ألقت السلطات التركية القبض على الناشطة المصرية من أصل سوري، غادة نجيب، زوجة الممثل هشام عبد الله، لعدم التزامها بتعليمات التوقف عن الهجوم والتحريض على القيادة والأجهزة الأمنية في مصر، عبر منصات التواصل الاجتماعي.
وقال عبد الله في تدوينة على صفحته الرسمية في «فيسبوك»: «اعتقلت المخابرات التركية زوجتي غادة نجيب من المنزل لأسباب سياسية. وبعيداً عن التفاصيل وطريقة القبض عليها أمام أطفالها بشكل مهين، ليس فيه رحمة أو مروءة. لا أفهم كيف يحدث اعتقال سيدة في دولة مؤسسات يحكمها القانون، وتكفل حرية الرأي للجميع، وتحترم المرأة بشكل عام».
وطالب عبد الله بأن يتم تصحيح الوضع بما يتماشى مع «مبدأ الأنصار والمهاجرين»، مضيفاً: «مع العلم أننا لم نخرج من بلادنا من أجل إعلاء كلمة الحق لكي نكتمها في بلاد المسلمين خوفاً أو قهراً».
وتابع عبد الله في تدوينة أخرى: «نخوتنا كمسلمين تمنعنا من التعرض لامرأة، فهذه مكارم الأخلاق التي كان يتصف بها أبو جهل والكفار قبل نزول الإسلام، وجاء الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم)، وقال: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)، وهو قدوتنا والله معيننا وناصرنا، ولن نرضخ إلا لله وثوابتنا... وعلى الله قصد السبيل، ولن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا!!! #غادة_نجيب».
رفض الاعتقال
بدوره، أكد الناشط الحقوقي المنتمي إلى «الإخوان المسلمين»، هيثم أبو خليل، توقيف غادة نجيب، قائلاً عبر حسابه في «فيسبوك»: «تم اعتقال الأستاذة غادة نجيب، زوجة الصديق والزميل العزيز الفنان هشام عبد الله، من منزلها عصر (الاثنين) من قبل السلطات التركية... أتمنى أن يكون ما حدث خطأ غير مقصود، وأن يتم الإفراج عنها فوراً»، مذيلاً تدوينته بوسم: «الحرية_لغادة_نجيب».
كما أطلق منتسبو تنظيم «الإخوان المسلمين» في تركيا وسم «غادة نجيب»، مطالبين السلطات التركية بالإفراج الفوري عنها، مشيرين إلى أن القبض عليها يرجع لأسباب سياسية، بعد استئناف العلاقات بين مصر وتركيا. ووصف بعضهم اعتقال غادة نجيب بـ«الخسة»، مطالبين الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بالتدخل للإفراج الفوري عنها.
وكانت السلطات التركية قد ألقت القبض على الممثل هشام عبد الله في مدينة إسطنبول عام 2018، بسبب إدراج اسمه على قوائم الإنتربول كإرهابي، قبل أن تفرج عنه بتدخل من جانب قيادات من «الإخوان المسلمين». كما أوقفت قناة «الشرق»، المملوكة للمعارض المصري أيمن نور، والموالية لـ«الإخوان المسلمين»، برنامجه «ابن البلد»، بموجب تعليمات أصدرتها السلطات التركية بوقف البرامج التي تحرض على العنف، وتهاجم قيادة مصر وأجهزتها.
وفي يونيو (حزيران) 2021، أعلنت غادة نجيب عبر حسابها في «فيسبوك» أن السلطات التركية أبلغت بشكل رسمي زوجها بأنها ممنوعة من التدوين على مواقع التواصل الاجتماعي. وكتبت: «أنا غادة نجيب معارضة سياسية، ولست ورقة للمساومة أو الابتزاز من أي طرف، ولن أتنازل عن حريتي، وسأدافع عنها حتى آخر نفس في حياتي مهما كان الثمن».
إسقاط الجنسية
هربت غادة شيخ جميل صابوني نجيب، وزوجها هشام عبد الله إلى تركيا في سنة 2013، وهي من أصل سوري، ومن مواليد القاهرة في 3 فبراير (شباط) عام 1972، واكتسبت الجنسية المصرية بزواجها من عبد الله عام 1999؛ لكن تم إسقاطها عنها لصدور حكم بإدانتها في جناية من الجنايات المضرة بأمن الدولة.
وفي عام 2016، أصدر النائب العام المصري الأسبق، نبيل صادق، قراراً بوضع الزوجين هشام عبد الله وغادة نجيب على قوائم ترقب الوصول إلى الأراضي المصرية، وقضت محكمة جنايات الجيزة بمعاقبتهما بالحبس خمس سنوات في القضية المعروفة بـ«إعلام الإخوان». وفي 24 من ديسمبر (كانون الأول) 2020 نشرت الجريدة الرسمية المصرية قراراً بتجريد غادة نجيب من جنسيتها المصرية، استناداً إلى القانون رقم 26 لعام 1975 الذي يمنح الحكومة سلطة القيام بذلك دون مراجعة قضائية.
وعُرفت غادة نجيب بمعارضتها للمجلس العسكري الذي تولى إدارة المرحلة الانتقالية لمصر في عام 2011، ثم عارضت حكم الرئيس الراحل المنتمي لـ«الإخوان» محمد مرسي، وكانت ضمن قيادات «حركة تمرد» المعارضة التي دعت لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة. وسرعان ما انسحبت من الحركة، مدعية أنها كانت تابعة للمخابرات المصرية، ويتم تمويلها من إحدى الدول العربية، ثم أعلنت لاحقاً رفضها إطاحة حكم «الإخوان المسلمين».
إصرار على التحريض
بعد انتقالها وزوجها إلى تركيا، واصل الزوجان معارضتهما لحكم الرئيس عبد الفتاح السيسي، وركزت غادة نجيب هجومها من خلال القنوات التابعة لتنظيم «الإخوان»، ومنصات التواصل الاجتماعي، على المخابرات المصرية وأجهزة الأمن بشكل خاص.
ورغم منعها في عام 2021 من جانب السلطات التركية من الهجوم والتحريض على مصر، عبر «التواصل الاجتماعي»، واصلت غادة نجيب ذلك بين حين وآخر؛ لكنها كثفت من هجومها على الرئيس المصري في الأيام الأخيرة، مع بدء التحضيرات للانتخابات الرئاسية المرتقبة، وبدأت الترويج للمرشح أحمد طنطاوي الذي يحظى بدعم «الإخوان» والمعارضين المصريين بالخارج.
وسبق أن فرضت السلطات التركية -مع بدء مسار تطبيع العلاقات مع مصر في عام 2021، والذي توج مؤخراً بتبادل تعيين السفراء- قيوداً على القنوات الناطقة بلسان «الإخوان المسلمين» في إسطنبول. ومنعت السلطات بعض مقدمي البرامج، المعروفين بالتحريض، من الظهور على تلك القنوات، وسافر بعضهم إلى الخارج، كما انتقلت قناة «مكملين» إلى لندن.
كما رحل بعض العناصر من الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي، ومنهم حسام الغمري الذي عاد إلى مصر الأسبوع الماضي، بعد رفع اسمه من قوائم الإرهاب، بعدما كان قد غادر تركيا إلى إحدى الدول الأوروبية قبل أشهر.