تحذير أممي من «تدمير كامل» للسودان و«كارثة إنسانية»

دبلوماسي أميركي: الأطراف المتحاربة أثبتت أنها غير صالحة للحكم وعليها نقل السلطة إلى المدنيين

مارتن غريفيث (منصة إكس)
مارتن غريفيث (منصة إكس)
TT

تحذير أممي من «تدمير كامل» للسودان و«كارثة إنسانية»

مارتن غريفيث (منصة إكس)
مارتن غريفيث (منصة إكس)

حذر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية منسق المعونة الطارئة، مارتن غريفيث، الجمعة، من أن الحرب والجوع يهددان بـ«تدمير» السودان بالكامل، ويدفعان المنطقة بأسرها إلى «كارثة إنسانية» تتمثل في اضطرار ما لا يقل عن مليوني طفل إلى ترك منازلهم منذ بدء النزاع بين القوات المسلحة بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات «الدعم السريع» بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو، الملقب «حميدتي»، وذلك وفقاً لأحدث تقديرات من صندوق الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسيف».

وأدت الحرب التي بدأت في 15 أبريل (نيسان) الماضي إلى مقتل نحو خمسة آلاف شخص، وفقاً لمنظمة «أكليد» غير الحكومية. لكن الحصيلة الحقيقية أعلى من ذلك على الأرجح، لأن العديد من مناطق البلاد معزولة تماماً عن العالم، كما يرفض الجانبان الإبلاغ عن خسائرهما. ولم تفلح محاولات دبلوماسية للوساطة بين البرهان ودقلو، لاعتقاد كل منهما أن في وسعه حسم الحرب لصالحه.

«أبعاد هائلة»

وأفاد غريفيث في بيان من نيويورك، بأن «الحرب في السودان تثير وضعاً إنسانياً طارئاً ذا أبعاد هائلة». وأوضح أن «النزاع الذي يتسع، مع ما يخلفه من جوع وأمراض ونزوح سكاني، بات يهدد بإغراق البلاد بكاملها»، منبهاً إلى أنه «كلما طال أمد القتال، صار تأثيره أكثر تدميراً». وأشار إلى أن «بعض المناطق لم يتبق فيها أي طعام، ويعاني مئات آلاف الأطفال سوء التغذية الحاد، ويواجهون خطر الموت الوشيك إذا لم يحصلوا على العلاج».

هروب جماعي من الخرطوم مع استمرار القتال (أ.ف.ب)

وعبر غريفيث عن خشيته لأن المعارك الضارية التي اجتاحت العاصمة الخرطوم ودارفور امتدت إلى كردفان. وقال إنه «في كادوقلي، عاصمة جنوب كردفان، استُنفدت الإمدادات الغذائية بالكامل، في حين أن الاشتباكات وحواجز الطرق تمنع عمال الإغاثة من الوصول إلى السكان الذين يعانون الجوع»، فضلاً عن تعرض مكاتب منظمات الإغاثة للسرقة والنهب في الفولة، عاصمة غرب كردفان. وأضاف أنه «قلق للغاية» على سلامة المدنيين في ولاية الجزيرة، مع «اقتراب النزاع من سلة الغذاء السودانية».

كذلك، لفت كبير المسؤولين الأمميين في المجال الإنساني إلى أن الأمراض، مثل الحصبة والملاريا والسعال الديكي وحمى الضنك وغيرها «تنتشر في كل أنحاء البلاد ولا يحصل معظم الناس على العلاج الطبي»، بعدما «تسببت الحرب في تدمير القطاع الصحي، وخرجت معظم المستشفيات عن الخدمة».

المنطقة بأسرها

وفي إشارته إلى تقرير «اليونيسيف» الذي يفيد بأن نحو مليون شخص لجأوا من السودان إلى بلدان مجاورة بسبب الحرب، حذر غريفيث من أن «طول أمد النزاع في السودان يمكن أن يدفع المنطقة بأسرها إلى كارثة إنسانية»، مضيفاً أنه «آن الأوان لكي يضع جميع المنخرطين في هذا النزاع مصلحة الشعب السوداني فوق السعي إلى الاستحواذ على السلطة أو الموارد». وحض المجتمع الدولي على «الاستجابة بشكل عاجل بما يتناسب مع هذه الأزمة».

