ليبيون يطالبون بمزيد من القرارات لاستجلاء أسباب كارثة درنة

الشركسي: المواطنون يتطلعون لمزيد من الخطوات التي تطمئنهم حول عدم إفلات أي مسؤول من العقاب

الصديق الصور خلال زيارته لدرنة (مكتب النائب العام الليبي)
الصديق الصور خلال زيارته لدرنة (مكتب النائب العام الليبي)
TT

ليبيون يطالبون بمزيد من القرارات لاستجلاء أسباب كارثة درنة

الصديق الصور خلال زيارته لدرنة (مكتب النائب العام الليبي)
الصديق الصور خلال زيارته لدرنة (مكتب النائب العام الليبي)

لاقى قرار النائب العام الليبي، المستشار الصديق الصور، بتوقيف عميد بلدية درنة، وعدد آخر من المسؤولين عن إدارة السدود بالبلاد، وهيئة الموارد المائية «احتياطياً» على خلفية التحقيق في «انهيار سدي وادي مدينة درنة»، ردود فعل «إيجابية» من قِبل سياسيين ومواطنين، طالبوا بـ«ضرورة التوسع في التحقيقات، واستدعاء أي مسؤول يشتبه في تورطه خاصة من القيادات العليا التنفيذية والرقابية».

ووصف عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي، أحمد الشركسي، قرار توقيف 16مسؤولاً عن إدارة مرفق السدود في البلاد، وتوقيف عميد البلدية، عبد المنعم الغيثي، بأنه «بداية سريعة ومهمة». لكنه أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن الليبيين يطالبون وينتظرون «مزيداً من قرارات الاستدعاء والتحقيق والتوقيف لقائمة طويلة من المسؤولين، الذين يشتبه في تورطهم بشكل مباشر أو غير مباشر في انهيار السدين».

وشدد الشركسي على أن «مشكلة السدود وصيانتها مستمرة منذ 2007 وحتى الوقت الراهن، وهناك شخصيات ارتكبت جرائم بحق الأموال التي رصدت لصيانة تلك السدود بدرنة، وإعادة إعمار المدينة بشكل عام، كما أن هناك شخصيات أهملت في المتابعة والرقابة»، مشدداً على أنه «قد يكون من المهم لتهدئة غضب الشارع استدعاء وزراء ورؤساء وزراء سابقين وحاليين، وأيضا نواب باشروا، أو كانت لهم تكليفات في لجان الإعمار التابعة للبرلمان من أجل سماع أقوالهم والنظر فيها، ثم تتخذ النيابة العامة قرارها بشأن من يثبت تورطه من عدمه، وأتوقع أن هذا ما سوف يتم مباشرته فعلياً خلال الأيام المقبلة، خاصة وأن النائب العام زار المدينة».

تزايد مطالب الليبيين بضرورة محاسبة المسؤولين عن عدم صيانة السدين في درنة (رويترز)

وأجرى النائب العام زيارة لدرنة منتصف الشهر الحالي لمعاينة الأضرار التي ترتبت عن الفيضان، الذي شهدته المدينة، والتقى الوكلاء المكلفين بإجراءات التحقيق. ووجه بإجراء بحث لتحليل ومعرفة أسباب الفيضان.

وأشار الشركسي إلى أن «الشارع الليبي، ورغم ترحيبه بخطوة اعتقال عميد البلدية وآخرين، فإنه يتطلع لمزيد من القرارات، التي تطمئنه حول عدم إفلات أي مسؤول مهما علت درجته من العقاب، وأن توجيه الاتهام في الكارثة لن ينحصر على أسماء مسؤولين بالدرجة الثانية والثالثة، يتم تقديمهم للمحاكمة ككبش فداء عن الكبار، كما يروج البعض على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي».

بدوره، عدّ رئيس الهيئة العليا لـ«قوى التحالف الوطنية»، توفيق الشهيبي، أن قرار النيابة العامة «بادرة جيدة ستفتح الباب لمزيد من التحقيقات حول أسباب الكارثة، التي ألمت بالليبيين»، لكنّه شدّد على «ضرورة الاستماع لصوت هؤلاء في إيجاد تراتبية فيما يتعلق بتحديد المسؤولية عن حدوثها».

