الخبز في تونس: بوادر انفراج للأزمة وأنباء عن إلغاء اعتصام أصحاب المخابز

أرغفة من الخبز المدعم في الحلفاوين بتونس العاصمة 19 أغسطس 2023 (أ.ف.ب)
أرغفة من الخبز المدعم في الحلفاوين بتونس العاصمة 19 أغسطس 2023 (أ.ف.ب)
TT

الخبز في تونس: بوادر انفراج للأزمة وأنباء عن إلغاء اعتصام أصحاب المخابز

أرغفة من الخبز المدعم في الحلفاوين بتونس العاصمة 19 أغسطس 2023 (أ.ف.ب)
أرغفة من الخبز المدعم في الحلفاوين بتونس العاصمة 19 أغسطس 2023 (أ.ف.ب)

جرى التوصل إلى اتفاق في تونس لإعادة إمداد المخابز غير المدعومة بالدقيق، ما يُشكل بداية حل لأزمة نقص الخبز التي تفاقمت خلال الأسبوعين الماضيين، وفق ما أفادت الأحد وكالة الصحافة الفرنسية نقلا عن مصادر في القطاع.

وتنقسم المخابز في تونس إلى صنفين: الأول يشمل 3737 مخبزا يستفيد من الدقيق المدعوم الذي توفره الدولة، والثاني يشمل «المخابز العصرية» (1500 إلى 2000) التي كانت تحصل حتى بداية أغسطس (آب) على الدقيق المدعوم بثلاثة أضعاف ثمنه.

بعد احتجاجات في أغسطس أعقبت إصدار مرسوم في مطلع الشهر يحرم «المخابز العصرية» من الطحين المدعوم بذريعة أنها تبيع الخبز بأسعار مرتفعة، لم تعد الأخيرة تتلقى الطحين والسميد من الدولة التي تحتكر التزويد بالمادتين.

وأكد عضو «المجمع المهني للمخابز العصرية» سالم البدري أن «90 في المائة من المخابز المنتسبة للمجمع والبالغ عددها 1443 مخبزا توظف نحو 20 ألف شخص، اضطرت إلى إغلاق أبوابها، ما أدى إلى تشكّل طوابير أطول أمام المخابز المدعومة».

من جهتها، أعلنت وزارة التجارة الجمعة أنه «تقرر استئناف تزويد محلات صنع الخبز غير المصنّفة بمادتي الفارينة (الطحين) والسميد بداية من 19 أغسطس 2023 على أثر التزام هياكلها المهنيّة باحترام القوانين والتراتيب المنظّمة لصنع وبيع الخبز».

كما أكدت وزارة التجارة أنها ستنفّذ إصلاحا شاملا لنظام إنتاج الخبز وتوزيعه. وإلى جانب الخبز المدعوم، تبيع المخابز العصرية أنواعا أخرى من الخبز والمعجنات.

أرغفة من الخبز المدعم في الحلفاوين بتونس العاصمة 19 أغسطس 2023 (أ.ف.ب)

إلغاء اعتصام

وأوضح البدري لوكالة الصحافة الفرنسية أنه بعد هذا الإعلان تقرر «إلغاء اعتصام كان مقررا الاثنين» أمام وزارة التجارة في تونس العاصمة.

وأضاف أنه سيتم استئناف المباحثات مع السلطات ابتداء من الاثنين للسماح للمخابز العصرية باستئناف إنتاج الخبز المدعوم لكن «على أساس المعايير التي وضعها الرئيس قيس سعيّد».

في نهاية يوليو، (تموز) دعا سعيّد إلى «خبز واحد للتونسيين»، مستنكرا وجود «خبز للأثرياء» و«خبز للفقراء».

وموضوع الخبز شديد الحساسيّة في بلد عانى من أعمال شغب عنيفة خلفت 150 قتيلاً في عامي 1983 و1984 وعُرفت باسم «انتفاضة الخبز».

الأسبوع الماضي، أعلن سعيّد المتفرّد بالسلطة منذ صيف 2021، إقالة المدير العام «للديوان الوطني للحبوب» توازيا مع توقيف الشرطة رئيس الغرفة الوطنية لأصحاب المخابز المدعومة من أجل شبهات الاحتكار والمضاربة في السوق بمواد غذائية.

ويرى كثير من الاقتصاديين أن أزمة الخبز تعزى أساسا إلى نقص الحبوب، وبالتالي نقص الدقيق، لأن تونس المثقلة بالديون والتي تعاني من شحّ في السيولة غير قادرة على شراء ما يكفي من السوق الدولية.

تفاقمت هذه الصعوبات بسبب الجفاف غير المسبوق في الربيع الذي أتى على قسم كبير من محصول القمح.


مقالات ذات صلة

عائلات معارضين تونسيين معتقلين يتظاهرون ضد «الظلم»

شمال افريقيا من التظاهرة التي نظّمها أقارب معارضين للرئيس التونسي للمطالبة بالإفراج عنهم (د.ب.أ)

عائلات معارضين تونسيين معتقلين يتظاهرون ضد «الظلم»

تظاهر نحو مائة من أقارب معارضين للرئيس التونسي، بعضهم مسجون منذ ما يقارب العام ونصف العام، لمناسبة عيد الجمهورية للمطالبة بالإفراج عنهم.

