انقطاع الكهرباء يعمق تأثير «القبة الحرارية» على مصر

حرائق ببعض المحافظات... والحكومة تعد بـ«حل قريب»

شاطئ مصري اكتظ بالهاربين من حرارة الجو (إ.ب.أ)
شاطئ مصري اكتظ بالهاربين من حرارة الجو (إ.ب.أ)
TT

انقطاع الكهرباء يعمق تأثير «القبة الحرارية» على مصر

شاطئ مصري اكتظ بالهاربين من حرارة الجو (إ.ب.أ)
شاطئ مصري اكتظ بالهاربين من حرارة الجو (إ.ب.أ)

عمقت أزمة انقطاع الكهرباء في مصر من تأثيرات ارتفاع حرارة الجو، وسط استمرار التأكيدات الرسمية والتعهدات الحكومية بحل الأزمة خلال أيام، فيما شهد عدد من المحافظات حرائق متنوعة.

ونشب حريق في 4 مطاعم متجاورة في مدينة الإسكندرية، اليوم السبت. وتبين من الفحص المبدئي وفق وسائل إعلام محلية أن الحريق ناتج عن الأحمال الكبيرة ما تسبب بـ«ماس كهربائي اندلع في أحد المطاعم وانتقل الحريق إلى المطاعم المجاور». كما تمكنت قوات الحماية المدنية من السيطرة على حريق نشب في (فيلا) بحي مصر الجديدة (شرق القاهرة)، وشقة سكنية أخرى بحي العمرانية بمحافظة الجيزة.

وأعلن المتحدث باسم وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة الدكتور أيمن حمزة أن استهلاك المصريين من الكهرباء خلال الأيام الماضية هو «الأعلى تاريخياً»، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الجمعة، إن «اللجوء إلى نظام (تخفيف الأحمال) جاء بسبب زيادة الاستهلاك الذي وصل إلى ما يقارب 35 ألف ميغاوات في فترة الذروة، لذلك يتم قطع الكهرباء عن بعض المناطق بالتناوب لمدة ساعة».

حقائق

35 ألف ميغاوات

بلغ حجم استهلاك الكهرباء في مصر

وأرجع حمزة سبب الأزمة إلى «الاحتياج لكمية أكبر من الغاز لتوليد الكهرباء»، متابعاً: «يجري التنسيق ما بين وزارتي البترول والكهرباء حول الكمية المحددة لتوليد الكهرباء»، مؤكداً أيضاً أن «مصر لديها شبكة توليد كهرباء قوية وقادرة على الصمود في هذه الظروف المناخية»، وأنه «سيجري حل مشكلة نقص الغاز خلال أيام قليلة».

«القبة الحرارية»

وتشهد مصر منذ الأسبوع الماضي موجة من الطقس شديد الحرارة؛ حيث تتجاوز الحرارة 40 درجة مئوية في القاهرة، و45 في مدن جنوب البلاد.

مصريون يهربون من حرارة الجو إلى الشواطئ (الشرق الأوسط)

وقال عضو مجلس إدارة الجمعية الفلكية المصرية الدكتور أسامة فتحي لـ«الشرق الأوسط»، السبت، إن «ارتفاع درجات الحرارة ظاهرة عالمية وليست خاصة بمصر، والارتفاع الحالي لن يكون الأخير، فحرارة الأرض تواصل الارتفاع عن معدلاتها المعروفة بسبب التغيرات المناخية والاحتباس الحراري». كما أن «الكثير من الدول تتعرض في الوقت الحالي إلى ما يعرف باسم (القبة الحرارية)، حيث تتسبب انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في دخول حرارة الشمس إلى الأرض، وتمنع خروجها مرة أخرى، ما يتسبب في الموجة شديدة الحرارة».

