عبد الإله ابن كيران أمين عام حزب «العدالة والتنمية» (ماب)
تواصلت ردود الأفعال داخل حزب العدالة والتنمية المغربي (مرجعية إسلامية)، بخصوص البيان المثير للجدل لأمانته العامة، الذي ربط زلزال الحوز بما وصفه بـ«بالمعاصي العامة والسياسية والانتخابية».
وعبر وزيران سابقان من الحزب عن رفضهما لمضمون البيان، حيث انتقد محمد يتيم وزير الشغل الأسبق، وعضو سابق بالأمانة العامة للحزب، هذا الموقف عادا أنه لا يمثله، وقال إنه بيان «غير موفق» على اعتبار أن «العدالة والتنمية» حزب سياسي، «وكان من المفروض أن يتناول الموضوع من زاوية سياسية واجتماعية بالأساس».
وعدّ يتيم أنه «لا يمكن ربط الزلزال بالذنوب والمعاصي، ولا أحد يمكن أن يعلم ذلك إلا الله، ما لم يرد في القرآن والسنة صراحة ما يفيد أن طوفانا أو رياحا عاصفة أو خسفا كان عقوبة إلهية، كما ورد في القرآن صراحة في عدد من الحالات». وحمّل يتيم مسؤولية مضمون البيان لجميع أعضاء الأمانة العامة، قائلا: «ما أعرفه هو أن الأمانة العامة التي كنت أشتغل فيها تعتمد البلاغات، والبيانات الصادرة باسمها بصورة جماعية». مبرزا أن عددا من أعضاء الأمانة العامة الحاليين «لا يقبلون ما تم تضمينه في البيان. وعلى أعضاء الأمانة العامة تقع المسؤولية الكاملة في إعادة الاعتبار لمؤسسة الأمانة العامة، وأن يمارسوا مسؤولياتهم كاملة فيما يصدر باسمها».
من جهته، قال خالد الصمدي، الوزير السابق في حكومة سعد الدين العثماني، إنه «لا ينبغي التدخل بين الله وعباده في حكمته، ومقصده من ابتلائه لعباده بلا حجة ولا برهان». مضيفا أن «سنة الابتلاء في القرآن الكريم تدور في الذكر الحكيم بين ثنائيات واحتمالات، ولا مجال فيها للقطع والجزم والثبات».
بدوره، قال النائب البرلماني السابق، عبد العزيز أفتاتي، إن ربط الذنوب والمعاصي بزلزال الحوز ورد في عرض قدمه عبد الإله ابن كيران، الأمين العام للحزب، في اجتماع الأمانة العامة للحزب، وأنه جرى وضع جزء من مداخلته في بيان الحزب. موضحا أن الأمانة العامة للحزب تتحمل المسؤولية في ألّا تضمن هذه الفقرة في بيانها، ما لم تنسجم مع قناعات الحزب حتى لا يفهم أنها متفقة مع ما يعدّ خطأ عقائديا وفكريا.
كما توالت من خارج الحزب عدة ردود أفعال رافضة لبيان الحزب، منها تصريح أحمد عصيد، الناشط الأمازيغي، الذي قال إن موقف حزب العدالة والتنمية «يعكس إشكالية تبني حزب سياسي لتفسير خرافي للزلزال»، متهما الحزب بـ«الخلط بين الدين والسياسة، حيث ربط وضعا سياسيا بالزلزال»، عادا أن «هذا من أغرب ما صدر عن حزب سياسي».
وكان الوزير السابق عبد القادر عمارة قد قدم استقالته من الحزب بسبب موقف الحزب، الذي ربط فيه الزلزال بالذنوب. وتضمن بيان للحزب صدر مساء الأحد الماضي دعوة للتساؤل: «هل الزلزال وقع بفعل الذنوب والمعاصي ليس بمعناها الفردي العام، ولكن بمعناها العام والسياسي أيضا؟».
وأضاف البيان مبرزا أن «الصواب هو أن نراجع كأمة، ونتبين هل الذي وقع قد يكون كذلك بسبب ذنوبنا ومعاصينا، ومخالفاتنا ليس فقط بمعناها الفردي ولكن بمعناها العام والسياسي».
وخلص البيان إلى أن السؤال المطروح «ليس فقط عن المخالفات الفردية، وإنما عن الذنوب والمعاصي والمخالفات بالمعنى السياسي وتلك الموجودة في الحياة السياسية عامة، والانتخابات والمسؤوليات والتدبير العمومي وغيرها».
