لماذا ترفض «قوة الردع» إحضار صهر القذافي إلى المحكمة؟

محامي السنوسي لـ«الشرق الأوسط»: ستُكشف «خيوط المؤامرة» بحصوله على البراءة

السنوسي مدير الاستخبارات العسكرية في عهد القذافي (أرشيفية من رويترز)
السنوسي مدير الاستخبارات العسكرية في عهد القذافي (أرشيفية من رويترز)
TT
20

لماذا ترفض «قوة الردع» إحضار صهر القذافي إلى المحكمة؟

السنوسي مدير الاستخبارات العسكرية في عهد القذافي (أرشيفية من رويترز)
السنوسي مدير الاستخبارات العسكرية في عهد القذافي (أرشيفية من رويترز)

عبرت عائلة عبد الله السنوسي، رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية في عهد الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي عن صدمتها من تأجيل محاكمته إلى الشهر المقبل، وذلك على خلفية رفض «قوة الردع» إحضاره إلى محكمة استئناف طرابلس، لكنها لا تزال تنتظر لحظة الإفراج عنه.

وأمام امتناع ميليشيا «قوة الردع» المسلحة، التي يقودها عبد الرؤوف كارة، عن الاستجابة لمطالب المحكمة المتكررة، تكررت الأسئلة عن الأسباب وراء ذلك، وإلى متى ستبقي «قوة الردع» على السنوسي، صهر القذافي، حبيساً في سجن معيتيقة الذي يقع تحت سيطرتها.

وأرجأت المحكمة التي انعقدت مساء (الاثنين) محاكمة السنوسي، ومنصور ضو، رئيس الأمن المكلف حماية القذافي، إلى الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) المقبل، لعدم جلبهما من محبسهما كما كان مقرراً في الجلسة السابقة.

ويعد السنوسي (72 عاماً) واحداً من أقوى رجال النظام السابق، وقد حُكم عليه بالإعدام عام 2015 لاتهامه بقمع «ثورة» 17 فبراير (شباط) 2011. وفي نهاية عام 2019 برّأته محكمة في العاصمة طرابلس مع آخرين من حكم مماثل في قضية «مذبحة سجن أبو سليم»، غير أن المحكمة العليا في البلاد نقضت الحكم، وأعادت المحاكمة بإسنادها لدائرة جنايات جديدة.

وعقب تأجيل محاكمته (الاثنين)، تساءلت عائلته، التي صُدمت من تأجيل القضية للمرة السادسة، في تصريح صحافي: متى ستنتهي ما وصفته بـ«المسرحية الهزلية»، وقالت إن «من يقفون خلف هذه المسرحية يودون التخلص من والدنا بإطالة سجنه، وإهمال أمراضه الخطيرة للتخلص منه تدريجياً، وللأسف تحت غطاء القانون!».

واشتكت قبيلة «المقارحة»، التي ينتمي إليها السنوسي، من أنه «يعاني من أمراض القلب وسرطان الكبد»، كما نقلت ابنته العنود لوسائل إعلام عديدة أنه «يعاني وضعاً صحياً سيئاً»، مطالبة السلطة الليبية بالإفراج عنه.

ويعتقد مقربون من السنوسي أن السلطة التنفيذية في البلاد «تتعمد تغييبه» في السجن «إرضاء لثوار فبراير»، لكن عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، التقى أكثر من مرة مشايخ وأعيان قبيلة «المقارحة»، ووعدهم ببحث قضية السنوسي.

وسبق أن عزا الشيخ هارون أرحومة، أحد أعيان قبيلة «المقارحة»، سبب الإبقاء على السنوسي رهن السجن؛ «لكونه محبوباً في مناطق ليبيا كافة»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إنهم يتعنتون في الإفراج عن ولدنا؛ لأنهم يعرفون قدره؛ فالجميع يحبونه بعيداً عن الحسابات الجهوية، وغالبية الشعب تريد الإفراج عنه».

والسنوسي هو زوج شقيقة صفية فركاش، الزوجة الثانية للقذافي، وكان ضمن الدائرة المقربة جداً منه طوال فترة حكمه، التي جاوزت 42 عاماً، وهو لا يزال ملاحقاً من المحكمة الجنائية الدولية.

وأمام تكرار تأجيل محكمة السنوسي، رأى أحمد نشاد، محامي السنوسي، في حديث إلى «الشرق الأوسط»، أن سجّانيه «يدركون أن مآل الحكم سيكون ببراءته من التهم المنسوبة إليه... وحينها ستتكشف خيوط المؤامرة ضد ليبيا».

ويدافع أنصار السنوسي عنه في مواجهة أي اتهامات توجه إليه، مشيرين إلى أنه «مستهدف لكونه شخصية مؤثرة في ليبيا سابقاً وراهناً»، في وقت يرى فيه نشطاء محسوبون على «ثورة 17 فبراير» أن له دوراً في «قمع الثوار»، و«يجب محاكمته».

