مصر: حريق «الأوقاف» يثير تساؤلات حول تأمين المباني التاريخية

الوزارة نفت ضياع «وثائق سرية»... وتعمل على حصر الخسائر المادية

رجال إطفاء مصريون يطفئون حريقا اندلع السبت في وزارة الأوقاف وسط القاهرة (رويترز)
رجال إطفاء مصريون يطفئون حريقا اندلع السبت في وزارة الأوقاف وسط القاهرة (رويترز)
TT

مصر: حريق «الأوقاف» يثير تساؤلات حول تأمين المباني التاريخية

رجال إطفاء مصريون يطفئون حريقا اندلع السبت في وزارة الأوقاف وسط القاهرة (رويترز)
رجال إطفاء مصريون يطفئون حريقا اندلع السبت في وزارة الأوقاف وسط القاهرة (رويترز)

أثار حريق بمبنى وزارة الأوقاف التاريخي وسط القاهرة، السبت، تساؤلات حول تأمين المباني والمواقع التاريخية ومدى قدرة أنظمة حمايتها على منع أي من المخاطر التي يمكن أن تتعرض لها، سواء من حرائق أو سرقة أو تعرضها للانهيار تحت أي سبب.

ورغم نفي الوزارة على لسان متحدثها الرسمي الدكتور عبد الله حسن عبد القوي، تعرض أي من «وثائق الوزارة السرية» للحريق، وقوله «إن جميع الحجج الوقفية المتواجدة بديوان الوزارة آمنة ولم تطلها النيران، وإن الوزارة انتقلت بشكل كامل منذ بداية الشهر الماضي لمبناها في العاصمة الإدارية الجديدة»، فإن السؤال حول جدوى إجراءات التأمين صار مطروحا بقوة حتى لا تتكرر مثل هذه المشكلات وتتم محاصرتها.

يقول الدكتور أحمد صيام، مدير متحف الفن الإسلامي لـ«الشرق الأوسط» هناك «سعي دائم للعمل على تخفيف الأحمال الكهربائية، بحيث لا يكون هناك أي نوع من الضغط على شبكة الكهرباء الخاصة بالأماكن التاريخية يعرضها للخطر»، وأضاف «نحاول دائما أن نجتهد حتى لا يحدث لدينا ما تعرض له مبنى وزارة الأوقاف، ونتخذ كل الإجراءات التي تحول دون ذلك، ومنها أننا نضع أجهزة إطفاء في كل مكان ونقوم بفصل الكهرباء باستمرار ومراقبتها حتى نمنع قدر الإمكان حدوث مثل هذه الكوارث، ونحن بهذا نقوم بما يجب علينا فعله أما الأقدار فهذه لا نستطيع الوقوف في مواجهتها».

وذكر صيام أن «المتحف على استعداد لتقديم المساعدة ونقل الوثائق والحجج التاريخية لتكون في حوزته، بعد الحصول على الموافقات اللازمة لذلك، وهناك أماكن معدة بشكل كبير للحماية والتأمين، ضد مخاطر الماس الكهربائي وإهمال بعض الموظفين».

وينتمي مبنى وزارة الأوقاف المصرية الذي تم بناؤه عام 1899، للطراز المملوكي، وقام بافتتاحه الخديوي توفيق قبل نحو 124 عاماً، بعدها خضع لخطط توسعة بثلاثة مبانٍ. ويجري الآن حصر تلفيات الحريق، حسب تصريحات المتحدث الرسمي للوزارة، بمعرفة اللجان المختصة المعنية، بعد أن أحال وزير الأوقاف قضية الحريق للنيابة العامة وللنيابة الإدارية، وبعد أن أظهر الفحص الفني والأدلة الجنائية أنه نشب بسبب ماس كهربائي في الطابق الأول أدى لاحتراق الغرفة وامتداد النيران إلى بعض محتويات الطابقين الأول والثاني.

من جهته، قال الدكتور أشرف أبو اليزيد مدير متحف المنسوجات السابق لـ«الشرق الأوسط» إن «الأماكن والمباني الأثرية يجب أن يكون بها نظام حماية ضد الحريق (فاير سيستم)، وهو مهم جدا خاصة في حالة وجود أوراق أو وثائق تاريخية، ولا بد أن يكون المبنى نفسه مستهدفا بنظام الحماية وبعناصر وقائية معينة تضعه تحت السيطرة وتمنع تعرضه لأي مخاطر».

وذكر «أنه في متحف النسيج كان هناك أكثر من نظام حمائي لتأمينه ضد الحرائق، بداية من الفتارين وأماكن عرض القطع النسجية، كما كان هناك أكثر من نظام للإنذار، وبخصوص المبنى نفسه كان هناك نظام إطفاء مائي لحمايته، ولحماية القطع الأثرية كان هناك أجهزة استشعار تنطلق لتعطي إنذارات حال وجود أي طوارئ، أو أي نوع من الدخان، وهذا النظام يجب تطبيقه، كقول أبو اليزيد، في كل موقع تاريخي يمكن أن يتعرض لسوء».

