قللت مصادر مصرية مطلعة من أهمية جدل استخباراتي إسرائيلي يدور حالياً حول حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973، بعد إثارة الموساد تحذيرات جديدة من «الاستخفاف بالعدو»، وطرح «كتاب» يعيد تكرار السردية الإسرائيلية عن «دور رجل الأعمال المصري الراحل أشرف مروان في تلك الفترة».
وتشهد تل أبيب حالة جدل حول الحرب طرفاها جهاز الاستخبارات الخارجية (الموساد)، وشعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش (أمان)، حيث يحاول الموساد «تبرئة نفسه من الإخفاقات والقول إنه كان قد حذّر من قدوم الحرب مرات عدة، لكن الجيش استخف بتحذيراته»، وفق وسائل إعلام عبرية.
حرب 1973 أو حرب «العاشر من رمضان» كما تُعرف في مصر، وحرب «الغفران» كما تُعرف في إسرائيل، هي حرب شنتها مصر وسوريا على إسرائيل بشكل مباغت، وتمكن الجيش المصري خلالها من اجتياز قناة السويس التي كانت تخضع للسيطرة الإسرائيلية. وهي رابع الحروب العربية الإسرائيلية بعد حرب النكبة 1948، وحرب السويس 1956، وحرب النكسة (حرب الأيام الستة) في يونيو 1967».
ويعلق مصدر مصري مطلع لـ«الشرق الأوسط»، على السجال الإسرائيلي قائلاً: «التنافس بين الأجهزة الأمنية ينعكس أحياناً في صراعات معلوماتية؛ الكل يحاول تبرئة نفسه؛ يريد أن يكون بطلاً». ويضيف المصدر: «يجب ألا ننشغل بمعارك تصفية الحسابات، ويجب ألا نعتمد عليها في كتابة التاريخ العسكري والأمني».
وحذر رئيس جهاز الاستخبارات الإسرائيلية الخارجية، ديفيد بارنياع، القيادة السياسية في تل أبيب، الخميس، من «تكرار الإخفاقات والتصرف بغرور استخفافاً بقوة العدو واحتمالات التقدم نحو عملية سلام».
ونشر «الموساد»، أخيراً، كتاباً بعنوان «ذات يوم، حين يكون الحديث مسموحاً به»، كتبه فريق من «الدائرة التاريخية»، ووقّع بأول حرفين من اسم مسؤولة الفريق «ر.م». ويرفض الكتاب «ادعاءات» (أمان) في حينه، بأن أشرف مروان، صهر الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر ومساعد الرئيس أنور السادات، «كان عميلا مزدوجاً»، كما يرفض الادعاء المصري بأنه كان «بطلاً قومياً نجح في جلب أهم المعلومات عن العدو».
ويعزو مدير إدارة الشؤون المعنوية الأسبق بالجيش المصري، اللواء سمير فرج، الأحاديث الإسرائيلية الحالية إلى «الفشل الذي مُنيت به إسرائيل في حرب السادس من أكتوبر 1973». وأشار في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «لجنة (أجرانات) التي حققت في هزيمة إسرائيل في الحرب لم تكشف عن جميع نتائجها بعد حتى اليوم».
وتعليقاً على إعادة تناول السردية الإسرائيلية الخاصة برجل الأعمال المصري أشرف مروان، والإشارة إلى أنه «عمل في خدمة إسرائيل»، قال فرج: «هذا الكلام يكررونه مع كل ذكرى للحرب. أشرف مروان كان رجلاً عظيماً، خدع الإسرائيليين، وجرى تكريمه رسمياً في مصر. و«الموساد» يروج لهذا لدى الشعب الإسرائيلي لتبرير فشلهم».
وتوفي مروان في يونيو (حزيران) 2007 بعد أن سقط من شرفة منزله في لندن، ولم يُعرف حتى الآن «رسمياً» ما إذا كان موته قتلاً أم انتحاراً. وفور رحيله، أمر الرئيس الأسبق حسني مبارك بإقامة جنازة عسكرية له في القاهرة، وأصدرت مؤسسة الرئاسة بياناً لتأكيد وطنيته. وقال مبارك، عقب ذلك، إنه «قام بأعمال وطنية لم يحن الوقت بعد لكشفها»، لكنه أضاف أن مروان «لم يكن جاسوساً على الإطلاق لأي جهة».
وبينما يقول خبير الشأن الإسرائيلي، وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، إن حرب أكتوبر «لا تزال جرحاً نافذاً ينزف في إسرائيل». يرى، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن أشرف مروان «كان إحدى أدوات الخداع الاستراتيجية لمصر في حرب أكتوبر، وأكبر دليل على أنها كانت فعالة هو نجاحها في خداع الإسرائيليين ومفاجأتهم بالمعركة»
بدأت حرب 6 أكتوبر عام 1973، الموافق 10 رمضان 1393 هجرياً، بهجومين مفاجئين ومتزامنين على القوات الإسرائيلية، أحدهما للجيش المصري على جبهة سيناء المحتلة، والآخر للجيش السوري على جبهة هضبة الجولان المحتلة، وقد أسهمت بعض الدول العربية في الحرب، سواء بالدعم العسكري أو الاقتصادي.
وانتهت الحرب رسمياً مع نهاية يوم 24 أكتوبر، من خلال اتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين الجانبين العربي والإسرائيلي، لكنه لم يدخل حيز التنفيذ على الجبهة المصرية فعلياً حتى 28 أكتوبر.