«الدولة» يطالب بإجراء تحقيق دولي في أسباب كارثة درنة

السعودية تواصل إرسال المساعدات إلى المتضررين من الفيضانات

الدبيبة مع الوفد الأميركي بطرابلس (حكومة الوحدة)
الدبيبة مع الوفد الأميركي بطرابلس (حكومة الوحدة)
TT

«الدولة» يطالب بإجراء تحقيق دولي في أسباب كارثة درنة

الدبيبة مع الوفد الأميركي بطرابلس (حكومة الوحدة)
الدبيبة مع الوفد الأميركي بطرابلس (حكومة الوحدة)

طالب المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، اليوم الأربعاء، بإجراء تحقيق دولي شامل في أسباب كارثة مدينة درنة وإعلانها مدينة منكوبة. وأصدر بيانا بشأن اتخاذ جملة من الإجراءات بخصوص مدينة درنة، وفقا لما أوردته وكالة الأنباء الليبية «وال».

كما طالب المجلس في بيانه باتخاذ ما يلزم من الإجراءات لاستصدار قرار دولي بهذا الشأن، بما يضمن تخصيص ورصد وتسييل الأموال اللازمة لإعادة إعمار درنة، وتحديد المدى الزمني لإنجاز هذه المهمة. مشددا على اتخاذ الإجراءات العاجلة لحل المختنقات القائمة بمختلف أنواعها، وحصر الاحتياجات والمتطلبات، وتوفير الإمكانات اللازمة، إضافة إلى استحداث مركز للدعم النفسي، والاستعانة بجهود دول أو منظمات متخصصة بما يساعد الأهالي، ويخفف عنهم وطأة الكارثة ويعيد تأهيل المتضررين. كما أكد البيان على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار ما ورد في بيان أهل درنة من مطالب والعمل على تنفيذها.

فرق الإنقاذ والإغاثة تواصل البحث عن ناجين وسط الركام (رويترز)

في غضون ذلك، استغل عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الليبية المؤقتة، إعلان الولايات المتحدة تقديم مساعدات للمناطق المنكوبة في شرق البلاد، للمطالبة بتنظيمها عبر حكومته، التي لا تمتلك أي شرطة على المنطقة الشرقية.

وقال الدبيبة الذي التقى وفدا ضم الجنرال مايكل لانغلي، قائد قوات مشاة البحرية الأميركية، قائد القيادة الأميركية في أفريقيا (أفريكوم)، والسفير والمبعوث الأميركي الخاص ريتشارد نورلاند، إنه ركز في اجتماعه مع المسؤول الأميركي على تنظيم آلية الدعم الأميركي للمناطق المنكوبة شرق البلاد عبر حكومة الوحدة، وأجهزتها التنفيذية، وفرقها الميدانية في المنطقة الشرقية.

جانب من الدمار الذي حل بمدينة درنة بعد الإعصار (رويترز)

وأكد الدبيبة، بوصفه وزير الدفاع أيضا، على أهمية التنسيق والتعاون مع الحكومة الأميركية ومنظماتها الموجودة في ليبيا، بهدف رفع الضرر الذي لحق بالأهالي في المناطق المتضررة، والمساهمة في عودة التنمية والاستقرار للمنطقة، لافتا إلى بحث ملفات تأمين الحدود ومكافحة الإرهاب، وتطورات الوضع السياسي والأمني، الذي تعيشه دول الجوار الأفريقية وتداعياتها على أمن واستقرار ليبيا.

وكان السفير الأميركي قد أدرج إيصال الوكالة الأميركية للتنمية الدولية ما وصفه بمستلزمات حيوية إلى بنغازي بشرق ليبيا، في إطار دعم لجهود الإغاثة من الفيضانات في ليبيا. وتعهد بمواصلة العمل مع الشركاء الليبيين والدوليين لتوفير التمويل، والمستلزمات الحيوية والخبراء لمساعدة أولئك الذين هم في أمس الحاجة إلى المساعدة.

وقال نورلاند الذي وصل بشكل مفاجئ اليوم (الأربعاء) إلى العاصمة طرابلس، برفقة الجنرال لانغلي، لعقد سلسلة من اللقاءات مع قادة عسكريين وسياسيين ليبيين: «نحن نقف مع الشعب الليبي في مصابه، وندعم دعواته إلى الوحدة الوطنية إثر هذه المأساة».

