«الوطني الليبي» يطلق عملية عسكرية «واسعة» لتأمين الجنوب

لمواجهة «هشاشة الوضع» في دول جنوب الصحراء والساحل

العميد صدام حفتر آمر غرفة عمليات القوات البرية وآمر قوة عمليات الجنوب اللواء المبروك سحبان قبيل إطلاق العملية العسكرية بالجنوب (المتحدث العسكري)
العميد صدام حفتر آمر غرفة عمليات القوات البرية وآمر قوة عمليات الجنوب اللواء المبروك سحبان قبيل إطلاق العملية العسكرية بالجنوب (المتحدث العسكري)
TT

«الوطني الليبي» يطلق عملية عسكرية «واسعة» لتأمين الجنوب

العميد صدام حفتر آمر غرفة عمليات القوات البرية وآمر قوة عمليات الجنوب اللواء المبروك سحبان قبيل إطلاق العملية العسكرية بالجنوب (المتحدث العسكري)
العميد صدام حفتر آمر غرفة عمليات القوات البرية وآمر قوة عمليات الجنوب اللواء المبروك سحبان قبيل إطلاق العملية العسكرية بالجنوب (المتحدث العسكري)

أطلق «الجيش الوطني» الليبي عملية عسكرية «واسعة ودقيقة ومحددة الأهداف»؛ لتأمين الحدود الجنوبية مع بعض دول جوار جنوب الصحراء والساحل، وذلك غداة إعلان وزارة الداخلية بالحكومة المكلفة من مجلس النواب، رفعها حالة الطوارئ والاستعدادات إلى الدرجات القصوى في المنطقة الجنوبية، خاصةً بالمدن الواقعة قرب حدود النيجر.

العميد صدام حفتر آمر غرفة عمليات القوات البرية وآمر قوة عمليات الجنوب اللواء المبروك سحبان قبيل إطلاق العملية العسكرية بالجنوب (المتحدث العسكري)

وتحدث اللواء أحمد المسماري، المتحدث باسم القائد العام لـ«الجيش الوطني»، اليوم الجمعة، عن مبررات العملية، وأرجعها إلى «ما يمر به نطاق دول جنوب الصحراء والساحل من توترات سياسية وأمنية، تسببت في هشاشة الوضع بها، وأضعفت قدرتها على التحكم والسيطرة على حدودها البرية؛ مما ساعد في تحرك خلايا من الجماعات الإرهابية والإجرامية بشكل واضح».

ونشر المسماري صوراً لوصول العميد صدام، نجل المشير حفتر، آمر غرفة عمليات القوات البرية، رفقة آمر قوة عمليات الجنوب اللواء المبروك سحبان، إلى الحدود الجنوبية وتحديداً مع تشاد، وقال إنهما سيشرفان على العمليات العسكرية الموسعة، التي ستطلقها وحدات القوات المسلحة لـ«تطهير المنطقة من العصابات المسلحة، وضبط الأمن وتأمين الحدود ومكافحة الهجرة».

وجاءت هذه العملية عقب إعلان عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، ضبط أحد قيادي تنظيم «داعش» تورط في ارتكاب 3 عمليات إرهابية خلال عام 2018، وتعهده بـ«مكافحة الإرهاب بكافة أشكاله».

وقال المسماري إن «القوات المسلحة لن تسمح بأن تكون بلادنا منطلقاً لأي جماعات أو تشكيلات مسلحة تشكل تهديداً لجيراننا، أو قاعدة انطلاق لأي أعمال غير قانونية»، مؤكداً «المحافظة على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الصديقة والشقيقة والجارة، ومشاكلها السياسية»، ومشدداً على أن هذه العملية العسكرية «لن تتوقف حتى تحقيق أهدافها التي وضعتها لها القيادة العامة للقوات المسلحة».

وينظر إلى هذه العملية على أنها بمثابة خصم نقاط من رصيد سلطات طرابلس، وحكومة الدبيبة، بحسب مسؤول عسكري ليبي سابق، قال لـ«الشرق الأوسط»، الجمعة: «نلاحظ وجود محاولات للدفع بحكومة أسامة حمّاد، المدعومة من مجلس النواب، على حساب نظيرتها في طرابلس، بالإضافة إلى محاولات الجيش الوطني إزاحة حكومة الدبيبة، وبسط سيطرته على كامل الحدود الليبية».

وزير الداخلية بحكومة "الاستقرار" الليبية خلال زيارته جنوب البلاد (الحكومة)

وبدا ملاحظاً تحرك حكومة حمّاد نحو مدن الجنوب الليبي لتعزيز وجودها سياسياً، وسحب البساط من تحت أقدام غريمتها بطرابلس. وهو ما عبرت عنه حكومة «الاستقرار» في بيان، مساء الخميس، بأن الأحداث المتسارعة التي تشهدها الدول المطلة على طول امتداد الحدود الجنوبية الليبي، دفعتها لرفعها حالة الطوارئ، والاستعدادات إلى الدرجات القصوى خاصة بالمدن الواقعة قرب حدود النيجر.