مئات الآلاف من أطفال السودان باتوا من النازحين (اليونيسيف)

 

في غضون ذلك، أفادت «اليونيسيف» بأن «ما لا يقل عن مليوني طفل أُجبروا على ترك منازلهم منذ بدء النزاع في السودان قبل أربعة أشهر»، أي بمعدل أكثر من 700 طفل نازح جديد كل ساعة. وأضافت أنه مع استمرار أعمال العنف، تشير التقديرات إلى أن أكثر من 1.7 مليون طفل يتنقلون داخل حدود السودان، وأكثر من 470 ألف طفل عبروا إلى البلدان المجاورة. وأوضحت «اليونيسيف» أنه «في الوقت الراهن، هناك حوالي 14 مليون طفل بحاجة ماسة إلى الدعم الإنساني، ويواجه العديد منهم تهديدات متعددة وتجارب مرعبة بشكل يومي»، لافتة إلى أنه «بالإضافة إلى بؤر النزاع الساخنة مثل دارفور والخرطوم، انتشر القتال الضاري الآن إلى مناطق أخرى مأهولة بالسكان، بما في ذلك جنوب وغرب كردفان».

انعدام الأمن الغذائي

وقالت المنظمة إنه استناداً الى أحدث تقرير للتصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي في السودان، فإن «20.3 مليون شخص سيعانون انعدام الأمن الغذائي بين يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول) 2023، ومن المتوقع أن تتفاقم الحالة الصحية والغذائية لنحو عشرة ملايين طفل». وأكدت أن «العنف لا يزال يعيق تقديم الخدمات الصحية والغذائية، ما يعرض ملايين الأطفال للخطر»، بما في ذلك في الخرطوم ودارفور وكردفان، حيث «يعمل أقل من ثلث المرافق الصحية بكامل طاقته». وأوضحت أنه «في المناطق التي تشهد نزوحاً داخلياً مرتفعاً ونظماً صحية مجهدة، مثل ولايتي النيل الأزرق والأبيض، فإن تفشي الأمراض، بما في ذلك الحصبة، يعود إلى الظهور، مع تقارير تفيد بوفيات مرتبطة به».

المساعدات الدولية الإنسانية تمر عبر مدينة القضارف من ميناء بورتسودان إلى العاصمة الخرطوم (أ.ف.ب)

وأضافت المنظمة أن «المزيج المميت من الحصبة وسوء التغذية يعرض حياة الأطفال لخطر كبير للغاية إذا لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة». وقالت إنه «مع استمرار النزاع في تدمير البلاد، فإن حوالي 700 ألف طفل ممن يعانون سوء التغذية الحاد الشديد معرضون بشدة لخطر الموت من دون علاج، ويواجه 1.7 مليون طفل خطر تفويت اللقاحات الأساسية المنقذة للحياة، ومن المرجح أن يفوت جيل كامل من الأطفال التعليم».

المتحاربون غير صالحين للحكم

وفي مناسبة مضي عام على وصوله إلى الخرطوم، قال السفير الأميركي لدى السودان جون غودفري إن «جهودنا مع الشركاء السودانيين والدوليين لاستعادة الديمقراطية في السودان انقلبت رأساً على عقب بسبب الحرب التي تدمر البلاد الآن». وأضاف أن «المستقبل الذي يبنيه الشعب السوداني لا يمكن أن يتحقق إلا عندما يتم استعادة الأمن للمدنيين». وقال أيضاً إنه «يجب على الأطراف المتحاربة، التي أثبتت أنها غير صالحة للحكم، إنهاء النزاع ونقل السلطة إلى حكومة انتقالية مدنية»، معبراً عن «امتنانه للشراكات التي نحافظ عليها بينما نعمل على تحقيق السلام والديمقراطية في السودان»، في إشارة الى الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة مع المملكة العربية السعودية والعديد من القوى الاقليمية والدولية لوقف الحرب الدائرة في هذا البلد العربي الأفريقي منذ أشهر.


مقالات ذات صلة

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

شمال افريقيا علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

حددت المحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي 11 ديسمبر المقبل لبدء المرافعات الختامية في قضية السوداني علي كوشيب، المتهم بارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية بدارفور.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة، فيما تعتزم الحكومة الألمانية دعم مشروع لدمج وتوطين اللاجئين السودانيين في تشاد.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا عائلة تستريح بعد مغادرة جزيرة توتي التي تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» في أم درمان بالسودان يوم 10 نوفمبر 2024 (رويترز)

السودان: 40 قتيلاً في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

أفاد طبيب بمقتل 40 شخصاً «بالرصاص» في السودان، بهجوم شنّه عناصر من «قوات الدعم السريع» على قرية بولاية الجزيرة وسط البلاد.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان يخاطب حضور مؤتمر اقتصادي في مدينة بورتسودان اليوم الثلاثاء (الجيش السوداني)

البرهان عن صراعات حزب البشير: لن نقبل ما يُهدد وحدة السودان

أعلن قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان رفضه للصراعات داخل حزب «المؤتمر الوطني» (المحلول) الذي كان يقوده الرئيس السابق عمر البشير.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا جلسة مجلس الأمن الدولي بخصوص الأوضاع في السودان (د.ب.أ)

حكومة السودان ترحب بـ«الفيتو» الروسي ضد «مشروع وقف النار»