قوات الإنقاذ تواصل البحث عن جثث وسط الركام الكبير الذي خلفه إعصار درنة (رويترز)

وأوضح الشهيبي لـ«الشرق الأوسط» أن «الليبيين يعرفون الحقيقة، وأن انهيار السد كان جراء الإهمال، لا جرّاء الإعصار، وهذا ما تسبب في وقوع آلاف الضحايا»، لافتاً إلى أن المظاهرة التي خرجت قبل أيام في مدينة درنة ألقت باللوم على البرلمان، كونه سلطة تشريعية ورقابية، وكان يتعين عليه مراقبة أداء الحكومات المتعاقبة ومتابعة إنفاقها فيما يتعلق بقضايا مهمة مثل صيانة السدود، مضيفاً أن البرلمان «هو من كلّف الحكومة الحالية التي تدير المنطقة الشرقية، والتي يترأسها أسامة حماد، والتي يوجه لها البعض انتقادات لعدم قيامها بخطوات احترازية، بالرغم مما وصلها من معلومات عن درجة خطورة هذا الإعصار».

وأضاف الشهيبي «نحن لا ننادي بمحاكمة الكبار دون الصغار، لكننا ننادي بمحاكمة الجميع، ورفض محاولة البعض تصوير الكارثة على أنها قضاء وقدر».

في حين توقع وزير الداخلية في الحكومة المكلفة من البرلمان، عصام أبو زريبة، «خضوع مزيد من المسؤولين خلال الأيام القليلة المقبلة للتحقيق بشأن انهيار السدود في درنة». وأكد في تصريح صحافي أنه «لن يتم استثناء أي جهة من التحقيقات الجارية، حتى لو كانت جهات رقابية متهمة بالتقصير».


مقالات ذات صلة

في عام... آيسلندا تشهد سابع ثوران بركاني (صور)

أوروبا ثوران بركاني بالقرب من جريندافيك بآيسلندا (إ.ب.أ)

في عام... آيسلندا تشهد سابع ثوران بركاني (صور)

ثار بركان ليل الأربعاء - الخميس، في شبه جزيرة ريكيانيس، جنوب غربي آيسلندا، في سابع ثوران تشهده البلاد منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

«الشرق الأوسط» «الشرق الأوسط» (ريكيافيك)
بيئة أظهرت الدراسة التي أجراها معهد «كلايمت سنترال» الأميركي للأبحاث أنّ الأعاصير الـ11 التي حدثت هذا العام اشتدت بمعدل 14 إلى 45 كيلومتراً في الساعة (رويترز)

الاحترار القياسي للمحيطات زاد حدة الأعاصير الأطلسية في 2024

أكدت دراسة جديدة، نُشرت الأربعاء، أن ظاهرة الاحترار المناخي تفاقم القوة التدميرية للعواصف، مسببة زيادة السرعة القصوى لرياح مختلف الأعاصير الأطلسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا رئيس منطقة فالنسيا كارلوس مازون بعد حديثه في البرلمان الإقليمي حول ما حدث في فيضانات 29 أكتوبر 2024 في فالنسيا 15 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

رئيس منطقة فالنسيا الإسبانية يقر بحدوث «أخطاء» في إدارته للفيضانات

برر رئيس منطقة فالنسيا الإسبانية كارلوس مازون، اليوم (الجمعة)، بشكل مسهب إدارته للفيضانات القاتلة في 29 أكتوبر، واعترف بحدوث «أخطاء».

«الشرق الأوسط» (فالنسيا)
أوروبا فتاة تركب دراجة هوائية تحت المطر في فالنسيا بإسبانيا (إ.ب.أ)

إغلاق مدارس وإلغاء رحلات... موجة عواصف جديدة تضرب إسبانيا (صور)

تسببت موجة جديدة من العواصف في إسبانيا في إغلاق مدارس وإلغاء رحلات قطارات، بعد أسبوعين من مقتل أكثر من 220 شخصاً وتدمير آلاف المنازل جراء فيضانات مفاجئة.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
أوروبا الناس ينظفون بين السيارات المتراكمة في ألفافار بعد عاصفة دانا في فالنسيا 5 نوفمبر 2024 (د.ب.أ)

إسبانيا تعلن خطة مساعدات بعد فيضانات خلّفت 219 قتيلاً

أعلنت الحكومة الإسبانية، الثلاثاء، عن خطة مساعدات بقيمة 10.6 مليار يورو لدعم آلاف المواطنين والشركات المنكوبة في جنوب شرقي البلاد.

