ما السبب في سيول وفيضانات ليبيا وكيف أوقعت خسائر بشرية فادحة؟

0 seconds of 36 secondsVolume 90%
Press shift question mark to access a list of keyboard shortcuts
00:00
00:36
00:36
 
TT
20

ما السبب في سيول وفيضانات ليبيا وكيف أوقعت خسائر بشرية فادحة؟

أشخاص يتفقدون المناطق المتضررة من الفيضانات في درنة بشرق ليبيا (رويترز)
أشخاص يتفقدون المناطق المتضررة من الفيضانات في درنة بشرق ليبيا (رويترز)

أودت سيول وفيضانات كارثية بحياة الآلاف في مدينة درنة بشرق ليبيا وجرفت في طريقها أحياء بأكملها، بمن فيها من الأحياء، وقذفت بالجثث في البحر. ولا يزال الآلاف في عداد المفقودين.

ما سبب السيول؟

اجتاحت العاصفة العاتية دانيال ليبيا في مطلع الأسبوع بعد أن ضربت دولاً أخرى في حوض البحر المتوسط وحملت معها كميات قياسية من الأمطار لدى وصولها لليابسة بحسب وكالة «رويترز» للأنباء.

ملأت مياه الأمطار وادي نهر موسمي عادة ما يكون جافاً في التلال جنوب درنة. لكن ضغط منسوب المياه كان أكبر من قدرة سدين، بُنيا لحماية المدينة من الفيضانات، على التحمل. انهار السدان؛ مما أطلق العنان لسيل هائل اجتاح المدينة.

وقال الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، اليوم (الخميس): إنه كان من الممكن تجنب سقوط ضحايا في فيضانات ليبيا لو كان لدى الدولة المنقسمة هيئة أرصاد جوية قادرة على إصدار التحذيرات. وتعاني ليبيا الانقسامات بسبب الصراع والفوضى منذ 12 عاماً.

وفي ورقة بحثية نشرها العام الماضي، حذر عبد الونيس عاشور، الخبير في علوم المياه بجامعة عمر المختار، من أن تكرار السيول في الوادي يشكل تهديداً لدرنة، ودلل على ذلك بوقوع خمسة سيول منذ عام 1942، ودعا إلى اتخاذ خطوات عاجلة لضمان الصيانة الدورية للسدين.

ما هو حجم الأضرار؟

محت الكارثة أجزاء كبيرة من درنة ويقدر بعض المسؤولين مساحة المنطقة التي مُحيت بأنها ربع المدينة أو أكثر. وقالت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة: إن 30 ألفاً على الأقل شُردوا، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وتقع المناطق والأحياء الأكثر تضرراً على ضفتي وادي النهر الموسمي الذي يمر عبر وسط المدينة. ودُمرت الحواجز الترابية على الضفتين بالأحياء المقامة فوقها دماراً تاماً أو جرفتها المياه بالكامل. كما تعرضت البنية التحتية لدمار واسع بما في ذلك الجسور.

أشخاص يتفقدون المناطق المتضررة من الفيضانات في درنة بشرق ليبيا (رويترز)
أشخاص يتفقدون المناطق المتضررة من الفيضانات في درنة بشرق ليبيا (رويترز)

واقتلعت مياه الفيضانات والسيول أشجاراً من جذورها وحطمت مئات السيارات التي تناثرت متقلبة على جوانبها أو أسقفها. وشاهد صحافيون من وكالة «رويترز» سيارة معلقة في شرفة الطابق الثاني لإحدى البنايات. وغطى الطمي والطين أغلب المدينة.

كما تسببت الكارثة في انقطاع الكهرباء والمياه. وذكر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، أمس (الأربعاء)، أن الكهرباء عادت جزئياً مع بعض خدمات الإنترنت.

ما عدد القتلى والمفقودين؟

تباينت الأعداد التي ذكرها مسؤولون عن عدد القتلى والمفقودين، لكن كل التقديرات كانت بالآلاف. وفي أكبر تقدير للحصيلة حتى الآن، قال رئيس بلدية درنة عبد المنعم الغيثي لمحطة تلفزيونية إخبارية: إن عدد القتلى قد يتراوح بين 18 ألفاً و20 ألفاً بالنظر لعدد الأحياء التي ضربتها الكارثة.

