البرهان إلى نيويورك... وملف الحرب يتصدر اجتماعات الأمم المتحدة

حاكم إقليم دارفور يحذّر من سيناريو الانقسام من خلال مؤشرات دولية

البرهان مغادراً مطار بورتسودان في طريقه إلى نيويورك الأربعاء (صفحة الجيش السوداني على «فيسبوك»)
البرهان مغادراً مطار بورتسودان في طريقه إلى نيويورك الأربعاء (صفحة الجيش السوداني على «فيسبوك»)
TT

البرهان إلى نيويورك... وملف الحرب يتصدر اجتماعات الأمم المتحدة

البرهان مغادراً مطار بورتسودان في طريقه إلى نيويورك الأربعاء (صفحة الجيش السوداني على «فيسبوك»)
البرهان مغادراً مطار بورتسودان في طريقه إلى نيويورك الأربعاء (صفحة الجيش السوداني على «فيسبوك»)

توجّه رئيس مجلس السيادة في السودان، قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، اليوم (الأربعاء)، إلى نيويورك للمشاركة في فعاليات الدورة الثامنة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، في وقت تصدّر ملف الحرب في بلاده خطابات بعض رؤساء الدول والحكومات ومباحثاتهم في أروقة الأمم المتحدة، وتزايدت الدعوات إلى تكثيف الضغوط الدولية والإقليمية لوضع حد للقتال في السودان.

وقال إعلام رئاسة مجلس السيادة في بيان: إن من المقرر أن يلقي رئيس المجلس خطاب السودان، الجمعة، في اجتماعات رفيعة المستوى، وسيتناول فيه بحث تعزيز التعاون متعدد الأطراف في ما يتعلق بمختلف القضايا الدولية والإقليمية المطروحة. وأضاف البيان، أن البرهان سيلتقي على هامش الاجتماعات عدداً من الرؤساء من مختلف دول العالم، وممثلين من المنظمات الدولية والإقليمية؛ لبحث سبل التعاون الثنائي في إطار منظمة الأمم المتحدة لبناء مستقبل أكثر استقراراً.

واستبق البرهان مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، بجولة خارجية، زار خلالها خمس دول، هي: مصر، جنوب السودان، قطر، إريتريا وتركيا، بحث فيها مع رؤساء وقادة تلك الدول تداعيات الأوضاع في بلاده جراء الحرب، وأكدوا جميعاً وقوفهم مع الحل السلمي للأزمة في السودان.

تحذير دولي من التقسيم

وحذّر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطوني غوتيريش، الثلاثاء، خلال كلمته في افتتاح الدورة الحالية، من أن السودان يواجه خطر الانقسام بسبب الحرب الدائرة بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع»، التي تثير مخاوف دولية. وكرر رئيس مجلس السيادة، أكثر من مرة، أن القتال لن يتوقف إلا بعد القضاء على «تمرد» قوات «الدعم السريع»، متوعداً بحسمه قريباً. ويتوقع أن يتوجه البرهان، عقب عودته من نيويورك، في زيارة رسمية إلى المملكة العربية السعودية التي تستضيف «منبر جدة» بمشاركة الولايات المتحدة؛ لتيسير المحادثات بين طرفي الحرب، الجيش و«الدعم السريع»، للوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار.

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يلقي كلمته (رويترز)

وتنحى ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في السودان، فولكر بيرتس، في 13 سبتمبر (أيلول) الحالي، من منصبه، عقب الإدلاء بإحاطة لمجلس الأمن الدولي، عن الأوضاع في السودان خلال الأشهر الأربعة الماضية من الحرب. وذكر بيرتس في تقريره، أنه لا توجد علامات على انحسار القتال بين الجيش وقوات «الدعم السريع»، وأن أياً من الطرفين لا يقترب من انتصار عسكري حاسم، محذّراً في الوقت ذاته من تحول النزاع بين القوتين العسكريتين حرباً أهلية شاملة.

