توقيف مصريين في المكسيك يكشف عن مسارات جديدة للهجرة غير المشروعة

ترجيحات بمحاولاتهم دخول أميركا سراً

من مؤتمر سابق للجنة المصرية لمكافحة «الهجرة غير المشروعة» بالتنسيق مع مؤسسات دولية متخصصة (الصفحة الرسمية للجنة على «فيسبوك»)
من مؤتمر سابق للجنة المصرية لمكافحة «الهجرة غير المشروعة» بالتنسيق مع مؤسسات دولية متخصصة (الصفحة الرسمية للجنة على «فيسبوك»)
TT

توقيف مصريين في المكسيك يكشف عن مسارات جديدة للهجرة غير المشروعة

من مؤتمر سابق للجنة المصرية لمكافحة «الهجرة غير المشروعة» بالتنسيق مع مؤسسات دولية متخصصة (الصفحة الرسمية للجنة على «فيسبوك»)
من مؤتمر سابق للجنة المصرية لمكافحة «الهجرة غير المشروعة» بالتنسيق مع مؤسسات دولية متخصصة (الصفحة الرسمية للجنة على «فيسبوك»)

أثار توقيف مصريين في المكسيك تساؤلات كثيرة حول مدى وجود مسارات جديدة لـ«الهجرة غير المشروعة».

وأفادت تقارير إعلامية مكسيكية بـ«القبض على 137 مهاجراً، بينهم 129 مصرياً، كانوا يحاولون دخول الولايات المتحدة الأميركية بطريقة غير مشروعة». ورغم عدم «وضوح ملابسات عملية التوقيف»؛ إلا أنها أعادت الحديث مجدداً عن ظاهرة الهجرة غير المشروعة، في وقت تشدد فيه دول البحر المتوسط من إجراءاتها للتصدي لعمليات الهجرة إلى أراضيها، بينما تفرض السلطات المصرية إجراءات أمنية مشددة، حالت دون انطلاق رحلات هجرة غير مشروعة من أراضيها على مدى السنوات السبع الماضية.

وكانت تقارير إعلامية قد نقلت عن السلطات المكسيكية أن المعهد الوطني للهجرة في المكسيك تمكن من العثور على 129 مهاجراً من مصر، و8 من موريتانيا، جرى التخلي عنهم في حافلة في ولاية فيراكروز (شرق) على ساحل خليج المكسيك، وهي منطقة تشتهر بكونها مركزاً لتهريب البشر والمخدرات.

وكشف المعهد المكسيكي في بيان له أن وكلاء الهجرة الفيدراليين تلقوا مكالمة حول موقع حافلة ركاب تقل مهاجرين أجانب، معظمهم من مصر، وأنه جرى اتخاذ الإجراءات القانونية. ووفق البيان فقد كان كل راكب يرتدي سواراً باسمه، وهو ما تعده السلطات المكسيكية «خاصية مميزة تستخدمها عصابات الاتجار بالبشر».

ويتسلل آلاف المهاجرين سنوياً إلى الولايات المتحدة الأميركية على طول الحدود مع المكسيك، التي يبلغ طولها 3100 كيلومتر، ووفقاً لأرقام المنظمة الدولية للهجرة، فقد توفي 7661 مهاجراً، أو فُقد أثرهم في طريقهم إلى الولايات المتحدة منذ عام 2014 حتى نهاية العام الماضي. وفي الأشهر الأخيرة، اكتشفت سلطات الهجرة في المكسيك نمواً لافتاً في عدد المهاجرين غير النظاميين من 80 دولة في أفريقيا وآسيا، وحتى من دول أوروبية.

وقالت السفيرة نائلة جبر، رئيس اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع «الهجرة غير المشروعة» في مصر، إن «عصابات الاتجار بالبشر» و«الهجرة غير المشروعة»، «لا تكف عن محاولة البحث عن مسارات جديدة لخداع الراغبين في الهجرة بطرق غير قانونية»، لافتة إلى أن تشديد الإجراءات الأمنية في مصر، وعدد من دول منطقة البحر المتوسط «ربما كان ضمن أسباب لجوء تلك العصابات للبحث عن مسارات بعيدة».

وأوضحت جبر في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» أن نجاح الاستراتيجية المصرية في مكافحة «الهجرة غير المشروعة» في منع خروج رحلات لمهاجرين من شواطئها منذ عام 2016، وكذلك تطبيق عقوبات، وصفتها بـ«الرادعة» ضد عصابات الجريمة المنظمة العاملة في مجال الهجرة، أسهما في إنهاء اعتبار مصر كدولة مرور للمهاجرين، ومن ثم بدأت عصابات الهجرة البحث عن وسائل بديلة لممارسة نشاطها.

