الجزائر تتعهد بـ«الدفاع عن الحلول الأفريقية لمشاكل القارة» خلال عضويتها بمجلس الأمن

اجتماع أفريقي بنيويورك لبحث تمويلات أممية لعمليات السلام

مجلس الأمن (د.ب.أ)
مجلس الأمن (د.ب.أ)
TT

الجزائر تتعهد بـ«الدفاع عن الحلول الأفريقية لمشاكل القارة» خلال عضويتها بمجلس الأمن

مجلس الأمن (د.ب.أ)
مجلس الأمن (د.ب.أ)

قال وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، إن بلاده تتعهد خلال عضويتها غير الدائمة بمجلس الأمن الدولي، التي ستباشرها مطلع 2024، بـ«الدفاع عن مبدأ الحلول الأفريقية لأزمات القارة»، في إشارة على وجه الخصوص إلى الوضع الذي أفرزه الانقلاب في النيجر في 26 يوليو (تموز) 2023، والأوضاع السياسية والأمنية المتوترة في ليبيا منذ 2011.

وكان عطاف يتحدث في اجتماع وزاري في إطار «مجلس السلم والأمن» التابع للاتحاد الأفريقي، الأحد، بنيويورك، على هامش الدورة الـ78 للجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث جرى البحث في مساعٍ جماعية للدول الأفريقية، لاستصدار قرار من مجلس الأمن الدولي، يسمح بتمويل دعم عمليات السلام تحت مظلة المنظمة القارية.

وزير خارجية الجزائر (الثاني على اليمين) في اجتماع مع الأعضاء الجدد غير الدائمين بمجلس الأمن (الخارجية الجزائرية)

وقال عطاف، وفق تقرير عن الاجتماع أصدرته الخارجية الجزائرية، إن بلاده «لن تدخر جهداً لتعزيز الصوت الأفريقي داخل مجلس الأمن، وللتعبير بإخلاص عن آراء قارتنا وانشغالاتها وتطلعاتها في هذه الهيئة الرئيسية للأمم المتحدة. وسيكون من دواعي الشرف أن نفعل ذلك، بناء على الجهود الحقيقية والتقدم الملحوظ الذي أحرزه الإخوة الأعزاء من غانا وغابون وموزمبيق، الأعضاء الأفارقة الحاليين في المجلس، الذين دافعوا باقتدار عن قضايانا المشتركة».

وانتخبت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 6 يونيو (حزيران) الماضي، الجزائر وسيراليون عن المجموعة الأفريقية، بصفتهما عضوين غير دائمين في مجلس الأمن الدولي، وذلك لولاية تدوم عامين ابتداءً من يناير (كانون الثاني) 2024. كما تم انتخاب غويانا عن أميركا اللاتينية، وسلوفينيا عن أوروبا، وكوريا الجنوبية ممثلة لقارة آسيا. وقالت الرئاسة الجزائرية، بعد ظهور نتائج التصويت، إن «الجزائر ستحرص (خلال ولايتها) على إسماع صوت الدول العربية والأفريقية، والدفاع عن المصالح الاستراتيجية المشتركة في مختلف القضايا التي تندرج ضمن اختصاصات مجلس الأمن».

وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف مع رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي مسوى فقي (الخارجية الجزائرية)

وأكد عطاف، في خطابه، أن «صوتنا الجماعي لتغليب الحكمة مطلوب بشدة في هذا السياق العالمي الحرج والصعب، للمساعدة على سد الفجوات المتزايدة والتغلب على الاستقطاب المتزايد، الذي يؤثر تأثيراً شديداً وسلبياً على فاعلية المجلس في التصدي لتهديدات السلام والأمن». وبحسب وزير الخارجية، فإن الجزائر «ستظل على الدوام، ملتزمة مبدأ الحلول الأفريقية لمشاكل أفريقيا، وهو المبدأ الذي يعكس تماماً جوهر النقاش حول تمويل عمليات دعم السلام التي يقودها الاتحاد الأفريقي».