خفر السواحل في محاولة لاستخراج مزيد من الجثث التي قذفها البحر بعد الإعصار (رويترز)

ومن المقرر أن يتجه الوفد الأميركي لاحقا إلى مدينة بنغازي بشرق البلاد للاجتماع مع القائد العام للجيش الوطني المُشير خليفة حفتر، الذي بحث بدوره مع الجنرال جنارو ڤيكيوني، الذي يترأس وفدا رفيع المستوى من الحكومة الإيطالية، آخر المستجدات حول تداعيات كارثة إعصار دانيال.

وأشاد حفتر بجهود ودعم الحكومة الإيطالية المُستمرة، والمُتمثلة في إرسال فرق الإنقاذ والمساعدات الإنسانية، والمعدات الفنية والدعم الطبي واللوجيستي، مشيرا إلى نقل تعازي الحكومة الإيطالية ومواساتها إلى الشعب الليبي وقيادته في ضحايا الفاجعة التي أصابت مدن الجبل الأخضر والساحل الشرقي.

بدورها، قالت حكومة «الوحدة» إن بدر الدين التومي، وزيرها للحكم المحلي، رئيس الفريق الحكومي للطوارئ والاستجابة السريعة، بحث اليوم (الأربعاء) في طرابلس مع السفير الإيطالي جيانلوكا ألبريني سبل تنسيق جهود الاستجابة، والتعامل مع تداعيات أزمة الفيضانات في المنطقة الشرقية، مشيرة إلى مناقشة التداعيات الناجمة عن الفيضانات، التي ضربت درنة والمناطق المجاورة، وسبل تعزيز التعاون المشترك في مجال إعادة تأهيل ميناء المدينة، وتنفيذ مشروع إنشاء جسر يربط شرق المدينة بغربها، إضافة إلى تقديم التدريبات وورشات العمل المشتركة لتعزيز قدرات الاستجابة للطوارئ في ليبيا. ونقلت عن السفير الإيطالي إشادته بالجهود التي بذلتها للتعامل مع الأزمة، مؤكداً استعداد بلاده لتقديم الدعم الفني للمساعدة في إعادة الإعمار والتعافي من الفيضانات.

من جهته، أعلن الناطق باسم مركز طب الطوارئ والدعم عثور فرق الإنقاذ على 17 جثة بوادي العصاد، تم انتشال أربعة منها فقط، بينما استعصى انتشال البقية لصعوبة تضاريس المنطقة؛ حيث تم إبلاغ الجهات المختصة للتدخل سريعا وانتشالها.

وفي سياق الجهود التي تقوم بها الدول لمساعدة ليبيا على تجاوز كارثة الإعصار، واصلت السعودية إرسال المساعدات الإغاثية إلى المتضررين من الفيضانات التي شهدتها ليبيا؛ حيث غادرت مطار الملك خالد الدولي بالرياض، اليوم الأربعاء، الطائرة الإغاثية السعودية الخامسة، متجهة إلى مطار بنينا الدولي في مدينة بنغازي، تحمل على متنها 90 طناً من المساعدات الغذائية والإيوائية؛ لتوزيعها على المتضررين من الفيضانات التي شهدتها ليبيا، وذلك إنفاذا لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز، والأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، لـ«مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية» بتقديم مساعدات غذائية وإيوائية للمتضررين من الفيضانات.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة: التغير المناخي تسبّب في ظواهر مناخية قصوى عام 2024

بيئة منطقة سكنية غارقة بالمياه جرّاء فيضان في بتروبافل بكازاخستان 13 أبريل (رويترز)

الأمم المتحدة: التغير المناخي تسبّب في ظواهر مناخية قصوى عام 2024

أعلنت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن التغير المناخي تسبّب في أحوال جوية قصوى وحرارة قياسية خلال عام 2024، داعيةً العالم إلى التخلي عن «المسار نحو الهلاك».

«الشرق الأوسط» (جنيف)
آسيا شرطيون ماليزيون يساعدون في إجلاء أشخاص بولاية كلنتن (إ.ب.أ)

نزوح عشرات الآلاف ومقتل 13 في أسوأ فيضانات تشهدها تايلاند وماليزيا منذ عقود

قالت السلطات إن عدد القتلى بسبب أسوأ سيول تضرب منذ عقود جنوب تايلاند وشمال ماليزيا ارتفع إلى 13 على الأقل.

