تفشي البطالة يرغم «مشاهير تونس» على ركوب «قوارب الموت»

بينهم مغني «راب» معروف وأكاديميون وملاكم ولاعبو كرة قدم

تونسيون وأفارقة خلال محاولتهم الوصول إلى أوروبا انطلاقاً من تونس (أ.ف.ب)
تونسيون وأفارقة خلال محاولتهم الوصول إلى أوروبا انطلاقاً من تونس (أ.ف.ب)
TT

تفشي البطالة يرغم «مشاهير تونس» على ركوب «قوارب الموت»

تونسيون وأفارقة خلال محاولتهم الوصول إلى أوروبا انطلاقاً من تونس (أ.ف.ب)
تونسيون وأفارقة خلال محاولتهم الوصول إلى أوروبا انطلاقاً من تونس (أ.ف.ب)

نجح مغني راب تونسي شهير في عبور البحر الأبيض المتوسط، في عملية هجرة غير نظامية إلى إيطاليا على متن أحد «قوارب الموت»، كان يحمل نحو 15 مهاجراً تونسياً.

ووصل مغني الراب المعروف باسم «حسان جونيور» إلى الأراضي الإيطالية الأسبوع الحالي، وفق ما نقلت وسائل إعلام محلية اليوم (الجمعة).

وانتشر مقطع فيديو للفنان على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو على متن قارب ضم مهاجرين تونسيين من منطقته «الطفالة» بولاية سوسة على الساحل الشرقي لتونس.

وقالت إذاعة «موزاييك. إف. إم» الخاصة، اليوم (الجمعة)، إن القارب انطلق من سواحل منطقة سيدي عبد الحميد بسوسة في 12 أغسطس (آب) الحالي، ووصل إلى مدينة بالارمو بجزيرة صقلية الإيطالية.

تونسيون تم توقيفهم من طرف خفر السواحل بعد محاولتهم الوصول إلى إيطاليا في أحد قوارب الموت (أ.ف.ب)

ويحظى «حسان جونيور» بمتابعة واسعة على حسابه بموقع «يوتيوب»، وحققت أغنيته «رام الله» نحو 6.5 مليون مشاهدة في خلال شهر واحد فقط، وأغنية «مساجين» 8.4 مليون مشاهدة في خلال 3 أشهر.

ولا تعد هذه الواقعة حدثاً معزولاً أو استثنائياً في تونس، فتحت وطأة الأزمة الاقتصادية وتفشي البطالة، تشهد سواحل تونس بشكل مستمر تدفقات كبيرة لتونسيين تتباين شهرتهم وسط الشباب، ومهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء، حلمهم الكبير الوصول إلى السواحل الإيطالية.

وقد أظهرت شهادات موثقة، جمعتها وكالة الأنباء الألمانية في السابق، لاعبين شباب لنوادي كرة قدم في تونس من بين المشاركين في موجات الهجرة غير الشرعية، بحثاً عن فرص أفضل للحياة داخل الاتحاد الأوروبي.

مظاهرة نظمها اتحاد الشغل وشارك فيها مئات الشبان العاطلين للمطالبة بالتشغيل والتنمية (أ.ف.ب)

وقبل بضعة أشهر، سلط قرار تجميد النشاط الرياضي لنادي كرة قدم بتونس، بسبب هجرة 32 لاعباً في صفوفه بشكل غير نظامي نحو السواحل الأوروبية، الضوء على ظاهرة جديدة تشهدها البلاد، وهي لجوء النخب أيضاً، سواء الرياضية أو الأكاديمية إلى الهجرة غير الشرعية، هرباً من الوضع الاقتصادي المتأزم، حيث أعلن رئيس نادي «غار الدماء» لكرة القدم تجميد نشاط الفريق حتى إشعار آخر، بسبب هجرة جل لاعبيه إلى دول أوروبية، مستغلين بروز طرق أخرى يمكن سلكها للوصول إلى الضفة الأخرى من المتوسط، مثل «خط صربيا». كما لجأ المئات من التونسيين منذ العام الماضي، إلى السفر نحو تركيا، ومنها إلى صربيا، مما دفع الأخيرة إلى الإعلان عن فرض تأشيرات على التونسيين لدخولها.

وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، أثار اختفاء أحد أبطال تونس في رياضة الملاكمة، يدعى محمد الهادي القاسمي، جدلاً واسعاً وردود أفعال عديدة في الأوساط الرياضية والاجتماعية، على حد سواء، كما أفرز تفاعلات على منصات التواصل، وذلك بالتوازي مع تداول معلومات حول هروب جماعي لمنتخب تونس للملاكمة للشبان نحو فرنسا في رحلة غير شرعية.

وذكرت وسائل إعلام تونسية أن القاسمي، البالغ من العمر 18 عاماً، والذي يوصف بأنه من الملاكمين الواعدين، كان مقرراً أن ينضم إلى معسكر منتخب الملاكمة، الذي كان يستعد للمشاركة في دورة تأهيلية لأولمبياد باريس 2024، إلا أنه لم يلتحق بزملائه، قبل أن يتداول أصدقاء له بعد ذلك صوره وهو في عرض البحر، على متن قارب متوجه نحو إيطاليا في رحلة غير نظامية.

وقد أكد الاتحاد التونسي للملاكمة أن القاسمي، الحائز على الميدالية الفضية ضمن البطولة العربية للملاكمة للشبان التي احتضنتها الكويت، كان فعلاً على متن قارب يقل عدداً من المهاجرين السريين نحو أوروبا.

كما نشرت وسائل الإعلام في تونس تقارير عن تفشي ظاهرة الهجرة غير النظامية في صفوف الرياضيين، مشيرة إلى أن حارس مرمى فئة الشباب للنادي الصفاقسي، محمد علي شلبي (18 عاماً) وصل إلى إيطاليا ضمن رحلة سرية، على الرغم من أنه يعد أحد لاعبي الكرة الواعدين في ناديه، وفي منتخب تونس للشباب.


مقالات ذات صلة

عائلات معارضين تونسيين معتقلين يتظاهرون ضد «الظلم»

شمال افريقيا من التظاهرة التي نظّمها أقارب معارضين للرئيس التونسي للمطالبة بالإفراج عنهم (د.ب.أ)

عائلات معارضين تونسيين معتقلين يتظاهرون ضد «الظلم»

تظاهر نحو مائة من أقارب معارضين للرئيس التونسي، بعضهم مسجون منذ ما يقارب العام ونصف العام، لمناسبة عيد الجمهورية للمطالبة بالإفراج عنهم.

«الشرق الأوسط» (تونس)
يوميات الشرق خبير تونسي يتفقد مزرعة تين شوكي موبوءة بالحشرات القرمزية في صفاقس بتونس في 19 يوليو 2024 (رويترز)

الحشرة القرمزية تصيب محاصيل تونس من التين الشوكي (صور)

الحشرة أصبحت تشكل تهديداً كبيراً لمحصول التين الشوكي لأنها تدمر مساحات واسعة من المزارع وتثير قلقاً اقتصادياً كبيراً منذ اكتشافها في تونس لأول مرة عام 2021.

«الشرق الأوسط» (تونس)
المشرق العربي بإمكان العراقيين السفر إلى تونس من دون تأشيرة دخول (أ.ف.ب)

تونس تُعفي العراقيين والإيرانيين من تأشيرة الدخول

أعلنت تونس إعفاء الإيرانيين والعراقيين من تأشيرة الدخول إلى أراضيها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا تونسيون يعاينون الخراف في مركز بيع بمدينة القصرين حيث زادت أسعار الأضاحي بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف (أ.و.ب)

ارتفاع أسعار أضاحي العيد يقض مضجع التونسيين

أعداد كبيرة من التونسيين عبرت عن تذمرها وشكواها من ارتفاع أسعار أضاحي العيد، وهو ارتفاع كبير وغير منتظر، وأصبح يقض مضجع جل الآباء التونسيين.