سجّلت محطات شبكة الزلازل القومية، هزة أرضية على بُعد 12 كيلومتراً من مدينة شرم الشيخ، عند الساعة 7:34 صباحاً بتوقيت القاهرة، مما أثار انتباه السكان في المنطقة.
ضرب زلزال بقوة 5.9 درجة على مقياس ريختر ولاية مالاطيا في شرق تركيا تأثرت به بعض المناطق في جنوب شرقي البلاد وفي شمال سوريا ولم يسفر عن ضحايا أو إصابات خطيرة
دعوات «إلزامية الحجاب» تفجر صراعاً مجتمعياً في ليبيا
تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)
وجدت دعوات تحجيب النساء «جبراً»، التي تنتصر لها السلطة في العاصمة الليبية، عدداً من المؤيدين، لكنها خلقت أيضاً تياراً واسعاً من الرافضين لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات.
فبعد إعلان السلطة، ممثلة في عماد الطرابلسي، وزير الداخلية بحكومة «الوحدة» المؤقتة، عن إجراءات واسعة ضد النساء، من بينها «فرض الحجاب الإلزامي»، بدت الأوضاع في ليبيا متجهة إلى التصعيد ضد «المتبرجات»، في ظل صراع مجتمعي محتدم.
بين الرفض والقبول
تفاعل الشارع الليبي بشكل متباين مع تصريحات الطرابلسي، بين من رفضها جملة وتفصيلاً، ومن قال إنه «ينفذ شرع الله ويسعى لنشر الفضيلة»، في وقت شرعت فيه أجهزة أمنية في إغلاق صالات رياضية ونوادٍ نسائية، بينما لم تعلّق سلطات البلاد، ممثلة في المجلس الرئاسي أو «الوحدة»، على هذا الأمر، وهو ما عده مقربون منهما «رضاً وقبولاً» بما تعهد به الطرابلسي.
وبين هذا التيار وذاك، ظهرت شكاوى من التضييق والتحريض ضد «متبرجات»، أعقبتها دعوات للنائب العام بضرورة التدخل لحمايتهن وتفعيل القانون. وأمام تصاعد هذا الاتجاه الذي حذرت منه منظمات دولية، عدّت زهراء لنقي، عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي، أن الهدف منه «إشغال الناس عن القضايا الجوهرية، مثل الفساد المالي والإداري وتهريب الأموال».
وقالت الزهراء لـ«الشرق الأوسط» إن هذا التوجه «يأتي ضمن سلسلة من الإجراءات التي تفعلها حكومة (الوحدة) بين الحين والآخر، في إطار توجّه منهجي لعودة المنظومة الأمنية القمعية، وكبت الحريات العامة، وملاحقة المجتمع المدني عبر توظيف خطاب متشدد».
وسبق لمنظمة «العفو الدولية» القول إن تصريحات الطرابلسي من شأنها «ترسيخ التمييز ضد النساء والفتيات، والانتقاص من حقوقهن في حرية التعبير والدين، والمعتقد والخصوصية الجسدية، بما في ذلك خطط لإنشاء شرطة الأخلاق لفرض الحجاب الإلزامي».
من جهته، عدّ جمال الفلاح، رئيس «المنظمة الليبية للتنمية السياسية»، أن هذه الإجراءات «قسّمت المجتمع بين جماعة مؤيدة، وأخرى تعد هذا التوّعد إهانة للمرأة الليبية، التي ترفض فرض الحجاب عليها بالقوة».
وقال الفلاح الذي يرى أن المرأة الليبية «قيادية ورائدة في مجالات عدة»، لـ«الشرق الأوسط»: «إذا كنا نتحدث عن الأخلاق والفضيلة، فليبيا اليوم تعج بالربا وفساد السلطة والمسؤولين، بالإضافة إلى الرشى في أوساط من هم في السلطة؛ ولذلك كان من الأولى التركيز على قضايا الرشوة والابتزاز والقتل خارج القانون».
وكان الطرابلسي قد قال في مؤتمر صحافي في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، باللهجة الليبية: «نلقى واحد مقعمز (جالس) هو وبنت برقدهم في الحبس، والبنت بترقد هي وأهلها في الحبس. والنساء اللي تسوق من غير ستر شعرها بنستلم منها السيارة... لا نعرف زميل لا صديق لا شريك لا موظف».
وسيلة للإلهاء
أمينة الحاسية، رئيس مجلس إدارة ملتقى التغيير لتنمية وتمكين المرأة، ربطت بين توجه سلطات طرابلس لتفعيل الحجاب «جبراً»، والأزمة السياسية في البلاد، وهو ما ذهبت إليه أيضاً لنقي.
