قائد الجيش السوداني: بلادنا تواجه أكبر مؤامرة في تاريخها

البرهان يهاجم حميدتي ويصفه بـ«الخائن المتعطش للسلطة»

قائد الجيش السوداني: بلادنا تواجه أكبر مؤامرة في تاريخها
TT

قائد الجيش السوداني: بلادنا تواجه أكبر مؤامرة في تاريخها

قائد الجيش السوداني: بلادنا تواجه أكبر مؤامرة في تاريخها

مع دخول حرب السودان شهرها الخامس، أعلن رئيس مجلس السيادة قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان، يوم الاثنين، أن بلاده «تواجه أكبر مؤامرة في تاريخها الحديث تستهدف كيان وهوية وتراث ومصير شعبها»، متعهداً بتحقيق نصر قريباً على «التمردين»، في إشارة إلى قوات «الدعم السريع» التي تحارب الجيش منذ منتصف أبريل (نيسان).

وهاجم البرهان في خطاب وجّهه للشعب السوداني بمناسبة العيد الـ69 للقوات المسلحة، قائد قوات «الدعم السريع» الفريق محمد حمدان دقلو المعروف باسم «حميدتي»، واصفاً إياه بـ«المتمرد الخائن المتعطش للسلطة الذي يسعى لإقامة مملكته الخاصة على أنقاض وأشلاء البلاد».

وقال البرهان: «منذ ذلك التاريخ يواجه شعبنا أبشع فصول الإرهاب وجرائم الحرب على أيدي ميليشيا المتمرد الخائن حميدتي وأعوانه»، مضيفاً أن «القوات المسلحة تقف مع خيارات الشعب للوصول إلى توافق على صيغة سياسية محكمة وعادلة تتفادى تجاوزات وأخطاء ما قبل اندلاع الحرب، وصولاً إلى انتخابات حرة».

تمدد مشروع الفوضى

وتابع قائد الجيش السوداني: «لم نكن نتصور أن تمتد يد الغدر والخيانة من قيادة قوات (الدعم السريع) ويستبد بها الطمع والتعطش للسلطة للحد الذي فرض علينا، حكومة وجيشاً وشعباً، هذه الحرب التي نخوضها مضطرين دفاعاً عن أمن وكرامة الأمة السودانية. وسلكنا كل السبل وقدمنا كل ما يمكن لمنع وقوعها حفاظاً على أرواح ودماء الشعب».

وذكر البرهان، أن قائد قوات (الدعم السريع)، استغل ثورة الشعب في ديسمبر (كانون الأول) 2019 في «تمرير مشروع الفوضى وخلق الأزمات الأمنية والاقتصادية ليقيم مملكته الخاصة على أنقاض وأشلاء البلاد وشعبها والقوات المسلحة تحت زيف شعارات استعادة الديمقراطية والحكم المدني». وأضاف: «هذه الشعارات عايش زيفها شعبنا على مدى الأشهر الماضية نهباً للممتلكات وقتلاً وتنكيلاً بالأنفس واغتصاب الحرائر في الخرطوم ودارفور». وتعهد قائد الجيش السوداني، بالاحتفال قريباً بالنصر على «التمرد الغاشم».

واندلعت الحرب بين جنرالين بسبب الخلافات حول دمج قوات «الدعم السريع» في الجيش لتشكيل جيش قومي موحّد، خلّفت آلاف القتلى والمصابين وسط المدنين والعسكريين. ولا تزال المعارك والمواجهات مستمرة بين طرفي القتال في العاصمة الخرطوم وعدد من ولايات إقليم دارفور.

جانب من احتفال الجيش السوداني بعيده الـ69 في مدينة القضارف بشرق البلاد يوم 14 أغسطس (أ.ف.ب)

القوى المدنية

في غضون ذلك، بدأت القوى السياسية والمدنية الموقّعة على «الاتفاق الإطاري»، اجتماعات في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، مساء يوم الاثنين، تهدف إلى بناء «أوسع جبهة مدنية لمناهضة الحرب». وقال القيادي في تحالف «الحرية والتغيير»، خالد عمر يوسف: إن «الاجتماع يناقش قضايا الأزمة الإنسانية الكارثية التي يعانيها الشعب السوداني، وكيفية تطوير رؤية سياسية تسهم في التعجيل بإنهاء الحرب». وقاد تحالف «الحرية والتغيير»، الذي يجمع أكبر عدد من الأحزاب السياسية والمنظمات المدنية في البلاد، ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2018 التي أطاحت حكم الرئيسي المعزول عمر البشير.

