مقترح أميركي بتوحيد جهود الليبيين لإعمار درنة

وسط تجاهل حكومتي «الوحدة» و«الاستقرار»

الدبيبة خلال تفقد أحد المراكز الطبية في مصراتة (حكومة الوحدة)
الدبيبة خلال تفقد أحد المراكز الطبية في مصراتة (حكومة الوحدة)
TT

مقترح أميركي بتوحيد جهود الليبيين لإعمار درنة

الدبيبة خلال تفقد أحد المراكز الطبية في مصراتة (حكومة الوحدة)
الدبيبة خلال تفقد أحد المراكز الطبية في مصراتة (حكومة الوحدة)

تجاهلت حكومتا الوحدة «المؤقتة»، والاستقرار «الموازية» في ليبيا مقترحاً للسفير والمبعوث الخاص، ريتشارد نورلاند، بـ«تنسيق جهود إعادة الإعمار في مدينة درنة والمناطق المتضررة من إعصار (دانيال)».

واقترح نورلاند على الليبيين «إنشاء الهياكل التي تجمع السلطات من جميع أنحاء البلاد معاً، فيما يتعلق بإعادة الإعمار للاتفاق على النفقات ذات الأولوية، وضمان تخصيص الأموال بأكثر فاعلية وبشكل صحيح». وحث في بيان، مساء الجمعة، السلطات الليبية على «تشكيل مثل هذه الهياكل الموحدة، بدلاً من إطلاق جهود منفصلة، والتي تمثل الشعب الليبي دون تأخير».

ريتشارد نورلاند اقترح «تنسيق جهود إعادة الإعمار في مدينة درنة والمناطق المتضررة من إعصار (دانيال)» (رويترز)

كما تجاهل نورلاند الإشارة إلى حكومة الاستقرار «الموازية»، برئاسة أسامة حماد، التي دعت لتنظيم مؤتمر لإعادة الإعمار في بنغازي الشهر المقبل. لكنه اعتبر أن عقد هذا المؤتمر سيكون أكثر فاعلية إذا تم إجراؤه بشكل مشترك وشامل، بالتنسيق مع المؤسسات التي تدير الموارد والتمويل، مع الأخذ بعين الاعتبار المصالح الفضلى للشعب الليبي.

وبعدما قال إن المجتمع الدولي يستعد للمساعدة في هذا الجهد بالخبرة المالية والفنية، عد نورلاند هذا التنسيق ضرورياً لضمان حصول ضحايا الفيضانات على الدعم الذي يحتاجونه، وتعهد بمواصلة الولايات المتحدة العمل مع المسؤولين الليبيين في جميع أنحاء البلاد، ومع الأمم المتحدة، لدعم برنامج إعادة الإعمار الذي سيثق به الليبيون، مشدداً على أن الليبيين المتضررين من الفيضانات «يكافحون من أجل إعادة بناء حياتهم، وهم يحاولون التكيف مع خسائر شخصية لا يمكن تصورها»، ولافتاً إلى أنه «مع تزايد التركيز على إعادة الإعمار، يحتاج الليبيون إلى التأكد من أن المال العام يستخدم بشفافية ومسؤولية، وأن المساعدات تذهب إلى المحتاجين».

نائب رئيس البعثة الأميركية في ليبيا بحث تقديم المساعدات الإنسانية الدولية للمحتاجين في المناطق المتضررة (رويترز)

بدوره، قال جيريمي بيرندت، نائب رئيس البعثة الأميركية في ليبيا، إنه بحث مع جورجيت غانيون، منسقة الأمم المتحدة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانية في ليبيا، وميكيلي سيرفادي، ممثل اليونيسف في ليبيا، تقديم المساعدات الإنسانية الدولية للمحتاجين في المناطق المتضررة من الفيضانات في ليبيا، مشيرا إلى أن بلاده ستواصل العمل مع الأمم المتحدة والمسؤولين الليبيين في جميع أنحاء البلاد، والمجتمعات المحلية؛ لضمان حصول ضحايا الفيضانات على الدعم الذي يحتاجون إليه.

متطوعون يحضرون وجبات ساخنة للأسر المتضررة من إعصار درنة (أ.ف.ب)

من جانبهم، أعرب الرؤساء المشاركون للفريق العامل المعني بالقانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان، التابع للجنة المتابعة الدولية بشأن ليبيا المنشأة بموجب عملية برلين، الذي يضم هولندا وسويسرا والبعثة الأممية، عن مساندتهم لإنشاء آلية مستقلة للإشراف على إعادة الإعمار في الشرق الليبي. وقالوا في بيان مشترك إنه «ينبغي إشراك ممثلي الأهالي المتضررين في هذه الآلية لضمان تلبية احتياجاتهم، واحترام حقوقهم بالكامل».

