واشنطن تفرض عقوبات على نائب قائد قوات «الدعم السريع»

قالت إنها ستستخدم كل ما لديها من وسائل لإجبار طرفي النزاع على وضع حد للحرب

نائب قائد قوات «الدعم السريع» في السودان (وسائل إعلام محلية)
نائب قائد قوات «الدعم السريع» في السودان (وسائل إعلام محلية)
TT

واشنطن تفرض عقوبات على نائب قائد قوات «الدعم السريع»

نائب قائد قوات «الدعم السريع» في السودان (وسائل إعلام محلية)
نائب قائد قوات «الدعم السريع» في السودان (وسائل إعلام محلية)

فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على نائب قائد قوات «الدعم السريع» في السودان، عبد الرحيم حمدان دقلو، حسبما أفاد بيان للوزارة اليوم (الأربعاء).

ونقلت «وكالة أنباء العالم العربي» عن الوزارة قولها: إنها فرضت عقوبات على عبد الرحيم، شقيق محمد حمدان دقلو الشهير بـ«حميدتي»، لقيادته قوات «الدعم السريع»، وهي «كيان شارك أعضاؤه في أعمال عنف وانتهاكات لحقوق الإنسان، بما في ذلك مذابح ضد المدنيين والقتل العرقي واستخدام العنف الجنسي».

وقال وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، بريان نيلسون: إن هذه العقوبات «تظهر التزام وزارة الخزانة بمحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة والواسعة النطاق لحقوق الإنسان في السودان».

وأضاف: «تحث الولايات المتحدة طرفي الصراع على وقف الأعمال العدائية وأعمال العنف التي تؤدي إلى استمرار الأزمة الإنسانية في السودان».

من جهتها، أفادت «رويترز» أن المبعوثة الأميركية لدى الأمم المتحدة ستعلن خلال رحلة إلى حدود تشاد مع السودان اليوم (الأربعاء) أن الولايات المتحدة ستفرض عقوبات على نائب قائد قوات الدعم السريع بسبب انتهاكات لحقوق الإنسان.

وخطوة استهداف عبد الرحيم دقلو بالعقوبات هي الأبرز منذ بدء الصراع بين قواتهما والجيش السوداني في منتصف أبريل (نيسان) وتأتي ردا فيما يبدو على أعمال العنف التي تشهدها ولاية غرب دارفور والتي توجه اتهامات لقوات الدعم السريع وميليشيات موالية لها بارتكابها، بحسب «رويترز».

وتنفي قوات الدعم السريع الاتهامات التي توجهها لها جماعات تراقب مجريات الصراع وجماعات معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان وروايات شهود بأنها تقف وراء هذا العنف، وتقول إن أي جندي تخلُص إلى تورطه فيها سيقدم للعدالة.

وعبد الرحيم دقلو هو أول مسؤول من أي من طرفي الصراع ستفرض عليه عقوبات منذ بدء الحرب. والعقوبات السابقة على شركات استهدفت الجيش السوداني أيضا.

ووفقا لملاحظات اطلعت عليها «رويترز»، ستقول ليندا توماس غرينفيلد مبعوثة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة للصحافيين إن عقوبات ستفرض عليه «لعلاقته بالانتهاكات التي ترتكبها قوات الدعم السريع بحق مدنيين في السودان بما يشمل أعمال عنف جنسي تتعلق بالصراع والقتل على أساس الانتماء العرقي».

وستعلن توماس غرينفيلد ذلك بعد أن تلتقي في تشاد اليوم بلاجئين سودانيين فروا من أعمال العنف العرقية والجنسية في دارفور، وهو أمر قالت إنه يذكر بالفظائع التي ارتكبت قبل 20 عاما في الإقليم ووصفتها واشنطن بأنها إبادة جماعية.

وفي هذا الإطار، أكدت وزارة الخارجية الأميركية اليوم عزمها على محاسبة المسؤولين عن ارتكاب فظائع في الصراع الدائر في السودان وأنها سوف تسعى لتحقيق العدالة للضحايا.

وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في بيان نشرته الخارجية على موقعها الإلكتروني إن واشنطن ستستخدم كل ما لديها من وسائل لإجبار قوات «الدعم السريع» والجيش السوداني على وضع حد للحرب وعدم إطالة أمدها.