وأضاف يوسف في تصريحات صحافية على موقع التحالف في وسائط التواصل الاجتماعي: «سنعمل بكل قوة لإسكات صوت البنادق عبر حل سياسي عادل ومنصف، ونأمل أن يشكل الاجتماع دفعة لتعزيز الجهود السودانية لوضع حد لهذه الكارثة التي حلّت ببلادنا».

الجيش السوداني ناشد المواطنين الانضمام إلى صفوفه لمواجهة قوات «الدعم السريع» (أ.ف.ب)

الدور الإثيوبي

وتقدم يوسف بالشكر للحكومة الإثيوبية لاستضافة هذا الاجتماع على أراضيها التي احتضنت آلاف السودانيين الفارين من الحرب، مشيداً بجهودها إلى جانب المؤسسات الدولية والإقليمية من أجل إحلال السلام في السودان.

ويشارك في الاجتماع قادة الأحزاب السياسية المنضوية في تحالف «الحرية والتغيير»، بالإضافة إلى عدد من قيادات النقابات المهنية ومنظمات المجتمع المدني. وأعـلن تحالف «قوى التغيير» مراراً دعمه «منبر جدة» الذي ترعاه السعودية والولايات المتحدة لحل أزمة السودان ووقف الحرب؛ لما حققه من تقدم ملموس في اتجاه الوصول إلى اتفاق بين طرفي القتال الجيش وقوات «الدعم السريع» بشأن وقف إطلاق النار والترتيبات الإنسانية للمدنيين العالقين في مناطق النزاعات. وسبق أن رحّب التحالف بكل المبادرات الإقليمية من دول الجوار التي تهدف لوقف الحرب، داعياً إلى توحيدها في «منبر جدة».

لقطة من فيديو تُظهر جنوداً من الجيش السوداني يقودون مركبات عسكرية في أحد شوارع أمدرمان (أ.ف.ب)

معارك الخرطوم ودارفور

اندلعت معارك جديدة بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» في مناطق مختلفة من العاصمة الخرطوم وفي إقليم دارفور يوم الاثنين، وفق ما أفاد سكان قالوا إنه سُمع دوي «ضربات جوية مكثفة وانفجارات قوية» في العاصمة. وفي جنوب دارفور، استيقظ السكان مجدداً «على أصوات المدفعية وواصلوا الفرار من المدينة» التي تتعرض لهجوم من قوات «الدعم السريع». وقال مصدر طبي من نيالا، ثاني كبرى المدن السودانية، لوكالة الصحافة الفرنسية: «رغم صعوبات الوصول إلى مستشفى نيالا بسبب القصف، استقبلنا 66 جريحاً، توفي ستة منهم». وسبق أن شهد إقليم دارفور حرباً أهلية في العقد الأول من القرن الحالي، معقل قوات «الدعم السريع». وتركزت المعارك لفترة طويلة في الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور، حيث وقعت ربما «جرائم ضد الإنسانية»، وفق الأمم المتحدة. وتحدثت مصادر عدة عن مجازر بحق المدنيين واغتيالات ذات طابع عرقي يعتقد أن قوات «الدعم السريع» والميليشيا العربية المتحالفة معها تقفان وراءها.

على الجانب الآخر من الحدود، في بلدة أدري في شرق تشاد «وصل أكثر من 358 ألف لاجئ» منذ بدء النزاع في 15 أبريل، وفق منظمة «أطباء بلا حدود». وأعربت المنظمة غير الحكومية عن قلقها إزاء هذه المخيمات، حيث لا وجود لأعضاء المنظمة «لاستقبال جميع الأشخاص الذين ينقلون إلى هناك. وبالتالي، يتعرضون للشمس والمطر وليس لديهم ما يكفي من الطعام والماء وحتى معدات الطهو. الحاجات هائلة والموارد محدودة جداً»، وفق ما أوضحت سوزانا بورجيس، منسقة الطوارئ في المنظمة في تشاد. وأودى الصراع في السودان بـ3900 شخص على الأقل في أربعة أشهر.


