«الحرية والتغيير» تبحث في القاهرة «رؤية سياسية» لإنهاء الحرب السودانية

عقار واصل لقاءاته التشاورية

TT

«الحرية والتغيير» تبحث في القاهرة «رؤية سياسية» لإنهاء الحرب السودانية

اجتماع قمة جوار السودان الذي عقد في القاهرة 13 يوليو الحالي (رويترز)
اجتماع قمة جوار السودان الذي عقد في القاهرة 13 يوليو الحالي (رويترز)

بدأت قوى تيار «الحرية والتغيير» السوداني، اليوم (الاثنين)، اجتماعات تستمر حتى غد (الثلاثاء) في العاصمة المصرية القاهرة، بهدف «وضع رؤية سياسية لوقف الحرب» الجارية حالياً في السودان بين القوات المسلحة و«الدعم السريع»، فيما يواصل نائب رئيس مجلس السيادة السوداني مالك عقار لقاءاته التشاورية مع عدد من الشخصيات السياسية وغير الحزبية السودانية في القاهرة لبلورة رؤية مشتركة.

وبحسب مشاركين في اجتماعات تيار «الحرية والتغيير»، فإن عدد قيادي الأحزاب والقوى السياسية المشاركة في الاجتماعات، يصل إلى 45 شخصاً، توافد عدد منهم إلى القاهرة خلال اليومين الماضيين خصيصاً للمشاركة في الاجتماعات، بينهم ياسر عرمان القيادي في قوى «الحرية والتغيير»، والناطق الرسمي باسمها، ورئيس حزب «المؤتمر» السوداني عمر الدقير، ونائبه في الحزب خالد عمر يوسف، ورئيس المكتب التنفيذي لـ«التجمع الاتحادي» بابكر فيصل.
وقال الدقير، في الجلسة الافتتاحية إن «إطالة أمد الحرب تعني احتمال زيادة تحولها إلى حرب أهلية تفتح المجال امام التدخلات الأجنبية». وأضاف أن «قوى التغيير» انحازت منذ اليوم الأول إلى «وقف الحرب، على النقيض من موقف فلول النظام المعزول الذين قرعوا طبول هذه الحرب للعودة إلى السلطة التي عزلهم منها الشعب السوداني في ثورة ديسمبر (كانون الثاني) 2018».
وقال الدقير إن «قوى التغيير» تمد الأيادي إلى جميع القوى المكونات المؤمنة بالديمقراطية للعمل على إيقاف الحرب وحشد الجهود الدولية والإنسانية لإصلاح البلاد.

حقائق

45 قيادياً سودانياً

من تيار «قوى التحرير» يشاركون في اجتماعات القاهرة

وأفادت مصادر سودانية مطلعة تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، بأن الساعات المقبلة قد تشهد لقاء مقرراً بين عقار وعرمان، الذي وصل إلى القاهرة خلال الساعات الماضية قادماً من العاصمة الكينية نيروبي، ولم يلحق باجتماع نائب رئيس مجلس السيادة السوداني الأول مع قيادات الحرية والتغيير (المجلس المركزي) و(الكتلة الديمقراطية).

ومن المنتظر أن يعقب اجتماعات «الحرية والتغيير» مؤتمر صحافي بعد غد (الأربعاء) لإعلان ما تم التوصل إليه.

اجتماعات «تاريخية»

ويصف شريف إسماعيل، الأمين السياسي في حزب «المؤتمر السوداني» والقيادي في المجلس المركزي لـ«الحرية والتغيير»، الاجتماعات بأنها «تاريخية»، مشيراً إلى أن اجتماعات المكتب التنفيذي للتيار تأتي في ظل ظروف «بالغة التعقيد والحساسية» نتيجة الحرب الدائرة في السودان.

وأوضح إسماعيل لـ«الشرق الأوسط» أن أجندة اجتماعات «الحرية والتغيير» تتضمن ثلاثة بنود أساسية: أولها وضع رؤية سياسية بين مكونات التيار بشكل عام تستجيب لمتطلبات المرحلة الراهنة، وثانيها بلورة رؤية سياسية لكيفية إنهاء الحرب، بما في ذلك توحيد الجبهة المدنية وتوحيد الجيوش في السودان تحت مظلة الدولة، إضافة إلى التعاطي مع المجتمع الدولي والقوى الإقليمية بما يلبي المصالح السودانية، ويضمن ألا تتحول الأدوار الإقليمية والدولية إلى منافسة تضر ولا تنفع.