وأضاف البيان أن واشنطن فرضت قيودا على منح تأشيرة لقائد قوات الدعم السريع في غرب دارفور عبد الرحمن جمعة لارتكابه انتهاكات وصفتها بأنها «جسيمة» لحقوق الإنسان.

وأوضحت الخارجية أن مصادر موثوقة قالت إن جمعة متورط في اختطاف وقتل والي غرب دارفور خميس أبكر وشقيقه.

وروى بعض ضحايا أعمال العنف عن استهداف عرقية المساليت وتدمير أحياء بأكملها وعمليات نهب واغتصاب واسعة النطاق مما دفع مئات الآلاف للفرار إلى تشاد. وأعلنت المحكمة الجنائية الدولية فتح تحقيق في أعمال العنف تلك.

الدعم السريع يرد

وسارعت قوات الدعم السريع بالرد على لسان مستشار قائد قواتها مصطفى إبراهيم، الذي قال إن الولايات المتحدة ارتكبت خطأ بفرض عقوبات على عبد الرحيم دقلو.

وقال إبراهيم لـ«وكالة أنباء العالم العربي»: «الخزانة الأميركية أخطأت في هذا القرار وعليها مراجعته، لأنه غير منصف وغير صائب».

وأضاف أن القرار يؤكد «انحياز الخزانة الأميركية إلى جانب الجيش السوداني»، حسب وصفه.

وأكد إبراهيم أنهم لن يصمتوا حيال هذا القرار وسيحتجون عليه احتجاجا رسميا، معتبرا أن «هذا القرار لن يكون له تأثير كبير على قوات الدعم السريع».

كما أشار إلى أن «العقوبات الأميركية على رموز نظام عمر البشير لم تؤثر عليهم كثيرا».

واندلعت الحرب في السودان في 15 أبريل بعد أربع سنوات من الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير في انتفاضة شعبية. وتصاعد التوتر بين الجيش وقوات الدعم السريع بعد أن اشتركا في انقلاب في 2021، ليتحول إلى قتال بسبب خلاف بشأن خطة انتقال للحكم المدني تشمل دمج قواتهما.


مقالات ذات صلة

الجيش السوداني يتقدم على جبهات القتال في ولاية الجزيرة

شمال افريقيا عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

الجيش السوداني يتقدم على جبهات القتال في ولاية الجزيرة

لم يصدر أي تصريح رسمي من «الدعم السريع» بخصوص المعارك في ولاية الجزيرة التي جاءت بعد أشهر من التخطيط من قبل الجيش

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا قائد قوات «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (حميدتي) (رويترز)

السودان يرحب بالعقوبات ضد حميدتي ويطالب بموقف دولي موحد

رحبت الحكومة السودانية بقرار الإدارة الأميركي فرض عقوبات على قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» وطالبت المجتمع الدولي بموقف موحد.

شمال افريقيا سودانيون فارُّون من المعارك في منطقة الجزيرة داخل مخيم للنازحين بمدينة القضارف (أ.ف.ب)

الجيش السوداني يستعيد السيطرة على بلدات في الجزيرة

شن الجيش السوداني، الأربعاء، هجوماً برياً كبيراً من عدة محاور على أطراف ولاية الجزيرة وسط البلاد، استعاد على أثرها، السيطرة على عدد من البلدات والقرى

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا حميدتي قال في خطاب الاستقلال الأربعاء إن السودان في مفترق طرق (الشرق الأوسط)

قبل رحيلها... إدارة بايدن تفرض عقوبات على «حميدتي» وتتهمه بـ«جرائم حرب»

«الخارجية الأميركية»: «قوات الدعم السريع»، والميليشيات المتحالفة معها، شنَّت هجمات ضد المدنيين، وقتلت الرجال والفتيان بشكل منهجي، وحتى الرُّضع، على أساس عرقي.