وكان مجلس الأمن الدولي شدّد على وقف إطلاق النار والأعمال العدائية، بالضغط على طرفَي القتال للحوار والتفاوض للوصول إلى حل سياسي، وأدان بالإجماع الانتهاكات الجماعية وأعمال العنف والسلب والنهب وتدمير البنية التحتية. ومنذ اندلاع الحرب بين الجيش و«الدعم السريع» في منتصف أبريل (نيسان) الماضي، قُتل ما لا يقل عن 5 آلاف شخص وأصيب عشرات الآلاف، ونزح ما يقرب من 5 ملايين داخل البلاد وخارجها.

وفي موازاة ذلك، قال حاكم إقليم دارفور، رئيس حركة «جيش تحرير السودان»، مني أركو مناوي، في تغريدة على منصة «إكس» (تويتر سابقاً): «نستشعر خطر التشظي يوماً بعد يوم، إذ يتبين من خلال مؤشرات دولية تنشط في ملف السودان، أن هناك اتجاهاً لإعادة صياغة التفاوض»، مضيفاً أن التفاوض بين الجيش و«الدعم السريع» يجري «كحكومات وليس كقادة جيوش»، وليس بعيداً عن ذلك نشوء حكومة ثالثة في جنوب كردفان بقيادة عبد العزيز الحلو، مؤكداً أن الكرة لا تزال في ملعب السودانيين.

تصاعد القتال في العاصمة

في غضون ذلك، تصاعدت وتيرة المعارك بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» في مناطق عدة من مدن العاصمة الخرطوم. وقال شهود عيان: إن قوات «الدعم السريع» قصفت بالمدفعية مقرّ قيادة الجيش في وسط الخرطوم؛ ما أدى إلى اهتزاز المنازل في الأحياء السكنية المتاخمة للقيادة. وأفاد سكان مقيمون في مدينة أمدرمان بتصاعد أعمدة الدخان بكثافة من الأحياء المحيطة بسلاح المهندسين التابع للجيش؛ جراء الاشتباكات العنيفة وتبادل القصف المدفعي بين الطرفين.

مشهد لتعرّض أحد أبراج العاصمة السودانية لقذيفة نتيجة المعارك في 17 سبتمبر (أ.ف.ب)

وفي المقابل، هاجم الجيش بالمدفعية والأسلحة الثقيلة مقار «الدعم السريع» في المدينة الرياضية وأرض المعسكرات في سوبا جنوب الخرطوم.

ووفق الشهود، نفّذ الطيران الحربي للجيش غارات جوية متتالية على مواقع قوات «الدعم السريع» شرق الخرطوم، التي ردت عليها بالمضادات الأرضية.

وفي ولاية غرب كردفان، غرب البلاد، هاجمت قوات «الدعم السريع» منطقة الأضية، وأحرقت مقر قوات الشرطة والاستيلاء على المخازن، بالإضافة إلى إطلاق سراح السجناء. وأفاد صحافيون من المدينة بأن قوات الجيش تصدّت لهجوم من القوات المهاجمة على الحامية العسكرية، أسفر عن تدمير 5 سيارات قتالية لـ«الدعم السريع»، قبل أن تنسحب إلى خارج المنطقة.


مقالات ذات صلة

واحد من كل 3 أطفال في السودان يواجه سوء التغذية الحاد

العالم العربي سودانيون يتسلمون الطعام في موقع أنشأته منظمة إنسانية محلية للتبرع بالوجبات والأدوية للنازحين جراء الحرب في مدينة مروي السودانية (أ.ف.ب)

واحد من كل 3 أطفال في السودان يواجه سوء التغذية الحاد

قال «برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة»، اليوم (الأحد)، إن طفلاً واحداً من كل 3 يواجه سوء التغذية الحاد في السودان، وهو ما يجعل البلاد على شفا مجاعة.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا أعمدة الدخان تتصاعد خلال اشتباكات بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في الخرطوم (رويترز)