ودخل البرلمان على خط الجدل حول أسباب انقطاع الكهرباء، وتقدم عضو مجلس النواب «البرلمان» فريدي البياضي بسؤال لكل من رئيس الوزراء ووزير الكهرباء حول أسباب انقطاع الكهرباء، مطالباً الحكومة بـ«الإعلان عن أسباب الأزمة والجدول الزمني لحلها». وأكد وزير الكهرباء والطاقة المتجددة الدكتور محمد شاكر أنه «يوجد أزمة في إنتاج الكهرباء بسبب نقص الوقود (الغاز)»، وقال في تصريحات صحافية (الخميس) الماضي إنه «لا توجد مشكلة في شبكات توليد الكهرباء، فالشبكة قادرة على توليد نحو 20 ألف ميغاوات زيادة على الاستهلاك الحالي الذي تجاوز 35 ألف ميغاوات».

حقائق

8.4 مليار دولار

قيمة صادرات مصر من الغاز سنوياً

وأرجع الخبير الاقتصادي الدكتور رشاد عبده أسباب انقطاع الكهرباء إلى «توسع مصر في تصدير الغاز»، وقال لـ«الشرق الأوسط»، السبت، إن «السوق العالمية شهدت نقصاً في الغاز بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، وهو ما فتح المجال لمصر للتوسع في تصديره ليصل إلى ما قيمته 8.4 مليار دولار سنوياً (الدولار يعادل نحو 30.90 جنيها في المتوسط)، بحثاً عن سد العجز في توافر الدولار». وأضاف عبده: «أدى تصدير الغاز إلى نقص الكمية المخصصة لمحطات توليد الكهرباء»، وقلل عبده من التأثيرات الاقتصادية لانقطاع الكهرباء بقوله: «تخفيف الأحمال يتم لفترات صغيرة لن تؤثر على الاقتصاد، كما أن الأزمة مؤقتة، والمنشآت الكبيرة لديها مولدات طاقة احتياطية».


مقالات ذات صلة

الاحترار القياسي للمحيطات زاد حدة الأعاصير الأطلسية في 2024

بيئة أظهرت الدراسة التي أجراها معهد «كلايمت سنترال» الأميركي للأبحاث أنّ الأعاصير الـ11 التي حدثت هذا العام اشتدت بمعدل 14 إلى 45 كيلومتراً في الساعة (رويترز)

الاحترار القياسي للمحيطات زاد حدة الأعاصير الأطلسية في 2024

أكدت دراسة جديدة، نُشرت الأربعاء، أن ظاهرة الاحترار المناخي تفاقم القوة التدميرية للعواصف، مسببة زيادة السرعة القصوى لرياح مختلف الأعاصير الأطلسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
بيئة متوسط درجات الحرارة كان مرتفعاً للغاية منذ يناير حتى أكتوبر (أ.ب)

علماء: عام 2024 سيكون الأكثر حرارة على الإطلاق

كشفت خدمة «كوبرنيكوس» لتغير المناخ التابعة للاتحاد الأوروبي اليوم (الخميس) عن أن عام 2024 سيتخطى 2023 ليصبح العام الأعلى حرارة منذ بدء التسجيلات.

«الشرق الأوسط» (باريس)
بيئة تظهر صورة القمر الاصطناعي العاصفة الاستوائية «ميلتون» وهي تشتد وتتجه للتحول إلى إعصار قبل وصولها إلى فلوريدا في خليج المكسيك في 6 أكتوبر 2024 (رويترز)

لماذا يجعل الاحتباس الحراري الأعاصير أكثر قوة؟

يؤدي الاحتباس الحراري إلى ارتفاع درجات حرارة مياه المحيطات؛ مما يجعل الأعاصير أكثر قوة. ومع ذلك، هذا لا يعني بالضرورة أنه سيكون هناك المزيد من الأعاصير.

«الشرق الأوسط» (باريس)
العالم حريق غابات في قرية فيغا بأغويدا في البرتغال - 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

الاتحاد الأوروبي: الفيضانات وحرائق الغابات تظهر أن الانهيار المناخي بات القاعدة

حذّر الاتحاد الأوروبي من الفيضانات المدمّرة وحرائق الغابات التي تظهر أن الانهيار المناخي بات سريعاً القاعدة، مؤثراً على الحياة اليومية للأوروبيين.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
بيئة عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة في كاليفورنيا (رويترز)

