الحكومة التونسية تلاحق «المندسين» في القطاع العام

شكّلت لجاناً للتدقيق في الشهادات العلمية وصحّة التكليفات

رئيس الحكومة أحمد الحشاني في اجتماع وزاري (موقع رئاسة الحكومة)
رئيس الحكومة أحمد الحشاني في اجتماع وزاري (موقع رئاسة الحكومة)
TT

الحكومة التونسية تلاحق «المندسين» في القطاع العام

رئيس الحكومة أحمد الحشاني في اجتماع وزاري (موقع رئاسة الحكومة)
رئيس الحكومة أحمد الحشاني في اجتماع وزاري (موقع رئاسة الحكومة)

أطلقت الحكومة التونسية حملة «ملاحقة للمندسين» في وظائف إدارية بمختلف الوزارات والدواوين والمؤسسات الحكومية الكبرى، وتأمل عبر تشكيل لجان خاصة للتدقيق الشامل في عمليات الانتداب والإدماج بكل الوزارات والهياكل التابعة لها، في الكشف عن «عمليات تدليس واسعة أقدمت عليها القيادات السياسية السابقة، ونفذتها خلال توليها الحكم من 2011 إلى 2021».

وفي هذا السياق، وقّع أحمد الحشّاني رئيس الحكومة التونسية 26 إذناً بمأموريّة شُكِّلَت بمقتضاها لجنة خاصة للتدقيق الشّامل بكل وزارة، وأذن بانطلاق كل اللّجان في مهامّها، بداية من يوم 20 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، وهي مكونة من مهنيين اختصاصيين في أعمال الرّقابة والتفقّد والتدقيق.

وتعمل هذه اللجان على الكشف عن عمليات تدليس محتملة للشهادات العلمية، وأوكلت لها مهمة التثبّت من احترام شروط الانتداب والإدماج ومدى تلاؤمها مع القوانين المنظمة للقطاع العام، والتثبّت من صحّة الشّهادات العلميّة لكل المنتدبين خلال الفترة بين ما 14 يناير (كانون الثاني) 2011 إلى 25 يوليو (تموز)2021، وهي تاريخ إعلان الرئيس التونسي قيس سعيد التدابير الاستثنائية في تونس، من خلال الرجوع إلى الفصل 80 من الدستور، والذي أفضى إلى حل حكومة هشام المشيشي، وحل البرلمان الذي كان يرأسه راشد الغنوشي، ورفع الحصانة البرلمانية عن أعضاء البرلمان.

الرئيس التونسي قيس سعيد (أرشيفية - د.ب.أ)

وكان الرئيس سعيد قد أشار في تصريحات سابقة، إلى وجود عدد كبير من «الموظفين المندسين» في الإدارات التونسية، ونسب لهم تعطيل مشاريع التنمية، والبقاء على ولائهم لأحزاب سياسية دفعت بهم إلى مناصب إدارية عدة مهمة، وربما تكون قد اعتمدت على شهادات علمية مشكوك في صحتها، وفق ما أشار له أيضاً رئيس الحكومة عند إعطاء إشارة الانطلاق في عمليات التدقيق في الانتدابات الحكومية.

كما ستتكفّل اللّجان المذكورة، كلّ في ما يخصّها، باقتراح الإجراءات الكفيلة بتطهير الإدارة والمؤسّسات والمنشآت والهيئات العموميّة من كل من بُني انتدابه أو إدماجه على الغشّ عملاً بالقاعدة الأصولية التي مؤداها أنّ «الغشّ يُفسد كل شيء» وأنّ «ما بُني على باطل فهو باطل».

وكان وزير الداخلية كمال الفقي قد أشرف يوم الجمعة الماضي على اجتماع لجنة التدقيق الخاصة بوزارة الداخلية المعنية بأعمال الرّقابة والتفقّد والتدقيق، والتي تشكّلت بناءً على مقترحات لجنة «قيادة عمليّات التدقيق» برئاسة الحكومة... وأذن الوزير بانطلاق عملها في الحال.

لافتة تحيي ذكرى اغتيال البراهمي (موقع حزب التيار الشعبي)

وسبق لهيئة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهمي اللذين اغتيلا سنة2013، أبان تزعم "حركة النهضة" للساحة السياسية في تونس، قد اتهمت قيادات الحركة بتشكيل "أمن مواز" وبوجود "جهاز أمن سري" في وزارة الداخلية التونسية.كما اتهمتها بإنشاء "غرفة سوداء"أخفت فيها كل دلائل إدانتها في اغتيال السياسيين بلعيد والبراهمي، وهو ما نفته "النهضة" طوال السنوات الماضية.