وكان السنوسي قد غادر ليبيا بعد سقوط نظام القذافي، لكن أُلقي القبض عليه عام 2012، بعد وصوله من المغرب إلى موريتانيا بجواز سفر قالت السلطات الأمنية في طرابلس حينها إنه «مزوّر».

ويرى الرافضون لسجن السنوسي أن لديه «علاقات جيدة» وسط القبائل الليبية، قد تمكنه من تفعيل «المصالحة الوطنية»، التي يتبناها المجلس الرئاسي الليبي، وقطع فيها شوطاً بعقد مؤتمرات عدة حضرها ممثلو النظام السابق.

وسبق أن استقبل الدبيبة، ومحمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي، وفوداً من قبيلة «المقارحة»، وبحثا معها ملف الإفراج عن السنوسي، لكن دون تحرك ملموس يوشي بذلك، وفقاً للشيخ أرحومة، الذي قال إنهم «يرفضون اللجوء إلى ممارسة الضغوط على السلطة من أجل إطلاق سراح السنوسي»، مضيفاً: «نحن نمنع شبابنا من أي إجراءات تصاعدية، ونتحكم في غضبهم... لكن لو قدر الله وحصل أي مكروه لعبد الله، فإننا لن نضمن وقوع أشياء كثيرة».



«قفزات متتالية» في تحويلات المصريين بالخارج... ما الأسباب؟

كانت أكبر نسبة تراجع لتحويلات المصريين بالخارج بين عامي 2022 و2023 (رويترز)
كانت أكبر نسبة تراجع لتحويلات المصريين بالخارج بين عامي 2022 و2023 (رويترز)
TT
20

«قفزات متتالية» في تحويلات المصريين بالخارج... ما الأسباب؟

كانت أكبر نسبة تراجع لتحويلات المصريين بالخارج بين عامي 2022 و2023 (رويترز)
كانت أكبر نسبة تراجع لتحويلات المصريين بالخارج بين عامي 2022 و2023 (رويترز)

واصلت تحويلات المصريين العاملين بالخارج تسجيل «قفزات قياسية متتالية»، وغير مسبوقة، بحسب بيانات حكومية رسمية، في حين يرى خبراء أن الأسباب تتمثل «في تحرير سعر الصرف وتقديم حوافز ومبادرات ساهمت في جذب المزيد من التحويلات».

وأعلن البنك المركزي المصري في بيان، الأربعاء، أنه «للشهر الحادي عشر على التوالي استمرت تحويلات المصريين العاملين بالخارج في تحقيق قفزات متتالية عقب الإجراءات الإصلاحية في مارس (آذار) 2024، حيث ارتفعت خلال يناير (كانون الثاني) 2025 بمعدل 83.2 في المائة لتصل إلى نحو 2.9 مليار دولار، مقابل نحو 1.6 مليار دولار خلال يناير 2024، وهي تدفقات لم تحدث من قبل خلال شهر يناير من كل عام»، بحسب البيان. (الدولار الأميركي يساوي 51 جنيهاً في البنوك المصرية).

وأضاف بيان «المركزي» أن «التحويلات خلال الأشهر السبعة الأولى من السنة المالية 2024 - 2025 (الفترة من يوليو/تموز حتى يناير) شهدت ارتفاعاً بمعدل 81.0 في المائة لتصل إلى نحو 20.0 مليار دولار مقابل نحو 11.0 مليار دولار خلال الفترة ذاتها من العام المالي السابق».

الأكاديمي الاقتصادي المصري، الدكتور كريم العمدة، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «الاقتصاد المصري مرَّ بفترة صعبة كانت ذروتها في عامي 2022 و2023 بسبب غياب الرؤية والضبابية نتيجة تأخر الحكومة في علاج المشكلات، خصوصاً مشكلة الدولار ووجود سعر صرف مرتفع جداً للدولار في السوق السوداء عن سعره بالبنوك؛ ما كان يعوق عجلة الاقتصاد بالكامل، سواء بالنسبة للتجارة أو الصناعة أو الاستثمارات».

وأضاف: «من أهم الموارد التي تضررت تحويلات المصريين بالخارج التي توقفت لعدم رغبتهم في الخسارة من خلال التحويل بسعر منخفض في البنوك بينما السعر مضاعف في السوق السوداء».

وكانت أكبر نسبة تراجع لتحويلات المصريين العاملين بالخارج في الفترة بين يوليو 2022 إلى مارس 2023، حيث تراجعت بنسبة اقتربت من 30 في المائة، بحسب بيانات البنك المركزي المصري، و«عانت البلاد وقتها شحاً كبيراً في العملة الصعبة»، بحسب مراقبين.