«الشرق الأوسط» (تونس)
يوميات الشرق خبير تونسي يتفقد مزرعة تين شوكي موبوءة بالحشرات القرمزية في صفاقس بتونس في 19 يوليو 2024 (رويترز)

الحشرة القرمزية تصيب محاصيل تونس من التين الشوكي (صور)

الحشرة أصبحت تشكل تهديداً كبيراً لمحصول التين الشوكي لأنها تدمر مساحات واسعة من المزارع وتثير قلقاً اقتصادياً كبيراً منذ اكتشافها في تونس لأول مرة عام 2021.

«الشرق الأوسط» (تونس)
المشرق العربي بإمكان العراقيين السفر إلى تونس من دون تأشيرة دخول (أ.ف.ب)

تونس تُعفي العراقيين والإيرانيين من تأشيرة الدخول

أعلنت تونس إعفاء الإيرانيين والعراقيين من تأشيرة الدخول إلى أراضيها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا تونسيون يعاينون الخراف في مركز بيع بمدينة القصرين حيث زادت أسعار الأضاحي بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف (أ.و.ب)

ارتفاع أسعار أضاحي العيد يقض مضجع التونسيين

أعداد كبيرة من التونسيين عبرت عن تذمرها وشكواها من ارتفاع أسعار أضاحي العيد، وهو ارتفاع كبير وغير منتظر، وأصبح يقض مضجع جل الآباء التونسيين.

«الشرق الأوسط» (تونس)
الاقتصاد فاطمة ثابت شيبوب وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة في تونس وماركو أرتشيلي الرئيس التنفيذي لشركة «أكوا باور» خلال توقيع مذكرة تفاهم (الشرق الأوسط)

«أكوا باور» السعودية تبرم مذكرة تفاهم لتطوير مشروع للهيدروجين الأخضر في تونس

وقعت شركة «أكوا باور» السعودية مذكرة تفاهم مع وزارة الصناعة والمناجم والطاقة في تونس، بهدف دراسة تنفيذ مشروع جديد لإنتاج نحو 600 ألف طن من الهيدروجين الأخضر…

«الشرق الأوسط» (تونس)

«الحوار الوطني» لعرض تعديلات «الحبس الاحتياطي» على الرئيس المصري

مناقشات «الحوار الوطني» في مصر لملف «الحبس الاحتياطي» (الحوار الوطني)
مناقشات «الحوار الوطني» في مصر لملف «الحبس الاحتياطي» (الحوار الوطني)
TT

«الحوار الوطني» لعرض تعديلات «الحبس الاحتياطي» على الرئيس المصري

مناقشات «الحوار الوطني» في مصر لملف «الحبس الاحتياطي» (الحوار الوطني)
مناقشات «الحوار الوطني» في مصر لملف «الحبس الاحتياطي» (الحوار الوطني)

يراجع «مجلس أمناء الحوار الوطني» في مصر مقترحات القوى السياسية وتوصيات على تعديلات بشأن ملف «الحبس الاحتياطي»، عقب مناقشات موسعة؛ وذلك لعرضها على الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، لاتخاذ ما يلزم بشأنها.

وتوقّع خبراء شاركوا في جلسات «الحوار الوطني» تحقيق «انفراجة في ملف الحبس الاحتياطي، بالإفراج عن أعداد من المحبوسين منذ مدة طويلة»، مشيرين إلى توافق المشاركين حول «عدم استخدام تدابير الحبس الاحتياطي؛ إلا في أضيق الحدود، والتوسع في تدابير بديلة أخرى ضد المتهمين».

وانتهى «الحوار الوطني» أخيراً من مناقشة قضية «الحبس الاحتياطي»، بمشاركة قانونيين وحقوقيين وممثلي القوى والتيارات السياسية، وأشخاص تعرّضوا للحبس الاحتياطي. وتناولت المناقشات سبل «الحفاظ على طبيعة الحبس الاحتياطي بصفته أحد إجراءات التحقيق، وليس عقوبة ضد المتهمين».

مشاركون في جلسات ملف «الحبس الاحتياطي» بمصر (الحوار الوطني)

وأشار «مجلس أمناء الحوار الوطني»، في إفادة مساء الجمعة، إلى «تلقيه أوراق عمل من القوى السياسية، ثم تعقبه صياغة تقرير نهائي بالتوصيات، يجري رفعه إلى الرئيس». ولفت بيان المجلس إلى أنه «تم الاستماع خلال جلسات الحوار إلى كل وجهات النظر بشأن الحبس الاحتياطي، والوضع القانوني القائم حالياً، ومقترحات التطوير المختلفة، كما تم استعراض تجارب الدول الأخرى، دون مصادرة لرأي أو حجر على فكرة».

