تجاهلت حكومة «الاستقرار» الليبية اتهامات بسعيها لتحقيق «مكاسب سياسية»، و«تعطيل وصول المساعدات والإغاثة للمنكوبين» في مدينة درنة، عبر مطالبة المنظمات الدولية بعدم التعامل مع غريمتها، حكومة «الوحدة» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة.
وقدر حسين سويدان، رئيس غرفة الطوارئ بمصلحة الطرق والجسور بحكومة الدبيبة، نسبة الأضرار في البنية التحتية في المناطق المنكوبة بنحو 70 في المائة، مؤكداً انهيار 11 جسراً جراء السيول، منها 2 يربطان درنة بمدينتي سوسة والقبة، و6 أخرى داخل درنة، و3 جسور في الطريق الممتدة بين شحات وسوسة.
وأكد سويدان انهيار 80 في المائة من العبّارات المائية في جميع المدن والقرى في المنطقة الشرقية، مشيراً إلى أن الأضرار في الطرق العامة تقدر بـ50 في المائة بالمناطق المنكوبة.
بدوره، قال موسى المقريف، وزير التربية والتعليم في حكومة «الوحدة»، إن 95 في المائة من المؤسسات التعليمية تضررت بفعل السيول والفيضانات في المناطق المنكوبة، بينما أعلن علي القويرح، مدير مصلحة المرافق التعليمية، أن عدد المدارس المتضررة في المناطق المنكوبة بلغ 114 مدرسة موزعة على 15 بلدية.
ولم تعلق حكومة أسامة حماد على إعلان يوسف العقوري، رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، خلال جلسته الأخيرة بأن الحكومة ووزراءها وبعض النواب طالبوا المنظمات الدولية والسفراء الأجانب بالتوقف عن التواصل مع الدبيبة من أجل «مكاسب سياسية، بينما الناس يموتون، والجثث في البحر في درنة».
وأقال حماد مجلس درنة البلدي وأحاله على التحقيق، بعد ساعات من اقتحام متظاهرين في ساعة متأخرة من مساء الاثنين، منزل عبد المنعم الغيثي، عميد البلدية وإضرام النيران فيه. كما طلبت حكومة «الاستقرار» من الصحافيين مغادرة درنة، بعد ساعات من مظاهرة حاشدة مساء الاثنين، هي الأولى التي ترد تقارير عنها في المدينة منذ تعرضها لأسوأ كارثة طبيعية في تاريخ البلاد.
ووجه المتظاهرون انتقادات لعقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، ورددوا هتافات تطالب بإسقاطه، على خلفية وصفه السيول بأنها «كارثة طبيعية لم يكن من الممكن تجنبها».
ودافعت حكومة حماد على لسان وزيرها للطيران، هشام أبو شكيوات، عن قرار إبعاد الصحافيين والمدنيين عن مدينة درنة المنكوبة؛ بسبب مزاعم عن تعطيل وعرقلة عمل فرق الإنقاذ.
وعدّ هشام في تصريحات لوكالة «رويترز» أن «المسألة تنظيمية، وهي محاولة لتهيئة الظروف لفرق الإنقاذ للقيام بالعمل بصورة أكثر سلاسة وفاعلية»، لافتاً إلى أن عدد الصحافيين الكبير أصبح مربكاً لهم. لكن أبو شكيوات قال إن القرار لا علاقة له بالاحتجاجات التي خرجت هناك (ليل الاثنين). وأضاف أن الصحافيين «لم يُطلب منهم مغادرة درنة كلياً، وإنما عليهم فقط مغادرة المناطق التي قد يعيق وجودهم فيها عمليات الإنقاذ». كما نفى قطع الاتصالات في درنة، مشيراً إلى قيام الفرق الفنية والمهندسين بصيانة واسعة لشبكة الاتصالات داخل المدينة.
وأعلنت الشركة القابضة للاتصالات عودة الاتصالات تدريجياً إلى المناطق الشرقية، بعدما وصفته بـ«قطع في الكوابل»، مشيرة في بيان مقتضب إلى استمرار العمل لإرجاع بقية المسارات.
في المقابل، أمر الدبيبة، وزير المواصلات بجدولة وتنظيم وتسيير رحلات جوية مجانية لكل مَن يرغب في العودة إلى العاصمة طرابلس من فرق الإنقاذ والطوارئ والمتطوعين للعمل في المناطق المنكوبة، وتنسيق ذهاب كل الفرق الفنية والمتطوعين إلى تلك المناطق.
كما طالب وزير الحكم المحلي، ورئيس الفريق الحكومي للطوارئ والاستجابة السريعة، بالتنسيق مع وزارات الصحة، والشؤون الاجتماعية، والتربية والتعليم، بتشكيل فريق للدعم الاجتماعي والنفسي، والتنسيق مع المكاتب والمراقبات ذات العلاقة في المناطق المنكوبة.
وقدم الدبيبة التعازي إلى الحكومة اليونانية، وأهالي ضحايا حادث السير الذي فُقد على أثره 4 عناصر من فريق الإغاثة اليوناني، و3 أفراد من أسرة ليبية، كما قدم التعازي لفريق فزعة بنغازي في وفاة 6 من أعضائه، الذين قضوا جراء حادث سير أثناء عودتهم من درنة.
أعزي الحكومة اليونانية وأهالي ضحايا حادث السير الذي فقدنا على إثره 4 عناصر من فريق الإغاثة اليوناني، و3 أفراد من أسرة ليبية، أثناء توجه الطاقم إلى مدينة #درنة.دعواتنا بالشفاء العاجل للمصابين في هذا الحادث.
— عبدالحميد الدبيبة Abdulhamid AlDabaiba (@Dabaibahamid) September 18, 2023
بدوره، عدّ عبد الله باتيلي، رئيس بعثة الأمم المتحدة، أنه كان بالإمكان تجنب كارثة درنة، إذا ما تم إخبار الناس مُسبقاً، وإعطاؤهم المعلومات الصحيحة. وأعرب عن أمله في تصريحات تلفزيونية (مساء الاثنين) في أن تكون نتائج التحقيق، الذي تجريه السلطات الليبية حول مسببات هذه الكارثة، شاملة وموضوعية وتحدد نطاق المسؤوليات، وتابع: «هذه كارثة طبيعية، لكن ماذا عن مسؤولية البشر إزاء هذا الدمار».
في غضون ذلك، أعلن «اللواء 444 قتال»، التابع لحكومة الدبيبة، مشاركة كتيبة كاملة منه بقوام 400 عسكري في أعمال الإغاثة والبحث والإنقاذ بمدينة درنة، لافتاً إلى مواصلتها رفقة الوحدات العسكريّة بـ«الجيش الوطني»، انتشال الْجُثَثِ وإزالة الركام وحفظ أمانات المتضرّرين. وأشاد بحُسن استقبال عناصره وترحيب المواطنين وعناصر «الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر.
وأكدت شعبة الإعلام بالجيش استمرار عمليات البحث والإنقاذ، وفتح الطرق وإيصال المساعدات والمواد الغذائية والطبية إلى المواطنين المتضررين في مناطق عدة، بالإضافة إلى مشاركة فرق الضفادع البشرية في عمليات البحث عن الجثامين الغارقة والمفقودة في مياه البحر المتوسط بشواطئ مدينة درنة.
وأعلنت وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة» اكتشاف عناصرها، 4 مواقع على شواطئ البحر بالمناطق المتضررة بمدينة درنة، مشيرة إلى انتشال 38 جثة، بعضها تم التنسيق مع غرفة العمليات بمدينة درنة وأمن السواحل لانتشالها بحراً، لصعوبة التضاريس.