رحّبت الحكومة السودانية باستخدام روسيا حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي، اليوم (الاثنين)، ضد مشروع القرار البريطاني في مجلس الأمن بشأن السودان.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

رئيس «الوحدة» الليبية يطالب مجدداً بـ«قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات

الدبيبة خلال لقائه عدداً من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)
الدبيبة خلال لقائه عدداً من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)
TT

رئيس «الوحدة» الليبية يطالب مجدداً بـ«قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات

الدبيبة خلال لقائه عدداً من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)
الدبيبة خلال لقائه عدداً من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)

تمسك عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية المؤقتة، مجدداً بضرورة وجود «قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية المؤجلة، وغازل عمداء البلديات بـ«الخدمات» من خلال إنهاء وتدشين عدة مشروعات في مناطقهم.

واجتمع الدبيبة في مقر الحكومة بطرابلس العاصمة مع 6 عمداء بلديات، هي الأصابعة وككلة والقواليش والمشاشية ويفرن والقلعة، بالإضافة إلى عدد من أعيانها، لمناقشة عدد من الملفات الخدمية والتنموية والاجتماعية.

وتحدث الدبيبة خلال اللقاء عن دعمه لملف التنمية المحلية واللامركزية، وإقرار عدد من اللوائح والقرارات المنظمة لهذا التوجه المهم، مشدداً على ضرورة توحيد الجهود الوطنية للوصول بالبلاد لانتخابات برلمانية ورئاسية، وفق قوانين عادلة ومتفق عليها، وإنهاء المراحل الانتقالية.

الدبيبة مع عدد من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)

ووفقاً لمكتب الدبيبة، فقد استعرض رؤساء الأجهزة التنفيذية أهم المشروعات التنموية بالبلديات الحاضرة، ونسب الإنجاز الفنية والمشروعات المعتمدة في الخطة التنموية المقبلة.

ويأتي لقاء الدبيبة بعمداء البلديات الـ6، عقب يوم من لقائه أعضاء المجلس البلدي يفرن وعدداً من أعيان المدينة. وأثار خلال اجتماعه معهم ضرورة «توحيد الجهود الوطنية لإنجاز الدستور والقوانين الانتخابية العادلة، لتكون المرجعية الوطنية التي تتيح إجراء الانتخابات وإنهاء المراحل الانتقالية».

وخلال الاجتماعين حرص الدبيبة على توجيه أجهزة حكومته لإنجاز مشاريع معطلة بالبلديات، وقال في اللقاء الذي انتهى، مساء الخميس، إن «عمليات الإمداد المائي لبلديات الجبل تحديداً كانت من أولويات الخطة التنموية، ضمن مشروعات (عودة الحياة)، وما زالت مستمرة حتى استكمالها، تقديراً لظروف المنطقة واحتياجاتها لمياه الشرب».

كما وجّه الدبيبة «الأجهزة التنفيذية بإعطاء الأولوية في المشروعات التنموية لقطاعات المياه والصرف الصحي، والمرافق التعليمية والصحية، وإعطاء الأولوية للمشاريع الجارية لضمان استكمالها».

من جهة ثانية، تتواصل في ليبيا تداعيات إيقاف الدبيبة للقائم بالأعمال في السفارة الليبية لدى مصر، محمد عبد العالي، دون مزيد من الأسباب، لكنه كلف مندوب ليبيا لدى جامعة الدول العربية، السفير عبد المطلب إدريس، بتسيير مهام السفارة الليبية.

في غضون ذلك، دعا مجلس النواب الليبي أعضاءه إلى جلسة رسمية، الاثنين المقبل، تُعقد في مدينة بنغازي، لمناقشة بنود جدول أعمال المجلس، حسب عبد الله بليحق المتحدث الرسمي باسم المجلس.

الطاهر الباعور مستقبلاً سفير إيطاليا لدى ليبيا (خارجية الوحدة)

من جهته، التقى الطاهر الباعور، المكلف تسيير وزارة الخارجية بحكومة «الوحدة»، الجمعة، في مكتبه بطرابلس، سفير إيطاليا لدى ليبيا، جيانلوكا البريني، حيث أكد الجانبان على عمق العلاقات الثنائية المتميزة التي تربط البلدين والشعبين الصديقين.

ونقلت الخارجية عن السفير «إشادته بمخرجات منتدى الأعمال الليبي - الإيطالي، الذي عُقد بطرابلس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي؛ حيث نقل خلال اللقاء امتنان وتقدير رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجا ميلوني، لنجاح هذا المنتدى.

وأكد الباعور مشاركته وتمثيل الوفد الليبي في «منتدى حوار المتوسط لبلدان البحر المتوسط»، الذي سيُعقد في روما على المستوى الوزاري، نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.