وأضاف إسماعيل: أما البند الثالث فيشمل الجوانب التنظيمية الرامية إلى العمل لوقف الحرب، وهذا الأمر يستوجب تنظيماً داخلياً بين هيئات ولجان «الحرية والتغيير» لتنسيق الجهود وتحويل نتائج المشاورات إلى خطط تنفيذية، بما في ذلك التصدي للحملات الإعلامية الداعية للحرب، باعتبارها من بين الأدوات التي تستهدف تفكيك وحدة السودانيين وتماسك مؤسسات الدولة.

دور فاعل

ووجه الأمين السياسي في حزب «المؤتمر السوداني» الشكر لمصر، مشيداً بما قدمته من تسهيلات لاستقبال قيادات تيار «الحرية والتغيير» للالتقاء على أراضيها، فضلاً عما قدمته من دعم باستضافة السودانيين الفارين من القتال منذ منتصف أبريل (نيسان) الماضي.

وأوضح إسماعيل أن مصر «كان لها دور فاعل في الدعوة إلى وقف إطلاق النار في السودان، وساهمت بجهد وافر في تنسيق جهود دول الجوار»، مشيراً إلى أنه من المقرر في ختام اجتماعات «الحرية والتغيير» عقد لقاء مع السلطات المصرية لإطلاعهم على ما توصلت إليه الاجتماعات من نتائج، في إطار تنسيق القوى السياسية السودانية مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية الداعية إلى وقف الحرب في السودان وتحسين الوضع الإنساني، ولفت إلى أن مصر تأتي في مقدمة تلك القوى، بحكم ارتباطها التاريخي بالسودان، وأدوارها مع دول الجوار لمواجهة تداعيات الحرب.

وحول مجمل المشاورات التي أجراها نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، مع بعض قيادات «الحرية والتغيير» في القاهرة، قال إسماعيل إن المشاورات والمناقشات بين قيادات التيار وبين مالك عقار «لم تنقطع»، لافتاً إلى أن عقار بوصفه أحد مؤسسي التيار، ومن بين الموقعين على «الاتفاق الإطاري» لم تتوقف اتصالاته بقادة القوى المكونة لـ«الحرية والتغيير».

 

«تم التوافق على مجموعة من الإجراءات في هذا المسار، ستكون أكثر وضوحاً عقب اجتماعات مختلف قوى الحرية والتغيير».

شريف إسماعيل الأمين السياسي في حزب «المؤتمر السوداني» والقيادي في المجلس المركزي لـ«الحرية والتغيير»

وأوضح إسماعيل أن الاجتماعات الأخيرة شهدت «نقاشاً متعمقاً وتبادلاً لوجهات النظر حول سبل وقف الحرب ومعالجة جذورها»، مشيراً إلى أنه «تم التوافق على مجموعة من الإجراءات في هذا المسار، ستكون أكثر وضوحاً عقب اجتماعات مختلف قوى الحرية والتغيير».

وتضم قوى إعلان الحرية والتغيير، مكونات سياسية سودانية، تشكلت من تجمعات مدنية وسياسية ومهنية، وبرز دورها بشكل كبير في فترة الاحتجاجات السودانية التي اندلعت في نهاية عام 2018 واستمرت حتى الإطاحة بحكم الرئيس السوداني السابق عمر البشير.

وبعد تسلم المجلس العسكري الحكم في السودان، استمرت في الاحتجاج ضد المجلس الذي رفض تسليم السلطة، وفي يوليو 2019، دخلت قوى «الحرية والتغيير» في مفاوضات مع المجلس العسكري انتهت بتوقيع اتفاق لتقاسم السلطة بين المدنيين والعسكريين، سمي بالوثيقة الدستورية، نصت على تأسيس «مجلس السيادة السوداني» برئاسة قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، وعيّن عبد الله حمدوك رئيساً للوزراء.

وعارضت قوى «الحرية والتغيير» إجراءات أكتوبر (تشرين الأول) 2021، التي تضمنت إعلان حالة الطوارئ، وحل الحكومة ومجلس السيادة السوداني. ودعت إلى مظاهرات شعبية لرفض الإجراءات، حتى تم طرح ما عرف بـ«الاتفاق الإطاري» مع قادة الجيش السوداني، إلا أن اندلاع المواجهات في الخرطوم في منتصف أبريل بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حال دون توقيع هذا الاتفاق.

