أزمة بين السودان والأمم المتحدة حول المبعوث الأممي

استخبارات الجيش تضبط أسلحة في طريقها لقوات «الدعم السريع»

فولكر بيرتس رئيس بعثة الأمم المتحدة إلى السودان (رويترز)
فولكر بيرتس رئيس بعثة الأمم المتحدة إلى السودان (رويترز)
TT
20

أزمة بين السودان والأمم المتحدة حول المبعوث الأممي

فولكر بيرتس رئيس بعثة الأمم المتحدة إلى السودان (رويترز)
فولكر بيرتس رئيس بعثة الأمم المتحدة إلى السودان (رويترز)

اشتعلت أزمة دبلوماسية جديدة بين السودان وهيئة الأمم المتحدة، بعد أن اشترط وفد البعثة السودانية لحضور جلسة مجلس الأمن المخصصة للسودان، مساء الأربعاء، استبعاد المبعوث الأممي للسودان فولكر بيرتس الذي تتهمه الخرطوم بـ«عدم الحياد والتدخل في الشؤون الداخلية للبلاد»، بعد أن قدم تقريراً في وقت سابق عن الفظائع التي تُرتكب في الحرب المشتعلة في السودان منذ منتصف أبريل (نيسان) الماضي.

وخلال اجتماع مجلس الأمن، ندّدت السفيرة الأميركية ليندا توماس-غرينفيلد، التي تتولى بلادها حالياً الرئاسة الدورية للمجلس، بغياب بيرتس قائلة: «ما نفهمه الآن هو أن الحكومة السودانية حذّرت من أنه إذا شارك الممثل الخاص للأمين العام في الاجتماع فإن هذا سيضع حداً لبعثة الأمم المتحدة في السودان». ووجهت السفيرة الأميركية حديثها للمندوب السوداني الحارث إدريس، قائلة: «هذا الأمر غير مقبول».

نفي سوداني

من جهته نفى المندوب السوداني صحّة الاتهام، قائلاً إن «البعثة السودانية لدى الأمم المتحدة لم توجّه رسالة تهدد فيها بمقاطعة جلسة مجلس الأمن». لكن توماس-غرينفليد كرّرت اتّهامها لاحقاً أمام الصحافيين في مقر الأمم المتحدة. وأوضحت السفيرة الأميركية أنه «قيل لنا أمس إن فولكر بيرتس سيتحدث أمام المجلس، ثم سُحب اسمه لاحقاً، وفهمنا من ذلك أن الحكومة السودانية هددت بإخراج بعثة الأمم المتحدة من السودان»، واصفة هذا التصرّف بأنه «مخز» تجاه المنظمة الدولية.

وقال وزير الخارجية السوداني علي الصادق، أمس، إن بيرتس «لم يعد ممثلاً للأمم المتحدة في السودان»، داعياً الأمين العام أنطونيو غوتيريش لتعيين ممثل جديد. وأضاف أن رفض الخرطوم حضور بيرتس جلسة مجلس الأمن الدولي، لا ينطوي على «أي ابتزاز أو تهديد لأحد، لأن السودان مارس حقه المشروع في قبول من يرى أنه يخدم البلد وشعبه ويرفض من يعمل ضده».

جندي في الجيش السوداني خلال إطلاقه النار باتجاه قوات «الدعم السريع» في أمدرمان (أ.ف.ب)
جندي في الجيش السوداني خلال إطلاقه النار باتجاه قوات «الدعم السريع» في أمدرمان (أ.ف.ب)

شحنة أسلحة

ميدانياً، أعلن الجيش السوداني يوم الخميس ضبط شحنة من الأسلحة كانت في طريقها إلى قوات الدعم السريع عبر إحدى الطرق البرية في حدود منطقة البطانة مع شرق البلاد، وفي موازاة ذلك أفاد شهود عيان بشن الجيش غارة جوية على ضاحية الرياض شرق العاصمة الخرطوم استهدفت وجودا لقوات الدعم السريع. وذكر الجيش في تعميم صحافي على الصفحة الرسمية بموقع «فيسبوك»، أن استخبارات الفرقة «11» مشاة بمنطقة خشم القربة (حلفا) تمكنت من ضبط ثلاث سيارات محملة بالأسلحة في طريقها لقوات الدعم السريع. ويشدد الجيش من الرقابة على المنافذ والطرق البرية في المناطق التي تمتد بين الإقليم الشرقي على طول سهل البطانة إلى ولاية الخرطوم حيث تدور المعارك بين الطرفين. وفي يوليو (تموز) الماضي قصف الطيران الحربي رتلاً من السيارات تابعاً لقوات الدعم السريع بمنطقة الحسناب عند مدخل شرق النيل التي تبعد نحو 60 كيلومتراً عن العاصمة الخرطوم.

فتيات سودانيات فررن من الصراع في الجنينة بمنطقة دارفور السودانية يصطففن عند نقطة مياه في أدري بتشاد (رويترز)
فتيات سودانيات فررن من الصراع في الجنينة بمنطقة دارفور السودانية يصطففن عند نقطة مياه في أدري بتشاد (رويترز)

تواصل الاشتباكات

وفي غضون ذلك تواصلت الاشتباكات بين طرفي القتال في السودان الجيش وقوات «الدعم السريع» في الخرطوم، وأفاد شهود عيان «الشرق الأوسط» بسماعهم دوى قذائف مدفعية ثقيلة باتجاه «سلاح الإشارة» التابع للجيش بمدينة بحري. ومنذ اندلاع الاشتباكات في منتصف أبريل (نيسان) الماضي صد الجيش السوداني الكثير من الهجمات لقوات الدعم السريع التي تحاول الاستيلاء على سلاح الإشارة، بعد سيطرتها على عدد من المعسكرات الاستراتيجية المهمة للجيش جنوب الخرطوم. وبدورها أعلنت قوات الدعم السريع انشقاق مجموعة جديدة من ضباط وجنود الفرقة السادسة للجيش بمدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور وانضمامهم لقواتها. وقالت في بيان إن القوات التي انضمت لها خلال الفترة الماضية تجاوز عددهم الآلاف وسيشكلون النواة الأساسية للجيش القومي المهني الواحد الذي يضم جميع السودانيين. وجددت الدعوة للمنتسبين للقوات المسلحة السودانية بالانحياز لإرادة الشعب من أجل القضاء على «فلول النظام المعزول وإعادة بناء البلاد على أسس جديدة».