هبة القدسي (واشنطن)
شمال افريقيا مواطنون في بورتسودان يطالبون بتمديد مهلة تبديل العملة (أ.ف.ب)

تبديل الجنيه السوداني يتحول أداةً حربية بين طرفي النزاع

عدّت «قوات الدعم السريع» العملات الجديدة «غير مبرئة للذمة» في المناطق التي تسيطر عليها، وقالت إن العملات القديمة «سارية» وصالحة للتداول فيها.

أحمد يونس (كمبالا)

هل وصلت العلاقات الجزائرية - الفرنسية لنقطة «اللاعودة»؟

الرئيس الجزائري في لقاء سابق مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
الرئيس الجزائري في لقاء سابق مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
TT

هل وصلت العلاقات الجزائرية - الفرنسية لنقطة «اللاعودة»؟

الرئيس الجزائري في لقاء سابق مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
الرئيس الجزائري في لقاء سابق مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)

تشهد العلاقات المضطربة على مرّ التاريخ بين فرنسا والجزائر خضّات جديدة، إثر توقيف مؤثرين جزائريين على ذمة التحقيق في فرنسا، بسبب رسائل كراهية نشروها، ومواجهة دبلوماسية جديدة حول توقيف كاتب جزائري - فرنسي في العاصمة الجزائرية، وهو ما يجعل البعض يرى أن العلاقة بين البلدين وصلت فعلاً إلى «نقطة اللاعودة».

سلطات فرنسا شنت حملة توقيف مؤثرين جزائريين على ذمة التحقيق بسبب رسائل كراهية نشروها (أ.ب)

وأوقفت السلطات في باريس مؤخراً ثلاثة مؤثرين جزائريين للاشتباه في تحريضهم على الإرهاب، ووضع منشورات تحث على ارتكاب أعمال عنف في فرنسا ضد معارضين للنظام الجزائري. أحدهم أوقف الجمعة في ضواحي غرونوبل، بعد نشره مقطع فيديو، تم حذفه في وقت لاحق، يحث المتابعين على «الحرق والقتل والاغتصاب على الأراضي الفرنسية»، بحسب لقطة مصورة من شاشة لوزير الداخلية برونو ريتايو.

وزير الداخلية الفرنسية برونو ريتايو (أ.ب)

ونشر هذا الرجل: «أنا معك يا زازو»، مخاطباً مؤثراً جزائرياً آخر، يدعى يوسف أ، المعروف باسم «زازو يوسف»، كان قد أوقف قبل ساعات قليلة بشبهة الدعوة إلى شن هجمات في فرنسا ضد «معارضي النظام الحالي في الجزائر»، بحسب القضاء الفرنسي. ونشر الشخص الثالث، الذي تم اعتقاله على تطبيق «تيك توك»: «اقتلوه، دعوه يتعذب»، في إشارة إلى متظاهر جزائري معارض للنظام. وفتح القضاء أيضاً تحقيقات ضد اثنين آخرين من المؤثرين الفرنسيين الجزائريين، بسبب فيديوهات تنشر الكراهية. وقال المعارض الجزائري، شوقي بن زهرة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «العشرات» من مستخدمي وسائط التواصل الجزائريين، أو مزدوجي الجنسية «نشروا محتوى معادياً على الإنترنت».

محمد تاجديت ضحية تحريض بالقتل من مؤثر جزائري مقيم بفرنسا (حسابه الشخصي بالإعلام الاجتماعي)

كان لدى يوسف أ. أكثر من 400 ألف متابع على تطبيق «تيك توك»، وقد حذفت المنصة حسابه منذ ذلك الحين.

