تجدد المعارك الشرسة في معسكر سلاح المدرعات بالخرطوم

بريطانيا تلوح بزيادة العقوبات على الجيش السوداني و«الدعم السريع»

TT

تجدد المعارك الشرسة في معسكر سلاح المدرعات بالخرطوم

الدخان يتصاعد فوق الخرطوم مع استمرار الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» (أ.ب)
الدخان يتصاعد فوق الخرطوم مع استمرار الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» (أ.ب)

في وقت تجددت فيه المعارك الشرسة بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع»، داخل معسكر سلاح المدرعات في جنوب الخرطوم، ومحيط سلاح المهندسين بجنوب أمدرمان، أعلنت بريطانيا استعدادها لفرض المزيد من العقوبات في مواجهة طرفي القتال في السودان، وأهابت بالشركاء الدوليين للانضمام إليها باتخاذ إجراءات لوقف حصول الطرفين المتحاربين على التمويل والأسلحة.

وتواصل القتال حول سلاح المدرعات بمنطقة الشجرة بين طرفي القتال منذ فجر الأحد بعد أن كثفت قوات «الدعم السريع» هجماتها على المعسكر من 3 محاور. وقال شهود إن الاشتباكات تدور في الاتجاهين الشمالي والشرقي لمحيط سلاح المدرعات، أقوى أسلحة الجيش السوداني وأبرزها.

وقال عيسى القوني عضو المكتب الاستشاري لقائد «الدعم السريع» إنهم سيطروا على «الجزء الأكبر» من سلاح المدرعات. وأضاف في تصريحات لـ«وكالة أنباء العالم العربي» أنهم سيطروا على «الجزأين الشرقي والشمالي الشرقي، وبقي الجزء الجنوبي الغربي» من سلاح المدرعات.

من اليوم إلى الغد إن شاء الله ستنتهي هذه المعركة

عيسى القوني عضو المكتب الاستشاري لقائد «الدعم السريع»

وأكد القوني أن قوات الجيش حوصرت «في الجناح الجنوبي الغربي»، وأنه «من اليوم إلى الغد إن شاء الله ستنتهي هذه المعركة». وأعلنت قوات «الدعم السريع» يوم الاثنين في بيان أنها استولت على عدد ضخم من العتاد العسكري ومخازن الأسلحة والذخائر و34 مدرعة ودبابة و12 مدفعاً و78 مركبة، كما قتلت 260 من قوات الجيش وأسرت المئات.

لكن الجيش قال إن قوات «الدعم السريع» حاولت الهجوم مجدداً على سلاح المدرعات ومجمع الذخيرة بمنطقة الشجرة العسكرية، مضيفاً أنه صد القوة المهاجمة، وكبّدها خسائر كبيرة في الأفراد والمعدات.

ويعد معسكر سلاح المدرعات آخر دفاعات الجيش بمنطقة جنوب الخرطوم بعد سقوط معسكر اليرموك ومقر شرطة الاحتياطي المركزي في يونيو (حزيران) الماضي.

وأبلغ سكان «وكالة أنباء العالم العربي»، بسماع أصوات قصف مدفعي عنيف صباح الثلاثاء في أجزاء واسعة من أحياء جنوب الخرطوم مع تحليق الطيران الحربي، ودوي أصوات الانفجارات والمضادات الأرضية.

اشتباكات في أمدرمان ونيالا

وذكر سكان في أمدرمان أيضاً أن الاشتباكات العنيفة تجددت صباح الثلاثاء في محيط سلاح المهندسين بجنوب المدينة، وفي عدد من أحياء وسط المدينة.

وسمع السكان دوي قذائف المدافع واشتباكات عنيفة في منطقة وسط أمدرمان.

مخزن طبي مدمَّر في نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور بسبب القتال (أ.ف.ب)

وأصبحت أحياء أمدرمان مسرحاً للعمليات العسكرية اليومية بين الجيش وقوات «الدعم السريع» منذ مطلع أغسطس (آب)، وذلك بهدف السيطرة على جسر شمبات الحيوي الذي يربط مدينة أمدرمان بالخرطوم بحري، ويعد خط الإمداد الرئيسي لقوات «الدعم السريع» من غرب البلاد إلى مدن العاصمة الثلاث.