«الشرق الأوسط» (كوالالمبور - بانكوك)
آسيا عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا الفيضانات في كارو بإندونيسيا (أ.ب)

فيضانات مدمرة تودي بحياة 16 شخصاً في سومطرة الإندونيسية (صور)

أفاد مسؤول إندونيسي بمصرع 16 شخصاً وفقدان 7 آخرين جراء فيضانات في سومطرة الإندونيسية

أوروبا وزيرة الانتقال البيئي في إسبانيا تيريسا ريبيرا (رويترز)

وزيرة البيئة الإسبانية تدافع عن طريقة استجابة الحكومة للفيضانات

دافعت وزيرة الانتقال البيئي في إسبانيا، تيريسا ريبيرا، أمام البرلمان، اليوم (الأربعاء)، عن عمل المؤسسات الحكومية عقب فيضانات 29 أكتوبر.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
أفريقيا لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)

7.7 مليون شخص بجنوب السودان معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل

أعلنت الأمم المتحدة، الاثنين، أن نحو 7.7 مليون شخص في جنوب السودان، معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

توسع أحكام الإعدام في السودان بمزاعم التعاون مع «الدعم السريع»

شاحنة تحمل مسلحين تابعين للجيش السوداني في أحد شوارع مدينة القضارف (شرق) في نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
شاحنة تحمل مسلحين تابعين للجيش السوداني في أحد شوارع مدينة القضارف (شرق) في نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

توسع أحكام الإعدام في السودان بمزاعم التعاون مع «الدعم السريع»

شاحنة تحمل مسلحين تابعين للجيش السوداني في أحد شوارع مدينة القضارف (شرق) في نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
شاحنة تحمل مسلحين تابعين للجيش السوداني في أحد شوارع مدينة القضارف (شرق) في نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

قالت هيئة حقوقية سودانية إن الأجهزة الأمنية المُوالية للحكومة في العاصمة المؤقتة بورتسودان، احتجزت أخيراً، 5 نساء تعسفياً، بمزاعم التعاون مع قوات «الدعم السريع»، مِن بينهن محامية، مشيرة إلى امتلاء المعتقلات والسجون بأعداد كبيرة من السجناء والسجينات بالتهم نفسها.

وأفادت عضو المكتب التنفيذي لهيئة «محامو الطوارئ»، رحاب مبارك، بأن الخلية الأمنية بمدينة الدمازين، عاصمة ولاية النيل الأزرق، جنوب شرقي البلاد، ألقت القبض على النساء، يوم الاثنين الماضي؛ لأسباب «جهوية وعرقية بحتة». وقالت، لــ«الشرق الأوسط»، إن النساء معتقلات في «وضع سيئ جداً ويمارَس بحقِّهن الابتزاز والتهديد بالسجن لفترة لا تقل عن 10 سنوات؛ لإجبارهن على الاعتراف قسراً بتعاونهن مع قوات (الدعم السريع)».

وأضافت أن الجيش السوداني ظل يرفض كثيراً من طلبات اللجنة الدولية للصليب الأحمر بزيارة المعتقلات، علماً بأن غالبيتهن أمهات لا يجري السماح بزيارتهن. ولم يتسنَّ الحصول على تعليق من المتحدث باسم الجيش حول هذه الاتهامات.

تجدد الاشتباكات بين قوات «الدعم السريع» والجيش أجبرت آلاف السودانيين على الفرار من مساكنهم (أ.ف.ب)

وعدَّت القانونية ما يحدث للنساء في مدينة الدمازين بولاية النيل الأزرق وغيرها من مناطق السودان، أنه «يدخل ضمن الجرائم ضد الإنسانية ترتكبها الاستخبارات العسكرية والخلية الأمنية التابعة للجيش، وفقاً لتصنيفات عرقية». وقالت رحاب مبارك إن المعتقلين بمزاعم التعامل مع «الدعم السريع» يتجاوز عددهم المئات، حيث تصدر يومياً في محاكم الطوارئ والمحاكم الجنائية بمختلف ولايات البلاد أحكام بالإعدام والسجن المؤبد أو السجن لفترة تتراوح بين 6 و10 سنوات.

