دافع الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني في مقابلة مع وسائل إعلام محلية، نشرت اليوم (الثلاثاء)، عن حصيلته سياسته القائمة على «التهدئة» بين أحزاب الموالاة والمعارضة، وقال إن «نهج التهدئة السياسية بين الشركاء في الوطن هو قناعة راسخة، وخيار ثابت ومسؤولية وطنية»، رابطاً بين غياب التهدئة وعدم الاستقرار في بعض دول العالم.
وكان ولد الغزواني يتحدث مع وسائل إعلام محلية موريتانية، في مقابلة مكتوبة نشرت بشكل متزامن، وهي الأولى من نوعها منذ وصوله إلى الحكم منتصف 2019، قال فيها إن «ما تشهده مناطق عدة في العالم من عدم استقرار، سببه في المقام الأول هو انقطاع خيط الصلة بين الشركاء في الوطن، وسيادة منطق الإقصاء، وتوفير الظروف المناسبة للتخوين والتشنيع والإقصاء».
ومنذ وصوله إلى الحكم أطلق ولد الغزواني ما سماه «التهدئة السياسية»، وأصبح يجري لقاءات دورية مع قادة أحزاب المعارضة، لكن عدداً من خصومه يقولون إن التهدئة «قتلت العمل السياسي» في البلاد، مشيرين إلى أن أحزاب المعارضة التي كانت تتصدر صفوف منتقدي العمل الحكومي «أصبحت ميتة وغائبة». لكن ولد الغزواني رفض هذه التهمة بشدة، قائلا: «قناعتي هي أننا باللقاء المباشر والنقاش الهادئ والتشاور، وبقليل من التنازل والمرونة، يمكن أن نتفق ونوحد الرؤى حول كثير من القضايا، وإن تعذر ذلك، نتفهم ويعذر بعضنا البعض في المواضيع التي لم ننجح في توحيد المواقف حولها».
وتأتي تصريحات ولد الغزواني بعد انتخابات تشريعية ومحلية نظمت في مايو (أيار) الماضي، واكتسحتها أغلبيته الرئاسية، وتلقت فيها أحزاب المعارضة التاريخية ضربة قاسية حين فشلت في دخول البرلمان، وهو ما أعاد إلى النقاش العام الحديث حول «موت المعارضة»، لكن الانتخابات أيضاً أثارت خلافات داخل صفوف الأحزاب الداعمة للرئيس، وطعنت في نزاهتها عدة أحزاب سياسية.
غير أن ولد الغزواني قلل من شأن ذلك، وقال إن «المعارضة حية وموجودة، وتمارس دورها في النقد والتوجيه، والأغلبية هي الأخرى قوية ومنسجمة ومتماسكة أكثر من أي وقت مضى»، كما تطرق لموضوع تزوير الانتخابات، وقال إن ما سجل من خروقات «لم يرق حسب اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، وحسب الجهات القضائية المختصة، إلى الطعن في مصداقية هذه الانتخابات». مشددا على أن الانتخابات «هي المؤشر الوحيد على ثقة الشعب ورضاه عن نظامه وحكومته أو عكس ذلك، وشعبنا ذكي ولديه وعي ويحلل ويقارن... وهو وحده من يقرر من يمنحه ثقته» عبر الانتخابات.
ورغم اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية (منتصف 2024)، فإن ولد الغزواني لم يعلن ترشحه لولاية رئاسية ثانية، وفي كل مرة يطرح عليه السؤال يتفادى الإجابة بالنفي أو التأكيد، مشيراً إلى أن «الأمر بيد الشعب الموريتاني»، وقد قال في مقابلته الأخيرة: «صحيح أني قلت إن الأمر بيد الشعب الموريتاني، وأغلبيتي السياسية بشكل خاص... لكن الأولوية الآن للعمل، وكل شيء في وقته (...) وخدمة شعبي هي دائما شرف لي».
في سياق ذلك، استعرض ولد الغزواني في مقابلته مع وسائل الإعلام المحلية ما يشبه حصيلة أربع سنوات من الحكم، ودافع عنها بشدة، معلنا أن حكومته تعمل حالياً على أكثر من 140 مشروعاً استثمارياً كبيراً، كلفة إنجازها تزيد على 500 مليار أوقية قديمة (1,2 مليار دولار أميركي)، وتوقع اكتمال الأشغال في ثلثها قبل نهاية شهر أبريل (نيسان) المقبل، أي قبل موعد الانتخابات الرئاسية.
كما قلص نسبة الدين الخارجي من 70% عام 2019، إلى 43% عام 2022، ورفع نسبة النمو من ناقص 0.9% عام 2019 لتصل إلى 6.4% عام 2022، وضاعف الاستثمارات الأجنبية المباشرة من نصف مليار دولار عام 2019، إلى 1.5 مليار دولار في عام 2022.
ورغم هذه الأرقام فإن الموريتانيين ينظرون بقلق كبير إلى الأوضاع الإقليمية غير المستقرة، وخاصة في منطقة الساحل الأفريقي، التي يتصاعد فيها خطر الإرهاب، وتضربها موجة من الانقلابات العسكرية، وفي هذا السياق، قال ولد الغزواني: «موقف موريتانيا ثابت وقد عبرت عنه أكثر من مرة؛ وهو رفض تغيير الأنظمة بالطرق غير الدستورية، واعتبار الأساليب الديمقراطية هي السبيل الوحيد للتناوب على السلطة»، قبل أن يضيف: «ليس من منهجيتنا التدخل في الشؤون الداخلية للدول المستقلة، ونعمل ضمن الأطر الإقليمية والدولية من أجل استتباب الشرعية، والمحافظة على السلام في المنطقة».