مقالات ذات صلة

وزير خارجية مصر يؤكد دعم بلاده الكامل للسودان ومؤسساته الوطنية

شمال افريقيا سودانيون في شوارع بورتسودان (أ.ف.ب)

وزير خارجية مصر يؤكد دعم بلاده الكامل للسودان ومؤسساته الوطنية

أكد وزير الخارجية والهجرة المصري، بدر عبد العاطي، اليوم، على دعم بلاده الكامل للسودان ومؤسساته الوطنية، مشدداً على ضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي السودانية.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)

البرهان: الحرب لن تتوقف إلا بالقضاء على «الدعم السريع»

أكد رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، اليوم (الثلاثاء)، أن انتصارات الجيش ستتواصل، وإن الحرب لن تتوقف إلا بالقضاء على «قوات الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا سودانيون يحتفلون في مروي في الولاية الشمالية شمال السودان في 11 يناير 2025... بعد أن أعلن الجيش دخول عاصمة ولاية الجزيرة الرئيسية ود مدني (أ.ف.ب)

الجيش السوداني ينفي تورّطه في هجمات على مدنيين بولاية الجزيرة

نفى الجيش السوداني، اليوم (الثلاثاء)، تورطه في هجمات على مدنيين في ولاية الجزيرة التي استعاد عاصمتها ود مدني من «قوات الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا سودانيون يفرون من مدينة ود مدني بولاية الجزيرة (أ.ف.ب)

أنباء عن تنكيل جماعي بعشرات المدنيين في ولاية الجزيرة السودانية

وثقت هيئة «محامو الطوارئ» (منظمة حقوقية) أكثر من 7 تسجيلات مصورة، قالت إنها «لانتهاكات وتصفيات عرقية في ولاية الجزيرة».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا البرهان يحيي مؤيديه في أم درمان غرب الخرطوم  (أرشيفية - أ.ب)

البرهان يرفض السلام قبل القضاء على «الدعم السريع»

أوضح البرهان، أنه قدم «شرحاً وتنويراً للقادة في دول غرب أفريقيا»، وأبلغهم أن السودان «يواجه غزواً واستعماراً جديدين»...

أحمد يونس (كمبالا)

أنباء عن تنكيل جماعي بعشرات المدنيين في ولاية الجزيرة السودانية

سودانيون يفرون من مدينة ود مدني بولاية الجزيرة (أ.ف.ب)
سودانيون يفرون من مدينة ود مدني بولاية الجزيرة (أ.ف.ب)
TT

أنباء عن تنكيل جماعي بعشرات المدنيين في ولاية الجزيرة السودانية

سودانيون يفرون من مدينة ود مدني بولاية الجزيرة (أ.ف.ب)
سودانيون يفرون من مدينة ود مدني بولاية الجزيرة (أ.ف.ب)

انتشرت مقاطع فيديو صادمة على منصات التواصل الاجتماعي توثق عمليات تنكيل جماعي بمدنيين على أيدي عناصر ترتدي أزياء الجيش السوداني، في مناطق متفرقة من ولاية الجزيرة وسط السودان، التي استردها الجيش والفصائل المسلحة المتحالفة معه، السبت الماضي.

واستهدفت تلك الارتكابات، بشكل مقصود مجموعات عرقية وإثنية من أصول أفريقية أغلبهم من سكان «الكنابي» الذين استوطنوا ولاية الجزيرة منذ عقود طويلة، بمزاعم أن هذه المجموعات تتعاون وتخابر مع «قوات الدعم السريع».

وقلّلت القوات المسلحة السودانية (الجيش) من عمليات القتل الواسعة، التي نفذها رجال بثياب عسكرية، ضد مدنيين في مدينة ود مدني بولاية الجزيرة تحت ذريعة «التعاون» مع «قوات الدعم السريع»، وتضمنت القتل «ذبحاً وحرقاً» وإطلاق الرصاص على الرؤوس، والإلقاء في مياه النيل الأزرق، وعدّها «تجاوزات فردية» في بعض المناطق عقب ما سماه «تطهير» مدينة ود مدني.

مواطنون ينزحون من مدينة ود مدني السودانية من جراء الحرب بين «قوات الدعم» والجيش (أ.ف.ب)

وأدان بيان صادر عن مكتب الناطق الرسمي للجيش، الثلاثاء، تلك الجرائم، وقال: «إن القوات المسلحة السودانية ملتزمة بصرامة بالقانون الدولي، وحريصة على محاسبة كل من يتورط في أي تجاوزات تطول أي شخص من الكنابي و قرى الولاية طبقاً للقانون»، لكنه لم يشر إلى تشكيل لجان تحقيق.