* اتهام الجزائر بالتحريض

اتهم بن زهرة، وهو نفسه لاجئ سياسي في فرنسا، السلطات الجزائرية بالوقوف وراء هذه «الظاهرة»، والدليل بحسبه أن المسجد الكبير في باريس، الذي تموله الجزائر، «يستقبل أيضاً مؤثرين» جزائريين. وردت مؤسسة مسجد باريس على هذه التصريحات «التشهيرية»، التي أدلى بها «مدون مغمور»، واعتبرتها جزءاً من «حملة افتراء غير محتملة»، لكنها أكدت على «دورها البناء في العلاقات بين البلدين». وحسب العديد من المعارضين الجزائريين المقيمين في فرنسا، الذين التقتهم «وكالة الصحافة الفرنسية»، فإن هذه الرسائل العنيفة بشكل خاص ازدادت حدة بعد أن غيرت فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، موقفها من قضية الصحراء، التي كانت مسرحاً لنصف قرن من الصراع بين المغرب وجبهة «البوليساريو»، المدعومة من الجزائر. ففي نهاية يوليو (تموز) الماضي انحاز الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى جانب إسبانيا والولايات المتحدة الأميركية، معتبراً أن مستقبل الصحراء يكمن «في إطار السيادة المغربية»، وساعد ذلك في التقارب مع الرباط، واندلاع أزمة جديدة مع الجزائر، التي لم تعد تقيم علاقات دبلوماسية مع جارتها منذ أغسطس (آب) 2021.

الجزائر اعتبرت موقف الرئيس ماكرون من الصحراء المغربية «خيانة» لها (أ.ف.ب)

في صيف 2022، بدأ الرئيس الفرنسي خطوة «للتقارب» مع الجزائر بشأن «قضايا الذاكرة»، ومسألة «الماضي الاستعماري»، المرتبطة بحرب الاستقلال التي خلفت مئات الآلاف من القتلى والجرحى، لكن موقفه من الصحراء اعتبرته الجزائر «خيانة»، كما لاحظ ريكاردو فابياني، المحلل في مجموعة الأزمات الدولية. سبب آخر من أسباب التوتر هو مصير الكاتب الفرنسي - الجزائري، بوعلام صنصال (75 عاماً)، الذي يقبع في السجن في الجزائر منذ منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بتهمة المساس بأمن الدولة، وهو في وحدة العناية الصحية منذ منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

* امتعاض جزائري

بحسب صحيفة «لوموند» الفرنسية، فإن السلطات الجزائرية انزعجت من تصريحات أدلى بها الكاتب صنصال لموقع «فرونتيير» الإعلامي الفرنسي، المعروف بمواقفه اليمينية المتطرفة، تبنى فيها موقفاً مغربياً يقول إن أراضي مغربية انتُزعت من المملكة، في ظل الاستعمار الفرنسي لصالح الجزائر. وكان الرئيس الفرنسي اعتبر الاثنين أن «الجزائر التي نحبها كثيراً، والتي نتشارك معها الكثير من الأبناء والكثير من القصص، تسيء إلى سمعتها، من خلال منع رجل مريض بشدة من الحصول على العلاج»، مطالباً بالإفراج عن الكاتب المحتجز «بطريقة تعسفية تماماً».

الروائي المسجون في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)

ومباشرة بعد ذلك، عبرت وزارة الخارجية الجزائرية عن استغرابها من «التصريحات التي أدلى بها الرئيس الفرنسي بشأن الجزائر، والتي تهين، في المقام الأول، من اعتقد أنه من المناسب الإدلاء بها بهذه الطريقة المتهاونة والمستهترة». ووصفتها بـ«التدخل السافر وغير المقبول في شأن جزائري داخلي». في هذا السياق، أشار مدير «مركز الدراسات العربية والمتوسطية» في جنيف، حسني عبيدي، في تصريح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إلى أن العلاقة بين البلدين وصلت إلى «نقطة اللاعودة». وأعرب عن أسفه لأن «تصريحات ماكرون القاسية وغير المألوفة» من شأنها «تعزيز دعاة القطيعة التامة بين البلدين، وتكشف عن فشل الرئيس (الفرنسي) في سياسته حيال الجزائر». أما كريمة ديراش، الباحثة في «المركز الوطني الفرنسي» للبحث العلمي في باريس، فقد اعتبرت أننا «أمام رئيس دولة فرنسي لا يعرف كيف يتصرف»، و«يترك انفعالاته تتغلب عليه ولا يحترم القواعد»، وأمام سلطة جزائرية «حساسة جداً تجاه كل ما يصدر عن الدولة الفرنسية». وشدّدت على أنه رغم هذه «المناوشات» المتكررة بانتظام، تظل العلاقة الفرنسية - الجزائرية «متينة» من الناحيتين الاقتصادية والأمنية، مضيفة بسخرية أن فرنسا والجزائر «ثنائي يتنازع بانتظام».