«الشرق الأوسط» (تونس)
الاقتصاد فاطمة ثابت شيبوب وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة في تونس وماركو أرتشيلي الرئيس التنفيذي لشركة «أكوا باور» خلال توقيع مذكرة تفاهم (الشرق الأوسط)

«أكوا باور» السعودية تبرم مذكرة تفاهم لتطوير مشروع للهيدروجين الأخضر في تونس

وقعت شركة «أكوا باور» السعودية مذكرة تفاهم مع وزارة الصناعة والمناجم والطاقة في تونس، بهدف دراسة تنفيذ مشروع جديد لإنتاج نحو 600 ألف طن من الهيدروجين الأخضر…

«الشرق الأوسط» (تونس)

الحكومة المصرية تواجه «سرقة الكهرباء» بإلغاء الدعم التمويني

أحد أحياء وسط العاصمة المصرية القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
أحد أحياء وسط العاصمة المصرية القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

الحكومة المصرية تواجه «سرقة الكهرباء» بإلغاء الدعم التمويني

أحد أحياء وسط العاصمة المصرية القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
أحد أحياء وسط العاصمة المصرية القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

شدّدت الحكومة المصرية إجراءات مواجهة «سرقة الكهرباء» باتخاذ قرارات بـ«إلغاء الدعم التمويني عن المخالفين»، ضمن حزمة من الإجراءات الأخرى.

وعدّ خبراء الإجراءات الحكومية «مطلوبة ضمن تدابير انتظام خدمة الكهرباء»؛ لكن قالوا «إن الإشكالية ليست في تشديد العقوبات، لكن في كشف وقائع السرقة وضبطها لمعاقبة المخالفين».

وكثّفت وزارة الكهرباء المصرية من حملات التوعية الإعلامية أخيراً لترشيد استهلاك الكهرباء، والتصدي لوقائع سرقة التيار. ودعت المواطنين «بالإبلاغ عن وقائع سرقة التيار الكهربائي حفاظاً على المال العام». وأعدت شركات الكهرباء المصرية، قوائم بأسماء مواطنين جرى تحرير محاضر سرقة التيار الكهربائي بحقهم، لتقديمها لوزارة التموين المصرية، لتنفيذ قرار مجلس الوزراء المصري بـ«رفع الدعم التمويني عنهم». ووفقاً لوسائل إعلام محلية، السبت، نقلاً عن مصادر مسؤولة بوزارة الكهرباء، فإن قائمة المخالفين «ضمت نحو 500 ألف مواطن، بوصفها مرحلة أولى، وتتبعها كشوف أخرى بمن يتم ضبطهم».

وأعلن رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، خلال اجتماع بمجلس المحافظين، الأسبوع الماضي «اتخاذ إجراءات حاسمة ضد كل من يُحرر له محضر سرقة كهرباء، ومن أهمها إيقاف صور الدعم التي يحصل عليها من الدولة المصرية». وقال مدبولي« إن هذا بخلاف الإجراءات القانونية المتبعة للتعامل مع السرقات، بما يسهم في القضاء على هذا السلوك السلبي».

وتواصل الحكومة المصرية حملات التفتيش والضبطية القضائية لمواجهة سرقات الكهرباء. وأعلنت وزارة الداخلية المصرية، السبت، عن حملات قامت بها شرطة الكهرباء، أسفرت عن ضبط 13159 قضية سرقة تيار كهربائي، ومخالفات شروط التعاقد، وفق إفادة لـ«الداخلية المصرية».

من جانبه، طالب رئيس «جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك السابق» في مصر، حافظ سلماوي، بضرورة «تطبيق إجراءات رفع الدعم عن المتهمين بسرقة التيار الكهربائي وفقاً للقانون، حتى لا يتم الطعن عليها»، مشيراً إلى أن «قانون الكهرباء الحالي وضع إجراءات رادعة مع المخالفين، ما بين فرض غرامات وإلغاء تعاقد».