وتطبق مصر منذ عام 2016، قانوناً للحد من جريمة «الهجرة غير المشروعة»، يعاقب بـ«السجن المشدد، وبغرامة لا تقل عن 200 ألف جنيه، ولا تزيد على خمسمائة ألف جنيه (الدولار يساوي 30.8 جنيه) أو بغرامة مساوية لقيمة ما عاد عليه من نفع أيهما أكبر، كل من ارتكب جريمة تهريب المهاجرين أو الشروع فيها أو توسط في ذلك».

وأوضحت رئيس اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع «الهجرة غير المشروعة» في مصر، وهي لجنة تأسست عام 2017، وتتبع رئيس مجلس الوزراء المصري، وتختص بالتنسيق على المستويين الوطني والدولي بين السياسات والخطط والبرامج الموضوعة لمكافحة ومنع «الهجرة غير المشروعة» و«الاتجار بالبشر»، أن «اللجنة ترصد بالتنسيق مع الجهات المعنية في دول المنطقة العديد من المسارات، التي بدأت تظهر خلال الآونة الأخيرة لتهريب المهاجرين بطرق غير قانونية»، لافتة إلى أن «التهريب عبر المكسيك ضمن تلك المسارات».

وأضافت المسؤولة المصرية أن هناك مسارات حديثة جرى رصدها أخيراً، مثل «التهريب براً إلى دول أوروبية عبر تركيا ودول البلقان، إضافة إلى أساليب للتحايل من خلال رحلات للعلاج، أو الدراسة أو سفر الفرق الرياضية». مشيرة إلى أن «بعض دول أميركا اللاتينية تقدم تسهيلات حالياً لجذب السائحين، وهو ما تستخدمه عصابات الهجرة في تنفيذ عملياتها الإجرامية».

وشددت نائلة جبر على أهمية التنسيق الدولي من أجل مواجهة نشاط عصابات «الاتجار بالبشر»، وهي منظمات «عبر وطنية»، وتتحرك في قارات عدة، الأمر الذي يتطلب عملاً دولياً منسقاً، لافتة إلى ما تقوم بها اللجنة التي ترأسها من تنسيق مع منظمات ومؤسسات معنية في دول عدة، ومن بينها مؤتمر إقليمي تستضيفه مصر نهاية الشهر الحالي، بمشاركة مؤسسات معنية بمكافحة «الهجرة غير المشروعة»، من أفريقيا والولايات المتحدة، بالإضافة إلى مؤسسات دولية.

وكان رئيس مجلس الوزراء المصري، الدكتور مصطفى مدبولي، قد أكد خلال مشاركته الشهر الماضي في فعاليات المؤتمر الدولي للهجرة والتنمية بالعاصمة الإيطالية روما، «ضرورة تكثيف التنسيق الدولي في مجالات ضبط الحدود ومكافحة تهريب المهاجرين، من خلال دعم القدرات العملياتية وتوفير المعدات، وتعزيز التعاون الدولي لسد الثغرات، التي تستغلها شبكات تهريب المهاجرين».


مقالات ذات صلة

مصر: رفع أسماء 716 شخصاً من «قوائم الإرهاب»

شمال افريقيا مقر النيابة العامة المصرية (النيابة العامة)

مصر: رفع أسماء 716 شخصاً من «قوائم الإرهاب»

وفق إفادة للنيابة العامة المصرية الأحد فإن إجراء رفع أسماء مدرجين بـ«قوائم الإرهاب» يأتي في إطار توجه للحكومة المصرية بـ«مراجعة موقف القوائم الإرهابية جميعها»

أحمد إمبابي (القاهرة)
المشرق العربي وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يوقع في دفتر الشرف بمقر وزارة الخارجية الكويتية (صفحة الخارجية المصرية عبر «فيسبوك»)

وزير الخارجية المصري: قد نكون الأكثر تضرراً من التصعيد في البحر الأحمر

قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، اليوم الأحد، إن مصر قد تكون الأكثر تضرراً بالتصعيد الحالي في البحر الأحمر.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
شمال افريقيا أحمد رفعت (الشرق الأوسط)

رفع الحصانة عن برلماني مصري في قضية وفاة اللاعب رفعت

وافق مجلس الشيوخ المصري على رفع الحصانة عن النائب أحمد دياب؛ للاستماع إلى أقواله في تحقيقات النيابة العامة بشأن وفاة اللاعب أحمد رفعت.

أحمد عدلي (القاهرة)
العالم العربي اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
العالم العربي وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

تأكيدات مصرية خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«الدعم السريع» تتهم الجيش السوداني بالاستعانة بخبراء من «الحرس الثوري» الإيراني

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

«الدعم السريع» تتهم الجيش السوداني بالاستعانة بخبراء من «الحرس الثوري» الإيراني

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد ساعات قليلة من إعلان الجيش السوداني استرداد مدينة سنجة، حاضرة ولاية سنار، أعلنت «قوات الدعم السريع» تنفيذ ما أسمتها «عملية نوعية» في منطقة وادي سيدنا العسكرية شمال مدينة أم درمان، ودمّرت عدداً من الطائرات الحربية والمسيّرات والآليات، «واستهدفت خبراء أجانب تابعين للحرس الثوري الإيراني»، يعملون في المنطقة العسكرية المهمة، وذلك من دون تعليق من الجيش على ذلك.