وبعدما لفتوا إلى تعرض الليبيين للخذلان بسبب العجز الحاد في الحوكمة في ليبيا. اعتبروا أنه لا بد من أن تكون مأساة بهذا الحجم «حافزاً لإنهاء الجمود السياسي». وأكدوا أن الوضع القائم، المتمثل في استمرار الانقسام السياسي والمؤسسي، وغياب المساءلة عن المقدرات والموارد الوطنية، لا يمكن أن يستمر، مشددين على «ضرورة تمكين الجهات الإنسانية من العمل بطريقة ناجعة زمنياً ومستقلة». ومبرزين أن حجمَ الكارثة، والادعاءات المنتشرة على نطاق واسع بشأن الفساد والإهمال، وعجز الحوكمة، وغياب المساءلة، كلها أمور «تتطلب آلية تحقيق مستقلة وشفافة».

ولم يصدر على الفور أي تعليق من حكومة حماد؛ لكنها أعلنت اليوم (السبت)، أن البيان الصحافي الأول للجنة التحضيرية حول أعمال المؤتمر الدولي لإعادة إعمار درنة والمناطق المتضررة «سيكون يوم الأحد» ووجهت الدعوة لوسائل الإعلام المحلية والدولية للحضور. كما لم تعلق حكومة الوحدة «المؤقتة»، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، على هذه التطورات. وامتنع الناطق باسمها عن الرد على أسئلة بالخصوص.

من جانبها، قدرت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان عدد النازحين بالمنطقة الشرقية بأكثر من 37 ألف شخص، بحسب المُؤشرات العامة لحركة النزوح الداخلي، مشيرة إلى أن معظمهم من درنة. وقالت إن «مراكز إيواء النازحين داخلياً يبلغ عددها 19 مدرسة على الأقل، بينما يقيم أغلبية النازحين لدى أقاربهم وأهلهم، وذويهم بالمناطق المجاورة لمدينة درنة».

وحذرت اللجنة من أن الأطفال والنساء والعجزة والمسنين «من بين أكثر الفئات المتضررة بشكلٍ كبير من الكارثة والأكثر احتياجاً، وهم الأكثر عُرضة لخطر التهديدات المتعلقة بالصحة العامة والصحة العقلية والاضطرابات النفسية والاجتماعية ما بعد الكارثة، التي وصفتها بـ«المرعبة والصادمة»، ولا يمكن تخيل عواقبها وآثارها الإنسانية على المدى القريب».

وأشارت اللجنة إلى تضرر أكثر 147 ألف شخص، جرّاء الفيضانات والسيول، من بينهم نحو 50 ألف بحاجة إلى مساعدات إنسانية وطبية وإغاثية في مدينة درنة وضواحيها.


مقالات ذات صلة

الدبيبة متحدياً من «يريدون السلطة» في ليبيا: لن تحكمونا

شمال افريقيا الدبيبة خلال فعالية شبابية في مصراتة الليبية (من مقطع فيديو بثته منصة «حكومتنا»)

الدبيبة متحدياً من «يريدون السلطة» في ليبيا: لن تحكمونا

تحدّث عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، عن 4 أطراف قال إنها هي «أسباب المشكلة في ليبيا»، وتريد العودة للحكم بالبلاد.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المفوضية العليا للانتخابات حسمت الجدل حول موعد إعلانها نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية (أ.ف.ب)

«العليا للانتخابات» الليبية تعلن نتائج «المحليات» الأحد

حسمت المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا الجدلَ حول موعد إعلانها نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)

«الجنائية الدولية» تعيد سيف الإسلام القذافي إلى واجهة الأحداث في ليبيا

تتهم المحكمة الجنائية سيف الإسلام بالمسؤولية عن عمليات «قتل واضطهاد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية» بحق مدنيين، خلال أحداث «ثورة 17 فبراير».

جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة خلال لقائه عدداً من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)

رئيس «الوحدة» الليبية يطالب مجدداً بـ«قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات

تمسك عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، مجدداً بضرورة وجود «قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية المؤجلة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
خاص تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)

خاص دعوات «إلزامية الحجاب» تفجر صراعاً مجتمعياً في ليبيا

بعد إعلان السلطة في غرب ليبيا عن إجراءات واسعة ضد النساء من بينها "فرض الحجاب الإلزامي"، بدت الأوضاع متجه إلى التصعيد ضد "المتبرجات"، في ظل صراع مجتمعي محتدم.

جمال جوهر (القاهرة)

مصر تدعو إلى «حلول سلمية» للنزاعات في القارة السمراء

وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)
TT

مصر تدعو إلى «حلول سلمية» للنزاعات في القارة السمراء

وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)

دعت مصر إلى ضرورة التوصل لحلول سلمية ومستدامة بشأن الأزمات والنزاعات القائمة في قارة أفريقيا، وأكدت تعاونها مع الاتحاد الأفريقي بشأن إعادة الإعمار والتنمية.

