وزير خارجية مصر: على واشنطن احتواء الأزمات لا تعزيز الأعمال العسكرية

وزير الخارجية المصري سامح شكري (د.ب.أ)
وزير الخارجية المصري سامح شكري (د.ب.أ)
TT

وزير خارجية مصر: على واشنطن احتواء الأزمات لا تعزيز الأعمال العسكرية

وزير الخارجية المصري سامح شكري (د.ب.أ)
وزير الخارجية المصري سامح شكري (د.ب.أ)

قال وزير الخارجية المصري سامح شكري اليوم الخميس إن على واشنطن أن تسعى دائما لاحتواء الأزمات وتخفيف التصعيد وليس تعزيز الأعمال العسكرية التي تسقط ضحايا مدنيين.

وذكر الوزير في مؤتمر صحفي بثه التلفزيون أن مصر تتوقع من وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن يركز خلال جولته بالمنطقة على وقف أي "تجاوزات" في غزة وتخفيف حدة التوتر. وأضاف تعليقا على جولة وزير الخارجية الأميركي "نتصور أنه بالضرورة أن يكون الهدف هو تخفيض التوتر، وهذا دائما تسعى إليه الدول الكبيرة في إطار مسؤوليتها في مجلس الأمن".

وتابع "يجب أن تسعى الولايات المتحدة إلى احتواء الأزمات وتخفيف التصعيد واستعادة الاستقرار وليس تعزيز الأعمال العسكرية المؤدية إلى سقوط ضحايا مدنيين بشكل لا يتسق مع اعتبارات القانون الدولي الإنساني ومبادئ حماية حقوق الإنسان". ووصل بلينكن إلى إسرائيل اليوم في زيارة لإبداء الدعم والتضامن، وسط الصراع الدائر بين إسرائيل وفصائل فلسطينية منذ مطلع الأسبوع الجاري. ويوم الثلاثاء الماضي، قالت وزارة الخارجية الأميركية إن بلينكن سيزور إسرائيل والأردن هذا الأسبوع ليلتقي مسؤولين رفيعي المستوى هناك.

وأكد الوزير المصري في المؤتمر الصحفي اليوم على أن استهداف المدنيين في قطاع غزة أمر "غير مقبول"، وأن من الضروري مراعاة "الطبيعة الخاصة لكثافة السكان" في القطاع، مشددا على أن هناك حدودا لأي عمل عسكري. وأوضح قائلا "هناك حدود لأي عمل عسكري يستهدف الكيانات دون أن يكون هناك هذا القدر من التدمير والتأثير على النساء والأطفال وكبار السن".

واستطرد بالقول "لا يوجد أي مبرر لاستهداف المدنيين وتعريضهم للقتل والمحاصرة والتجويع والتهجير"، مشددا على ضرورة التعامل مع حقوق الإنسان الفلسطيني "دون ازدواجية". واعتبر شكري أن دعم حل الدولتين دون تفعيله "يجعل السياسات المعلنة من المجتمع الدولي ليس لها قيمة"، وقال إن على المجتمع الدولي "أن يواجه إخفاقه وأن يقدر أن الوضع في الأراضي الفلسطينية غير ملائم".

وفي وقت لاحق، أكد شكري خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الليتواني مساء اليوم أنه لا يمكن تبرير استهداف المدنيين وتعريضهم للقتل أو الحصار أو التجويع أو التهجير. وشدد شكري على أنه "لا بد أن تكون هناك حدود لأي عمل عسكري ودون أن يخلف هذا القدر من التدمير". وأضاف أن حقوق الإنسان الفلسطيني ليست بأقل من حقوق أي إنسان اخر ويجب التعامل معها على ذات القدر ودون أي ازدواجية.

وقال شكري "المجتمع الدولي عليه أن يواجه إخفاقه ويقدر أن هذا الوضع غير ملائم ولا يتسق مع مبادئ حقوق الإنسان التي يقال إنها ركائز لشركائنا الدوليين".