 

ومنذ اندلاع الاقتتال الداخلي في السودان قبل أكثر من ثلاثة أشهر، طُرحت عدة مبادرات لوقف إطلاق النار، ورغم اتفاق الأطراف المتحاربة في أكثر من مناسبة على الالتزام بهدنات إنسانية، فإن الخروقات استمرت، وهو ما أدى إلى تدهور الوضع الإنساني، وبخاصة في أحياء العاصمة السودانية.

وكان أحدث التحركات الإقليمية استضافة القاهرة في 13 يوليو (تموز) الحالي، قمة دول جوار السودان، التي دعت إلى وقف إطلاق النار وتسهيل الإجراءات المتعلقة بتحسين الوضع الإنساني لملايين السودانيين، سواء في الداخل السوداني أو النازحين الفارين من القتال، كما أكدت القمة على «أهمية الحل السياسي لوقف الصراع الدائر، وإطلاق حوار جامع للأطراف السودانية، يهدف لبدء عملية سياسية شاملة تلبي طموحات وتطلعات الشعب السوداني في الأمن والرخاء والاستقرار».

 


مقالات ذات صلة

«الدعم السريع» تتهم الجيش السوداني بالاستعانة بخبراء من «الحرس الثوري» الإيراني

شمال افريقيا عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

«الدعم السريع» تتهم الجيش السوداني بالاستعانة بخبراء من «الحرس الثوري» الإيراني

توعدت «الدعم السريع» بمواصلة «العمليات الخاصة النوعية»، لتشمل «جميع المواقع العسكرية لميليشيات البرهان والحركة الإسلامية الإرهابية»، واعتبارها أهدافاً بمتناولها

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا حضور «الملتقى المصري - السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة» (مجلس الوزراء المصري)

مصر تُكثف دعمها للسودان في إعادة الإعمار وتقليل تأثيرات الحرب

تكثف مصر دعمها للسودان في إعادة الإعمار... وناقش ملتقى اقتصادي في القاهرة الاستثمارات المشتركة بين البلدين، والتعاون الاقتصادي، لتقليل تأثيرات وخسائر الحرب.

أحمد إمبابي (القاهرة )
شمال افريقيا عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

الجيش السوداني يعلن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من «قوات الدعم السريع»

أعلن الجيش السوداني، اليوم السبت، «تحرير» مدينة سنجة، عاصمة ولاية سنار، من عناصر «قوات الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أعلن الجيش السوداني اليوم (السبت) «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

حددت المحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي 11 ديسمبر المقبل لبدء المرافعات الختامية في قضية السوداني علي كوشيب، المتهم بارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية بدارفور.

أحمد يونس (كمبالا)

الدبيبة متحدياً من «يريدون السلطة» في ليبيا: لن تحكمونا

الدبيبة خلال فعالية شبابية في مصراتة الليبية (من مقطع فيديو بثته منصة «حكومتنا»)
الدبيبة خلال فعالية شبابية في مصراتة الليبية (من مقطع فيديو بثته منصة «حكومتنا»)
TT

الدبيبة متحدياً من «يريدون السلطة» في ليبيا: لن تحكمونا

الدبيبة خلال فعالية شبابية في مصراتة الليبية (من مقطع فيديو بثته منصة «حكومتنا»)
الدبيبة خلال فعالية شبابية في مصراتة الليبية (من مقطع فيديو بثته منصة «حكومتنا»)

أثار عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، حفيظة وغضب أنصار نظام الرئيس الراحل معمر القذافي، وعدد من أطياف المجتمع الراغبين في السلطة، بعدما تعهّد «بعدم إعادتهم إلى حكم البلاد مرة ثانية».

الدبيبة خلال فعالية شبابية في مصراتة الليبية (من مقطع فيديو بثته منصة «حكومتنا»)

وكان الدبيبة يلقي كلمة أمام فعاليات ختام «ملتقى شباب ليبيا الجامع» في مصراتة، مساء السبت، وتطرَّق فيها إلى «الذين يريدون العودة إلى السلطة»، مثل النظام السابق ومؤيدي «الملكية الدستورية»، بالإضافة إلى من يريد «العسكر»، وقال متحدياً: «لن يحكمونا».

