قلق أميركي من انتشار «مرتزقة فاغنر» في أفريقيا

نائب وزير الخارجية أنهى زيارة للجزائر بحث فيها تهديدات الإرهاب بالمنطقة

أمين عام وزارة الخارجية الجزائرية (يمين) مع نائب وزير الخارجية الأميركي (الخارجية الجزائرية)
أمين عام وزارة الخارجية الجزائرية (يمين) مع نائب وزير الخارجية الأميركي (الخارجية الجزائرية)
TT

قلق أميركي من انتشار «مرتزقة فاغنر» في أفريقيا

أمين عام وزارة الخارجية الجزائرية (يمين) مع نائب وزير الخارجية الأميركي (الخارجية الجزائرية)
أمين عام وزارة الخارجية الجزائرية (يمين) مع نائب وزير الخارجية الأميركي (الخارجية الجزائرية)

قال نائب وزير الخارجية الأميركي لشؤون شمال أفريقيا جوشوا هاريس، في تصريحات للإعلام الجزائري، أن اجتماعاً سيعقده مسؤولون من البلدين الخريف المقبل بواشنطن، «للبحث في تهديدات الإرهاب في منطقة الساحل». وأكد أن واشنطن «تدعم بقوة» العملية السياسية للأمم المتحدة، لإيجاد حل لنزاع الصحراء المستمر منذ قرابة نصف قرن.

وأنهى هاريس، الاثنين، زيارة إلى الجزائر خصصت «لملف الصحراء والإرهاب في المنطقة»، مؤكداً في مقابلتين لصحيفتي «الخبر» و«الوطن»، نشرتا الثلاثاء، أن الاجتماع المرتقب في العاصمة الأميركية، يندرج في إطار «الحوار الاستراتيجي بين الجزائر وواشنطن»، وسيتناول «مجموعة من القضايا. وأحد العناصر المهمة في ذلك، هو ما ناقشناه للتو فيما يتعلق بالأمن بمنطقة الساحل، سواء التحديات العاجلة على المدى القصير أو القضايا طويلة المدى»، في إشارة إلى الملفات التي بحثها مع المسؤولين في وزارة الخارجية الجزائرية، خلال زيارته التي دامت 5 أيام.

وشدد المسؤول الأميركي على أن «استمرار التفكير في كيفية قدرة حكومتينا على التعاون لمعالجة مشكلة الإرهاب في المنطقة، على نحو مستدام، هو أمر بالغ الأهمية، بما في ذلك ما يتعلق برؤية الجزائر المهمة لتحقيق الاستقرار في مالي، حيث أعتقد أن لدينا تصوراً مشتركاً فيما يتعلق بتهديدات الجماعات الإرهابية، ويتعين علينا التعامل مع ذلك بفاعلية واستدامة».

جانب من اجتماعات نائب وزير الخارجية الأميركي مكلف بشمال أفريقيا بالجزائر (الخارجية الجزائرية)

والمعروف أن الجزائر احتضنت في 2015، التوقيع على «اتفاق سلام ومصالحة» بين الحكومة المالية وتنظيمات المعارضة المسلحة في البلاد، وهي ترأس «اللجنة الدولية لتنفيذ الاتفاق»، الذي يشهد تعثراً بسبب خلافات بين الطرفين تتعلق أساساً، بتخلي المعارضة عن سلاحها في معاقلها بشمال مالي الحدودي مع الجزائر، في مقابل انتشار الجيش النظامي بها. وفي نظر الجزائر، يشكل عدم تقيد الأطراف المتنازعة ببنود الاتفاق، «فرصة للجماعات (الجهادية) للسيطرة على مناطق واسعة في مالي».