وتوسطت مصر في التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل والفلسطينيين في آخر مواجهة كبيرة في غزة بعد قتال استمر 11 يوما عام 2021، في خطوة دفعت الرئيس الأميركي جو بايدن إلى توجيه شكر علني لمصر، لكن سعد الزنط، مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في مصر، قال إن هناك أزمة حقيقية في العلاقات المصرية الأميركية آخذه الاتساع يوما بعد يوم.

وأبلغ الزنط وكالة أنباء العالم العربي (AWP) "تصريحات وزير الخارجية المصري اليوم وانتقاداته للدور الذي تلعبه واشنطن في الأزمة الحالية يكشف عن وجود خلاف بين البلدين حول طريق التعامل مع الحرب في قطاع غزة".

وأضاف أن مصر ترى مبالغة كبيرة من جانب الولايات المتحدة في التعامل مع الأزمة، خاصة إرسالها لأكبر حاملة طائرات لديها إلى المنطقة. وتابع قائلا "الولايات المتحدة وإسرائيل ودول غربية لديهم رغبة في استغلال ما حدث لتصفية القضية الفلسطينية على حساب مصر، من خلال قيام إسرائيل باجتياح بري يعقبه تهجير لسكان غزة إلى داخل سيناء".

وقال إن مصر لن تقبل بهذا السيناريو، بل ومن الممكن أن يتحول إلى صدام مباشر مع الولايات المتحدة وإسرائيل حال الإصرار على تنفيذه. وأشار إلى أن الاتصال الهاتفي الذي جرى في الآونة الأخيرة بين وزير الخارجية المصري ونظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان "يوضح أن مصر تتعامل مع هذه الأزمة بشكل مختلف على باقي الحروب التي دارت بين حماس وإسرائيل، وأن لديها معلومات عما يحاك للقضية الفلسطينية ولها".

ولا تربط مصر علاقات دبلوماسية بإيران منذ أواخر سبعينيات القرن الماضي. ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي إميل أمين، الأستاذ في الجامعة الأميركية بالقاهرة، أن الموقف الأميركي هذه المرة مدفوع بحسابات انتخابية لإدارة الرئيس جو بايدن "وهو ما يفسر المبالغة في رد الفعل وإرسال حاملة الطائرات".

وقال إن الحرب هذه المرة بين حماس وإسرائيل تختلف عن سابقاتها من حيث عدد القتلى والأسرى والرهائن، الذي من بينهم مواطنون أميركيون، مضيفا "بسبب ما سبق الولايات المتحدة هذه المرة تميل إلى التصعيد وليس التهدئة".


مقالات ذات صلة

الأمطار تزيد معاناة الغزيين... وتحرمهم من المصدر الوحيد للكهرباء

المشرق العربي فلسطينيات يستخدمن طريقاً جافاً لنقل المياه إلى خيمتهن بعد هطول أمطار غزيرة بدير البلح وسط قطاع غزة الأحد (أ.ف.ب)

الأمطار تزيد معاناة الغزيين... وتحرمهم من المصدر الوحيد للكهرباء

منذ أن قطعت الحكومة الإسرائيلية الكهرباء عن غزة بفعل حربها المستمرة ضد القطاع منذ نحو 14 شهراً، اعتمد السكان على البديل الوحيد المتوفر، وهو الطاقة الشمسية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينيون نازحون في أحد شوارع غرب مدينة غزة اليوم (أ.ف.ب)

حكومة غزة: مئات آلاف النازحين يستعدون للعيش في الشوارع دون مساعدات أو مأوى

قال مكتب الإعلام الحكومي في غزة إن مئات آلاف النازحين في القطاع يستعدون للعيش في الشوارع دون مساعدات أو مأوى.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شمال افريقيا وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يتحدث خلال مؤتمر حوارات المتوسط ​​في روما بإيطاليا 25 نوفمبر 2024 (رويترز)

مصر تشدد على ضرورة تمكين السلطة الفلسطينية لاستعادة وضعها في قطاع غزة

أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ضرورة تمكين السلطة الفلسطينية من استعادة وضعها في قطاع غزة، قائلاً إن مصر ترفض تماماً تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم.

