لم تصمد الهدنة السودانية في ثاني أيام عيد الأضحى المبارك، وعادت المعارك والاشتباكات لتهز أركان العاصمة، مع تسجيل انفجار ضخم الخميس في محيط المقر الرئيسي للقيادة العامة للجيش، وسط الخرطوم، فيما نفذ الطيران الحربي ضربات جوية استهدفت تمركزات لقوات «الدعم السريع» في مناطق متفرقة.
ولم يشهد محيط القيادة العامة للجيش السوداني أي مواجهات بين الطرفين منذ أكثر من شهر، بعد أن انتقلت إلى الأحياء السكنية في مدن العاصمة الثلاث؛ الخرطوم، وأم درمان، وبحري.

وسمع دوى انفجار قوي، وشوهدت أعمدة الدخان الكثيفة تتصاعد في سماء المدينة، وبدا الانفجار قريباً من قيادة الجيش.
وفي موازاة ذلك، كشف مساعد القائد العام للجيش السوداني، ياسر العطا، عن عمليات نوعية تنفذها قوات العمل الخاصة ضد «قوات الدعم السريع» في عدد من المناطق بالعاصمة الخرطوم. وأضاف، في فيديو بثته القوات المسلحة السودانية على صفحتها الرسمية بـ«الفيس بوك»، الخميس، مخاطباً جنود وضباط وضباط صف من الجيش: «السودان أمانة في أعناقنا جميعاً».
وأشار العطا، الذي يشغل مقعداً في مجلس السيادة الانتقالي، إلى أن «قوات العمل الخاصة في مناطق؛ وادي سيدنا، الكدرو، الشجرة، جبل أولياء، تنفذ عمليات عسكرية، وحالياً تقوم بتطويق عدد كبير من قوات الدعم السريع... التي دخلت بعض المنازل في أم درمان وبدأت في نهبها».
وقال إن مدينة أم درمان ستكون نقطة البداية للانتقال إلى مدينتي الخرطوم وبحري لتنظيفهما من «الجنجويد»، على حد تعبيره.
وأوضح شهود عيان لــ«الشرق الأوسط» أن الطيران الحربي للجيش حلّق في مناطق بمدينة أم درمان، وقصف بعض الأهداف التابعة لـ«الدعم السريع».

وعقب اندلاع المعارك بين الجيش وقوات «الدعم السريع» في منتصف أبريل (نيسان) الماضي، شن الجيش السوداني هجمات متواصلة بالطيران على أجزاء من منطقة القيادة العامة التي كانت تسيطر عليها قوات «الدعم».
ويأتي التصعيد الحالي عقب إعلان طرفي القتال عن وقف انفرادي لإطلاق النار في اليوم الأول لعيد الأضحى.
ودعا رئيس مجلس السيادة الانتقالي، قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان «الشباب إلى الانضمام لقوات الوحدات العسكرية والقتال إلى جانب الجيش»، مؤكداً «أن الجيش لن يسمح لقائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، بتنفيذ مطامعه وطموحاته الشخصية في حكم البلاد».
وأعلنت لجان مقاومة (تنظيم شعبي)، بولاية وسط دارفور، أن عاصمة الولاية (زالنجي) سقطت كلياً في يد قوات «الدعم السريع»، من دون أي تحرك من قيادة الجيش بالمنطقة. وقالت، في بيان، إن «ميليشيات مسلحة موالية لقوات الدعم السريع هاجمت الثلاثاء الماضي مدينة زالنجي وسيطرت بالكامل على كل المقار الحكومية والأجهزة النظامية والمقار الخدمية».
وأضاف البيان أن قائد قوات الدعم السريع بالمنطقة «استولى على منزل حاكم الولاية، وحوّله إلى سكن شخصي، في خطوة أشبه بتنصيب نفسه حاكماً عاماً على الولاية».

وفي موازاة ذلك، أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، الخميس، أنها توسطت في إطلاق سراح 125 جندياً سودانياً احتجزتهم قوات «الدعم السريع»، وقالت إن إطلاق سراح الجنود، الذي تم الأربعاء، «جاء بناء على طلب من طرفي النزاع».
وأوضح مدير بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في السودان، جان كريستوف ساندوز، في بيان: «نحن على استعداد للعمل وسيطاً محايداً للإفراج عن المحتجزين من جميع أطراف النزاع حينما يطلب ذلك».
وتسببت الحرب في أزمة إنسانية كبيرة، وشردت ما يقرب من 2.8 مليون شخص، فرّ منهم ما يقرب من 650 ألفاً إلى الدول المجاورة.
إلى ذلك، أعلن والي شمال دارفور بالسودان نمر محمد عبد الرحمن الاتفاق على وقف القتال في الولاية. وقال في كلمة له بمناسبة عيد الأضحى، نشرها على صفحته بموقع «فيسبوك»، الخميس: «نحن في حكومة ولاية شمال دارفور، بمبادرات طيبة من أطراف كثيرة، جلسنا بعضنا مع بعض، أبناء الولاية والحكومة والإدارة الأهلية والأعيان المجتمعية وطرفي القتال والشرطة والأمن والشباب ومنظمات المجتمع المدني... وتوصلنا إلى أننا لن نربح من القتال، بل خسرنا، وكانت النتيجة أننا اتفقنا على وقف القتال بالولاية».
وأضاف: «الوطن ينزف نتيجة هذه الحرب العبثية، وهذا النزيف قد يستمر، ويؤدي إلى مزيد من القتل والتشريد، ما لم نتحرك بسرعة لننقذ الشعب السوداني والوطن».
وعبّر عبد الرحمن عن أمله «في أن يحذو الإقليم وباقي مدن السودان حذو ولاية شمال دارفور بالمحافظة على السلم الاجتماعي في وقت الحرب».