ويرى مراقبون أن عمليات التدقيق التي ستتم على مستوى وزارة الداخلية التونسية، يمكن أن تكشف عن"اندساس عناصر موالية لحركة النهضة " وربما بقية الأحزاب السياسية، في مراكز أمنية حساسة.

راشد الغنوشي رئيس «حركة النهضة» (أ.ف.ب)

من ناحية أخرى، أعلنت الداخلية التونسية القبض على 23 شخصا من المشاركين في أعمال العنف التي جرت يوم السبت الماضي، بمؤسستين تربوتين في منطقة القصرين(وسط غربي تونس) والاحتفاظ ب18 متهما من بينهم 11تلميذا و7من العاطلين عن العمل .

وقالت، إن "مجموعة من التلاميذ والشباب من خارج المؤسسة التربوية أقدموا على تنفيذ أعمال عنف وشغب طالت تجهيزات تلك المؤسسات من خلال تهشيم نوافذ معهد تربوي ،وإضرام النار بعدد من طاولات الدراسة، وإشعال النار بعجلات مطاطية وغلق الطريق، علاوة على تهشيم زجاج سيارة إدارية تابعة لمركز الأمن الوطني بالمدينة".


مقالات ذات صلة

تونس: توجيه تهمة «تبديل هيئة الدولة» إلى رئيسة «الحزب الدستوري الحر»

شمال افريقيا رئيسة «الحزب الدستوري الحر» عبير موسي (أرشيفية - الإعلام التونسي)

تونس: توجيه تهمة «تبديل هيئة الدولة» إلى رئيسة «الحزب الدستوري الحر»

هيئة الدفاع عن موسي: «التحقيقات في مرحلة أولى كانت قد انتهت إلى عدم وجود جريمة... وقرار القضاة كان مفاجئاً».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا مظاهرة نظمها حقوقيون تونسيون ضد التضييق على الحريات (أرشيفية - إ.ب.أ)

20 منظمة حقوقية في تونس تنتقد توقيفات لنشطاء ونقابيين

شملت توقيفات جديدة بتونس نشطاء وصحافيين وعمالاً ونقابيين شاركوا في احتجاجات ضد طرد 28 عاملاً، بينهم نساء، من مصنع للأحذية والجلود لمستثمر أجنبي بمدينة السبيخة.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا مهاجرون عبر الصحراء الكبرى باتجاه أوروبا عبر ليبيا وتونس (رويترز)

السلطات التونسية توقف ناشطاً بارزاً في دعم المهاجرين

إحالة القضية إلى قطب مكافحة الإرهاب «مؤشر خطير لأنها المرة الأولى التي تعْرض فيها السلطات على هذا القطب القضائي جمعيات متخصصة في قضية الهجرة».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي (أ.ف.ب)

تونس: إحالة ملف الرئيس الأسبق المرزوقي إلى الإرهاب بـ20 تهمة

إحالة ملف الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي إلى القضاء المكلف بالإرهاب، في 20 تهمة جديدة.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا المرشح لرئاسية تونس العياشي زمال (الشرق الأوسط)

أحكام إضافية بسجن مرشح سابق للانتخابات الرئاسية في تونس

مجموع الأحكام الصادرة في حق الزمال «ارتفعت إلى 35 عاماً» وهو يلاحق في 37 قضية منفصلة في كل المحافظات لأسباب مماثلة.

«الشرق الأوسط» (تونس)

حوادث مرورية متكرّرة تفجع مصريين

الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)
الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)
TT

حوادث مرورية متكرّرة تفجع مصريين

الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)
الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)

شهدت مناطق متفرقة في مصر حوادث مرورية مفجعة، أخيراً؛ مما أثار تساؤلات حول أسباب تكرارها، في حين رأى خبراء أن «غالبية تلك الحوادث تقع نتيجة لأخطاء من العنصر البشري».

وشهدت مصر، الجمعة، حادثاً أُصيب خلاله نحو 52 شخصاً، إثر انقلاب حافلة (أتوبيس رحلات) على طريق «الجلالة - الزعفرانة» (شمال محافظة البحر الأحمر - جنوب مصر)، قبل توجهها إلى دير الأنبا أنطونيوس بالمحافظة.

وأعلنت وزارة الصحة المصرية «خروج جميع المصابين من المستشفى، بعد تحسّن حالاتهم»، وقالت في إفادة لها، الجمعة، إن «الحادث أسفر عن إصابة 52 راكباً؛ نُقل 31 منهم إلى مستشفى (رأس غارب) التخصصي، في حين تم إسعاف 21 مصاباً آخرين بموقع الحادث».