«الشرق الأوسط» (روما)
شؤون إقليمية صبي فلسطيني ينقذ دراجة هوائية تالفة من بين أنقاض منزل دُمر في غارة إسرائيلية على مخيم البريج للاجئين في وسط قطاع غزة الأحد (الفرنسية)

استيطان غزة... هدف لا تُعلنه إسرائيل لكنها تنفذه

تشير تصريحات إسرائيلية لمسؤولين حاليين وسابقين وحملات لقادة مستوطنين، إلى احتلال طويل لغزة واستئناف الاستيطان، حتى بات ذلك هدفاً غير معلن للحرب لكنه يُنفذ بدقة.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي الدخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (د.ب.أ) play-circle 01:47

موجة نزوح جديدة في غزة... وإصابة مدير مستشفى «كمال عدوان» بقصف إسرائيلي

أفادت وزارة الصحة في غزة، الأحد، بارتفاع عدد قتلى الحرب الإسرائيلية على القطاع إلى 44 ألفاً و211 وإصابة 104 آلاف و567 منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

استبعاد المئات من «قوائم الإرهاب» بمصر يجدد الجدل بشأن «مصالحة الإخوان»

أثار قرار تحديث قوائم الإرهاب جدلاً واسعاً (أ.ف.ب)
أثار قرار تحديث قوائم الإرهاب جدلاً واسعاً (أ.ف.ب)
TT

استبعاد المئات من «قوائم الإرهاب» بمصر يجدد الجدل بشأن «مصالحة الإخوان»

أثار قرار تحديث قوائم الإرهاب جدلاً واسعاً (أ.ف.ب)
أثار قرار تحديث قوائم الإرهاب جدلاً واسعاً (أ.ف.ب)

أدى قرار استبعاد المئات من الإدراج على «قوائم الإرهاب» في مصر، بقرار من محكمة الجنايات، إلى إعادة الجدل بشأن إمكانية «المصالحة» مع جماعة «الإخوان»، في ظل تضمين القرار أسماء عدد من قيادات الجماعة «المحظورة» رسمياً، أو محسوبين عليها، وعلى رأسهم يوسف ندا، ووجدي غنيم، وأمير بسام، ويحيى حامد، والأخير شغل منصباً وزارياً خلال حكم الجماعة بين عامي 2012 و2013.

وقررت محكمة الجنايات رفع أسماء 716 شخصاً من قوائم الإرهابيين استجابة لطلب النائب العام في قضية «تمويل جماعة الإخوان»، التي بدأ تحريكها عام 2014، بينما تضمنت حيثيات القرار إجراء «الأمن الوطني» تحريات تكميلية بشأن 808 أشخاص سبق إدراجهم في القضية البالغ عدد المتهمين فيها أكثر من 1500 شخص.

وشهدت منصات التواصل الاجتماعي في مصر جدلاً بشأن تداعيات القرار، فبينما فسره البعض بوصفه «يمهد لإمكانية التصالح مع الإخوان»، نفى آخرون ذلك وبينهم برلمانيون مصريون، مشددين على أن «الإجراء طبيعي وقانوني ولا يمثل بداية لأي مصالحة مع الإخوان»، التي صنفت «إرهابية» بأحكام قضائية.

وذكر عدد من المدونين تأكيدات على استمرار إدراج بعض الأسماء على القوائم، لكن في قضايا أخرى بخلاف القضية التي جرى رفع اسمهم فيها.

ودشن عدد من المتابعين وسم «لا تصالح مع الإخوان» للتعبير عن رفضهم القرار، مستذكرين الضباط والجنود الذين سقطوا ضحايا للعمليات الإرهابية.

