تونس: رئيس «شورى النهضة» رهن الإقامة الإجبارية

بعد اعتقال الغنوشي والعريض والبحيري

أحد ميادين تونس العاصمة (غيتي)
أحد ميادين تونس العاصمة (غيتي)
TT

تونس: رئيس «شورى النهضة» رهن الإقامة الإجبارية

أحد ميادين تونس العاصمة (غيتي)
أحد ميادين تونس العاصمة (غيتي)

أصدر كمال الفقي وزير الداخلية التونسي قراراً يقضي بوضع عبد الكريم الهاروني رئيس «مجلس شورى» حركة «النهضة»، وأحد قياداتها التاريخية، قيد الإقامة الجبرية لمدة 40 يوماً، وذلك تطبيقاً لقانون حالة الطوارئ.

ويتزامن هذا القرار الذي اتخذ ليل السبت - الأحد، مع اجتماع كان مبرمجاً صبيحة الأحد، لمتابعة الاستعدادات لعقد المؤتمر الحادي عشر للحركة نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. كما يأتي إثر اعتقال رئيس «النهضة» راشد الغنوشي ونائبيه علي العريض ونور الدين البحيري، منذ أكثر من ستة أشهر.

عبد الكريم الهاروني (موقع حركة «النهضة»)

وخلف القرار انتقادات قدمتها «النهضة» و«جبهة الخلاص الوطني»، وهما من أقطاب المعارضة السياسية للمسار الذي اقترحه الرئيس التونسي قيس سعيد منذ إعلانه التدابير الاستثنائية في تونس يوم 25 يوليو (تموز) 2021.

وفي هذا الشأن، قال رياض الشعيبي المستشار السياسي لراشد الغنوشي، إن فرض الإقامة الجبرية على رئيس «مجلس شورى» الحركة، يمثل «حلقة جديدة من حلقات الاستهداف للديمقراطية والحريات في تونس».

ومن ناحيتها، نبهت «النهضة» في بيان حمل توقيع رئيسها بالنيابة منذر الونيسي، إلى «خطورة اتخاذ مثل تلك القرارات من دون أي مسوغات قانونية». وعدّت أن هذا القرار «يأتي استباقاً لاجتماع مجلس الشورى في محاولة للضغط على المجلس الذي يتابع الاستعدادات لعقد المؤتمر الحادي عشر».

رئيس حركة «النهضة» راشد الغنوشي (أ.ف.ب)

وحمّل البيان السلطة القائمة تبعات ما سماه «السجن المقنع» على الوضع الصحي لعبد الكريم الهاروني، «الذي ما يزال يخضع لعلاجات دقيقة منذ حادثة احتراق المقر المركزي للحركة نهاية سنة 2021».

وفي السياق ذاته، عدّ أحمد نجيب الشابي رئيس «جبهة الخلاص الوطني» المعارضة، أن هذا «القرار التعسفي يأتي في سياق اعتقال القيادات التاريخية لحركة (النهضة) وإغلاق جميع مقراتها وتهديد كوادرها ومناضليها». وعبر عن تضامنه «مع الهاروني ومع حركة (النهضة) ومؤسساتها السيادية»، وذكر أن «التغاضي عن هتك الحقوق والحريات الدستورية ودوس دولة القانون إنما يعد مشاركة فيها، وسوف تدفع ثمنها كل مكونات المجتمع التونسي بلا استثناء»، على حد تعبيره.

يُذكر أن السلطات التونسية اعتقلت عدداً من الناشطين السياسيين في تونس بعد إعلان التدابير الاستثنائية سنة 2021 التي أدت إلى حل الحكومة ورفع الحصانة عن البرلمان، وحل «المجلس الأعلى للقضاء»، ولاحقت الكثير من القيادات السياسية، ووجهت لهم عدداً من التهم، من بينها «التآمر على أمن الدولة، والسعي إلى بث الفوضى وتهديد الاستقرار السياسي والاجتماعي».

علي العريض المتهم في قضية «شبكات تسفير الشباب التونسي إلى بؤر التوتر والإرهاب» (إ.ب.أ)

وأودع قادة من حركة «النهضة» السجن، من بينهم الغنوشي، القابع في السجن منذ يوم 20 أبريل (نيسان) الماضي، ونائبه علي العريض المعتقل منذ يوم 19 ديسمبر (كانون الأول) 2022، ونور الدين البحيري النائب الثاني لرئيس الحركة الذي ألقي القبض عليه منتصف شهر فبراير (شباط) المنقضي.