وتعد الجزائر، حسب عطاف، أن مسألة تمويل الأمم المتحدة الأعمال التي تقودها المنظمة القارية لحل الأزمات في أفريقيا، «هي أمر له بعد استراتيجي، سواء من ناحية ضمان امتلاك القارة للآليات والأدوات الموجهة لمعالجة تحديات السلم والأمن، أو من ناحية توفير البديل الأصح لنموذج عمليات حفظ السلام التي تقودها الأمم المتحدة، والتي تواجه انتقادات متزايدة، وكذا من حيث إن هذا المشروع يؤكد استعداد القارة الأفريقية لتقديم مساهمتها وتحمّل نصيبها في نظام الأمن الجماعي، على النحو المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة».

وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف مع مفوض الاتحاد الأفريقي للشؤون السياسية والسلم والأمن بانكولي أديوي (الخارجية الجزائرية)

وشدد عطاف على «حق أفريقيا في الاستفادة من موارد الأمم المتحدة، لتمويل جهودها ومساعيها في مجال السلم والأمن»، مؤكداً أن «تحقيق هذا الهدف من شأنه التخفيف من حدة الضغوطات المتزايدة على عمليات حفظ السلم التابعة للأمم المتحدة، مع تأمين استجابات فعلية وفعالة للتحديات المعقدة التي تواجهها دول وشعوب القارة الأفريقية».


مقالات ذات صلة

الرئيس الجزائري: قطاع الزراعة حقق 37 مليار دولار العام الحالي

شمال افريقيا الرئيس عبد المجيد تبون (أ.ف.ب)

الرئيس الجزائري: قطاع الزراعة حقق 37 مليار دولار العام الحالي

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يؤكد أن قطاع الزراعة بات يساهم بـ15 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)

باريس تمنح «حمايتها» للكاتب صنصال المعتقل في الجزائر

أعلنت الحكومة الفرنسية، رسمياً، أنها ستقدم «حمايتها» للكاتب الشهير بوعلام صنصال الذي يحتجزه الأمن الجزائري منذ الـ16 من الشهر الحالي.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا تبون يلقي خطاباً أمام القضاة (الرئاسة)

الجزائر: تبون يهاجم فترة حكم بوتفليقة في ملف «محاسبة المسيرين النزهاء»

تبون: «مؤسسات الجمهورية قوية بالنساء والرجال المخلصين النزهاء، ومنهم أنتم السادة القضاة… فلكم مني أفضل تحية».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)

لائحة الخلافات بين الجزائر وفرنسا في اتساع متزايد

يقول صنصال إن «أجزاء كبيرة من غرب الجزائر تعود إلى المغرب»، وإن قادة الاستعمار الفرنسي «كانوا سبباً في اقتطاعها، مرتكبين بذلك حماقة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

يواجه الكاتب الجزائري - الفرنسي الشهير بوعلام صنصال، عقوبة سجن تتراوح بين 12 شهراً و5 سنوات، بسبب تصريحات مستفزة بالنسبة للسلطات، أطلقها في فرنسا.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

دعم مصري للبنان... تحركات سياسية وإنسانية تعزز مسار التهدئة بالمنطقة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يلتقي رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي على هامش أعمال «القمة العربية الإسلامية» الأخيرة بالرياض (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يلتقي رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي على هامش أعمال «القمة العربية الإسلامية» الأخيرة بالرياض (الرئاسة المصرية)
TT

دعم مصري للبنان... تحركات سياسية وإنسانية تعزز مسار التهدئة بالمنطقة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يلتقي رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي على هامش أعمال «القمة العربية الإسلامية» الأخيرة بالرياض (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يلتقي رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي على هامش أعمال «القمة العربية الإسلامية» الأخيرة بالرياض (الرئاسة المصرية)

تحركات مصرية مكثفة سياسية وإنسانية لدعم لبنان في إطار علاقات توصف من الجانبين بـ«التاريخية»، وسط اتصالات ومشاورات وزيارات لم تنقطع منذ بدء الحرب مع إسرائيل، ومطالبات بوقف إطلاق النار ضمن جهود القاهرة للعمل على تهدئة الأوضاع بالمنطقة.