وأوضح سلماوي لـ«الشرق الأوسط» أن «مواجهة سرقات الكهرباء، ليست بحاجة لعقوبات جديدة رادعة». وأرجع ذلك إلى أن العقوبات المنصوص عليها في قانون الكهرباء الحالي «كافية لمواجهة حالات هدر التيار الكهربائي». وقال «إن الأهم من تغليظ عقوبات السرقات، هو اكتشافها وضبط المخالفين وفقاً لإجراءات قانونية سليمة تثبت واقعة السرقة»، مطالباً بتطوير آليات الرقابة على المستهلكين من خلال «التوسع في تركيب العدادات الذكية والكودية، وتكثيف حملات (كشافي) الكهرباء، وحملات الرقابة والضبطية القضائية، خصوصاً في المناطق الشعبية».

ونص قانون الكهرباء لعام 2015، على «معاقبة من استولى بغير حق على التيار الكهربائي، بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر، وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تزيد على 100 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين». وفي حال تكرار السرقة تكون العقوبة «الحبس مدة لا تقل عن سنة، وغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه ولا تزيد على 200 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين». (الدولار يساوي 48.56 جنيه في البنوك المصرية).

وزير الكهرباء المصري يبحث مع مسؤولي شركة «سيمنس» الألمانية التعاون في مواجهة سرقة الكهرباء (الكهرباء المصرية)

وتعتمد وزارة الكهرباء المصرية على إجراءات جديدة لكشف سرقات الكهرباء باستخدام تكنولوجيا حديثة في الرقابة. وناقش وزير الكهرباء المصري، محمود عصمت، مع مسؤولين بشركة «سيمنس» الألمانية، أخيراً، التعاون في «برامج إدارة الطاقة بالشبكة الكهربية (EMS) باستخدام أحدث أساليب التكنولوجيا، والمقترحات الخاصة بكيفية الحد من الفاقد وسرقات التيار الكهربائي في كل الاستخدامات، خصوصاً المنزلي والصناعي».

ومع ارتفاع شكاوى المواطنين من انقطاع الكهرباء في بداية شهور الصيف هذا العام، بدأت الحكومة المصرية من الأسبوع الثالث من يوليو (تموز) الماضي وقف خطة قطع الكهرباء. وتعهدت بوقف تخفيف الأحمال باقي شهور الصيف، كما تعهدت بوقف خطة «انقطاع الكهرباء» نهائياً مع نهاية العام الحالي.

وعدّ رئيس«جهاز تنظيم مرفق الكهرباء السابق بمصر، تلك الإجراءات «مطلوبة لتقليل الهدر في استهلاك الكهرباء»، مشيراً إلى أن «الحكومة تتخذ مجموعة من المسارات لضمان استدامة وانتظام خدمة الكهرباء، وحتى لا تتكرر خطط تخفيف الأحمال (قطع الكهرباء)».

في المقابل، رفض عضو «اللجنة الاقتصادية» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب محمد بدراوي، اتخاذ الحكومة المصرية إجراءات برفع الدعم عن المخالفين في سرقة الكهرباء. وأرجع ذلك إلى أن «غالبية وقائع سرقة الكهرباء تأتي من المناطق الشعبية، ومعظم سكانها مستحقون للدعم»، مشيراً إلى أنه «على المستوى الاقتصادي لن يحقق فائدة، خصوصاً أن تكلفة سرقة الكهرباء قد تفوق قيمة الدعم الذي يحصل عليه المخالفون».

في حين أكد بدراوي لـ«الشرق الأوسط»، «أهمية الإجراءات المشددة لمواجهة الهدر في الكهرباء». وقال إنه مع «تطبيق عقوبات حاسمة تتعلق برفع قيمة الغرامات على المخالفين»، مطالباً بضرورة «إصلاح منظومة الكهرباء بشكل شامل، بحيث تشمل أيضاً تخطيط أماكن البناء في المحافظات، وتسهيل إجراءات حصول المواطنين على التراخيص اللازمة للبناء ولخدمة الكهرباء».