واحتجزت الأجهزة الأمنية سائق «الحافلة» المتسبّب في الحادث، في حين كلّفت السلطات القضائية لجنة فنية بفحص أسباب وقوع الحادث حول ما إذا كان عطلاً فنياً أم خطأ بشرياً نتيجة للقيادة الخاطئة، حسب وسائل إعلام محلية.

وأعاد انقلاب الحافلة بطريق «الجلالة - الزعفرانة» إلى الأذهان حادث انقلاب حافلة تابعة لجامعة «الجلالة الأهلية»، على الطريق السريع «الجلالة - العين السخنة»، في منتصف شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي؛ مما أدّى إلى وفاة 7 أشخاص، وإصابة نحو 25 آخرين.

وشهدت منطقة الشيخ زايد بمحافظة الجيزة (غرب القاهرة) حادث «دهس» سيارة، دراجةً نارية كان يستقلها عامل «دليفري» (التوصيل المنزلي)؛ مما أدى إلى مقتله.

كما شهدت محافظة الفيوم (جنوب القاهرة) حادث انقلاب سيارة نقل ركاب، الخميس، على الطريق الصحراوي السريع؛ مما أدى إلى إصابة 14 شخصاً.

وأظهرت التحريات الأولية للحادث أن السيارة تعرّضت للانقلاب، نتيجة السرعة الزائدة، وفقدان السائق السيطرة عليها.

وسجّلت إصابات حوادث الطرق في مصر ارتفاعاً بنسبة 27 في المائة، على أساس سنوي، بواقع 71016 إصابة عام 2023، في حين بلغ عدد المتوفين في حوادث الطرق خلال العام نفسه 5861 حالة وفاة، بنسبة انخفاض 24.5 في المائة، وفقاً للنشرة السنوية لنتائج حوادث السيارات والقطارات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، في شهر مايو (أيار) الماضي.

طريق الجلالة (وزارة النقل المصرية)

وباعتقاد رئيس الجمعية المصرية لرعايا ضحايا الطرق (منظمة مدنية)، سامي مختار، أن «نحو 80 في المائة من حوادث الطرق يحدّث نتيجة لأخطاء من العنصر البشري»، مشيراً إلى أن «تكرار الحوادث المرورية يستوجب مزيداً من الاهتمام من جهات حكومية؛ للحد من وقوعها، وتعزيز السلامة على الطرق».

ودعا مختار، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى «ضرورة تكثيف حملات التوعية بالسلامة المرورية، لجميع مستخدمي الطرق، من سائقي السيارات والركاب»، قائلاً إن حملات التوعية يجب أن تشمل «التعريف بقواعد وآداب السير على الطرق، وإجراءات السلامة، والكشف على تعاطي المخدرات للسائقين في أثناء السير»، ومشدداً على ضرورة «تكثيف حملات الرقابة بخصوص تعاطي المخدرات في أثناء القيادة».

ولقي حادث انقلاب حافلة طريق «الجلالة» تفاعلاً من رواد منصات التواصل الاجتماعي في مصر؛ حيث دعوا إلى «مراجعة الحالة الفنية للطريق، بعد تكرار حوادث انقلاب حافلات الركاب عليه».

بينما يستبعد أستاذ هندسة الطرق بجامعة عين شمس، حسن مهدي، فرضية أن يكون وقوع الحوادث بسبب الحالة الفنية للطريق، مرجعاً ذلك إلى «عدم تكرار الحوادث في مكان واحد على الطريق»، ومشيراً إلى أن «وقوع الحوادث المرورية في مناطق متفرقة يعني أن السبب قد يكون فنياً؛ بسبب (المركبة)، أو لخطأ بشري من السائق».

وأشار مهدي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى ضرورة «تطبيق منظومة النقل الذكي، للحد من الحوادث، خصوصاً على الطرق السريعة»، مضيفاً أن «التوسع في المراقبة الذكية لحركة السير سيقلّل من الأخطاء، ويُسهم في التزام السائقين بإجراءات السلامة في أثناء القيادة»، وموضحاً أن «مشروع قانون المرور الجديد، المعروض أمام البرلمان ينص على تطبيق هذه المنظومة بشكل موسع».

وتضع الحكومة المصرية «قانون المرور الجديد» ضمن أولوياتها في الأجندة التشريعية لدور الانعقاد الحالي للبرلمان، وناقش مجلس النواب، في شهر أكتوبر الماضي «بعض التعديلات على قانون المرور، تضمّنت عقوبات مغلظة على مخالفات السير، والقيادة دون ترخيص».