العمدة أوضح أنه «بعد تحرير سعر الصرف في البنوك وأصبح خاضعاً للعرض والطلب وتضاعف السعر الرسمي تقريباً بالتوازي مع القضاء على السوق السوداء، فإن ذلك دفع المصريين في الخارج الذين أحجموا عن التحويلات من قبل إلى إرسال أموالهم عبر البنوك للاستفادة من السعر الرسمي المرتفع»، متوقعاً أن «تصل تحويلات المصريين بالخارج في نهاية العام المالي الحالي، شهر يونيو (حزيران) المقبل إلى نحو 36 مليار دولار».

مقر البنك المركزي المصري بوسط القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مقر البنك المركزي المصري بوسط القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

تجدر الإشارة إلى أن مصر عانت أزمة كبيرة بشأن ازدواج سعر الصرف، حيث كان السعر الرسمي للدولار نحو 30 جنيهاً، بينما وصل في السوق الموازية إلى 70 جنيهاً؛ ما دفع «المركزي» إلى تحرير سعر الصرف في مارس 2024. ومن وقتها أصبح السعر الرسمي للدولار نحو 50 جنيهاً، يزيد أو يقل بحسب العرض والطلب، كما تم القضاء على السوق الموازية.

لكن العمدة شدد على أنه «مع أهمية تحويلات المصريين في الخارج بصفتها مورداً للعملة الصعبة بالبلاد، فإنه لا يجب التعويل عليها بصفتها إنجازاً للحكومة؛ بل هو إنجاز للعاملين في الخارج، بينما إنجازات الدولة تتمثل في نهضة الصناعة والزراعة وزيادة الصادرات».

ويتفق أستاذ الاقتصاد الدولي، عضو «الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع»، علي الإدريسي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» على أن «الإصلاحات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة المصرية، كانت أهم الأسباب، وعلى رأسها تبني نظام سعر صرف مرن، وذلك جزء من اتفاقية مع صندوق النقد الدولي؛ ما عزز الثقة في الاقتصاد المصري».

واتفقت الحكومة المصرية مع صندوق النقد الدولي في مارس 2024 على قرض ميسَّر لمصر بقيمة 8 مليارات دولار على دفعات تنتهي في 2026، مقابل الالتزام ببعض الشروط الخاصة بمرونة أكثر في سعر صرف الجنيه، ورفع الدعم عن الكهرباء والمحروقات، والتوسع في دور القطاع الخاص داخل الأنشطة الاقتصادية في البلاد، وتوسيع شبكة الضمان الاجتماعي للفئات الأكثر احتياجاً، وخفض الدين العام وخفض الأموال الممنوحة للدعم مع توجيهه إلى الفئات الأكثر استحقاقاً.

ويرى الإدريسي أن من أسباب زيادة تحويلات المصريين في الخارج أيضاً «رفع معدلات الفائدة على الودائع بالجنيه المصري والدولار الأميركي؛ ما شجع المصريين بالخارج على تحويل أموالهم للاستفادة من العوائد المرتفعة»، منوهاً بأن أحد الأسباب كذلك «زيادة عدد المصريين بالخارج مما عزَّز حجم التحويلات الواردة».

أوراق نقدية من فئة الجنيه المصري والدولار الأميركي (أ.ف.ب)
أوراق نقدية من فئة الجنيه المصري والدولار الأميركي (أ.ف.ب)

وبحسب آخر الإحصاءات الرسمية المصرية، يُقدر عدد المصريين العاملين بالخارج بنحو 14 مليون شخص، يعمل معظمهم في دول الخليج العربي، حيث تأتي المملكة العربية السعودية في صدارة وجهات العاملين المصريين، ويعمل بها نحو 2.5 مليون مصري، تليها الإمارات والكويت، ويعمل بكل منهما نحو 600 ألف مصري.

كما يرى الإدريسي أن هناك «حوافز قدمتها الحكومة المصرية للمصريين بالخارج، مثل إعفاءات جمركية على السيارات المستوردة مقابل وديعة بالدولار، وشهادات ادخار بعوائد مرتفعة؛ ما شجع على زيادة التحويلات عبر القنوات الرسمية».

وأطلقت الحكومة المصرية مبادرات متنوعة لتشجيع المصريين العاملين في الخارج على ضخ أموالهم بالعملة الصعبة إلى السوق المحلية.

ومن أشهر المبادرات التي تم إطلاقها تلك التي تسمى مبادرة «سيارات المصريين في الخارج» وانطلقت في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، وبموجبها كان يحق للمصريين العاملين في الخارج استيراد سيارة للاستخدام الشخصي، من دون أي جمارك أو رسوم، بشرط إيداع قيمة الجمارك والرسوم في حساب وزارة المالية المصرية بالدولار، على أن يسترد المودعون قيمة الوديعة بعد 5 سنوات بالجنيه المصري، بسعر صرف الدولار في تاريخ الاسترداد.

كما أطلقت الحكومة المصرية مبادرة في 30 يوليو 2023 منحت بموجبها المصريين بالخارج فرصة تسوية موقف التجنيد مقابل تحويل مبلغ 5 آلاف دولار أو يورو عن كل راغب في الاستفادة من المبادرة.