وقال الناطق الرسمي باسم «قوات الدعم السريع»، في نشرة صحافية (الأحد)، إنها نفَّذت فجراً «عملية نوعية ناجحة، استهدفت منطقة وادي سيدنا العسكرية بأم درمان، ودمَّرت خلالها عدداً من الطائرات الحربية من طراز (أنتنوف)، ومقاتلات من طراز (K8) صينية الصنع، وعدداً من المسيّرات والمعدات العسكرية في قاعدة وادي سيدنا الجوية بالمنطقة العسكرية».

ولم يصدر أي تعليق من الجيش على مزاعم «قوات الدعم السريع»، وسط ترحيبه الكبير باسترداده مدينة سنجة، حاضرة ولاية سنار، التي كانت قد فقدتها في يونيو (حزيران) الماضي... وعادة لا يشير كلا الطرفين، إلى خسائرهما في المعارك.

وتضم منطقة وادي سيدنا العسكرية التي تقع شمال مدينة أم درمان، أكبر قاعدة جوية عسكرية، وفيها المطار الحربي الرئيس، إلى جانب الكلية الحربية السودانية، وبعد اندلاع الحرب تحوَّلت إلى المركز العسكري الرئيس الذي يستخدمه الجيش ضد «قوات الدعم السريع».

وقال البيان: «إن العملية النوعية التي نفَّذتها القوات الخاصة التابعة للدعم السريع، تأتي تنفيذاً للخطة (ب)، التي أعلن عنها قائد القوات محمد حمدان دقلو (حميدتي) في آخر خطاباته الجماهيرية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي»، عقب خسارة قواته منطقة جبل موية الاستراتيجية بين ولايات سنار والجزيرة والنيل الأبيض.

وتوعدت «الدعم السريع» بمواصلة «العمليات الخاصة النوعية»، لتشمل «جميع المقرات والمواقع العسكرية لميليشيات البرهان والحركة الإسلامية الإرهابية»، واعتبارها أهدافاً في متناولها.

جندي من الجيش السوداني يقوم بدورية خارج مستشفى في أم درمان في 2 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

ووعدت بحسب البيان، بأن تكون الحرب الحالية «آخر الحروب» في البلاد، وبإنهاء ما أسمتها «سيطرة الحركة الإسلامية الإرهابية على بلادنا»، و«إعادة بناء وتأسيس الدولة السودانية على أسس جديدة عادلة، تحقق السلام والاستقرار والعدالة لجميع الفئات السودانية، التي عانت من ظلم واستبداد الدولة القديمة».

وعلى صفحته بمنصة «إكس»، قال مستشار قائد «قوات الدعم السريع»، الباشا طبيق، إن «خبراء أجانب يعملون مع الجيش في قاعدة وادي سيدنا الجوية، وإن معظمهم تابعون للحرس الثوري الإيراني، استهدفتهم العملية»، وإن ما أُطلق عليه «دك وتجفيف منابع الإرهاب» يعدّ من أولويات الخطة (ب) التي أعلن عنها حميدتي أخيراً.

وفي النيل الأبيض، اقتحمت «قوات الدعم السريع» المناطق الشمالية لمدينة الدويم، بولاية النيل الأبيض، وعند محور الأعوج وقرى المجمع، والسيال، واللقيد، وشمال الأعوج، التي لجأ إليها عددٌ كبيرٌ من الفارين من القتال، وأطلقت الرصاص؛ ما أدى لمقتل شخص واحد على الأقل، وإصابة آخرين.

جنود من «قوات الدعم السريع» خلال دورية بمنطقة شرق النيل (أرشيفية - أ.ب)

واستنكر الناشط المتابع للأحداث محمد خليفة، وفقاً لحسابه على «فيسبوك»، الذي يتابعه مئات الآلاف، «عدم تصدي القوات المسلحة للقوات المهاجمة؛ دفاعاً عن المواطنين». وقال: «إن القرى والبلدات التي اقتحمتها (قوات الدعم السريع)، تبعد عن منطقة تمركز بنحو كيلومترين فقط...قوات الجيش لم تتحرك من مكانها، وقوات الميليشيا لا تزال في تلك المناطق المنتهكة».

وكان الجيش قد أعلن (السبت) استرداد مدينة سنجة، حاضرة ولاية سنار، من قبضة «الدعم السريع»، أسوة باسترداد المدن والبلدات الأخرى جنوب الولاية مثل الدندر، والسوكي. وقال القائد العام، الفريق أول عبد الفتاح البرهان الذي وصل إلى المدينة غداة استردادها، إن قواته عازمة على «تحرير كل شبر دنسه العملاء والخونة، ودحر الميليشيا الإرهابية التي تستهدف وحدة السودان».