واتهم الجيش جهات لم يسمها، «بالتربص بالبلاد، ومحاولة استغلال أي تجاوزات فردية لإلصاقها بالقوات المسلحة والقوات المساندة لها، في الوقت الذي تلوذ بالصمت حيال جرائم الحرب المستمرة والمروعة التي ترتكبها ميليشيا آل دقلو الإرهابية ضد المدنيين»، مشيراً إلى أنه ينسق مع لجنة أمن الولاية لمتابعة الحالة الأمنية في ولاية الجزيرة.

وقبل أن يفيق السودانيون من صدمة مقتل العشرات من سكان قرية طيبة «كمبو 5» وبينهم أطفال وكبار في السن، بالقرب من بلدة أم القرى شرق الجزيرة، بدوافع عرقية، على أيدي مقاتلين لإحدى الفصائل التي تحارب إلى جانب الجيش، توالت عمليات القتل الجماعي في مناطق أخرى بالولاية.

أجبرت الاشتباكات آلاف السوادنيين على الفرار من ود مدني (أ.ف.ب)

وأظهر تسجيل مصور، عناصر من «كتيبة البراء بن مالك»، أبرز الجماعات الجهادية المتطرفة، وهي تلقي بأحد الشباب من أعلى «جسر حنتوب» إلى نهر النيل الأزرق، وهم يطلقون عليه وابلاً من الرصاص، ويرددون شعارات.

بدورها، اتهمت «قوات الدعم السريع» قوات «الحركة الإسلامية الإرهابية» بارتكاب جرائم تطهير عرقي والقتل على أساس الهوية واللون في ود مدني والكنابي، أسفرت عن تصفية وإعدام المئات، بجانب عمليات الاحتجاز القسري والتعذيب والاعتداء على النساء وإذلال كبار السن.

وقالت في بيان على منصة «تلغرام» إن «توثيق جنود القوات المسلحة السودانية والميليشيات التابعة لها، من كتائب الحركة الإسلامية والفصائل الأخرى، للجرائم بحق المدنيين التي شملت إطلاق النار والذبح، يشكل أدلة مكتملة الأركان لإدانة سلوك هذه الجماعات المتطرفة».

واتهم البيان، الجيش وميلشياته بارتكاب «جرائم إبادة جماعية»، واتباع استراتيجية «تهدف لتفريغ بعض المناطق من سكانها، عبر التهجير القسري، الذي يتخذ أبعاداً إثنية وفق خطة ممنهجة تمثلها جرائم التطهير العرقي الجارية حالياً، باستخدام وسائل الضغط والترهيب والاضطهاد».

نساء وأطفال في مخيم للنازحين أقيم في مدينة ود مدني بالسودان (أ.ف.ب)

ووثقت هيئة «محامو الطوارئ» (منظمة حقوقية) أكثر من 7 تسجيلات مصورة، قالت إنها «لانتهاكات وتصفيات عرقية في ولاية الجزيرة»، وأفادت عضو المكتب التنفيذي بالمنظمة، رحاب مبارك، في بيان، بأن «هذه الفيديوهات التي تم رصدها، توثق للمجازر العرقية، وكل انتهاك يحدث في الولاية الوسطية».

وبدورها، قالت هيئة «محامو دارفور» (حقوقية تطوعية) إنها تتحقق من عشرات مقاطع الفيديو لعمليات قتل وذبح وحرق وإحراق، تلقتها من جهات عديدة، بجانب قائمة بأسماء 128 شخصاً، قتلوا عقب استرداد الجيش لمدينة ود مدني.

وسيطرت «قوات الدعم السريع» على مدينة ود مدني في ديسمبر (كانون الأول) 2023، بعد انسحاب قوات الفرقة الأولى مشاة التابعة للجيش منها، وظلت تحت سيطرتها طوال عام واجهت خلاله أيضاً اتهامات بارتكاب انتهاكات كبيرة ضد المدنيين... ثم استعاد الجيش المدينة 11 يناير (كانون الثاني) الحالي، دون خوض معارك كبيرة.