استمع مقرر الأمم المتحدة «للحق في التجمع السلمي وتأسيس الجمعيات»، كلمنت نياليتوسي فوول، الأحد والاثنين بالجزائر، لآراء ومواقف متباعدة، بحسب انتماءات من اجتمع بهم، بخصوص مدى احترام الحكومة للقوانين السارية في البلاد ذات الصلة بالحقوق السياسية والحريات العامة.
وأعد الفريق الذي رافق فوول إلى الجزائر، لائحة بأسماء كثيرة لأشخاص، منهم من طلب بنفسه لقاءه، وذلك بغرض صياغة تقرير عن أوضاع التنظيمات والنقابات المستقلة عن الحكومة، يرفع إلى «مجلس حقوق الإنسان» الأممي بجنيف، تمهيداً لعرضه للنقاش في دورته المقررة عام 2024. وكانت الجزائر وافقت على استقبال موفد «المحافظة السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة»، بعد تأجيل زيارته مرات كثيرة.
والتقى المقرر الأممي، مع عبد المجيد زعلاني رئيس «المجلس الوطني لحقوق الإنسان» (تابع لرئاسة الجمهورية) مساء الأحد، وفق بيان لـ«المجلس»، أوضح على لسان فوول أن الجزائر «قطعت أشواطا مهمة في ضمان الحريات، وتأسيس أعداد كبيرة من الجمعيات، لكن الجانب الأممي يهتم، أيضا، بالتحديات والممارسات، وكذلك طرق التنسيق وضمان برامج إذكاء القدرات في مجال ضمان الحريات والمعرفة القانونية لكل الأطراف المعنية والمتدخلة قبل وخلال وبعد، التجمعات والمظاهرات السلمية».
وأبرز البيان، أن الهيئة الحقوقية الجزائرية، «تتابع باهتمام شديد وعن قرب، كل القضايا الفردية التي قد تكون لها صلة بضمان الحريات من قريب أو من بعيد، بالاستفسار أو التدخل المباشر، إن اقتضى الأمر، متى لم تخضع للقضاء احتراماً لمبدأ استقلال القضاء الذي نعتبره مكسباً وضماناً لاحترام الحقوق والحريات».
وتقول السلطة، إن المراجعة التي أدخلتها على الدستور عام 2020، «أعطت جرعة غير مسبوقة لحرية تأسيس الجمعيات، بحيث يكفي إيداع ملف طلب تأسيس من دون حاجة لموافقة الحكومة»، بينما يؤكد ناشطون حقوقيون أن الواقع «يشهد على عكس ذلك تماما».
كما نقل بيان المؤسسة الحقوقية عن زعلاني أنه «يتابع مختلف القضايا التي ترد للمجلس، على شكل شكاوى أو من خلال عمل تنسيقي تشاوري مع مختلف تشكيلات المجتمع المدني». وأضاف أن «نوعاً من الاتفاق ساد (مع فوول) على أن الحريات مضمونة، كمبدأ عام في الجزائر في وعائها القانوني، وخاصة من خلال الإصلاحات الدستورية العميقة في هذا المجال، إلا أن آليات ممارستها تبقى في حاجة إلى جهد متواصل، بالتدريب والتوعية والتوجيه لكل الأطراف المعنية بممارسة الحق في التجمع السلمي وتكوين الجمعيات في الواقع.
وعلى نقيض التفاؤل الذي أظهره «مجلس حقوق الإنسان» في بيانه، أكد مؤمن خليل أمين عام «الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان» التي حلّتها السلطات بقرار قضائي في 2022، في منشور بحسابه بـ«فيسبوك»، أنه أبلغ المقرر الأممي أثناء لقائهما، بأن «الفضاء العام في البلاد يشهد انكماشاً مستمراً، وأن النشطاء المستقلين يتعرضون للخنق». وأرفق خليل منشوره، بصورة مع فوول بمقر مكاتب الأمم المتحدة بأعالي العاصمة الجزائرية، حيث سيجتمع خلال مهمته التي تنتهي في 26 سبتمبر (أيلول) الجاري، بكثير من الأشخاص.
وأوضح خليل «من موقعي بصفتي مدافعا عن حقوق الإنسان، شجعت المقرر على رفع توصيات ذات صلة إلى السلطات الجزائرية، لتشجيعها على العمل أكثر من أجل الحريات. وتشجيعها على اتخاذ التدابير القانونية والإدارية والعملية المناسبة، لضمان ممارسة حرية تكوين الجمعيات وحرية التجمع، وفقاً للدستور الجزائري والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية».
وحلّت المحكمة الإدارية بالعاصمة، «الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان»، بناء على شكوى من وزارة الداخلية، وبذريعة أن «كل مسؤوليها يوجدون في الخارج بصفتهم لاجئين سياسيين»، وهو ما كذّبه مؤمن خليل يومها، مؤكدا «أن التنظيم الحقوقي الأبرز في البلاد، لم يكن على علم بوجود دعوى من الحكومة ضده».