وأضاف أبو اليزيد «في حالة المباني الهامة والتي تحتوي على وثائق مهمة وأثرية يجب أن يكون بها أماكن مجهزة ومؤمنة ضد الحريق، ويكون لدى الجهات المسؤولة عنها نسخ من هذه الوثائق، على أن يتم تأمينها في نظام ميكروفيلمي يوضع في مكان آخر، أما بخصوص الأماكن نفسها فيمكن حمايتها بنظام ضد الحريق، وهو مصمم ليعمل في كل مكان سواء كان كبيرا أو صغيرا، وأيا ما كانت طبيعته، خاصة لو كان ضمن مكوناته أجزاء خشبية».


مقالات ذات صلة

مصر تشدد على ضرورة تمكين السلطة الفلسطينية لاستعادة وضعها في قطاع غزة

شمال افريقيا وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يتحدث خلال مؤتمر حوارات المتوسط ​​في روما بإيطاليا 25 نوفمبر 2024 (رويترز)

مصر تشدد على ضرورة تمكين السلطة الفلسطينية لاستعادة وضعها في قطاع غزة

أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ضرورة تمكين السلطة الفلسطينية من استعادة وضعها في قطاع غزة، قائلاً إن مصر ترفض تماماً تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم.

«الشرق الأوسط» (روما)
شمال افريقيا اللنش السياحي «سي ستوري» (محافظة البحر الأحمر - فيسبوك)

إنقاذ 28 شخصاً والبحث عن 17 آخرين بعد غرق مركب سياحي في مصر

أفادت وسائل إعلام مصرية، اليوم (الاثنين)، بغرق أحد اللنشات السياحية بأحد مناطق الشعاب المرجانية بمرسي علم بالبحر الأحمر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مقر النيابة العامة المصرية (النيابة العامة)

مصر: رفع أسماء 716 شخصاً من «قوائم الإرهاب»

وفق إفادة للنيابة العامة المصرية الأحد فإن إجراء رفع أسماء مدرجين بـ«قوائم الإرهاب» يأتي في إطار توجه للحكومة المصرية بـ«مراجعة موقف القوائم الإرهابية جميعها»

أحمد إمبابي (القاهرة)
المشرق العربي وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يوقع في دفتر الشرف بمقر وزارة الخارجية الكويتية (صفحة الخارجية المصرية عبر «فيسبوك»)

وزير الخارجية المصري: قد نكون الأكثر تضرراً من التصعيد في البحر الأحمر

قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، اليوم الأحد، إن مصر قد تكون الأكثر تضرراً بالتصعيد الحالي في البحر الأحمر.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
شمال افريقيا أحمد رفعت (الشرق الأوسط)

رفع الحصانة عن برلماني مصري في قضية وفاة اللاعب رفعت

وافق مجلس الشيوخ المصري على رفع الحصانة عن النائب أحمد دياب؛ للاستماع إلى أقواله في تحقيقات النيابة العامة بشأن وفاة اللاعب أحمد رفعت.

أحمد عدلي (القاهرة)

​ليبيون يأملون في إخضاع المتورطين بـ«جرائم حرب» للمحاكمة

صلاة جنازة على اثنين من ضحايا المجازر الجماعية في ترهونة غرب ليبيا) (رابطة ضحايا ترهونة)
صلاة جنازة على اثنين من ضحايا المجازر الجماعية في ترهونة غرب ليبيا) (رابطة ضحايا ترهونة)
TT

​ليبيون يأملون في إخضاع المتورطين بـ«جرائم حرب» للمحاكمة

صلاة جنازة على اثنين من ضحايا المجازر الجماعية في ترهونة غرب ليبيا) (رابطة ضحايا ترهونة)
صلاة جنازة على اثنين من ضحايا المجازر الجماعية في ترهونة غرب ليبيا) (رابطة ضحايا ترهونة)

يأمل ليبيون في إخضاع متهمين بـ«ارتكاب جرائم» خلال السنوات التي تلت إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي إلى «محاكمة عادلة وسريعة».

وكان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، تحدث ضمن إحاطة أمام مجلس الأمن الأسبوع الماضي، عن «خريطة طريق» لمحاكمة المتهمين في ليبيا من بينهم المتورطون في «المقابر الجماعية» في ترهونة (غرب البلاد).

وقفة احتجاجية لعدد من أهالي ضحايا ترهونة بغرب ليبيا (رابطة ضحايا ترهونة)

ورغم تعهد خان في إحاطته، بالعمل على «قدم وساق لتنفيذ خريطة طريق لاستكمال التحقيقات في جرائم حرب حتى نهاية 2025»، فإنه لم يوضح تفاصيلها، إلا أن عضو «رابطة ضحايا ترهونة» عبد الحكيم أبو نعامة، عبّر عن تفاؤل محاط بالتساؤلات على أساس أن «4 من المطلوبين للجنائية الدولية في جرائم حرب وقعت بالمدينة منذ سنوات لا يزالون خارج قبضة العدالة».