ودخل عضو مجلس النواب (البرلمان) النائب محمود بدر على خط السجال مستبعداً في تدوينة عبر حسابه على «إكس»، أن يكون القرار مقدمة للمصالحة مع «الإخوان»، مؤكداً أن الإدراج على القوائم «إجراء احترازي» لم تعد هناك حاجة لتطبيقه على الأسماء التي صدر قرار برفعها.

وأضاف أن بعض الشخصيات رحلت عن الحياة على غرار القرضاوي ونجل الرئيس الأسبق محمد مرسي، والبعض الآخر صدرت بحقه أحكام قضائية نهائية، والبعض صدر بحقه قرار بالعفو الرئاسي ويمارس حياته بشكل اعتيادي، ولم تعد هناك ضرورة لتطبيق هذا الإجراء الاحترازي بحقه.

وهنا يشير الصحافي المتخصص بالملف القضائي محمد بصل لـ«الشرق الأوسط»، إلى صعوبة تحديد أعداد المدرجين على قوائم «الإرهاب» بسبب وجود كثير من القضايا وتكرار أسماء بعض الشخصيات في أكثر من قائمة، الأمر الذي يؤدي أيضاً لصعوبة تحديد الأعداد الفعلية التي استفادت من قرار المحكمة الأخير، مشيراً إلى أن الأعداد الفعلية للمدرجين تقدر بـ«الآلاف».

وأضاف أن النيابة العامة والجهات القضائية وحدهما القادرتان على حصر الأسماء غير المتكرر إدراجها في قوائم أخرى لتحديد استفادتها من قرار المحكمة، مشيراً إلى أن القضية التي فتح التحقيق فيها قبل سنوات، لم يصدر أي قرار بحبس أي متهم فيها حتى الآن، ولم تتم إحالة المتهمين فيها للمحاكمة، وكان الإدراج على قوائم الإرهاب الإجراء القانوني الوحيد المتخذ بحق المتهمين.

لكن النائب محمود بدر كشف في تدوينته، عن وجود 4408 أشخاص وكيانات مدرجة على القوائم، بحسب آخر تحديث في 12 أغسطس (آب) الماضي.

ويفرّق مستشار «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور عمرو الشوبكي، بين «الإجراء القضائي الذي يهدف إلى رفع الصفة عن أشخاص طبقت عليهم إجراءات استثنائية في ظروف محددة كانت الدولة تواجه فيها مخاطر وجودية، ومتورطين في جرائم عنف وتحريض من الجماعة، لا يوجد مجال للتصالح معهم».

ويؤكد مستشار مركز الأهرام لـ«الشرق الأوسط»، أن «خطوة رفع الأسماء من القوائم مهمة، خصوصاً مع وجود كثيرين يستحقون حذف أسمائهم من هذه القوائم».

ووفق بيان النيابة العامة، الأحد، فإن الـ716 الذين شملهم القرار، «ثبت توقفهم عن أنشطتهم غير المشروعة، ضد الدولة ومؤسساتها».

ويقول محامي عدد من المتهمين في القضية محمد عثمان لـ«الشرق الأوسط»، إن القانون لا يحدد مدة معينة لانتهاء الجهات المعنية من التحريات حول المتهمين، ومن ثم لا يمكن توقع أي توقيتات بشأن الفصل في مصير باقي الأسماء المدرجة على «قوائم الإرهاب» في القضية.

وعادة ما تتجاهل السلطات المصرية أي حديث عن مبادرة للتصالح مع «الإخوان»، التي كان آخرها ما طرحته الجماعة، في رسالة منسوبة لنائب القائم بأعمال «المرشد العام»، حلمي الجزار (مقيم في لندن)، في أغسطس الماضي، عن مبادرة تشمل إطلاق سراح سجناء الجماعة، مقابل اعتزال «الإخوان» العمل السياسي.

لكن الجزار عاد بعد شهر من طرح المبادرة، مؤكداً أن حديثه عبارة عن بحث لتسوية سياسية للوضع، لا يقتصر فقط على «الإخوان»؛ لكن يشمل كل الأطراف في الداخل والخارج.