وقالت الحكومة عبر وزارة داخليتها، إنها «قدمت دعماً إضافياً إلى جميع مديريات الأمن في المنطقة الجنوبية؛ بغية ضمان سير عملها بالشكل المناسب، بالإضافة إلى جعلها جاهزة في حالة حدوث تصعيد في دولة النيجر». ونوهت بأنها «تعمل بالتنسيق مع القوات المسلحة لمنع استغلال تردي الوضع الأمني في النيجر من قبل المنظمات الإرهابية، والتشكيلات الموالية لها من القيام بأي نشاط خارج عن القانون، أو أي عمل يهدد سلامة الوطن والمواطن».

وقالت الحكومة إن الوزير اللواء عصام أبو زريبة ناقش مع رئيس جهاز مكافحة الهجرة غير المشروعة (فرع الجنوب) العقيد عبد الرحمن الأنصاري، ورئيس قسم مكافحة الهجرة بالقطرون العقيد موليا توري صالح، القضايا المُتعلقة بتأمين الحدود الليبية، خاصة المُتصلة معَ دولة النيجر التي تشهد تدهوراً سياسياً وعسكرياً، بالإضافة إلى مكافحة الهجرة غير الشرعية في المنطقة الجنوبية.

وكلف أبو زريبة الأنصاري «للتنسيق معَ القوات المسلحة، لتولي مسؤولية تأمين الحدود الليبية، ومكافحة الهجرة غير المشروعة فِي المنطقة الجنوبية، والعمل على تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة».

حفتر خلال استقباله نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف (القيادة العامة)

وكان حفتر التقى في الرجمة (شرقي ليبيا) نائب وزير الدفاع بالحكومة الروسية يونس بك يفكيروف والوفد المُرافق له، وتباحثا بحسب مصدر مطلع على عناصر شركة «فاغنر» الروسية.


مقالات ذات صلة

ليبيون يتخوفون من تصاعد «خطاب الكراهية» على خلفية سياسية

شمال افريقيا يرى ليبيون أن «خطاب الكراهية يعد عاملاً من العوامل المساهمة في النزاع الاجتماعي» (البعثة الأممية)

ليبيون يتخوفون من تصاعد «خطاب الكراهية» على خلفية سياسية

قالت سميرة بوسلامة، عضو فريق حقوق الإنسان في بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، إنه «يجب على أصحاب المناصب اختيار كلماتهم بعناية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع صالح مع نورلاند وبرنت في بنغازي (السفارة الأميركية)

«النواب» الليبي يكرّس خلافاته مع «الرئاسي» و«الوحدة»

نشرت الجريدة الرسمية لمجلس النواب مجدداً قراره بنزع صلاحيات المجلس الرئاسي برئاسة المنفي قائداً أعلى للجيش، وعدّ حكومة «الوحدة» برئاسة الدبيبة منتهية الولاية.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا صلاة جنازة على اثنين من ضحايا المجازر الجماعية في ترهونة غرب ليبيا) (رابطة ضحايا ترهونة)

​ليبيون يأملون في إخضاع المتورطين بـ«جرائم حرب» للمحاكمة

يرى ليبيون من أسر ضحايا «المقابر الجماعية» في مدينة ترهونة غرب البلاد أن «الإفلات من العقاب يشجع مرتكبي الجرائم الدولية على مواصلة أفعالهم»

شمال افريقيا السايح خلال إعلان نتائج الانتخابات في 58 بلدية ليبية (مفوضية الانتخابات)

«مفوضية الانتخابات» الليبية: نسب التصويت كانت الأعلى في تاريخ «البلديات»

قال عماد السايح رئيس المفوضية العليا للانتخابات إن نسبة المشاركة في الانتخابات البلدية للمجموعة الأولى التي تجاوزت 77.2 % هي الأعلى بتاريخ المحليات

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة خلال فعالية شبابية في مصراتة الليبية (من مقطع فيديو بثته منصة «حكومتنا»)

الدبيبة متحدياً من «يريدون السلطة» في ليبيا: لن تحكمونا

تحدّث عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، عن 4 أطراف قال إنها هي «أسباب المشكلة في ليبيا»، وتريد العودة للحكم بالبلاد.

جمال جوهر (القاهرة)

مصر تحمّل «التعنت الإثيوبي» مسؤولية تعثر مفاوضات «سد النهضة»

مصر تحمّل «التعنت الإثيوبي» مسؤولية تعثر مفاوضات «سد النهضة»
TT

مصر تحمّل «التعنت الإثيوبي» مسؤولية تعثر مفاوضات «سد النهضة»

مصر تحمّل «التعنت الإثيوبي» مسؤولية تعثر مفاوضات «سد النهضة»

حمّلت مصر مجدداً «التعنت الإثيوبي» مسؤولية تعثر مفاوضات «سد النهضة»، الذي تقيمه أديس أبابا على الرافد الرئيسي لنهر النيل، ويواجه باعتراضات دولتي المصب (مصر والسودان). وقال وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، الاثنين، إن «التصرفات الأحادية الإثيوبية تتسبب في تخبط كبير في منظومة إدارة المياه بنظام النهر، وارتباك في منظومة إدارة السدود».