وقال وزير الطيران المدني في حكومة شرق ليبيا، هشام أبو شكيوات، لوكالة «رويترز»: إن أكثر من 5300 قُتلوا هناك حتى الآن، لكن العدد قد يرتفع بقوة وقد يصل للضعف.

وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية: إن التقديرات حالياً تفوق ألفي قتيل وخمسة آلاف مفقود على الأقل. وقال الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، يوم الثلاثاء: إن من المعتقد أن عدد المفقودين نحو عشرة آلاف.

ما هي التحديات التي تواجه فرق الإنقاذ؟

أشار مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إلى أن الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية شملت الطرق والجسور؛ مما أعاق بشدة جهود الإغاثة في ظل تعرض الجسور الثلاثة الرئيسية في درنة للدمار.

وشدد مسؤولون ليبيون على الحاجة إلى دعم في مجال البحث والإنقاذ ووصلت إلى ليبيا فرق إنقاذ من مصر، وتونس، والإمارات، وتركيا وقطر.

ووجّه منقذون نداءات مطالبين بتوفير المزيد من أكياس حفظ الجثث. وعبّر الغيثي عن مخاوفه من تفشي أمراض وبائية بسبب العدد الكبير من الجثث التي لم يتم انتشالها بعد.

وقال مسؤولون ليبيون: إن البلاد لم تواجه أبداً كارثة بهذا الحجم. لكن جهود الاستجابة والإغاثة تعقدت بصورة أشد بسبب المشهد السياسي المنقسم في البلاد. وتخضع درنة لإدارة شرق البلاد، لكن الحكومة في طرابلس غرب البلاد أرسلت مساعدات للمدينة.


مقالات ذات صلة

10 قتلى بعد أمطار غزيرة في مدينة باهيا بلانكا الأرجنتينية

أميركا اللاتينية باهيا بلانكا الغارقة في مياه الأمطار الغزيرة كما بدت من الجو (إ.ب.أ)

10 قتلى بعد أمطار غزيرة في مدينة باهيا بلانكا الأرجنتينية

لقي عشرة أشخاص على الأقل حتفهم، بحسب حصيلة مؤقتة للسلطات المحلية، بعد أمطار غزيرة هطلت منذ فجر الجمعة على مدينة باهيا بلانكا الساحلية الأرجنتينية.

«الشرق الأوسط» (بوينوس آيرس)
الولايات المتحدة​ الأحوال الجوية السيئة في ولاية تكساس الأميركية تدمر منازل كانت قيد الإنشاء (أ.ب)

تتسبب في وفيات ودمار... عواصف قوية تضرب جنوب أميركا وشرقها

أدت عواصف قوية إلى مقتل 3 أشخاص في ولاية مسيسيبي الأميركية وتسببت في اقتلاع أسطح المباني في بلدة صغيرة بولاية أوكلاهوما.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ غرق السيارات بمياه الفيضانات في ولاية كنتاكي (أ.ب)

مصرع 9 جرَّاء فيضانات مميتة في شرق الولايات المتحدة

لقي ما لا يقل عن 9 أشخاص حتفهم في شرق الولايات المتحدة، بينهم 8 في ولاية كنتاكي التي اجتاحتها أمطار غزيرة تسببت في فيضانات مميتة، واستنفرت خدمات الطوارئ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ حاكم ولاية كنتاكي يطالب بإنقاذ مئات الأشخاص الذين حوصروا جراء الفيضانات (أ.ف.ب)

مقتل 9 أشخاص على الأقل بينهم 8 في كنتاكي في أحدث موجة من الطقس الشتوي

لقي 9 أشخاص على الأقل حتفهم في أحدث موجة من الطقس القاسي الذي ضرب الولايات المتحدة، بينهم 8 أشخاص في ولاية كنتاكي.