وتسيطر قوات «الدعم السريع» على الجزء الأكبر من ولاية الخرطوم، بينما يسعى الجيش إلى قطع طرق الإمداد عبر الجسور التي تربط مناطق أمدرمان وبحري والخرطوم، التي تشكل العاصمة الأوسع على جانبي نهر النيل.

وفي نيالا تجددت الاشتباكات صباح الثلاثاء في المدينة، عاصمة ولاية جنوب دارفور، وكانت قوات «الدعم السريع» قد استخدمت مسيرات لقصف قيادة الفرقة «16 مشاة». ونعى قائد الجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان الاثنين قائد الفرقة «16 مشاة» في نيالا اللواء الركن ياسر فضل الله الخضر، الذي قُتل «وهو يؤدي واجبه المقدس في الدفاع عن الوطن».

عقوبات بريطانية

من جهة ثانية، أعلنت بريطانيا استعدادها لفرض المزيد من العقوبات في مواجهة طرفي القتال في السودان، وأهابت بالشركاء الدوليين للانضمام إليها باتخاذ إجراءات لوقف حصول الطرفين المتحاربين على التمويل والأسلحة.

وزير شؤون أفريقيا أندرو ميتشل

وأعرب وزير شؤون أفريقيا، أندرو ميتشل، في بيان الثلاثاء عن قلق بالغ إزاء ازدياد الأدلة على ارتكاب فظائع جسيمة ضد المدنيين في السودان، مشيراً إلى أن الجيش السوداني و«الدعم السريع» جرّا السودان لحرب لا مبرر لها على الإطلاق، وسيحاسبان على ذلك.

وفرضت بريطانيا في يوليو (تموز) الماضي حزمة من العقوبات شملت تجميد أرصدة الكيانات التجارية المرتبطة بالقوات المسلحة السودانية وقوات «الدعم السريع».

وقال البيان إن استمرار العنف على نطاق واسع في أنحاء البلاد، ووقوع عدد كبير من القتلى المدنيين أمر مروع، خصوصاً الاستهداف المتعمد والتهجير الجماعي لقبائل «المساليت» في دارفور.

وأضاف أن «تعمد شن هجمات ضد السكان المدنيين يعد جريمة حرب».

وقال ميتشل: «جرّت القوات المسلحة السودانية وقوات (الدعم السريع) السودان إلى حرب لا مبرر لها على الإطلاق، مع تجاهلها التام للشعب السوداني، وستحاسب على ذلك».

وذكر في البيان أن بلاده تعمل بكل جهد سعياً لإنهاء القتال في السودان، ومراقبة الفظائع التي تُقترف، وسترسل هذه الأدلة إلى مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، والمحكمة الجنائية الدولية لضمان الحفاظ على الأدلة، واستخدامها لمحاسبة المسؤولين.

وقال المسؤول البريطاني، إن بلاده تواصل من خلال مجلس الأمن الدولي ومجلس حقوق الإنسان، إبراز وإدانة فظائع انتهاكات حقوق الإنسان، خصوصاً في ما يتعلق بالجرائم البشعة التي تُرتكب في دارفور.

 

وأضاف أن العالم كله يراقب الأحداث المروعة، وستبذل بريطانيا كل ما في وسعها لضمان إجراء تحقيقات ذات مصداقية، ومحاسبة المسؤولين.

وقال: «يجب على الجيش وقوات (الدعم السريع) تمكين وصول المساعدات الإنسانية في البلاد، والكفّ عن الاعتداءات، ووضع العراقيل أمام العمل الذي يقوم به العاملون في المجال الإنساني. ودعا ميشيل الطرفين المتحاربين إلى الامتثال لالتزاماتهما بحماية المدنيين بموجب القانون الدولي الإنساني.

وذكر أن بلاده أعلنت تمويل العمل الإنساني بقيمة 21.7 مليون جنيه إسترليني للمحتاجين في السودان، إضافة إلى 5 ملايين للمساعدة في تلبية الاحتياجات العاجلة للاجئين والعائدين في جنوب السودان وتشاد.