محاكمات سياسية

وأكدت مبارك أن هذه الأحكام، التي صدرت بحق المئات من المواطنين السودانيين، «محاكمات سياسية» لا يتوفر فيها أدنى مقومات الشفافية والعدالة بحقِّ مَن يجري اعتقالهم بهذه التهم.

وألقت السلطات الأمنية القبض على المئات من السودانيين في المناطق التي استردّتها من قوات «الدعم السريع»، ووجَّهت لهم تُهماً تحت مواد من القانون الجنائي تتعلق بالتعاون مع «منظومة إرهابية».

ويواجه الجيش السوداني والميليشيات التي تُقاتل في صفوفه اتهامات بارتكاب أعمال قتل خارج نطاق القانون، وانتهاكات واسعة ضد المدنيين العُزل في مناطق النزاع.

ورصدت هيئات حقوقية مستقلة، خلال الأشهر القليلة الماضية، توسع السلطات السودانية في إصدار أحكام الإعدام شنقاً حتى الموت ضد عشرات من الرجال والنساء؛ لإدانتهم، بموجب المواد 50 و51 و65 من القانون الجنائي السوداني لسنة 1991، المتعلقة بإثارة الحرب ضد الدولة، والمشاركة مع قوات «الدعم السريع» في ارتكاب جرائم جنائية ضد المدنيين.

وقال قاضي درجة أولى، لــ«الشرق الأوسط»، إن «أغلب الأحكام يتأسس على بلاغات بالتعاون أو التخابر، أو شخص جرى تجنيده من قِبل (الدعم السريع)، بالإضافة إلى الأشخاص الذين تثبت عليهم تُهم الاشتراك في أعمال العنف أو النهب، مثلما حدث في كثير من مناطق النزاعات».

وأضاف القاضي، الذي طلب حجب هويته، أن كثيراً من هذه الأحكام تسقط في درجات الاستئناف، وقد لا تجد التأييد في المحاكم العليا. وأوضح أنه إذا لم تثبت للنيابة بيِّنة لانخراط المتهم في موجبات الاتهام فوق مرحلة الشك المعقول لنشاطه مع قوات «الدعم السريع»، يُخلى سبيل المتهم دون محاكمة. وقال القاضي إن أغلب البلاغات والأحكام، التي صدرت ضد الأشخاص بالتعاون مع «الدعم السريع»، سُجّلت في ولايات البحر الأحمر ونهر النيل والولايات الشمالية.

القضاء الحالي غير معتمد

بدوره قال قانوني وخبير في حقوق الإنسان إن العقوبات الصادرة من القضاء الحالي لا يُعتدّ بها قانوناً؛ لكونها تتلقى الأوامر من الأجهزة الرسمية والحكومية. وأضاف القانوني، الذي فضل عدم ذكر اسمه لوجوده داخل البلاد، «أن هذه الأحكام ذات طابع سياسي، وأصبحت من أدوات الحرب، وطالت كثيراً من الأبرياء». وأشار إلى أنه منذ اندلاع الحرب، درجت السلطات الأمنية، التابعة للجيش السوداني، على القبض بالاشتباه على الفارّين من العاصمة الخرطوم وغيرها من الولايات، مما عرّض كثيراً من الأشخاص للاعتقال والتعذيب دون وجه حق.

وقال إن الغرض من هذه الأحكام مخاطبة الخارج بالانتهاكات التي ترتكبها قوات «الدعم السريع»، لتحقيق مكاسب سياسية، وليس لها أي علاقة بالقانون والعدالة. وأشار، في هذا الصدد، إلى البلاغات «الكيدية ذات الطابع السياسي»، التي سبق أن دوَّنتها النيابة العامة في مواجهة قادة «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)»، التحالف السياسي الأكبر في البلاد، وخاطبت الإنتربول الدولي بالقبض عليهم.

وأصدر قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، في مطلع أغسطس (آب) من العام الماضي، قراراً بتشكيل لجنة لجرائم الحرب وانتهاكات «الدعم السريع» برئاسة النائب العام، وعضوية ممثلين عن القوات المسلحة، والمخابرات العامة، والداخلية، والشرطة، ومفوضية حقوق الإنسان، ووزارتي العدل والخارجية.