صيف 2024 الأعلى حرارة على الإطلاق

أعلنت خدمة مراقبة تغير المناخ، التابعة للاتحاد الأوروبي، (الجمعة)، أن العالم مرّ بأشد فصول الصيف سخونة في نصف الكرة الأرضية الشمالي منذ بدء تسجيل درجات الحرارة.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)

ليبيون يتساءلون حول جدوى «شرعنة» الميليشيات المسلحة

الدبيبة خلال لقاء سابق مع الطرابلسي في حضور وزير شؤون مجلس الوزراء عادل جمعة (الوحدة)
الدبيبة خلال لقاء سابق مع الطرابلسي في حضور وزير شؤون مجلس الوزراء عادل جمعة (الوحدة)
TT

ليبيون يتساءلون حول جدوى «شرعنة» الميليشيات المسلحة

الدبيبة خلال لقاء سابق مع الطرابلسي في حضور وزير شؤون مجلس الوزراء عادل جمعة (الوحدة)
الدبيبة خلال لقاء سابق مع الطرابلسي في حضور وزير شؤون مجلس الوزراء عادل جمعة (الوحدة)

أثار وصف رئيس حكومة الوحدة الوطنية «المؤقتة» في ليبيا، عبد الحميد الدبيبة، لوزير داخليته المكلف، عماد الطرابلسي، بكونه «زعيم ميليشيا سابق»، موجة من التفاعل عبر منصات التواصل الاجتماعي على مدار الأسبوع الماضي، وفتحت الباب عن باقي التشكيلات والموقف الرسمي منها.

ورغم اتفاق آراء مراقبين للشأن الليبي على أن حديث الدبيبة عن الطرابلسي جاء في إطار محاولة التبرير والدفاع عن الأخير، عبر الإشارة لقدومه من خلفية ميليشياوية، تتسم بعدم الانضباط، فإن التساؤلات تجددت حول دعوات الدبيبة لدمج قادة الميليشيات في المؤسستين الأمنية والعسكرية.

من مخلفات اشتباكات ميليشيات مسلحة في طرابلس العام الماضي (أ.ف.ب)

في هذا السياق، يرى الناشط السياسي الليبي، حسام القماطي، أن تصريحات الدبيبة ودفاعه عن الطرابلسي «أثارت تساؤلات حول ضرورة مراجعة سياسة الاستعانة بشخصيات غير مؤهلة داخل مؤسسات الدولة، وذلك لتفادي حدوث الضجة الواسعة، التي فجرتها تصريحات الطرابلسي بخصوص الحجاب»، لافتاً إلى أنها تسببت مؤخراً في «تهديد بعض النساء غير المحجبات».

وأضاف القماطي موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن حديث الدبيبة «أثار تساؤلات حول عدم اقترابه من معضلة وجود الميليشيات في الساحة، أو البدء في معالجتها بتسريحها، وإعادة دمجها على أسس مهنية».

وكان الدبيبة قد صرح خلال حديثه عن الميليشيات بأن حكومته «لا تزال تعمل على معالجة الخلافات والاشتباكات بين المجموعات المسلحة»؛ مبرزاً أن «الضغط لا يزال متواصلاً لتأهيل أبنائنا من حملة السلاح حتى لو أعطيناهم رتباً، مع التأكيد على أن هدفهم هو حماية البلاد ومواجهة الجريمة، وهؤلاء الشباب منهم الآن وزراء»، في إشارة ضمناً إلى الطرابلسي.

وأثارت تصريحات الدبيبة، ودفاعه عن الطرابلسي وغيره من الميليشيات، موجة من الانتقادات لرئيس الحكومة على منصات التواصل الاجتماعي، حيث وصفه بعضهم بأنه هو مَن عيّن الوزير «الميليشياوي»، فيما تساءل بعضهم الآخر عن كيفية منح رتب عسكرية ومسؤوليات مهمة في الدولة لشخصيات لا يزال يجري تأهيلها.