«الشرق الأوسط» (كنتاكي)
العالم شجرة سقطت جراء الأحوال الجوية السيئة في فايف دوك بسيدني (إ.ب.أ)

الأمطار الغزيرة تقطع الكهرباء عن آلاف الأستراليين

انقطعت الكهرباء عن عشرات الآلاف من الأشخاص في ولاية نيو ساوث ويلز الأسترالية اليوم (السبت) بعد أن جلب نظام ضغط منخفض رياحاً مدمرة وأمطاراً غزيرة.

«الشرق الأوسط» (كانبيرا)

«النواب» المصري يقر «نقل المحكومين» مع الإمارات

أعضاء مجلس  النواب المصري خلال مناقشة الاتفاقية (وزارة الشؤون النيابية والتواصل السياسي)
أعضاء مجلس النواب المصري خلال مناقشة الاتفاقية (وزارة الشؤون النيابية والتواصل السياسي)
TT
20

«النواب» المصري يقر «نقل المحكومين» مع الإمارات

أعضاء مجلس  النواب المصري خلال مناقشة الاتفاقية (وزارة الشؤون النيابية والتواصل السياسي)
أعضاء مجلس النواب المصري خلال مناقشة الاتفاقية (وزارة الشؤون النيابية والتواصل السياسي)

أقرّ مجلس النواب المصري (البرلمان) اتفاقية نقل المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية بين مصر والإمارات، حيث تقضي الاتفاقية بـ«نقل المدانين بأحكام قضائية إلى الوطن الأصلي لقضاء مدة العقوبة»، وسط جدل بشأن اشتراطها «موافقة السجين» قبل التبادل.

ووقّعت مصر والإمارات على الاتفاقية في يناير عام 2024، وأحال البرلمان المصري الاتفاقية للمناقشة، في إطار «علاقات التعاون بالمجال القضائي بين البلدين».

وجاءت موافقة البرلمان المصري على الاتفاقية، خلال انعقاد جلسته العامة، الأحد. وأشار رئيس «اللجنة التشريعية» بمجلس النواب، المستشار إبراهيم الهنيدي، إلى أن «الاتفاقية تهدف في مجملها إلى تهيئة السبل الكفيلة لإصلاح المحكوم عليه وإعادة تأهيله باعتباره الفرض الأساسي للجزاء الجنائي»، وقال إنها «إحدى اتفاقيات التعاون القانوني والقضائي، وتأتي في إطار احترام حقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية».

وتضمنت الاتفاقية 19 مادة، مقسمة على 4 أبواب، تضمن الباب الأول أحكام نقل المحكوم عليهم، والثاني الإجراءات المتبعة الخاصة بنقل المدانين، فيما تضمن الباب الثالث اختصاصات السلطة المركزية، وسبل تسوية الخلافات التي تنشأ حول تطبيق وتفسير الاتفاقية، وتضمن الباب الرابع مدة ومجال سريان الاتفاقية، وكيفية تعديلها وإنهائها، وفق تقرير لجنة مشتركة من لجنتي «الدفاع والتشريعية» بـ«النواب».

وخلال مناقشات الاتفاقية، انتقد عضو مجلس النواب، ضياء داود، بند «اشتراط موافقة المحكوم عليه في إجراءات نقله»، وأرجع ذلك إلى أنه «يُفرغ الاتفاقية من مضمونها، ويجعلها غير قابلة للتطبيق».

إلا أن وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، المستشار محمود فوزي، أكّد خلال جلسة البرلمان، الأحد، أن «شرط موافقة المحكوم عليهم، معترف به دولياً في نصوص الاتفاقيات المماثلة»، وقال إن هذا الشرط «يعزز من تخفيف معاناة السجين وأسرته، ويسّهل زيارته ويخفف عبء الدولة التي جرى فيها الجريمة».

مناقشات «النواب» المصري لاتفاقية تبادل المحكوم عليهم بين مصر والإمارات (مجلس النواب المصري)
مناقشات «النواب» المصري لاتفاقية تبادل المحكوم عليهم بين مصر والإمارات (مجلس النواب المصري)

ووفق المادة الثالثة من الاتفاقية، يقدم طلب نقل السجين من «دولة الإدانة، ودولة التنفيذ، ومن المحكوم عليه، أو من ممثله القانوني، أو من زوجه، أو أحد أقاربه، حتى الدرجة الرابعة».