السودان: هجمات لـ«الدعم السريع» تقطع الكهرباء عن معظم مناطق سيطرة الجيش

قال مسؤولون حكوميون وسكان إن الكهرباء انقطعت عن معظم المناطق التي يسيطر عليها الجيش السوداني بعد هجمات لـ«قوات الدعم السريع» على محطات توليد الكهرباء.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا لقطة من أحد الشوارع في جوبا عاصمة جنوب السودان (رويترز)

جنوب السودان يفرض حظر التجول بعد أعمال شغب في العاصمة

فرضت شرطة جنوب السودان حظر تجول على مستوى البلاد، بعد ليلة من أعمال الشغب بسبب مقتل مواطنين من جنوب السودان على يد الجيش وجماعات متحالفة معه في السودان.

«الشرق الأوسط» (جوبا)
العالم العربي تتصاعد أعمدة الدخان من مصفاة الجيلي النفطية شمال أم درمان خلال المعارك بين القوات العسكرية السودانية «وقوات الدعم السريع» أول من أمس (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة: الحرب في السودان تزداد خطورة على المدنيين

قال المفوّض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، اليوم (الجمعة)، إن الحرب في السودان تزداد خطورة على المدنيين بعد مقتل أكثر من 10 أشخاص.

«الشرق الأوسط» (بورتسودان)
شمال افريقيا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)

صحيفة: الجيش السوداني استخدم أسلحة كيميائية... وبلينكن يأسف لعدم إنهاء الحرب

أعرب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، اليوم الخميس، عن «أسف حقيقي» بسبب الفشل في إنهاء الحرب بالسودان.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الجزائر: السجن لمعارض بارز وزوجته بتهمة «الإساءة لرئيس الجمهورية»

المعارض الجزائري البارز فتحي غراس وزوجته الناشطة مسعودة شبالة (من حسابه بالإعلام الاجتماعي)
المعارض الجزائري البارز فتحي غراس وزوجته الناشطة مسعودة شبالة (من حسابه بالإعلام الاجتماعي)
TT

الجزائر: السجن لمعارض بارز وزوجته بتهمة «الإساءة لرئيس الجمهورية»

المعارض الجزائري البارز فتحي غراس وزوجته الناشطة مسعودة شبالة (من حسابه بالإعلام الاجتماعي)
المعارض الجزائري البارز فتحي غراس وزوجته الناشطة مسعودة شبالة (من حسابه بالإعلام الاجتماعي)

أصدرت محكمة في العاصمة الجزائرية، الأحد، حكماً بالسجن لمدة عام مع التنفيذ، بحق المعارض البارز فتحي غراس بتهمة «الإساءة إلى رئيس الجمهورية» و«إهانة هيئات الدولة»... وتأسَّس الرئيس عبد المجيد تبون طرفاً مدنياً في القضية، مطالباً بـ«حقه من المعتدي».

وكتبت زوجة غراس، الناشطة المعارضة مسعودة شبالة في حسابها بالإعلام الاجتماعي، أن الحكم ضده شمل أيضاً غرامة تعادل 700 دولار بالدينار الجزائري، زيادة على غرامة أخرى بقيمة 350 دولاراً بالعملة المحلية، تدفع للخزينة العمومية، إضافة إلى دينار واحد رمزي يدفع لرئيس الجمهورية تعويضاً عن «ضرر» لحق به من غراس.

وأكدت شبالة أنها هي نفسها صدر بحقها حكم بالسجن 6 أشهر مع وقف التنفيذ، من محكمة الجنح عن التهم ذاتها. وشمل الحكم أيضاً غرامة بـ350 دولاراً، وأخرى بالقيمة نفسها تدفع للخزينة العمومية. وأمرت المحكمة، التي تقع بالضاحية الغربية للعاصمة، بمصادرة هاتفَي غراس وزوجته.