تقول الحاسية لـ«الشرق الأوسط»: «عادة ما يضع المسؤولون في ليبيا المرأة في مكان بين السياسة والدين؛ ولو تريد الدولة حقاً المحاسبة فعليها أن تبدأ أولاً بمواجهة الفساد، وتدع المرأة وشأنها»، مضيفة: «هم الآن في وضع سياسي سيئ».
وعدت لنقي التركيز على المرأة وزيها وشعرها «زوبعة يستهدفون الإلهاء من ورائها»، معتقدة أن حكومة طرابلس «تسعى لأن تكون سلطة دينية وهي ليست كذلك... و 90 في المائة من الليبيات تقريباً يرتدين الزي نفسه داخل ليبيا. هذه في رأيي زوبعة للإلهاء عن القضايا الجوهرية لا أقل ولا أكثر».
حماية الآداب العامة
غير أن صمت السلطة حيال ما ذهب إليه الطرابلسي توقف بعد قرار أصدره الدبيبة، وتم تداوله على نطاق واسع، وهو القرار الذي قضى باستحداث إدارة بالهيكل التنظيمي لوزارة الداخلية، تسمى «الإدارة العامة لحماية الآداب العامة».
وحدد القرار، الذي لم تنفه حكومة الدبيبة، مهام إدارة «حماية الآداب العامة»، من بينها ضبط الجرائم التي ترتكب في الأماكن العامة، والمقاهي والمطاعم ودور العرض والفنادق، وغيرها من الأماكن العامة أو المخصصة للارتياد العام بالمخالفة للتشريعات الخاصة بحماية الآداب العامة، ومكافحة الأفعال التي تتنافى مع توجهات المجتمع، وتسيء إلى قيمه وأخلاقه ومبادئه، وتطبيق التشريعات النافذة، بالإضافة إلى القيام بأعمال البحث والتحري، وجمع الاستدلال في الجرائم المتعلقة بالآداب العامة.
وتوجه مقربون من الإعلامية الليبية، زينب تربح، ببلاغ إلى النائب العام، بعد شكايتها في مقطع فيديو من مضايقات وهي تقود سيارتها من طرف مجهولين لكونها حاسرة الرأس، وقالت إيناس أحمدي، إحدى المقربات من الإعلامية، إن تربح «تتعرض لحملة شرسة من العنف والتعدي»، مشيرة إلى أن الحملة «ما زالت في بدايتها، وما زالت تأخذ أشكالاً أكثر تعنيفاً دون أي رادع».
وانتشر على تطبيق «تيك توك» تأييد واسع لرغبة سلطة طرابلس في تفعيل الحجاب، كما أسبغ بعض المعجبين على الطرابلسي أوصافاً عديدة، تعود لشخصيات تاريخية، وعدّوه «حامياً للإسلام والأخلاق». وهنا تلفت الحاسية إلى «تغول التيار الديني في غرب ليبيا، وتأثيره على من هم في السلطة، لما يملكه من مال وسلاح وميليشيات»، وقالت بهذا الخصوص: «أصبحت هناك حالات تعد على صالات الرياضة والنوادي النسائية بالقوة، وقد حاولوا أن يغلقوها بحجج كثيرة، من بينها الدين والحجاب. وربما نقول إن الطرابلسي له علاقة بهذه التشكيلات المسلحة وهذا التوجه الديني».
ووسط تباين مجتمعي، يراه كثيرون أنه سيتفاعل في قادم الأيام كلما تعددت حالات التضييق على «المتبرجات»، قالت المحامية الليبية ثريا الطويبي، إن ما ذهب إليه الطرابلسي، «جاء مخالفاً للإعلان الدستوري، الذي نص على حماية الحقوق وصيانة الحريات». مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «يعد لباس المرأة من الحقوق والحريات الشخصية، ما لم يكن فاضحاً أو خادشاً للحياء العام، وليس من اختصاص وزير الداخلية وضع القيود على لباس المرأة، أو تنقلها وسفرها للخارج».
واتساقاً مع ذلك، تعتقد الحاسية أن ليبيا تعيش راهناً في فوضى، ومواجهة من تيار ديني يريد الهيمنة على زمام الأمور والقوانين ودسترة هذه المشكلات، لكنها قالت جازمة: «الليبيون والليبيات سيرفضون هذا الإلزام، إلا لو فرض عليهم بقوة السلاح».