وتطالب عدة منظمات حقوقية محلية ودولية، على غرار «المفوضية السامية لحقوق الإنسان»، ومجلس حقوق الإنسان بالاتحاد الأفريقي، بالتسريع في محاكمة المعتقلين والحسم في التهم الموجهة لهم.


مقالات ذات صلة

تونس: انتشال 6 جثث متحللة لمهاجرات من بينهن رضيعة

شمال افريقيا «الحرس الوطني التونسي» ينقذ قارباً يحمل مهاجرين غير نظاميين (صفحة الحرس الوطني التونسي على فيسبوك)

تونس: انتشال 6 جثث متحللة لمهاجرات من بينهن رضيعة

أعلن مصدر قضائي في تونس الخميس العثور على ست جثث متحللة لمهاجرات غرقى من بينهن رضيعة في أحدث مأساة تشهدها سواحل تونس.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا جانب من وقفة سابقة نظمها محامون وسط العاصمة التونسية للاحتجاج على «التضييق على الحريات» (أرشيفية - إ.ب.أ)

تونس: المحامون يحملون «الشارات الحمراء» احتجاجاً على «قيود مسلطة على مهامهم»

يتّهم المحامون، السلطةَ التنفيذية «بالهيمنة على جهاز القضاء» منذ إطاحة الرئيس قيس سعيد بالنظام السياسي في 2021، وتوسيع صلاحياته في دستور جديد، و«بإعاقة عملهم».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي وعلم بلاده (د.ب.أ)

توقيف 4 أشخاص في تونس بسبب رفع علم تركيا خطأ على مبنى حكومي

فتحت وزارة النقل تحقيقاً في الواقعة «لتحميل المسؤوليات، واتخاذ الإجراءات الإدارية والترتيبية في الغرض».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا العلم التونسي أمام البنك المركزي في العاصمة تونس 4 أكتوبر 2017 (رويترز)

توقيف 4 أشخاص في تونس بسبب رفع علم تركيا خطأ على مبنى حكومي

أوقف القضاء التونسي 4 أشخاص إثر رفع علم دولة تركيا من طريق الخطأ على مبنى حكومي بالعاصمة، على ما ذكرت وسائل إعلام محلية، الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا إحدى الطائرات الأربع التي تسلمتها تونس (وكالة الأنباء التونسية)

4 طائرات استطلاع من أميركا إلى تونس

سلمت أميركا تونس 4 طائرات مخصصة للاستطلاع ومجهزة بأحدث المنظومات؛ «بما سيعزز القدرات العسكرية والعملياتية للجيش الوطني في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة».

«الشرق الأوسط» (تونس)

كيف يؤثر تسهيل تراخيص البناء على السوق العقارية المصرية؟

يتوقع أن يسهم القرار في استئناف أعمال البناء بشكل مكثف (وزارة الإسكان)
يتوقع أن يسهم القرار في استئناف أعمال البناء بشكل مكثف (وزارة الإسكان)
TT

كيف يؤثر تسهيل تراخيص البناء على السوق العقارية المصرية؟

يتوقع أن يسهم القرار في استئناف أعمال البناء بشكل مكثف (وزارة الإسكان)
يتوقع أن يسهم القرار في استئناف أعمال البناء بشكل مكثف (وزارة الإسكان)

قررت الحكومة المصرية تسهيل اشتراطات ترخيص البناء عبر العودة للعمل بقانون البناء الصادر عام 2008، بعد عرض دراسة مشتركة بين وزارتي «الإسكان» و«التنمية المحلية»، الجمعة، على رئيس الجمهورية تضمنت الموافقة على العودة للقانون لما به من «تبسيط للإجراءات وأنه يسهم في إحداث انتعاش بحركة العمران»، بحسب تصريحات نشرتها وسائل إعلام محلية للمتحدث باسم «التنمية المحلية» خالد قاسم.

وينبني على هذه العودة إيقاف قانون «البناء الموحد» الذي جرى اعتماده في مارس (آذار) 2021 ووضع اشتراطات عدة لأعمال البناء أدت لتراجع الأعمال الإنشائية بالعديد من المدن الرئيسية، خلال السنوات الماضية، وفق مراقبين اعتبروا الاشتراطات والضوابط التي حددها هذا القانون عائقاً أمام عمليات البناء التي يقوم بها الأفراد والشركات العقارية ذات الأنشطة المحدودة.