الدعم المصري لبيروت، وفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، نابع من «اهتمام أصيل بأمن وسيادة لبنان، وضمن رؤيتها في عدم توسيع نطاق الحرب، ويأتي استمراراً لوقوفها الدائم بجانب الشعب اللبناني بجميع الأزمات على مر العقود»، وسط توقعات بـ«دور أكبر للقاهرة في إعمار جنوب لبنان بعد الدمار الإسرائيلي».

ومع تفاقم الضربات الإسرائيلية على لبنان رغم محادثات اتفاق الهدنة، واصل الموقف المصري مساره السياسي بخلاف الإنساني في تأكيد دعم بيروت، حيث بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن، على هامش أعمال اجتماع وزراء خارجية «مجموعة السبع» في إيطاليا «آخر التطورات بالنسبة لمفاوضات وقف إطلاق النار في لبنان»، وفق بيان صحافي للخارجية المصرية، الثلاثاء.

وتمسك الوزير المصري بـ«ضرورة تنفيذ قرار مجلس الأمن (1701) بعناصره كافة، وتمكين المؤسسات اللبنانية، وعلى رأسها الجيش اللبناني، من بسط نفوذها بالجنوب اللبناني»، وهو الموقف الذي أكد عليه أيضاً في اجتماع آخر في روما مع نظيره اللبناني عبد الله بوحبيب «تناول آخر التطورات المتعلقة بالأوضاع في لبنان، والمفاوضات الجارية للتوصل لوقف إطلاق النار»، وفق المصدر ذاته.

وزير الخارجية المصري يلتقي نظيره اللبناني خلال مشاركتهما في فعاليات منتدى «حوارات روما المتوسطية» (الخارجية المصرية)

وأكد الوزير المصري «حرص بلاده على استمرار تقديم الدعم للبنان الشقيق في ظل الظرف الحرج الراهن، الذي كان آخره تسليم شحنة جديدة من المساعدات الإغاثية في 13 نوفمبر (تشرين الثاني)، تضمنت 21 طناً من المواد الغذائية، ومستلزمات الإعاشة اللازمة للتخفيف عن كاهل النازحين».

وفي تلك الزيارة، أجرى عبد العاطي 8 لقاءات ومحادثات، مع مسؤولين لبنانيين، على رأسهم، رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، حيث تم تناول «مجمل الاتصالات التي تقوم بها مصر مع الأطراف الإقليمية والدولية المعنية لوقف الانتهاكات الإسرائيلية للسيادة اللبنانية، وتمكين الجيش اللبناني وعودته إلى الجنوب».

عبد العاطي خلال لقاء سابق مع قائد الجيش اللبناني ضمن زيارته لبيروت (الخارجية المصرية)

ويرى وزير الخارجية المصري الأسبق، محمد العرابي، أن الموقف المصري إزاء لبنان منذ التصعيد الإسرائيلي ومع حرب غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 «قوي ومتقدم ونابع من اهتمام أصيل بأمن وسيادة لبنان، وفكرة عدم توسيع نطاق الحرب في المنطقة بالشكل العنيف الذي تقوم به إسرائيل».

ولم يكن الدعم المصري وفق العرابي على «الصعيد الإنساني فقط، لكن كان قوياً دبلوماسياً وسياسياً، وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في كل المحافل يؤكد على موقف منحاز لسيادة وأمن لبنان، بخلاف اتصالات ولقاءات وزير الخارجية وأحدثها لقاء وزير خارجية لبنان في روما، وهذا يعبّر عن اهتمام واضح ومهم يُظهر لإسرائيل أن مصر رافضة توسعها في تهديد أمن المنطقة، ورافضة لأي مساس باستقرار لبنان».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع الزعيم الدرزي وليد جنبلاط ضمن زيارته الأخيرة لبيروت (الخارجية المصرية)

ويعد الموقف المصري المتواصل، وفق الكاتب السياسي اللبناني بشارة خير الله: «رسالة دعم مهمة في توقيت خطير يمر به لبنان»، مضيفاً: «مصر تلعب دوراً دبلوماسياً وإغاثياً بارزاً في الوقوف بجانب لبنان، ونحن هنا في لبنان نعوّل على الدور المصري ونجاحه في تعزيز جسر المساعدات، والتوصل لوقف إطلاق نار».