جاء ذلك خلال كلمة لوزير الخارجية والهجرة المصري، بدر عبد العاطي، السبت، بمناسبة فعاليات النسخة الرابعة لـ«أسبوع التوعية بملف إعادة الإعمار والتنمية ما بعد النزاعات»، الذي ينعقد في أديس أبابا. وقال عبد العاطي إن النسخة الرابعة من «أسبوع إعادة الإعمار» تأتي في وقت «تتزايد فيه التحديات الأمنية والتنموية التي تواجه القارة الأفريقية».

وأكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال فعاليات النسخة الثانية عشرة من «المنتدى الحضري العالمي» الذي استضافته القاهرة مطلع الشهر الحالي، «ضرورة حشد الجهود الدولية لوقف النزاعات والصراعات والحروب في المنطقة، والتركيز على إعادة الإعمار والبناء والتنمية»، مشيراً إلى «حرص بلاده على تقديم الدعم لدول المنطقة التي تواجه صراعات وحروباً».

ووفق «وكالة أنباء الشرق الأوسط» الرسمية في مصر، فقد أكد عبد العاطي في كلمته أن رؤية بلاده ارتكزت على التعامل مع التحديات بشكل عاجل وشامل، يراعي الأسباب الجذرية للنزاعات، ويُسهم في تعزيز قدرات ودور المؤسسات الوطنية والإقليمية والقارية على الصمود لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية المعقدة، سعياً نحو التوصل إلى حلول سلمية ومستدامة للأزمات والنزاعات القائمة، وبما يحول دون اندلاعها مجدداً.

كما تحدّث عبد العاطي عن التزام بلاده الثابت، تحت قيادة الرئيس السيسي، بـ«العمل بشكل وثيق مع مفوضية الاتحاد الأفريقي، وكل الأطراف أصحاب المصلحة، لتنفيذ ركائز سياسة الاتحاد الجديدة لإعادة الإعمار والتنمية في مرحلة ما بعد النزاعات».

ووفق الوزير عبد العاطي، فإن مصر تحرص خلال استضافتها لـ«منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامة» على تناول تلك الرؤية بشكل مستفيض، وإبراز أهمية الملكية الوطنية والتضامن الأفريقي في تحقيق السلم والأمن المستدامين، فضلاً عن تسليط الضوء على العلاقة الترابطية بين السلم والأمن والتنمية.

وقال بهذا الخصوص: «إن مصر انخرطت بفاعلية في مسار اعتماد سياسة الاتحاد الأفريقي المنقحة لإعادة الإعمار والتنمية ما بعد النزاعات في فبراير (شباط) الماضي، تجسيداً لرؤيتها الوطنية؛ إذ تُثمن مصر التعاون والتنسيق المستمرين مع مفوضية الاتحاد الأفريقي للترويج لسياسة الاتحاد لإعادة الإعمار، بما يسهم في رفع مستوى الوعي، وتعزيز انخراط دول القارة والشركاء والمجتمع المدني في تنفيذ أهداف إعادة الإعمار».

وزير النقل المصري خلال تفقده عدداً من المشروعات التي تنفذها شركات مصرية في العراق سبتمر الماضي (النقل المصرية)

وتُشارك مصر في مشروعات إعادة الإعمار بالعراق، وفي هذا السياق، زار نائب رئيس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير النقل المصري، كامل الوزير، بغداد في سبتمبر (أيلول) الماضي، على رأس وفد رسمي، ضم رؤساء 13 شركة متخصصة في مشروعات البنية التحتية والطرق والكباري والسكك الحديدية والموانئ والإسكان، لبحث «المشاركة في تنفيذ مشروعات إعادة الإعمار بالعراق»، وفق إفادة لوزارة النقل المصرية.

ودعا بدر عبد العاطي، السبت، شركاء القارة الأفريقية إلى الانخراط بفاعلية، خلال أعمال النسخة الرابعة من «أسبوع إعادة الإعمار»، والوفاء بتعهداتهم والتزاماتهم تجاه جهود إعادة الإعمار والتنمية ما بعد النزاعات في أفريقيا، ومواءمة جهودهم في هذا الملف الحيوي مع الجهود الوطنية والإقليمية والقارية الجارية بغية تحقيق آمال وتطلعات أبناء القارة الأفريقية نحو مستقبل عنوانه «السلم والأمن المستدامان».

وكان وزير الخارجية والهجرة المصري قد ذكر في وقت سابق أنه «من بين أولويات السياسة المصرية في أفريقيا، دفع إقامة مشروعات البنية التحتية والتنمية بدول القارة»، لافتاً إلى تنفيذ بلاده «مشروعات ضخمة في عدد من الدول الأفريقية، مثل السد التنزاني، ومشروع توسيع وتجهيز الرصيف الرئيس لميناء جزر القمر».