«الشرق الأوسط» (مدريد)

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)
سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)
TT

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)
سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)

قُتل 5 أشخاص وأصيب آخرون بالرصاص في قرية في ولاية الجزيرة (وسط السودان) إثر هجوم شنّه عناصر من «قوات الدعم السريع» الأربعاء، ليضاف إلى 40 آخرين قُتلوا في بلدات أخرى بالولاية التي تشهد أعمال عنف منذ نحو شهر في وسط البلاد الذي دمّرته الحرب الدائرة منذ عام ونصف العام، على ما أفادت مصادر طبية ومحلية في الولاية، الأربعاء.

ولليوم الثاني على التوالي، عاود عناصر من «قوات الدعم السريع» الهجوم على قرية «التكينة» (وسط الجزيرة)، مستخدمة بعض الأسلحة الثقيلة، مخلّفة 5 قتلى، كما نفذ الطيران الحربي للجيش ضربات جوية لوقف تقدمها من اقتحام المنطقة. وفي وقت سابق، حذَّر كيان «مؤتمر الجزيرة» الذي يرصد انتهاكات الحرب، من وقوع مجزرة وشيكة تخطط لها «قوات الدعم السريع» تستهدف أهالي المنطقة، التي تحتضن أعداداً كبيرة من النازحين الفارين من القرى المجاورة. وقال سكان في التكينة إن المسلحين من أبناء المنطقة تصدُّوا للقوة التي حاولت التوغل من جهة الحي الغربي.

«الدعم»: مؤامرة لخلق مواجهة مع المدنيين

بدورها، قالت «قوات الدعم السريع»، إنها ترصد أبعاد مؤامرة يقودها عناصر من النظام السابق (الحركة الإسلامية) وما تسميه «ميليشيات البرهان» تقوم بحشد المواطنين وتسليحهم في ولاية الجزيرة بهدف «خلق مواجهة بين قواتنا والمدنيين». وأضافت في بيان باسم المتحدث الرسمي، الفاتح قرشي، أن هناك فيديوهات موثقة على وسائل التواصل الاجتماعي تكشف عن وجود «مخطط لتسليح المواطنين في قرى الجزيرة وتظهر الفلول (عناصر النظام السابق) وبعض المخدوعين من قرية التكينة وقرى أخرى، يتوعدون بمهاجمة قواتنا».

عائلة نازحة بعد مغادرتها منزلها في جزيرة توتي في الخرطوم 10 نوفمبر 2024 (رويترز)

وناشدت أهالي القرى النأي بأنفسهم عن «مخطط الفلول ومحاولات الزج بالمواطنين في القتال باسم المقاومة الشعبية»، مؤكدة أنها لن تتهاون في التعامل بحزم مع المسلحين و«كتائب فلول الحركة الإسلامية».

في هذا السياق، أكد طبيب في مستشفى ود رواح إلى الشمال من قرية ود عشيب التي تعرضت للهجوم، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» مقتل 40، مشيراً إلى أن «القتلى الأربعين أصيبوا إصابة مباشرة بالرصاص». وطلب الطبيب عدم الكشف عن هويته خوفاً على سلامته بعد تعرّض الفرق الطبية لهجمات. وقال شهود في قرية ود عشيب إن «قوات الدعم السريع» التي تخوض حرباً مع الجيش السوداني منذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، شنَّت هجومها مساء الثلاثاء على القرية الواقعة على بعد 100 كلم شمال عاصمة الولاية ود مدني. وقال شاهد في اتصال هاتفي مع الوكالة إن «الهجوم استُؤنف صباح» الأربعاء، موضحاً أن المهاجمين يرتكبون «أعمال نهب».

الأمم المتحدة قلقة

ويندرج الهجوم الأخير في سلسلة هجمات نفذتها «قوات الدعم السريع» خلال الشهر الماضي على قرى بولاية الجزيرة، في أعقاب انشقاق قائد كبير فيها انضم إلى الجيش في أكتوبر (تشرين الأول).

