حقق التعاون الجزائري التركي في الميدان الاقتصادي والتجاري خطوات سريعة في آخر 3 سنوات، ترجمتها على الأرض الاتفاقات المبرمة خلال تبادل الزيارات على أعلى مستوى بين مسؤولي البلدين. وينتظر أن يشهد التعاون دفعة قوية أخرى، بمناسبة الزيارة التي ستقود الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى الجزائر، الشهر المقبل.
وأعلن عن هذه الزيارة وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان يوم الخميس في أنقرة، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيرة الجزائري أحمد عطاف، بمناسبة انعقاد أشغال «الدورة الثانية للجنة المشتركة الجزائرية التركية المكلفة بالتخطيط»، حيث أكد الوزير التركي أن الزيارة المرتقبة لإردوغان «ستتناول قضايا ذات بعد استراتيجي محل اهتمام البلدين».
التعاون في 12 قطاعاً
وقالت الخارجية الجزائرية في بيان بشأن الاجتماع، إن مسؤولين يمثلون 12 قطاعاً وزارياً شاركوا فيها، من الجانبين، يمثلون الصناعة وإنتاج الأدوية والطاقة، والمناجم والنقل والصيد البحري والزراعة والتنمية الريفية، والعدل والتعليم والنجارة وترقية الصادرات، والمالية والأشغال العامة والمنشآت القاعدية والثقافة والتعليم العالي والبحث العلمي.
ووفق البيان، اهتمت أشغال الاجتماع بـ«تقييم التقدم الذي أُحْرِز في تنفيذ القرارات التي اتخذها قائدا البلدين الشقيقين، منذ انعقاد الدورة الأولى لمجلس التعاون رفيع المستوى في مايو (أيار) 2022، وكذا حول تحضير انعقاد الدورة الثانية لهذا المجلس المرتقبة في المستقبل القريب، بمناسبة الزيارة التي سيقوم بها الرئيس رجب طيب إردوغان إلى الجزائر، بدعوة من أخيه الرئيس عبد المجيد تبون».
وأضاف البيان أن مشاورات سياسية جمعت وزيري الخارجية عطاف وهاكان، «تركزت حول أولويات التعاون الثنائي، وحول القضايا التي تحظى باهتمام مشترك من البلدين سواء في جوارهما المتوسطي، أو في فضاءات انتمائهما، وعلى وجه الخصوص تطور العلاقات في شمال أفريقيا ومستجدات الأوضاع في منطقة الساحل الأفريقي».
زخم سياسي واقتصادي
وجاء في تصريحات لعطاف، أن علاقات بلاده مع تركيا «تشهد زخماً سياسياً واقتصادياً غير مسبوق»، مشيراً إلى أن السنوات الثلاث الأخيرة «لم يسبق لها مثيل في التعاون بين البلدين»، مبرزاً أن العلاقات الثنائية «في امتداد مستمر لتشمل جميع مجالات الشراكة والتعاون، والتي تحقق الفائدة للبلدين وللشعبين الشقيقين». وأكد أيضاً أن «التوافق السياسي الجزائري التركي حول أبرز القضايا السياسية الإقليمية والدولية، لا يزال قائماً ويتطور ويتعزز».
وأوضح عطاف، الذي استقبله الرئيس التركي يوم الأربعاء، أن الجزائر وتركيا «تقتربان من رفع مبادلاتها التجارية إلى 10 مليارات دولار، تجسيداً للأهداف المسطرة من قبل رئيسي البلدين عبد المجيد تبون ورجب طيب إردوغان».
وتابع أن الجزائر أصبحت ثاني شريك تجاري لتركيا بتجارة بينية تفوق 5 مليارات دولار، كما أصبحت الجزائر، «الوجهة الأولى للاستثمارات التركية المباشرة بقيمة تفوق 6 مليارات دولار حالياً، وهذا الرقم يضع تركيا في مرتبة أول مستثمر أجنبي بالجزائر خارج قطاع المحروقات».
الشركات التركية في الجزائر
وزار تبون تركيا مرتين خلال عامين، الأولى في مايو (أيار) 2022 والثانية في يوليو (تموز) الماضي. أما إردوغان فقد زار الجزائر في يناير (كانون الأول) 2020، بعد أسابيع قليلة من تولي تبون الرئاسة. وما يميز العلاقات الاقتصادية بين البلدين هو الوجود القوي للشركات التركية في الجزائر، حيث يفوق عددها 1500 حالياً، مقابل 900 شركة في بداية 2020. وارتفع حجم التبادل التجاري إلى 5 مليارات دولار بنهاية 2022، بينما كان قبل عامين 3.3 مليار دولار. وأعلن الرئيسان في وقت سابق عزمهما الصعود إلى 10 مليارات دولار في السنوات المقبلة.
وللأتراك وجود هام في الجزائر، في مجال البناء والأشغال العامة والصلب والبتروكيمياويات. وشركاتهم تشغل نحو 10 آلاف عامل.
وبعيداً عن العلاقات الثنائية، يوجد توافق جزائري تركي بخصوص دعم الحكومة الليبية في طرابلس، وإن كانت الجزائر تعلن أنها «ترفض التدخل الأجنبي في ليبيا»، وأنها «تأمل في حل سياسي ينهي الأزمة، تهتدي إليه أطراف الصراع من دون وصاية أجنبية».
وفي مالي، تقدم تركيا دعماً للحاكم العسكري العقيد عاصيمي غويتا، وتؤيد توجهاته بخصوص محو أي أثر لفرنسا في البلاد، خصوصاً وجودها العسكري «تحت ذريعة محاربة المتطرفين».