الجزائر تطلب تدخل المجر لحل خلافها المزدوج مع الاتحاد الأوروبي

في ظل استمرار القطيعة التجارية مع إسبانيا بسبب نزاع الصحراء

الجزائر تطلب تدخل المجر لحل خلافها المزدوج مع الاتحاد الأوروبي
TT

الجزائر تطلب تدخل المجر لحل خلافها المزدوج مع الاتحاد الأوروبي

الجزائر تطلب تدخل المجر لحل خلافها المزدوج مع الاتحاد الأوروبي

طلبت الجزائر من المجر، التي سترأس الاتحاد الأوروبي العام المقبل، المساعدة على تجاوز أزمة مزدوجة تجمعها بدول الاتحاد، تتعلق بوقف التجارة مع إسبانيا منذ أكثر من عام، وبتعليق «اتفاق الشراكة» مع أوروبا المبرم عام 2002.

وتم بحث قضية الوساطة والأزمة مع أوروبا، الجمعة، في بودابست، بين وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ونظيره المجري بيتر سيارتو، وفق بيان للخارجية الجزائرية.

ونقل البيان عن المسؤول الجزائري قوله، في تصريحات للإعلام المحلي، إنه «تقاسم» مع سيارتو «أسفنا لحالة الانسداد والجمود التي تعاني منها علاقات الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي في المرحلة الراهنة»، آملاً أن يكون للمجر دور وإسهام في تجاوز هذه الوضعية المضرة بالمصالح الرئيسية للطرفين.

وأبرز عطاف، في حديثه، أن المجر «ستتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي في النصف الثاني من العام المقبل»، مشيراً إلى «جودة العلاقات التاريخية بينهما منذ أيام ثورة التحرير». وفهم من كلامه أن بلاده تريد الاستثمار في هذه العلاقات، لحل خلافاتها مع الاتحاد الأوروبي.

وعبَّرت مفوضية الاتحاد الأوروبي عن عدم رضاها عن قرار اتخذته الجزائر، في يونيو (حزيران) 2022؛ بوقف كامل للأنشطة التجارية التي تجمعها بإسبانيا، باستثناء ما يرتبط بعقود الغاز، وذلك في سياق قرار آخر يتعلق بتجميد «معاهدة الصداقة وحسن الجوار» التي تجمعهما منذ 2002. وتم ذلك احتجاجاً على إعلان رئيس الحكومة بيدرو سانشيز، تأييده «خطة الحكم الذاتي» المغربية للصحراء، المرفوضة من طرف «بوليساريو» والجزائر التي تدعمها.

وانجرّ عن القطيعة التجارية خسائر كبيرة تكبدتها عشرات المؤسسات الإسبانية التي تصدِّر منتجاتها للجزائر، وندرة حادة في كثير من السلع بالسوق الجزائرية. وقدَّرت الصحافة الإسبانية الخسائر بنحو مليار يورو. وكانت مدريد قد لجأت إلى المفوضية الأوروبية في بداية خلافها مع الجزائر، من أجل الضغط عليها لحملها على العدول عن قرار وقف التجارة، بحجة أن ذلك مخالف لاتفاق الشراكة الجزائري الأوروبي.

الوزير الجزائري للخارجية مع نظيره المجري(الخارجية الجزائرية)

وعجز جوزيف بوريل الممثل السامي للسياسة الخارجية الأوروبية، عن إقناع الجزائريين بالعدول عن قرار المقاطعة الاقتصادية مع إسبانيا، عندما زارهم في مارس (آذار) الماضي، واشترطوا، مقابل استئناف العمليات التجارية، عودة إسبانيا إلى الحياد في مسألة الصحراء. وعوَّلت الجزائر كثيراً على رحيل سانشيز في الانتخابات التي جرت في إسبانيا في يوليو (تموز) الجزائر، لاعتقادها أن الموقف الجديد من ملف الصحراء «اجتهاد شخصي لا يلزم الشعب الإسباني».

أما الوجه الآخر للأزمة مع الاتحاد الأوروبي، فيتعلق بـ«اتفاق الشراكة» الذي تم إبرامه في 2002، ودخل حيز التنفيذ في 2005؛ فمنذ سنوات، تطالب الجزائر بمراجعته، بذريعة أنه «لم يقدم قيمة مضافة لاقتصادها»، وأنه جلب المنفعة أكثر للطرف الأوروبي. وألحق تفكيك التعريفة الجمركية لفائدة السلع الأوروبية المصدّرة إلى الجزائر، ضرراً بمداخيلها الجبائية، في مقابل صعوبات جمة في إيجاد مكان للمنتوج الجزائري في أسواق أوروبا، نظراً لضوابط الجودة والسلامة الصحية المفروضة من دول الاتحاد.

