جدَّد الحديث في ليبيا عن ضرورة تشكيل حكومة «جديدة» تساؤلات كثيرة حول وضعية التشكيلات المسلَّحة في العاصمة، وكيفية التعامل معها مستقبلاً، وماهية الفاتورة التي قد يسددها عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة، بسبب الاشتباكات الدامية التي شهدتها طرابلس مؤخراً. في حين اعتبر البعض أن الحديث عن تشكيل حكومة جديدة يقلّص من فرص الدبيبة في مواجهة هذه التشكيلات.
ورأى عضو «مجلس النواب الليبي» على التكبالي أن الدبيبة «يقترب من دفع ثمن باهظ» عن الاشتباكات التي اندلعت في العاصمة بين «جهاز الردع» و«اللواء 444 قتال»، منتصف الشهر الحالي، معتبراً أن «المجتمع الدولي لديه قناعة بأن سياسات الدبيبة هي التي أدت إلى تفجر الأوضاع»، فضلاً «عما تكشّف من عجزه عن وقفها وقت اندلاعها، والسيطرة على الوضع الأمني بالمنطقة الغربية».
وقال التكبالي، لـ«الشرق الأوسط»، إن الولايات المتحدة «لم تتردد في التنسيق مع البعثة الأممية في كتابة الفصل الأخير من عمر حكومة الدبيبة، عبر تنفيذ خطتها البديلة التي أعدَّتها منذ زمن؛ وهي إيجاد حكومة جديدة موحدة من (التكنوقراط لقيادة البلاد للانتخابات)».
ووفقاً للتكبالي، فإن «إزاحة حكومة الوحدة لن تبدأ فعلياً قبل نهاية العام الحالي»، إلا أن الدبيبة «لن يكون قادراً، خلال هذه الفترة، على إحداث أي إجراءات حاسمة، بالنظر إلى إعلان مجلس النواب انتهاء ولاية حكومته قبل 17 شهراً من الآن».
وتفاعلت الأوساط السياسية بدرجة متباينة مع إعلان باتيلي، في إحاطته أمام جلسة «مجلس الأمن الدولي»، منتصف الأسبوع، عن ضرورة تشكيل حكومة موحدة تقود البلاد إلى الانتخابات، وهو ما اعتبر تحولاً جذرياً ومفاجئاً في مواقف البعثة، التي ظلّت تتمسك بإجراء الانتخابات أولاً، والإبقاء على حكومة الدبيبة.
وذهب التكبالي إلى أن الدبيبة «لم يكن ليخوض معركة عسكرية في مواجهة التشكيلات، وخصوصاً (جهاز الردع)، و(اللواء 444 قتال)؛ لأنهما من التشكيلات المُوالية لحكومته، إلى جانب تشكيلات مسلَّحة أخرى قوية مُوالية لها أيضاً، مثل جهاز «دعم الاستقرار» بقيادة عبد الغني الككلي، ولكنها تفضل البقاء على الحياد.
واقترب المحلل السياسي التركي، مهند حافظ أوغلوا، من الطرح السابق، مرجحاً احتمال تقلّص نفوذ الدبيبة «بدرجة كبيرة»، بسبب التحول المفاجئ في مواقف باتيلي. وقال إن الدبيبة «يملك، بحكم موقعه، الصلاحية القانونية لتهديد التشكيلات، لكن تنفيذ هذا على أرض الواقع يمثل تحدياً كبيراً جداً له».
وحول إمكانية توجيه ضربات للميليشيات المسلَّحة، اعتبر أوغلوا أنه «من الصعب جداً توجيه ضربات عسكرية لتشكيلات مسلَّحة تتمركز بالعاصمة؛ حفاظاً على أرواح المدنيين، وعدم العودة لمربع الفوضى الأمنية»، مستبعداً قيام القوات التركية في غرب ليبيا بتقديم أي دعم للدبيبة لاتخاذ إجراءات «قاسية بحق التشكيلات».
من جانبه، استبعد عضو «ملتقى الحوار السياسي» الليبي، أحمد الشركسي، إمكانية قدرة الدبيبة على معاقبة التشكيلات المسلَّحة بقطع الدعم المالي عنها، ورأى، في تصريح، لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاستراتيجية التي انتهجها بإغداق الأموال عليها أدت إلى ازدياد قوتها بشكل كبير، ومن ثم فلن يستطيع الآن مجرد التفكير في قطع التمويل عنها».
في سياق ذلك، تحدّث أحد قيادات عملية «بركان الغضب»، المُوالية لحكومة الدبيبة، عن عدد العناصر وحجم التسليح المتوفر لدى الأخيرة، وقال إنه يفوق بكثير عناصر وتسليح «جهاز الردع»، و«اللواء 444 قتال».