واستعرض سويلم، خلال لقائه عدداً من أعضاء دورة التمثيل الدبلوماسي العسكري المصري بالخارج، رؤية مصر للتعامل مع قضية «سد النهضة»، وتاريخ المفاوضات، ونقاط الاختلاف مع إثيوبيا، مع «إبراز أوجه التعنت الإثيوبي خلال العملية التفاوضية، وخطورة التصرفات الإثيوبية الأحادية».

سويلم يلتقي عدداً من أعضاء دورة التمثيل الدبلوماسي العسكري المصري بالخارج (وزارة الري المصرية)

وفشلت آخر جولة مفاوضات بشأن «سد النهضة» بين مصر وإثيوبيا والسودان في ديسمبر (كانون الأول) العام الماضي دون التوصل لاتفاق.

وقال الوزير المصري إن «دول منابع حوض النيل تتمتع بوفرة في مواردها المائية، إذ يصل حجم الأمطار المتساقطة على حوض نهر النيل إلى حوالى 1600 مليار متر مكعب سنوياً، بينما يصل حجم الأمطار المتساقطة على دول حوض النيل - داخل حوض نهر النيل أو غيره من الأحواض بهذه الدول - إلى حوالي 7000 مليار متر مكعب سنوياً، في وقت تصل حصة مصر من المياه إلى 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، تعتمد عليها مصر بنسبة 98 في المائة لتوفير مواردها المائية».

وحذر خبراء مصريون من عدم التوصل لاتفاق قانوني بشأن «سد النهضة» يضمن حقوق دولتي المصب، وقال أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة الدكتور عباس شراقي لـ«الشرق الأوسط»، إن «خطورة عدم التوصل لاتفاق بشأن سد النهضة لا تتوقف عند ما يثيره السد من مخاوف، إذ إنه قد يتحول لسابقة تدفع دولاً أخرى من دول المصب إلى إنشاء سدود دون اتفاقيات ودون التشاور مع دولتي المصب».

وأكد شراقي أن «النهج الإثيوبي في بناء سد النهضة في كل مراحله ينطوي على قدر كبير من التخبط وعدم الوضوح، ففي الوقت الراهن مثلاً لا نعرف متى تعمل توربينات توليد الكهرباء ومتى تتوقف». وحسب شراقي، فإن «الممارسات الإثيوبية بشأن سد النهضة تعمق الخلافات بين دول حوض النيل وتتسبب في توترات».

وتحرص مصر، وفق وزير الري، على دعم جهود التنمية المستدامة في دول حوض النيل بتنفيذ «العديد من المشروعات في مجال المياه لخدمة المواطنين في هذه الدول مثل مشروعات تطهير المجاري المائية من الحشائش، وإنشاء سدود لحصاد مياه الأمطار، وآبار جوفية تعمل بالطاقة الشمسية بالمناطق النائية، وإنشاء مراكز للتنبؤ بالأمطار وقياس نوعية المياه بتكلفة إجمالية 100 مليون دولار لكافة المشروعات».

وزير الموارد المائية والري المصري يلقي كلمة عن التحديات المائية لبلاده (وزارة الري المصرية)

ويرى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بمصر الدكتور أيمن عبد الوهاب أن «استمرار السياسات الإثيوبية الأحادية يزيد مخاطر توتر العلاقات بين دول حوض النيل، ويحول قضية المياه إلى أداة للصراع، خصوصاً مع ازدياد متطلبات التنمية بالعديد من دول الحوض»، وحسب تصريحات عبد الوهاب لـ«الشرق الأوسط»، فإنه «لا يمكن إدارة ملف المياه بين دول حوض النيل دون اتفاق قانوني بشأن سد النهضة».

بدورها، أشارت مديرة البرنامج الأفريقي بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بمصر، الدكتورة أماني الطويل، إلى خلاف آخر بين مصر وإثيوبيا يتعلق بما يعرف بـ«اتفاقية عنتيبي»، وهي الاتفاقية التي أبرمت عام 2010، وتعارضها مصر والسودان، وتسمح لدول المنبع بإنشاء مشروعات مائية دون التوافق مع دولتي المصب.

وقالت الطويل لـ«الشرق الأوسط» إن «الاتفاقية أحدثت شرخاً في العلاقات بين دول المنابع والمصب، وهو ما سيؤدي إلى عرقلة أي جهود تنموية أو مشروعات مائية بدول حوض النيل، لأن الشرط الأساسي للمؤسسات الدولية المانحة هو وجود توافق وإجماع بين دول الحوض حول هذه المشروعات».

ووفق الطويل، فإن «السياسات الإثيوبية الإقليمية في مجملها تؤثر سلباً على العلاقات بين دول حوض النيل».