وبخصوص الخطة التي عرضتها الجزائر على المسؤولين في النيجر لإعادة الاستقرار إلى البلاد، بعد الانقلاب العسكري الذي أطاح في 26 يوليو (تموز) الماضي، بالرئيس محمد بازوم، قال هاريس، إن المقترحات التي تتضمنها «واضحة ومهمة للغاية، وأعتقد أننا ننظر إلى الوضع في توافق تام، خصوصاً ما تعلق بالعودة إلى الحكم الدستوري. وسنواصل العمل معاً، وبشكل وثيق خلال الأيام والأسابيع المقبلة، لمحاولة رسم مسار متقدم بما يتماشى مع تلك الرؤية السياسية».

متظاهرون يحملون علم «فاغنر» في نيامي (أ.ف.ب)

وتقوم «خطة الجزائر» على «فترة انتقالية» بقيادة شخصية مدنية تكون محل توافق من أطراف النزاع، تدوم 6 أشهر وتنتهي بتنظيم انتخابات عامة في البلاد. ولم يتلق أصحاب المبادرة أي رد من طرف السلطة العسكرية التي فرضت نفسها في الحكم.

وسُئل نائب وزير الخارجية الأميركي عن الانتشار المتزايد لميليشيات «فاغنر» في أفريقيا، فقال: «أعتقد أن هذه لحظة مهمة لأي دولة في المنطقة، لديها تفكير في ربط علاقات مع مجموعة (فاغنر) المرتزقة، وذلك للتفكير حقاً بما حدث فيما يتعلق بالتمرد الفاشل في روسيا، ووفاة بريغوجين (إيفغيني بريغوجين قائد الميليشيا)»، مبرزاً بأن «ما أراه هو: أين تتجه مجموعة (فاغنر) في المنطقة، فإن عدم الاستقرار يتبعها مباشرة، ويجب أن يكون ذلك اعتباراً مهماً، عندما ننظر إلى مستقبل طويل المدى أكثر استدامةً واستقراراً للمنطقة بأكملها».

تدريب أمني لعناصر من «جبهة البوليساريو» (الشرق الأوسط)

أما عن نزاع الصحراء، فأبدى المسؤول الأميركي قلقاً من التصعيد، مشيراً إلى أن «هدفنا يكمن في توفير ظروف نجاح العملية السياسية، لكن التصعيد يتعارض مع مساعي مسار الأمم المتحدة»، بخصوص حل النزاع. وأضاف: «لقد بذلنا جهوداً لإعادة إرساء عملية سياسية بالنظر لأهمية وقف أي تصعيد للنزاع العسكري. وتحاول حكومتنا، باعتبارها داعمة للأمم المتحدة ودي ميستورا (ستيفان دي ميستورا المبعوث الأممي للصحراء) استخدام علاقاتها وشراكاتها، بما في ذلك شراكتها القوية للغاية مع الجزائر، لخلق بيئة يمكن فيها لعملية الأمم المتحدة أن تتقدم بشكل كبير، وفي روح من التهدئة. ونحن ندرك أنها لن تكون مهمة سهلة ولا سريعة، لكن الولايات المتحدة والجزائر تعملان بشكل بناء لدعم السيد دي ميستورا».


مقالات ذات صلة

«كوب 29» يسدل ستاره بالاتفاق على تمويل مناخي بـ300 مليار دولار

الاقتصاد رئيس «كوب 29» مختار باباييف يصفق خلال الجلسة العامة الختامية لقمة الأمم المتحدة للمناخ (أ.ب)

«كوب 29» يسدل ستاره بالاتفاق على تمويل مناخي بـ300 مليار دولار

اتفقت دول العالم، بعد أسبوعين من المفاوضات الشاقة، على هدف تمويل سنوي بقيمة 300 مليار دولار لمساعدة الدول الأكثر فقراً على مواجهة آثار تغير المناخ.