من لقاء سابق جمع الرئاسة بالأحزاب (الرئاسة)

وفي حين أعلن دفاع الناشطَين استئناف الحكم، كتب المحامي والحقوقي الشهير عبد الغني بادي، على حسابه في الإعلام الاجتماعي عن هذه الإدانة، أن: «التعبير عن الرأي حرية، والعمل السياسي الحزبي حق... أن تعارض ممارسات السلطة ليس جريمة. كل التضامن والدعم والمساندة لمنسق (الحركة الديمقراطية والاجتماعية)؛ فتحي غراس والمناضلة في الحزب مسعودة شبالة».

وكانت النيابة التمست لكليهما السجن 3 سنوات مع التنفيذ. وعلّق غراس على طلبات النيابة بالقول: «الغريب في الأمر، وفي سابقة لم نكن نتوقعها، تأسس عبد المجيد تبون بوصفه ضحية كذلك، مطالباً بدينار رمزي تعويضاً عن الضرر الذي لحق به!!!!».

وتابعت النيابة المناضلَين السياسيين اليساريين، بسبب تعليقات على سياسات الرئيس تبون، بمنصات الإعلام الاجتماعي، عُدّت مسيئة له. وفي تقدير غراس أنه «مارس دوره بوصفه معارضاً لسياسات السلطة»، مؤكداً أن متابعته قضائياً «قرار تعسفي». كما قال: «القمع السياسي من علامات الإفلاس السياسي».

ومطلع 2023، أمر «مجلس الدولة» وهو أعلى هيئة في القضاء الإداري، بتجميد أنشطة «الحركة الديمقراطية والاجتماعية (الحزب الشيوعي الجزائري سابقا)»، الذي يتولى فيه غرَاس منصب المنسق العام، وإغلاق مقاره، بناءً على شكوى من وزارة الداخلية، التي اتهمت «الحزب» بـ«عدم الامتثال للتشريعات السارية المتعلقة بالأحزاب السياسية». وينتظر صدور حكم نهائي بحلّ الحزب نتيجةً لوقف نشاطه.

عثمان معزوز رئيس «التجمع من أجل الديمقراطية»... (الشرق الأوسط)

وتجب الإشارة إلى أن فتحي غراس قد اعتُقل وسجن في عام 2021 بسبب أنشطة عُدّت «غير قانونية» كان الحزب يمارسها في مقره. وما أزعج السلطات هي اللقاءات التي كان يحتضنها مقر «الحركة»، في إطار الحراك الشعبي المطالب بالتغيير.

وفي المدة نفسها، حلّت السلطات، بحكم قضائي، تنظيم «تجمع - عمل - شباب»، بحجة أنه «حادَ عن دوره الأصلي وخاض في المعارضة السياسية». كما حُلّ «الحزب الاشتراكي للعمال» بسبب عدم عقد مؤتمره العادي منذ سنوات طويلة.

وتسببت الملاحقات القضائية ضد أحزاب المعارضة شديدة الانتقاد للحكومة، في انكماش المعارضة خلال السنوات الأخيرة، إلى درجة أنه لا يكاد يُسمع أي صوت ينتقد سياسات الحكومة، رغم أن الرئيس تبون تعهّد في مناسبات كثيرة بـ«احترام الرأي المخالف»، كما قال إن «حرية التعبير لا سقف لها إلا ما مسّ بالثوابت الوطنية».

وتنشط حالياً 5 أحزاب معارضة في البلاد: «حركة مجتمع السلم» الإسلامي، وله تمثيل في البرلمان وهو مقبول لدى السلطات. و«جبهة القوى الاشتراكية»، وهو أقدم حزب معارض. و«جبهة العدالة والتنمية» للإسلامي عبد الله جاب الله، و«حزب العمال» اليساري، و«التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» الذي سبق أن هددته السلطات بإغلاق مقاره.