ممثل السياسة الخارجية بالاتحاد الاوروبي جوزيب بوريل مع الرئيس عبد المجيد تبون في 13 مارس 2023 (الرئاسة الجزائرية)

وأكد بوريل، خلال زيارته للجزائر، أن الاتحاد الأوروبي مستعد لبحث المطالب الجزائرية بهذا الشأن. وأوضح أن الجزائر «شريك رئيسي للاتحاد الأوروبي في مجال الطاقة»، وأنها «مورّد موثوق للغاز الطبيعي، وهي تلعب دوراً مهماً جداً في تأمين إمدادات الطاقة الأوروبية، في لحظة نعدّها حاسمة».

وقال مراقبون إن الجزائر «وظَّفت ورقة الغاز» بقوة، منذ بداية الحرب في أوكرانيا، للضغط على أوروبا بغرض حل خلافها معها بالطريقة التي تريدها، في مقابل زيادة إمداد دولها بالطاقة بعد انقطاع الإمدادات الروسية.


مقالات ذات صلة

الرئيس الجزائري: قطاع الزراعة حقق 37 مليار دولار العام الحالي

شمال افريقيا الرئيس عبد المجيد تبون (أ.ف.ب)

الرئيس الجزائري: قطاع الزراعة حقق 37 مليار دولار العام الحالي

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يؤكد أن قطاع الزراعة بات يساهم بـ15 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)

باريس تمنح «حمايتها» للكاتب صنصال المعتقل في الجزائر

أعلنت الحكومة الفرنسية، رسمياً، أنها ستقدم «حمايتها» للكاتب الشهير بوعلام صنصال الذي يحتجزه الأمن الجزائري منذ الـ16 من الشهر الحالي.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا تبون يلقي خطاباً أمام القضاة (الرئاسة)

الجزائر: تبون يهاجم فترة حكم بوتفليقة في ملف «محاسبة المسيرين النزهاء»

تبون: «مؤسسات الجمهورية قوية بالنساء والرجال المخلصين النزهاء، ومنهم أنتم السادة القضاة… فلكم مني أفضل تحية».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)

لائحة الخلافات بين الجزائر وفرنسا في اتساع متزايد

يقول صنصال إن «أجزاء كبيرة من غرب الجزائر تعود إلى المغرب»، وإن قادة الاستعمار الفرنسي «كانوا سبباً في اقتطاعها، مرتكبين بذلك حماقة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

يواجه الكاتب الجزائري - الفرنسي الشهير بوعلام صنصال، عقوبة سجن تتراوح بين 12 شهراً و5 سنوات، بسبب تصريحات مستفزة بالنسبة للسلطات، أطلقها في فرنسا.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

انفراجة في أزمة المدارس السودانية الموقوفة بمصر

امتحانات لطلاب سودانيين بمصر (السفارة السودانية في القاهرة)
امتحانات لطلاب سودانيين بمصر (السفارة السودانية في القاهرة)
TT

انفراجة في أزمة المدارس السودانية الموقوفة بمصر

امتحانات لطلاب سودانيين بمصر (السفارة السودانية في القاهرة)
امتحانات لطلاب سودانيين بمصر (السفارة السودانية في القاهرة)

في انفراجة لأزمة المدارس السودانية الموقوفة بمصر، أعلنت السفارة السودانية بالقاهرة، إعادة فتح مدرسة «الصداقة»، التابعة لها، فيما ستقوم لجنة من وزارة التعليم المصرية، بزيارة لبعض المدارس الأخرى المغلقة، للتأكد من «توافر اشتراطات ممارسة النشاط التعليمي».

وفي يونيو (حزيران) الماضي، أغلقت السلطات المصرية المدارس السودانية العاملة في البلاد، لحين توفر اشتراطات قانونية لممارسة النشاط التعليمي، تشمل موافقات من وزارات التعليم والخارجية السودانية، والخارجية المصرية، وتوفير مقر يفي بجميع الجوانب التعليمية، وإرفاق بيانات خاصة بمالك المدرسة، وملفاً كاملاً عن المراحل التعليمية وعدد الطلاب المنتظر تسجيلهم.