ووفق خير الله، فإن «التحرك المصري المتواصل يأتي ضمن جهود عربية كبيرة مع لبنان»، لافتاً إلى أن «هذا الوقوف العربي مهم للغاية في ظل محنة لبنان الذي يدفع ثمناً كبيراً».

دور محوري

يتفق معهما، المحلل السياسي اللبناني طارق أبو زينب، الذي أكد أن «مصر لها دور محوري في لبنان والمنطقة، من حيث دعمها لترسيخ الاستقرار في لبنان والمنطقة، فضلاً عن وقوفها الدائم بجانب الشعب اللبناني بجميع الأزمات على مر العقود، حيث قدمت مساعدات عند حادثة انفجار بيروت (2020) وأيضاً عند انتشار فيروس (كورونا)، ودعمت لبنان ولا تزال، ومستمرة في تقديم الدعم منذ بداية الحرب».

وبالنسبة للموقف السياسي، فإن مصر «تدعم وقف إطلاق النار في لبنان من خلال تنفيذ القرار (1701)، وتضغط بكل ما لديها من قوة في العالم العربي والمجتمع الدولي من أجل إنقاذ لبنان ووقف العدوان»، وفق أبو زينب الذي أكد أن «التعاون والتنسيق بين البلدين تاريخي بحكم العلاقات التاريخية والوطيدة بين مصر ولبنان، والتواصل مستمر، وهناك زيارات دائمة على صعيد المسؤولين لتقديم الدعم للبنان في الظروف الصعبة قبل الحرب، وأثناء العدوان أيضاً».

وسبق أن زار وزير الخارجية المصري لبنان في 16 أغسطس (آب) الماضي، قبل التصعيد الإسرائيلي الأخير، والتقى آنذاك في بيروت عدداً من المسؤولين، بينهم رئيس الوزراء اللبناني، نجيب ميقاتي، وسط تأكيده على إجراء اتصالات رئاسية ووزارية متواصلة لبحث التوصل لتهدئةٍ، لا سيما منذ تحويل جنوب لبنان إلى جبهة مساندة لغزة.

ووفق وزير الخارجية المصري الأسبق، فإن «تلك الخطوات المصرية تجاه لبنان نتاج علاقات تاريخية ومستقرة، أضيفت لها مساندة سياسية وإنسانية متواصلة، وستكون بعد وقف الحرب محل تقدير من حكومة وشعب لبنان»، متوقعاً أن يكون لمصر دور في إعمار جنوب لبنان بعد التخريب الإسرائيلي له، مع اهتمام بدعم جهود لبنان في حل الفراغ الرئاسي.

وتلك الجهود تأتي «ضمن رؤية الرئيس المصري، كون العمل العربي المشترك مهم من أجل إنقاذ المنطقة من التطرف الصهيوني، سواء في غزة أو حالياً في لبنان، خصوصاً أن الأوضاع الكارثية حالياً في غزة ولبنان تتطلب مزيداً من الجهد والتعاون والعمل، وهو ما نقوم به حالياً مع الأشقاء العرب»، وفق المحلل السياسي اللبناني طارق أبو زينب.

والوصول لاتفاق تهدئة في لبنان «سيشجع جهود الوساطة المصرية على إبرام هدنة في غزة»، وفق تقدير المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور أيمن الرقب.

عبد العاطي يلتقي رئيس مجلس النواب اللبناني ضمن زيارته الأخيرة لبيروت (الخارجية المصرية)

وكما سعت القاهرة في ملف لبنان، فإنها ستعزز جهودها في ملف غزة، خصوصاً أن «حماس» تؤيد اتفاق لبنان، ولن يرغب أي طرف فلسطيني في لوم «حزب الله» الذي دفع ثمناً كبيراً أبرزه مقتل غالبية قياداته، وفق الرقب.