ويقصد أبو نعامة، في تصريح إلى «الشرق الأوسط» قائد الميليشيا عبد الرحيم الشقافي المعروف بـ«الكاني»، إلى جانب فتحي زنكال، ومخلوف دومة، وناصر ضو، فيما يخضع عبد الباري الشقافي ومحمد الصالحين لتصرف النيابة، بعد القبض على الأخير السبت.

ومن بين ملفات اتهام متنوعة في ليبيا، قفزت منذ أشهر إلى مقدمة أجندة المحكمة الدولية جرائم «مقابر جماعية» ارتكبت في ترهونة (غرب ليبيا) إبان سيطرة ما تعرف بـ«ميليشيا الكانيات» بين أبريل (نيسان) 2019 ويونيو (حزيران) 2020، علماً بأن الدائرة التمهيدية لـ«الجنائية الدولية» قرّرت رفع السرية عن ستة أوامر اعتقال لمتهمين في الرابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وينتاب من يتهمون بهذا الملف وأسر ضحايا في ترهونة، القلق مما يرونه «تسييس عمل المحكمة الدولية، وغياب الآلية الفعّالة لتنفيذ مذكرات القبض ضد المتهمين، في ظل وجودهم في بعض الدول»، وفق ما أفاد علي عمر، مدير «منظمة رصد الجرائم في ليبيا» لـ«الشرق الأوسط».

يُشار إلى أن خان، أبلغ مجلس الأمن الدولي عن اتفاقه مع النائب العام الليبي المستشار الصديق الصور، على آلية جديدة للتعاون بين الطرفين، لكنه لم يكشف عن تفاصيلها.

إلى جانب مخاوف «التسييس»، يبدو أن تحديد المدعي العام للجنائية الدولية إطاراً زمنياً للانتهاء من التحقيقات نهاية العام المقبل، قد يكون مثار قلق أكبر لعائلات الضحايا.

ووفق عمر: «قد يفاقم الإفلات من العقاب ويشجع مرتكبي الجرائم الدولية على مواصلة أفعالهم»، مع إيحاء سائد لدى البعض «بعدم وجود نية لملاحقة مرتكبي الجرائم أو فتح جميع ملفات الجرائم التي تندرج تحت اختصاص المحكمة».

ومن بين الاتهامات التي تلاحق «ميليشيا الكانيات» كانت تصفية أغلب نزلاء سجن «القضائية»، و«الدعم المركزي» بترهونة، في 14 سبتمبر (أيلول) 2019، في رواية نقلتها «رابطة ضحايا ترهونة».

ويلاحظ متابعون، أن ظلال الانقسام السياسي انعكست على زيارة خان إلى طرابلس، وفق أستاذ العلوم السياسية الدكتور عبد الواحد القمودي. وعلى نحو أكثر تفصيلاً، يشير مدير «منظمة رصد الجرائم في ليبيا» علي عمر، في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن غياب التعاون من قِبل السلطات في شرق ليبيا وغربها، من بين عراقيل أخرى تقف أمام «نزاهة التحقيقات».

مقبرة جماعية مكتشفة بترهونة (غرب ليبيا) (هيئة التعرف على المفقودين في ليبيا)

في غضون ذلك، فرض الدور الروسي الزائد في ليبيا نفسه على إحاطة خان، أمام مجلس الأمن، بعدما شككت مندوبة روسيا في ولاية المحكمة على الملف الليبي، مذكرة بأن ليبيا «ليست طرفاً في نظام روما الأساسي».

وفي حين يستبعد أمين «المنظمة العربية لحقوق الإنسان» في ليبيا عبد المنعم الحر دوراً روسياً معرقلاً للمحاكمات، فإنه يتفق مع مندوبة روسيا في أن «الإحالة من جانب مجلس الأمن لم تعط المحكمة الجنائية الدولية ولاية مطلقة على ليبيا»، مشيراً إلى أنها «اقتصرت على جرائم حصلت قبل تاريخ 19 فبراير (شباط) 2011».

ويستند الحر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى نظام روما الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية الذي أجاز «التحقيق في جريمة أو أكثر ارتكبت»، وهو «ما يجعل القضايا التي وقعت بعد هذا التاريخ خارج ولاية المحكمة».

وقد يبدو «التفاؤل محدوداً» بمثول المطلوبين في جرائم الحرب بليبيا أمام المحكمة في لاهاي، وفق «مدير منظمة رصد الجرائم»، لكنه يشير إلى مخرج من هذا المأزق، وهو «اتخاذ خطوات أكثر جرأة، تشمل دعماً دولياً لضمان استقلالية التحقيقات، ووضع آلية فعّالة لتنفيذ مذكرات القبض».

وعلى نحو يبدو عملياً، فإن أمين المنظمة العربية لحقوق الإنسان في ليبيا يقترح «حلاً قانونياً بتشكيل محكمة خاصة مختلطة يترأسها قاض ليبي تضم في هيئتها قضاة ليبيين ودوليين، على غرار المحكمة الدولية التي تم إنشاؤها للتحقيق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري عام 2005».