليمة، أن رئيس مجلس السيادة، قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، أوفد مسؤولاً رفيع المستوى إلى القاهرة، يحمل رسالة إلى الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي لزيارة بورتسودان، وشملت الدعوات أيضاً الرئيس الإريتري آسياس أفورقي والأوغندي يوري موسيفيني.

واستقبلت القوات البحرية السودانية القطع الإريترية التي جاءت بتوجيهات من الرئيس أفورقي، للتأكيد على «وقوفه مع الشعب السوداني الشقيق في هذه الظروف التي تمر بها البلاد»، وتوطيداً للعلاقات الراسخة بين الشعبين، وفق مسؤولين عسكريين سودانيين. وكان في استقبال الوفد الإريتري كبار قادة القوات البحرية السودانية.

وتأتي هذه الخطوة بعد أن أعلنت الحكومة الإريترية أن القائم بالأعمال السوداني، خالد حسن، شخصاً غير مرغوب فيه، وأمهلته 3 أيام للمغادرة، انتهت بالتزامن مع وصول بوارجها إلى بورتسودان.

وقال وكيل وزارة الخارجية السودانية، حسين الأمين، في مؤتمر صحافي الخميس الماضي بمدينة بورتسودان العاصمة المؤقتة، إن بلاده تنتظر توضيحاً من أسمرا على قرار طرد سفيرها.

ويتمتع الجيش السوداني بعلاقات جيدة مع أفورقي، وسبق وأشاد بمواقفه مساعد القائد العام للجيش، الفريق ياسر العطا، بعدما هاجم زعماء دول عدد من الجوار السوداني، واتهمها صراحة بدعم ومساندة «قوات الدعم السريع» في الحرب ضد الجيش.

وقال رئيس وفد البحرية الإريترية في تسجيل مصور: «وصلنا في هذا الظرف الصعب لنؤكد أننا مع قضية السودان العادلة، ونقف دوماً مع قادة الجيش والبحرية والمشاة وسلاح الطيران»، مضيفاً: «نأمل في أن يتعدى السودان هذه المرحلة، وموقفنا ثابت في رفض التدخلات الأجنبية». وأكد المسؤول الإريتري تواصل العلاقات والزيارات بين البلدين التي تؤكد على الحلف الاستراتيجي القوي الذي يصب في مصلحة البلدين.

ويقول المحلل السياسي السوداني، صالح عمار، إن «العلاقة بين الرئيس الإريتري وقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان تطورت وقويت بشكل أكبر بعد أشهر قليلة من اندلاع الحرب في السودان بين الجيش والدعم السريع»، مضيفاً أن «هذا الأمر معلن مسبقاً».

رسالة إلى إثيوبيا

وعدّ خطوة إرسال إريتريا قطعاً من سلاح البحرية إلى السواحل السودانية «رسالة في بريد إثيوبيا ودول إقليمية أخرى»، مفادها أن العلاقات بين إريتريا والسودان قوية، و«أنها على استعداد لحمايته». وأرجع صالح الموقف الإريتري إلى ما يتردد من مزاعم عن وجود علاقات وثيقة تربط إثيوبيا ودولاً أخرى بـ«قوات الدعم السريع»، وهو ما تراه يشكل خطراً عليها.

ويوضح المحلل السياسي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن توتر العلاقات بين البلدين، الذي أدى إلى اتخاذ الحكومة الإريترية قراراً مفاجئاً بطرد السفير السوداني، جاء رد فعل على الزيارة التي أجراها رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد إلى بورتسودان، ولقائه قائد الجيش السوداني.

وقال إن «الموانئ السودانية على ساحل البحر الأحمر استقبلت خلال السنوات الماضية سفناً حربية وتجارية من روسيا وإيران وغيرهما من الدول في إطار التعاون المشترك مع السودان، لكن إريتريا ربما قصدت من هذه الزيارة في هذا التوقيت أن تشير إلى قوة تحالفها مع الجيش السوداني».

واستبعد أن يكون التحرك بتنسيق بين إريتريا وروسيا، أو ذا صلة بالصراع الدولي في منطقة البحر الأحمر، منوهاً بأن إريتريا لن تقدم على أي فعل يمكن أن يلحق الضرر بحلفائها الأساسيين في الإقليم.

بدوره، رأى المحلل السياسي، الجميل الفاضل، أن وجود القطع الحربية البحرية الإريترية ببورتسودان، في ھذا التوقيت، يعطي مؤشراً لمؤازرة الجيش معنوياً على الأقل في حربه ضد «الدعم السريع».

وقال: «منذ الطرد المفاجئ للقائم بالأعمال السوداني من أسمرا طرأت تطورات اتخذت طابعاً دراماتيكياً من خلال بث صور للقاء تم بين الرئيس آسياس أفورقي، وزعيم قبائل البجا السودانية، محمد الأمين ترك، وتبع ذلك بالطبع مباشرة زيارة البوارج الإريترية إلى ميناء بورتسودان».

وأضاف أن «ما يربط بين تلك الأحداث أنها جاءت في أعقاب الزيارة الغامضة لرئيس الحكومة الإثيوبية، آبي أحمد لبورتسودان». وأشار إلى أن «أسمرا بدأت تشعر بأنها مبعدة عن مساعي التسوية في السودان، وتحركها الأخير يعبر عن تململ ورفض لإبعادها عن الجهود الإقليمية والدولية الجارية حالياً على قدم وساق لإنجاح المبادرة الأميركية الساعية لإنهاء الحرب في السودان».