«الشرق الأوسط» (باكو)
صحتك طفل مصاب بجدري القردة يتلقى الرعاية الصحية (أ.ب)

«الصحة العالمية»: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة

قالت منظمة الصحة العالمية، اليوم الجمعة، إن تفشي جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
رياضة عالمية منتخب سيدات المغرب من المرشحات لجائزة الأفضل في القارة الأفريقية (الشرق الأوسط)

«كاف» يعلن قوائم المرشحات للفوز بجوائز السيدات 

أعلن الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف)، اليوم (الأربعاء)، القوائم المرشحة للحصول على جوائزه لعام 2024 في فئة السيدات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
رياضة عالمية كولر مدرب الأهلي المصري ينافس 4 مدربين لمنتخبات على الأفضل في أفريقيا (أ.ف.ب)

«كاف»: 5 مرشحين لجائزة أفضل مدرب في أفريقيا

أعلن الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف) عن القائمة النهائية للمرشحين لجائزة أفضل مدرب في القارة السمراء في عام 2024.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
رياضة عالمية أشرف حكيمي (أ.ب)

حكيمي يتصدر قائمة المرشحين لجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

ينافس المغربي الدولي أشرف حكيمي بقوة على جائزة أفضل لاعب في أفريقيا للعام الثاني على التوالي بعد دخوله القائمة المختصرة للمرشحين، التي أعلنها الاتحاد الأفريقي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

اجتماعات «المائدة المستديرة» بين الفرقاء السودانيين في جنيف لوقف الحرب

جانب من لقاء سابق لتنسيقية «تقدم» مع مسؤولي الآلية الأفريقية في أديس أبابا (صفحة «تقدم» على فيسبوك)
جانب من لقاء سابق لتنسيقية «تقدم» مع مسؤولي الآلية الأفريقية في أديس أبابا (صفحة «تقدم» على فيسبوك)
TT

اجتماعات «المائدة المستديرة» بين الفرقاء السودانيين في جنيف لوقف الحرب

جانب من لقاء سابق لتنسيقية «تقدم» مع مسؤولي الآلية الأفريقية في أديس أبابا (صفحة «تقدم» على فيسبوك)
جانب من لقاء سابق لتنسيقية «تقدم» مع مسؤولي الآلية الأفريقية في أديس أبابا (صفحة «تقدم» على فيسبوك)

للمرة الثالثة تستضيف مدينة جنيف السويسرية ما عرفت باجتماعات «المائدة المستديرة» بين القوى السياسية والمدنية السودانية، وتهدف لتقريب وجهات النظر بين أطراف الأزمة السودانية، مواصلة للاجتماعين السابقين اللذين نسقتهما منظمة «بروميديشن» الفرنسية، في القاهرة وجنيف، وتهدف الاجتماعات لتحقيق توافق على وقف الحرب عبر التفاوض وإيصال المساعدات الإنسانية للمدنيين.

وتشارك في الاجتماعات، التي بدأت يوم الاثنين وتستمر ليومين، كل من تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم»، وتحالف «الكتلة الديمقراطية» الموالية للجيش، وحركات مسلحة تابعة للكتلة، مع إعلان بعض الأطراف مقاطعة هذه الاجتماعات.

وانشقت «الكتلة الديمقراطية» قبل سنوات عن تحالف «قوى الحرية والتغيير» الذي قاد الاحتجاجات الشعبية التي أطاحت بحكومة الرئيس عمر البشير.

وتتكون «الكتلة الديمقراطية» أساساً من حركات مسلحة وقوى سياسية أيدت انقلاب 25 أكتوبر 2021 الذي ناهضه التحالف الرئيس «الحرية والتغيير» الذي تطور بعد الحرب إلى تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم».

وصدرت مواقف متضاربة بين أعضاء تحالف «الكتلة الديمقراطية» تراوحت بين الرفض والقبول للمشاركة في اجتماعات جنيف. وأعلن المتحدث باسم الكتلة، محمد زكريا، الذي ينتمي لـ«حركة العدل والمساواة»، اعتذار كتلته عن المشاركة، بينما

استنكر القيادي في الحزب «الاتحادي الديمقراطي» عمر خلف الله، وهو أيضاً ناطق رسمي باسم «الكتلة الديمقراطية» تصريح زكريا، قائلاً إن الموضوع لم يناقش في قيادة الكتلة، وأكد مشاركتهم في اجتماعات جنيف «من أجل رؤية تعزز المشروع الوطني».