مقالات ذات صلة

«شرق السودان» على حافة الفوضى مع انتشار الحركات المسلحة

شمال افريقيا أعضاء جدد في القوات المسلحة السودانية يعرضون مهاراتهم خلال حفل تخرج في مدينة القضارف بشرق البلاد 5 نوفمبر (أ.ف.ب)

«شرق السودان» على حافة الفوضى مع انتشار الحركات المسلحة

طالبت حركة شبابية في شرق السودان بطرد الحركات المسلحة الحليفة للجيش من المنطقة، وتوعدت بإغلاق الإقليم الذي تتخذ الحكومة من عاصمته بورتسودان عاصمة مؤقتة لها.

أحمد يونس (كامبالا)
شمال افريقيا امرأة مريضة تستريح في حضن قريبتها في مستشفى الشهداء التعليمي في الخرطوم بالسودان في 9 نوفمبر 2024 (رويترز)

مقتل 14 في جنوب ولاية الجزيرة السودانية

اتهمت منظمة «مؤتمر الجزيرة» الحقوقية «قوات الدعم السريع» بالسودان، اليوم (الخميس)، بقتل 14 شخصاً وإصابة 30 آخرين بإحدى قرى جنوب ولاية الجزيرة.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا صورة جرى توزيعها في يناير 2024 لنساء وأطفال بمخيم زمزم للنازحين بالقرب من الفاشر شمال دارفور (رويترز)

شهادات «مروعة» لناجيات فررن من الحرب في السودان

نشرت «الأمم المتحدة»، الثلاثاء، سلسلة من شهادات «مروعة» لنساء وفتيات فررن من عمليات القتال بالسودان الذي يشهد حرباً منذ أكثر من عام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أفريقيا مواطنون يتجمعون للحصول على المياه بالعاصمة السودانية الخرطوم (أ.ب)

«الأمم المتحدة»: حلفاء الأطراف المتحاربة بالسودان يسهمون في «المجازر»

اتهمت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، روزماري ديكارلو، حلفاء القوى المتحاربة في السودان بـ«تمكين المجازر» بالبلاد.

«الشرق الأوسط» (نيويورك )
العالم العربي شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)

​تنسيق عربي - أميركي لحلحلة الأزمة السودانية

مصدر مصري مسؤول قال لـ«الشرق الأوسط» إن دول «السعودية ومصر والإمارات تعمل مع الولايات المتحدة ضمن آلية رباعية لتنسيق مساعٍ لحلحلة الأزمة السودانية»

أحمد إمبابي (القاهرة)

تصريحات تونسية عن «الحدود» تثير انزعاجاً في ليبيا

الدبيبة مستقبِلاً في لقاء سابق وزير الداخلية التونسي خالد النويري (الوحدة)
الدبيبة مستقبِلاً في لقاء سابق وزير الداخلية التونسي خالد النويري (الوحدة)
TT

تصريحات تونسية عن «الحدود» تثير انزعاجاً في ليبيا

الدبيبة مستقبِلاً في لقاء سابق وزير الداخلية التونسي خالد النويري (الوحدة)
الدبيبة مستقبِلاً في لقاء سابق وزير الداخلية التونسي خالد النويري (الوحدة)

أثارت تصريحات لوزير الدفاع التونسي، خالد السهيلي، عن الحدود مع ليبيا، قال فيها «إن بلاده لم ولن تسمح بالتفريط في أي شبر من التراب الوطني»، انزعاج أوساط رسمية ليبية أكدت أن «هذا الملف أغلق بشكل كامل منذ عقد».

وأضاف السهيلي أثناء عرضه ميزانية وزارة الدفاع أمام البرلمان الثلاثاء الماضي، أن «رسم الحدود يتم على مستوى لجنة مشتركة تونسية - ليبية».

واستدعت تصريحات السهيلي، ردود فعل من حكومة «الوحدة»، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، التي أعلنت خارجيتها أن ملف ترسيم الحدود الليبية - التونسية «أُغلق من خلال لجنة مشتركة بين البلدين؛ وأصبح منذ ذلك الحين ملفاً مستقراً وثابتاً وغير مطروح للنقاش أو إعادة النظر».

يشار إلى أن بين البلدين حدوداً تمتد مسافة 459 كيلومتراً، وتضم معبرين هما «رأس جدير» و«وازن - ذهيبة».