بهذا الخصوص، يعتقد الناشط السياسي، أحمد التواتي، أن الدبيبة بإلغائه مفعول تصريحات الطرابلسي الجدلية، «يعني استشعاره بوجود خطأ ما بها وبسياسات أخرى للوزير؛ وأنه لا يعتزم التراجع عن سياسة شرعنة الميليشيات وقادتها»، وقال التواتي لـ«الشرق الأوسط»: «للأسف حديث الدبيبة لم يكتفِ بالتعاطي مع تصريحات الطرابلسي عن الحجاب والأخلاق على أنها حديث عفوي؛ بل تضمن أيضاً مغازلة لقادة باقي الميليشيات بأن الفرصة متاحة أمامهم ليتحولوا بالمثل لوزراء مثل الطرابلسي».

وتتنازع على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى «الوحدة الوطنية»، ويرأسها عبد الحميد الدبيبة، والثانية مكلفة من البرلمان وتدير المنطقة الشرقية وبعض مناطق الجنوب، وتحظى بدعم القيادة العامة لـ«الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر.

وانتقد التواتي محاولة الدبيبة «التقليل من مخاطر وجود الميليشيات في العاصمة وبقية المدن، الواقعة تحت سيطرة حكومته بالمنطقة الغربية بالحديث عن قلة اشتباكاتها، وخلافاتها مع بعضها بعضاً، وأن مسار تأهيلها لا يزال مستمراً»، وقال إن السنوات الماضية شهدت اشتباكات حادة بين هذه المجموعات المسلحة، سقط خلالها عدد من المدنيين، ما بين قتيل وجريح، أو تمت محاصرة أحيائهم السكنية، مضيفاً أن الدبيية «يحاول تبرير عجز الطرابلسي عن الوفاء بتعهداته المتكررة منذ أشهر بإخراج تلك الميليشيات ومختلف الأجهزة الأمنية من العاصمة».

في سياق ذلك، حرصت عدة أصوات حقوقية وسياسية على تذكير الدبيبة بأن الطرابلسي ليس وحده الزعيم الميليشياوي السابق في حكومته، وأنه يوجد بجواره وكيل وزارة الدفاع العقيد عبد السلام الزوبي، ومدير إدارة الاستخبارات العسكرية التابعة للوزارة ذاتها، العميد محمود حمزة.

ليبيون طالبوا بشرعنة الميليشيات عبر دمجها في المؤسستين العسكرية والأمنية بالمنطقة الغربية (إ.ب.أ)

من جهته، استعرض مدير المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية، الشريف عبد الله، مراحل سابقة لشرعنة الميليشيات عبر دمجها في أجهزة الدولة، وخصوصاً المؤسستين العسكرية والأمنية بالمنطقة الغربية. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن حكومة «الوفاق الوطني»، برئاسة فائز السراج السابقة، «هي مَن دشنت هذا المسار؛ وحكومة الدبيبة قطعت بدورها خطوات به»، عادّاً أن هذا القرار «لم يؤدِ لضبط سلوك تلك المجموعات أو خضوعها لأي تعليمات يصدرها أي مسؤول بالدولة، واقتصرت علاقتهم بها على ما منح لهم من شرعية ونفوذ ورواتب شهرية».

ويعتقد عبد الله أن الخطورة «لا تكمن فقط في تولي قيادات هذه الميليشيات مناصب رفيعة بالوزارات، مثل الطرابلسي والزوبي، وإنما في شرعنة كياناتهم المسلحة»، وقال إن «عبد الغني الككلي، وهو قائد ميليشياوي، صار يعرّف اليوم بكونه رئيس (جهاز الاستقرار) التابع للمجلس الرئاسي، وبات يتمتع بنفوذ كبير بالعاصمة وخارجها، بل ويردد أنه وغيره من قادة الأجهزة الأمنية يتم استطلاع رأيهم حيال تعيين المسؤولين».

وشدد عبد الله على أن ظاهرة تعيين قادة الميليشيات في أجهزة الدولة «ليست قاصرة على الغرب الليبي»، مشيراً في هذا السياق إلى أن وكيل وزارة الداخلية بالحكومة المكلفة من البرلمان، فرج أقعيم، كان قبل عام 2015 قائد مجموعة مسلحة، قبل أن تتم شرعنتها من قِبَل القيادة العامة لـ«الجيش الوطني».