مشهد للدمار في أحد شوارع أم درمان القديمة نتيجة الحرب بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» (رويترز)

ومنذ ذلك التاريخ، وثَّقت الأمم المتحدة نزوح أكثر من 340 ألف شخص من سكان الولاية وهي منطقة زراعية رئيسة كانت تُعدّ سلة الخبز في السودان. وحذَّر المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، الجمعة، من أن اندلاع أعمال العنف هناك «يعرّض حياة عشرات الآلاف من الأشخاص للخطر».

وتعرَّضت قرى شرق محافظة الجزيرة لحصار كامل في الأسابيع الأخيرة؛ مما تسبب بكارثة إنسانية فيها، بحسب الأمم المتحدة وشهود عيان وجماعات حقوقية. وفي قرية الهلالية، لم يعد بإمكان السكان الحصول على الضروريات الأساسية وأُصيب العشرات منهم بالمرض. ويصل الكثير من النازحين إلى الولايات المجاورة بعد «السير لأيام عدة... وليس عليهم سوى الملابس التي يرتدونها»، وفق ما قال دوجاريك، الجمعة. وحتى في المناطق التي نجت من القتال، يواجه مئات الآلاف من النازحين الأوبئة، بما في ذلك الكوليرا والمجاعة الوشيكة، في غياب المأوى الملائم أو وسائل الرعاية. وقال دوجاريك: «إنهم مضطرون إلى النوم في العراء، بمن فيهم الأطفال والنساء وكبار السن والمرضى».

80 % من المرافق الصحية مغلقة

وتقدّر الأمم المتحدة ومسؤولون صحيون أن النزاع تسبب بإغلاق 80 في المائة من المرافق الصحية في المناطق المتضررة. وتقول الأمم المتحدة إن السودان يواجه حالياً واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في الذاكرة الحديثة، حيث يعاني 26 مليون شخص الجوع الحاد.

من جهة ثانية، شنَّ الطيران الحربي للجيش السوداني سلسلة من الغارات الجوية على مواقع «الدعم السريع» شرق مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، وفقاً لمصادر محلية. وعاد الهدوء النسبي، الأربعاء، إلى الفاشر التي تشهد منذ أسابيع مستمرة معارك ضارية بعد توغل «قوات الدعم السريع» إلى وسط الفاشر.

مشروع توطين ألماني

من جهة ثانية، قالت وزيرة التنمية الألمانية، سفينيا شولتسه، خلال زيارتها لتشاد، الأربعاء، إن برلين تعتزم دعم مشروع يهدف إلى دمج اللاجئين السودانيين في تشاد. وعلى مدى السنوات الخمس المقبلة، تعتزم حكومة تشاد تخصيص 100 ألف هكتار من الأراضي مجاناً، ليتم منح نصفها لأسر اللاجئين والنصف الآخر للأسر المعوزة في المجتمعات المضيفة. ومن المقرر أن يتم تخصيص هكتار واحد لكل أسرة.

صورة جوية لملاجئ مؤقتة للسودانيين الذين فرّوا من الصراع بدارفور بأدري في تشاد (رويترز)

ومن المقرر أن يقدم برنامج الأغذية العالمي الدعم لهذه الأسر؛ لجعل الأراضي صالحة للاستخدام. وقالت شولتسه، خلال زيارتها لمعبر أدري الحدودي شرق تشاد: «للأسف، علينا أن نفترض أن العودة إلى السودان لن تكون ممكنة لمعظم اللاجئين في المستقبل المنظور». وأضافت شولتسه أن المساعدات الإنسانية ليست حلاً دائماً. وقالت: «لهذا السبب يُعدّ هذا النهج، الذي يمنح اللاجئين والمجتمعات المضيفة الأراضي ويجعلها صالحة للاستخدام مجدداً كالحقول والمراعي، خطوة رائدة، حيث إن الذين يمتلكون أراضي خصبة يمكنهم توفير احتياجاتهم بأنفسهم». وقالت مديرة منظمة «وورلد فيجن ألمانيا»، جانين ليتماير، إن نحو 250 ألف لاجئ يعيشون حالياً ظروفاً صعبة، بمساكن مؤقتة بدائية في منطقة أدري وحدها. وأضافت ليتماير أن الأشخاص في كثير من الحالات يعيشون تحت أغطية من القماش المشمع المشدود على جذوع الأشجار أو الأعمدة.