ووجّه حديثه لليبيين، وقال: «هناك 4 مكونات هي أسباب المشكلة في ليبيا».

وتُعدّ هذه المرة الأولى التي يوجه فيها الدبيبة انتقادات لاذعة لكل هذه الأطراف مجتمعة، من منطلق أن «الحكم في ليبيا يحدَّد بالدستور وليس بخشم البندقية».

حفتر في لقاء سابق مع عدد من قادة قواته ببنغازي (الجيش الوطني)

ودون أن يذكر أسماء أشخاص، قال: «هناك من يريد الحكم بالسلاح، وآخرون يتخذون من الدين شعاراً ويريدون السلطة، بجانب من يدعون للعودة إليها مرة ثانية؛ سواء الملكية أم نظام القذافي»؛ في إشارة إلى سيف الإسلام القذافي، وأنصار «الملكية الدستورية» الذين يستهدفون تنصيب الأمير محمد السنوسي ملكاً على البلاد.

واستطرد الدبيبة: «النظام العسكري لن يحكمنا مرة أخرى، ولا تفكروا فيمن تجاوز الثمانين أو التسعين عاماً وما زال يحلم بحكم ليبيا»؛ في إشارة إلى المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني.

وخرجت صفحات، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، موالية للنظام السابق، تنتقد الدبيبة، وتتهم حكمه بـ«الفساد»، رافضة تلميحاته بشأن المشانق التي كانت تُعلَّق بالمدن الرياضية إبان عهد القذافي. وذلك في معرض تعليقه على هتاف مجموعة من الشباب للقذافي، بعد خسارة منتخبهم أمام بنين في تصفيات «أمم أفريقيا».

سيف الإسلام نجل الرئيس الراحل معمر القذافي (أ.ف.ب)

وبجانب انتقاده النظم السابقة، التي قال إنها «تريد العودة لحكم ليبيا»، تطرّق الدبيبة أيضاً إلى من «يستخدمون الشعارات الدينية»، ومن «ينادون بحكم القبيلة».

وتحدّث الدبيبة أمام جموع الشباب في أمور مختلفة؛ من بينها المجموعات المسلَّحة، التي كرر رغبته في «دمجها في مؤسسات الدولة، ومنح عناصرها رواتب»، مذكّراً بأن عماد الطرابلسي «كان زعيم ميليشيا، والآن لديه مسؤوليات لحفظ الأمن والاستقرار بصفته وزيراً للداخلية في حكومتي الشرعية».

وللعلم، أتى الدبيبة إلى السلطة التنفيذية في ليبيا، وفق مخرجات «حوار جنيف» في 5 فبراير (شباط) 2021 بولاية مؤقتة مدتها عام واحد فقط، للإشراف على الانتخابات العامة، لكنه يؤكد عدم تخليه عن السلطة إلا بإجراء انتخابات عامة في البلاد.

محمد السنوسي يتوسط شخصيات ليبية من المنطقة الغربية (حساب محمد السنوسي على «إكس»)

وكثّف الأمير محمد الحسن الرضا السنوسي لقاءاته بشخصيات ليبية في إسطنبول مؤخراً، ما طرح عدداً من الأسئلة حينها حول هدف الرجل المقيم في بريطانيا من مشاوراته الكثيرة مع أطياف سياسية واجتماعية مختلفة.

ومحمد الحسن هو نجل الرضا السنوسي، الذي عيَّنه الملك إدريس السنوسي ولياً للعهد في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1956، وتُوفي في 28 من أبريل (نيسان) 1992.

ولوحظ أن السنوسي، الذي لم يزرْ ليبيا منذ كان صبياً، يكثّف لقاءاته في الخارج بشخصيات ليبية مختلفة، بعضها ينتمي لقبائل من المنطقة الغربية، بالإضافة إلى الأمازيغ والطوارق؛ وذلك بهدف «إنجاح المساعي نحو حوار وطني شامل، تحت مظلة الشرعية الملكية الدستورية».

ولا تزال شروط الترشح لمنصب الرئيس في ليبيا عائقاً أمام التوافق بشأن القوانين اللازمة للاستحقاق المؤجل، في ظل وجود معارضة بشكل كامل لترشح مزدوجي الجنسية والعسكريين، والذين عليهم أحكام جنائية لهذا المنصب.