لقطة من فيديو تُظهر جنوداً من القوات المسلّحة السودانية يقودون مركبات عسكرية في أحد شوارع أمدرمان (أ.ف.ب)
لقطة من فيديو تُظهر جنوداً من القوات المسلّحة السودانية يقودون مركبات عسكرية في أحد شوارع أمدرمان (أ.ف.ب)

دول الترويكا

وأدانت دول الترويكا (النرويج وبريطانيا وأمريكا) في بيان العنف المستمر في دارفور، والتقارير التي تفيد بحوادث على أساس العرق والعنف الجنسي الواسع النطاق من قبل قوات الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها. وأكدت أن على طرفي القتال إسكات بنادقهما وإيجاد مخرج تفاوضي والتخلي عن تمسكهما بالسلطة لصالح حكومة انتقالية مدنية. ودعت جميع الأطراف إلى الوقف الفوري للهجمات ومنع المزيد من انتشار القتال ومحاسبة المسؤولين، مشددة على منح الوصول الكامل إلى المناطق المتضررة من الصراع حتى يتسنى التحقيق في التجاوزات وإيصال المعونة الإنسانية إلى الناجين. وعبرت دول الترويكا عن قلقها بشأن تقارير تفيد بتجمع عسكري بالقرب من مدن الفاشر ونيالا بدارفور حيث سيعرض المزيد من المدنيين للعنف والخطر. وأشار البيان إلى أن اتساع نطاق الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع تسبب في معاناة بشرية لا تحصى ويجب مساءلة المسؤولين عن أي أعمال عدائية ووحشية ضد المدنيين. وحثت دول الترويكا طرفي النزاع على الالتزام بالقانون الإنساني لحماية المدنيين وتمكين وصول المساعدات الإنسانية إلى دارفور وجميع أنحاء البلاد.


مقالات ذات صلة

«الدعم السريع» توجه نداءً للجيش والقوة المشتركة بإخلاء الفاشر

شمال افريقيا لقطة من فيديو بثه «الدعم السريع» لعناصر في الفاشر عبر «تلغرام» الثلاثاء

«الدعم السريع» توجه نداءً للجيش والقوة المشتركة بإخلاء الفاشر

عاد الهدوء الحذر يخيم على الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور في غرب السودان، بعد يوم من هجوم كبير شنته «قوات الدعم السريع» على المدينة من كل المحاور، وصده الجيش.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا البرهان متحدثاً في مؤتمر الخدمة المدنية ببورتسودان الثلاثاء (أ.ف.ب)

البرهان ينفي دور «إخوان بورتسودان» في التحريض على الحرب

نفى رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان وجود «أي دور للإسلاميين وأنصار النظام السابق في بورتسودان في استمرار الحرب».

أحمد يونس (كمبالا) وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا أشخاص يسيرون أمام مركبات مدمرة في الخرطوم يوم 28 أبريل 2025 (أ.ف.ب)

أكثر من 20 قتيلاً في قصف مدفعي لـ«الدعم السريع» على مخيم للنازحين غرب السودان

قُتل أكثر من 20 مدنياً وجُرح 40 آخرون في الأيام الثلاثة الأخيرة في قصف لـ«قوات الدعم السريع» على مخيم للنازحين تضربه المجاعة في غرب السودان.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا السيسي يلتقي البرهان في قصر الاتحادية بالقاهرة 28 أبريل 2025 (الرئاسة المصرية)

السيسي والبرهان يبحثان الأمن المائي وإعادة إعمار السودان

عززت مصر من دعمها للسودان، في ضوء ظروف الحرب الداخلية، وذلك خلال مباحثات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا قائد الجيش عبد الفتاح البرهان مع جنوده أثناء زيارة سابقة إلى الخرطوم (صفحة الجيش السوداني)

تصاعد استخدام المسيّرات في الحرب السودانية

تجددت هجمات الطائرات المُسيرة التابعة لـ«قوات الدعم السريع» لليوم الثاني على التوالي، مستهدفة عدة مواقع عسكرية وبنية تحتية في السودان.

أحمد يونس (كمبالا)

البرهان يعرض عفواً عمن يلقون السلاح

البرهان يعرض عفواً عمن يلقون السلاح
TT
20

البرهان يعرض عفواً عمن يلقون السلاح

البرهان يعرض عفواً عمن يلقون السلاح

عرض رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، في كلمة له ببورتسودان، أمس (الثلاثاء)، عفواً عمن يلقي السلاح، قائلاً إن «الحرب ضد من يحمل السلاح ضد الدولة، وسنعفو عمن يضع السلاح (...) ويتبرأ من ذنوبه في ما تعرض له السودانيون»، مشيراً إلى أن هناك «من كانوا مع الميليشيات (الدعم السريع) وعادوا للقتال مع الجيش، وحراستي الشخصية فيها سودانيون من كل القبائل».

ونفى البرهان، غداة عودته من مصر، حيث التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، وجود «أي دور للإسلاميين وأنصار النظام السابق في بورتسودان في استمرار الحرب».