وفي الفترة الأخيرة تصاعدت مخاوف لدى اقتصاديين ومسؤولين بالقطاع العقاري من «فقاعة» عقارية مع ازدياد الأسعار بشكل كبير في الشهور الماضية، وسط وجهات نظر متباينة تصل لدرجة التناقض بين من يرى العقار مقيماً بأكثر من قيمته، الأمر الذي سيدفع نحو انخفاض الأسعار في المستقبل القريب، ومن يرى أن الأسعار ستواصل قفزتها في الفترة المقبلة.

توقعات بانتعاشة في أعمال البناء خلال الفترة المقبلة (وزارة الإسكان)

وشهدت أسعار الوحدات ارتفاعاً في الربع الأول من العام الجاري مقارنة بالعام الماضي لتصل إلى نحو 83 في المائة بمدينة السادس من أكتوبر، و95 في المائة بالقاهرة الجديدة خلال عام، مع ارتفاع أسعار الإيجارات بنسب تتخطى 40 في المائة بالمنطقتين، وفق تقرير صدر في مايو (أيار) الماضي لمؤسسة «جي إل إل» العالمية المتخصصة في دراسات سوق العقارات.

ويرى رئيس لجنة الإسكان بمجلس النواب المصري محمد الفيومي أن «التراجع الحكومي بمثابة عودة للمسار الصحيح»، واصفاً القانون الصادر عام 2021 بـ«المعيب». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «قانون 2021 تسبب في عدم استخراج المواطنين لتراخيص بناء، وساهم في زيادة البناء العشوائي، وفتح أبواباً للفساد، وقلّص من الشقق المعروضة للبيع بالعديد من المناطق».

وعن تأثير القرار الجديد بعودة القانون القديم على أسعار العقارات قال: «هذا التأثير لن يتضح على الفور، ولكنه بحاجة لبعض الوقت حتى يجري الحصول على تراخيص البناء وتبدأ عمليات البيع للوحدات العقارية الجديدة»، مشيراً إلى أن «توفر وحدات جديدة سيؤدي حتماً لزيادة المعروض، ووفق القواعد الاقتصادية سيؤدي زيادة المعروض لثبات الأسعار وربما انخفاضها على المدى الطويل».

وتتضمن الإجراءات التي جرى العودة لتطبيقها ودخلت حيز التنفيذ على الفور، اختصار خطوات الحصول على ترخيص البناء إلى 8 إجراءات فقط، وتقديم الطلبات في المراكز التكنولوجية للحصول على رخصة البناء.

واعتبرت وزيرة التنمية المحلية منال عوض أن القرار «سيسهم في تخفيف العبء على المواطنين والإجراءات الخاصة باستخراج تراخيص البناء وتشجيع منظومة العمران التي ترتبط بالعديد من المهن الخاصة بصناعة البناء، بالإضافة إلى توفير المزيد من فرص العمل للعاملين في هذا المجال وإتاحة المزيد من فرص العمل التجارية وتنمية الاقتصاد المحلي»، وفق بيان مساء (الجمعة).

شهدت حركة البناء في مصر تقييدات بسبب القانون الصادر عام 2021 (وزارة الإسكان)

وبحسب المتخصص في شؤون العقارات محمود الجندي، فإن «العودة للقانون القديم تنهي أزمات عدة واجهتها عملية البناء، خصوصاً في القرى والمدن التي تعرضت لما يشبه حالة الشلل بسبب القيود التي فرضها القانون الصادر عام 2021، والذي جرى إيقافه سواء فيما يتعلق بالارتفاعات أو بضوابط واشتراطات البناء»، لافتاً إلى أن «الكثير من الذين اشتروا أراضي قبل 2021 لم يتمكنوا من استخراج تصاريح بالبناء».

وأضاف أن «توجه هؤلاء للاستفادة من العودة للقانون القديم سيتيح آلاف الوحدات الجديدة للمواطنين بمواقع اقتصر فيها البيع خلال الفترات الماضية على الوحدات المشيدة بالفعل، مما سيسهم في ضبط الأسعار، خصوصاً أن هناك الكثير من الأمور التي يجب وضعها في الاعتبار عند النظر إلى مسألة التسعير بداية من أسعار مستلزمات البناء وصولاً لقيمة الأراضي المشتراة».

وأكد رئيس لجنة الإسكان بالبرلمان «ضرورة إجراء تعديلات على قانون البناء وضوابطه خلال دور الانعقاد التشريعي المقبل في ضوء عدم إمكانية إلغاء قانون وافق عليه البرلمان بقرار وزاري»، متوقعاً «طرح اللجنة التشريعية التعديلات اللازمة على القانون لإقرارها في أقرب وقت».