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

تباين مواقف «الكتلة الديمقراطية»

وإزاء مواقف «الكتلة الديمقراطية»، قال قيادي في الكتلة لـ«الشرق الأوسط» إن المشاركة في اجتماعات جنيف كشفت تباينات حادة داخل الكتلة، وأن «حركة العدل والمساواة» بقيادة وزير المالية الحالي جبريل إبراهيم سنت لنفسها خطاً منفرداً يمكن وصفه بـ«الانشقاق» داخل الكتلة، مضيفاً أن «رفض المشاركة يعبر عن موقف الحركة وليس موقف الكتلة».

وقال القيادي في «تقدم» والأمين السياسي لحزب «المؤتمر السوداني» شريف محمد عثمان لـ«الشرق الأوسط» إن مدينة جنيف السويسرية شهدت صباح يوم الاثنين الاجتماع الرابع لسلسلة الاجتماعات التي تنسقها «بروميديشن»، وينتهي يوم الثلاثاء، ويهدف إلى تقريب المسافات بين القوى المناهضة للحرب وتلك التي انحازت لأحد طرفي القتال، في إشارة إلى الجيش.

ووفقاً للقيادي في «تقدم»، فإن الاجتماعات تعمل على تحقيق توافق على إنهاء الحرب عبر الحلول السلمية التفاوضية، والتي تبدأ بالوصول إلى وقف العدائيات بغرض إيصال المساعدات الإنسانية للمحتاجين، وفتح مسارات آمنة، باعتبارها خطوات تمهيدية لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب سلمياً.

اجتماع سابق للهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية السودانية «تقدم» (فيسبوك)

مشاركة واسعة

وأوضح عثمان أن طيفاً واسعاً من المدنيين يشارك في الاجتماع وعلى رأسهم قيادات تحالف القوى الديمقراطية المدنية الأكبر في البلاد «تقدم»، ويمثلها كل من رئيس حزب «المؤتمر السوداني» عمر الدقير، ورئيس حزب «التجمع الاتحادي» بابكر فيصل، ورئيس «حركة تحرير السودان – المجلس الانتقالي» الهادي إدريس. كما يشارك في الاجتماعات «حزب الأمة القومي»، و«الحزب الاتحادي الأصل» بقيادة جعفر الميرغني، و«التحالف الديمقراطي للعدالة» بقيادة مبارك أردول، و«حركة تحرير السودان - جناح مناوي»، ويمثلها علي ترايو، إضافة لممثلين عن حزب «المؤتمر الشعبي» الإسلامي المنشق عن حزب الرئيس المعزول عمر البشير، و«حزب الأمة – جناح مبارك الفاضل».

وتوقع عثمان توصل المجتمعين لبيان ختامي متوافق عليه بشأن قضيتي إنهاء الحرب سلمياً، ووقف عدائيات إنساني يسهل وصول المساعدات الإنسانية.

وكانت العاصمة المصرية القاهرة قد شهدت في أكتوبر (تشرين الأول) اجتماعاً مماثلاً، توصل إلى بيان ختامي وقعته القوى المشاركة، باستثناء حركة تحرير السودان – مناوي، وحركة العدل والمساواة – جبريل إبراهيم اللتين رفضتا توقيع بيان القاهرة رغم مشاركتهما في الاجتماعات.

و«بروميديشن» منظمة فرنسية مدعومة من الخارجية الفرنسية والخارجية السويسرية، ظلت تلعب أدواراً مستمرة في الشأن السوداني، وعقدت عدداً من اجتماعات المائدة المستديرة بين الفرقاء السودانيين، بدأتها منذ يونيو (حزيران) 2022 بمفاوضات بين حركات مسلحة دارفورية، ثم طورت اجتماعاتها لتشمل القوى السياسية والمدنية السودانية بعد الحرب.