المحامي الحقوقي عضو «مجلس أمناء الحوار الوطني»، نجاد البرعي، قال إن «لجنة حقوق الإنسان والحريات بالحوار الوطني ستُصيغ تقريراً بالتوصيات والمقترحات، التي تم التوافق عليها، والأخرى التي كانت محل خلاف لرفعها إلى الرئيس»، مشيراً إلى أن «هناك أملاً في تحقيق انفراجة بملف الحبس الاحتياطي، مثل الإفراج عن المحبوسين احتياطياً، منذ مدة طويلة».

وأشار البرعي إلى توصيات حظيت بتوافق داخل مناقشات «الحوار الوطني»، منها: «الإفراج عن جميع المحبوسين احتياطياً في السجون حالياً، ووقف الحبس في قضايا الرأي والنشر، مع وضع حد أقصى (مدة زمنية) لإنهاء تحقيقات النيابة المصرية، وإلا يجري إلغاء الدعوى القضائية بعدها»، لافتاً إلى مقترحات جديدة، مثل «تعويض من حُبسوا عن طريق الخطأ بمبلغ يساوي الحد الأدنى للأجور في البلاد (6 آلاف جنيه مصري)، عن كل شهر بمدة الحبس». (الدولار الأميركي يساوي 48.30 جنيه في البنوك المصرية).

وتوقف البرعي مع مقترحات لم تحظ بتوافق المشاركين في «الحوار الوطني»، منها: «حالات الحبس الاحتياطي المكرر، لصعوبة علاجه قانوناً»، إلى جانب «بدائل الحبس الاحتياطي، المطبقة في دول أخرى»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط»، أن المشاركين في الجلسات «تداولوا مقترحات تتعلق باستخدام أسورة تتبع ممغنطة، أو تحديد إقامة المتهم، أو تطبيق نظام المراقبة الشرطية»، مبرزاً أنه «لا يستطيع أحد وقف إجراء الحبس الاحتياطي، بصفته (احترازاً قانونياً) في أثناء التحقيقات في القضايا».

وأخلت السلطات المصرية، الأسبوع الماضي، سبيل 79 متهماً من المحبوسين على ذمة قضايا، في خطوة قُوبلت بترحيب قوى سياسية وحزبية.

ورأى رئيس «كتلة الحوار» (كيان سياسي دُشّن من فعاليات الحوار الوطني)، باسل عادل، أن «هناك إرادة سياسية لحلحلة أزمة الحبس الاحتياطي»، متوقعاً «إجراء تعديلات تشريعية على قانون الإجراءات الجنائية، استجابة إلى توصيات مناقشات الحوار الوطني». ولفت لـ«الشرق الأوسط» إلى «وجود إجماع من القوى السياسية، ومنظمات المجتمع المدني على الفصل بين إجراء الحبس الاحتياطي ضد (المتهمين الجنائيين)، والسياسيين». وقال إن هناك مطالب بعدم استخدام الحبس الاحتياطي في «قضايا الرأي وحرية التعبير والتظاهر».

جانب من جلسات ملف «الحبس الاحتياطي» في مصر (الحوار الوطني)

ولفت رئيس «المنظمة العربية لحقوق الإنسان»، علاء شلبي، إلى أن مناقشة قضية الحبس الاحتياطي «عبّرت عن إرادة سياسية تتجه إلى الإفراج عن كل المحبوسين احتياطياً في قضايا عامة خلال الأيام المقبلة». وأشار إلى إجماع المشاركين في مناقشات «الحوار الوطني» حول «رد تدابير الحبس الاحتياطي إلى أصلها بصفتها إجراء احترازياً، يجري استخدامها في أضيق الحدود، والإجماع على استبعاد التوسع في تطبيقها كمّاً وكيفاً، وتكثيف استخدام بدائل للحبس».

وأوضح شلبي لـ«الشرق الأوسط»، أن «مناقشة إشكاليات الحبس الاحتياطي في جلسة خاصة من الحوار الوطني ليست بديلاً عن إصدار قانون الإجراءات الجنائية الجديد»، لافتاً إلى أن مجلس الوزراء المصري «أقر في ديسمبر (كانون الأول) 2022 تعديلات على القانون، وانتهت اللجنة النيابية الفنية من مراجعته في أبريل (نيسان) الماضي، وتعهّد رئيس مجلس النواب المصري (البرلمان) في يوليو (تموز) الحالي بمناقشة القانون في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل».

وناقش مجلس النواب المصري، في مارس (آذار) الماضي، مشروع قانون بتعديلات تشريعية لتقليص مدد «الحبس الاحتياطي». وتضمّنت التعديلات المقترحة وضع حد أقصى لمدة الحبس الاحتياطي، وتنظيم التعويض عنه، وتقليص مدة الحبس، لتصبح في «قضايا الجنح» 4 أشهر بدلاً من 6 أشهر، وفي «الجنايات» 12 شهراً بدلاً من 18 شهراً، و18 شهراً بدلاً من عامين إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة السجن المؤبد أو الإعدام».