وحسب تقديرات رسمية، تستضيف مصر نحو مليون و200 ألف سوداني، فروا من الحرب السودانية، إلى جانب ملايين آخرين يعيشون في المدن المصرية منذ عقود.

وقالت السفارة السودانية، في إفادة لها مساء الاثنين، إن السلطات المصرية وافقت على استئناف الدراسة في مدرسة «الصداقة» بالقاهرة، وإن «إدارة المدرسة، ستباشر أعمال التسجيل للعام الدراسي، الجديد ابتداء من الأحد الأول من ديسمبر (كانون الأول) المقبل».

وتتبع مدرسة «الصداقة» السفارة السودانية، وافتتحت عام 2016، لتدريس المناهج السودانية لأبناء الجالية المقيمين في مصر، بثلاث مراحل تعليمية (ابتدائي وإعدادي وثانوي).

وبموازاة ذلك، أعلنت السفارة السودانية، الثلاثاء، قيام لجنة من وزارة التعليم المصرية، بزيارة بعض المدارس السودانية المغلقة، لـ«مراجعة البيئة المدرسية، والتأكد من توافر اشتراطات ممارسة النشاط التعليمي»، وشددت في إفادة لها، على أصحاب المدارس «الالتزام بتقديم جميع المستندات الخاصة بممارسة النشاط التعليمي، وفق الضوابط المصرية».

وفي وقت رأى رئيس «جمعية الصحافيين السودانيين بمصر»، عادل الصول، أن إعادة فتح «الصداقة» «خطوة إيجابية»، غير أنه عدّها «غير كافية»، وقال إن «المدرسة التي تمثل حكومة السودان في مصر، تعداد من يدرس فيها يقارب 700 طالب، ومن ثمّ لن تستوعب الآلاف الآخرين من أبناء الجالية»، عادّاً أن «استئناف النشاط التعليمي بباقي المدارس ضروري، لاستيعاب جميع الطلاب».

وأوضح الصول، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «غالبية السودانيين الذين فروا من الحرب، اختاروا مصر، رغبة في استكمال تعليم أبنائهم»، مشيراً إلى أن «توقف الدراسة بتلك المدارس منذ أكثر من ثلاثة أشهر، سبب ارتباكاً لغالبية الجالية»، وأشار إلى أن «المدارس التي تقوم وزارة التعليم المصرية بمراجعة اشتراطات التدريس بها، لا يتجاوز عددها 40 مدرسة، وفي حالة الموافقة على إعادة فتحها، لن تكفي أيضاً كل أعداد الطلاب الموجودين في مصر».

وسبق أن أشار السفير السوداني بالقاهرة، عماد الدين عدوي، إلى أن «عدد الطلاب السودانيين الذين يدرسون في مصر، أكثر من 23 ألف طالب»، وقال نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن «المستشار الثقافي بالسفارة، قام بزيارات ميدانية للعديد من المدارس السودانية المغلقة، للتأكد من التزامها بمعايير وزارة التعليم المصرية، لممارسة النشاط التعليمي»، منوهاً إلى «اعتماد 37 مدرسة، قامت بتقنين أوضاعها القانونية، تمهيداً لرفع ملفاتها إلى السلطات المصرية، واستئناف الدراسة بها».

وبمنظور رئيس لجنة العلاقات الخارجية بـ«جمعية الصداقة السودانية – المصرية»، محمد جبارة، فإن «عودة الدراسة لمدرسة الصداقة السودانية، انفراجة لأزمة المدارس السودانية»، وقال: «هناك ترحيب واسع من أبناء الجالية، بتلك الخطوة، على أمل لحاق أبنائهم بالعام الدراسي الحالي».

وأوضح جبارة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الأمر يستوجب إعادة النظر في باقي المدارس المغلقة، لضمان لحاق جميع الطلاب بالعام الدراسي»، وشدد على «ضرورة التزام باقي المدارس السودانية، باشتراطات السلطات المصرية لممارسة النشاط التعليمي مرة أخرى».

وكان السفير السوداني بالقاهرة، قد ذكر في مؤتمر صحافي، السبت الماضي، أن «وزير التعليم السوداني، سيلتقي نظيره المصري، الأسبوع المقبل لمناقشة وضع المدارس السودانية».