ويُرفض طلب نقل المحكوم عليه، في حالة «إذا رأت دولة الإدانة، في عملية النقل، مساساً بسيادتها أو أمنها أو نظامها العام، أو مصالحها»، أو «إذا قضي بالبراءة عن الأفعال نفسها في دولة التنفيذ»، أو «إذا انقضت وقائع الدعوى المدان فيها، في دولة التنفيذ»، وفق نص المادة الرابعة للاتفاقية.

وأثارت موافقة البرلمان على الاتفاقية تكهنات بشأن إمكانية طلب القاهرة استرداد الناشط المصري عبد الرحمن القرضاوي، نجل الداعية الراحل يوسف القرضاوي، المحتجز في أبوظبي، والملاحق قضائياً في مصر.

وبينما كتب الإعلامي المصري، أحمد موسى، عبر صفحته على «إكس»، الأحد، إن «الاتفاقية خطوة مهمة لاسترداد عبد الرحمن يوسف القرضاوي».

إلا أن عضو مجلس النواب المصري، الإعلامي مصطفى بكري، استبعد أن تكون للاتفاقية علاقة بنقل نجل القرضاوي إلى مصر، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الاتفاقية جرى توقيعها بين القاهرة وأبوظبي، في يناير 2024، ما يعني قبل توقيفه في لبنان».

أيضاً قال عضو «لجنة الدفاع والأمن القومي» بالبرلمان المصري، يحيى كدواني، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الاتفاقية لا تستهدف حالات بعينها، مثل نجل القرضاوي، كونها تتضمن أحكاماً عامة، تسري على كل سجين لدى البلدين، تنطبق عليه شروط وأحكام التبادل».

وتسلمت الإمارات، عبد الرحمن القرضاوي، الذي يحمل الجنسية المصرية والتركية، من لبنان، في يناير الماضي. وكان عبد الرحمن، قد اعتُقل بلبنان في ديسمبر (كانون الأول) الماضي بعد عودته من سوريا، تنفيذاً لمذكرة توقيف معمَّمة عبر الإنتربول، بموجب حكم غيابي صادر بحقّه عن القضاء المصري، يقضي بسجنه 5 سنوات، لإدانته بـ«إذاعة أخبار كاذبة، والتحريض على العنف والإرهاب».

رئيس مجلس النواب المصري خلال مناقشة اتفاقية تبادل المحكوم عليهم بين مصر والإمارات (مجلس النواب المصري)
رئيس مجلس النواب المصري خلال مناقشة اتفاقية تبادل المحكوم عليهم بين مصر والإمارات (مجلس النواب المصري)

عودة إلى بكري الذي قال إن الاتفاقية تستهدف «تخفيف معاناة المحكوم عليهم في قضايا سالبة للحرية»، وأشار إلى أن «الاتفاقية تتيح تبادل من صدرت بحقّهم أحكام قضائية قبل بدء تطبيقها وبعدها»، وأرجع ذلك أنه «سوف يخفف أعباء أسرية كثيرة للسجناء»، موضحاً أن «الاتفاقية قيّدت قرارات العفو على المحكوم عليهم، بموافقة الدولة التي وقعت فيها الجريمة».

وتخدم الاتفاقية المحكوم عليهم في «قضايا سالبة للحرية بالبلدين»، بحسب كدواني، الذي أشار إلى أن «الاتفاقية تحقق أهدافاً اجتماعية، بإتاحة قضاء السجين مدة العقوبة في بلده الأصلي»، مشيراً إلى أن هذه الأحكام «معمول بها في كثير من دول العالم».

وبحسب المادة العاشرة من الاتفاقية «تلتزم دولة التنفيذ بتطبيق العقوبة بحقّ السجين وفق قوانينها الداخلية، ولا يجوز تغليظها، من حيث طبيعتها أو مدتها، عن العقاب المحكوم به»، إلى جانب «عدم تحويل العقوبة السالبة للحرية، إلى الغرامة»، فيما قيّدت المادة الحادية عشرة، إجراءات العفو بـ«عدم صدور عفو خاص عن السجين، إلا بعد موافقة دولة الإدانة».