تونس: جدل حول حيادية هيئة الانتخابات

بسبب انخراطها في مشروع تقسيم الدوائر الانتخابية

جانب من حملة انتخابات سابقة (أ.ف.ب)
جانب من حملة انتخابات سابقة (أ.ف.ب)
TT

تونس: جدل حول حيادية هيئة الانتخابات

جانب من حملة انتخابات سابقة (أ.ف.ب)
جانب من حملة انتخابات سابقة (أ.ف.ب)

خلّف إعلان هيئة الانتخابات التونسية الانتهاء من تقسيم الدوائر الانتخابية، استعداداً لانتخابات مجلس الجهات والأقاليم، المقررة في شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، تساؤلات حول مدى التزام الهيئة للحياد تجاه مختلف الأطراف السياسية، بما فيها الأطراف الداعمة للمسار السياسي الذي يقوده الرئيس التونسي قيس سعيد منذ 25 يوليو (تموز) 2021.

وقدَّم أعضاء هيئة الانتخابات توضيحاً بشأن اتهامهم بالتدخل في عمل مؤسسات الدولة؛ إذ إن تقسيم الدوائر الانتخابية من صميم مهام السلطات المحلية والجهوية، ولا دخل لهيئة الانتخابات في مختلف هذه المراحل، حتى تبقى طرفاً مقبولاً من جميع الأطراف، ولا تُتهم بدعم ظرف سياسي على حساب الآخرين.

وفي هذا الشأن، انتقد العضو السابق لهيئة الانتخابات، ماهر الجديدي، انخراط الهيئة في مشروع تقسيم الدوائر الانتخابية، معتبراً أن ما تقوم به الهيئة غير قانوني، وكان من المفروض أن تنأى بنفسها عن المشكلات التي قد تتسبب في ضرب استقلاليتها، على حد تعبيره.

وأضاف، في تصريح إذاعي، أن تقسيم الدوائر الانتخابية هو مهمة إدارية، كما أن لقاءات واجتماعات الهيئة وزياراتها الميدانية لمتابعة التقسيم الترابي لم تكن بتفويض من مجلس الهيئة؛ بل كان بقرار من رئيسها فاروق بوعسكر الذي انفرد بعملية التسيير، على حد قوله.

هيئة الانتخابات في أحد اجتماعاتها (الموقع الرسمي للهيئة)

في المقابل، فنّد المتحدث باسم الهيئة، محمد التليلي المنصري، اتهامها بـ«التدخل في عمل مؤسسات الدولة»، مؤكداً أن تقسيم الدوائر الانتخابية من صميم أعمال الهيئة، وهو يعتمد على الفصلين 10 و28 من المرسوم الرئاسي الذي يلزم الهيئة بضرورة تقسيم الدوائر الانتخابية بالنسبة للمناطق المحلية (المعتمديات) التي بها أقل من 5 عمادات (العمادة هي أصغر تقسيم إداري على المستوى المحلي).

وأكد المنصري أن الهيئة مطالبة في هذه الحالة بتقسيم الدوائر الانتخابية، مشدداً على شريطة التفرقة بين الدوائر الانتخابية والتحديد الترابي الذي تقوم به مؤسسات الدولة، ممثلة في: وزارة الداخلية، والمعهد الوطني للإحصاء، والمركز الوطني لرسم الخرائط والاستشعار عن بعد، وديوان قيس الأراضي، على حد تعبيره.

وقال المنصري إن هيئة الانتخابات لا يمكنها إحداث دوائر انتخابية إلا بعد ضبط الحدود الجغرافية بكل دقة، لكي تتمكن فيما بعد من تقسيم الدوائر الانتخابية، وربط الناخب بدائرته.

وكان رئيس هيئة الانتخابات، فاروق بوعسكر، قد أكد أن مشروع تقسيم الدوائر الانتخابية يندرج في إطار الاستعدادات المحمولة على الهيئة، لتركيز الغرفة البرلمانية الثانية (المجلس الوطني للجهات والأقاليم) على ضوء دستور 2022، وما يتطلبه ذلك من ترتيبات وإجراءات تحضيرية لانتخابات المجالس المحلية.

يُذكر أن عدداً من المراقبين انتقدوا تدخل هيئة الانتخابات في عملية التقسيم الإداري للدوائر الانتخابية، مؤكدين أن الغاية الأساسية هي دعم المشروع السياسي للرئيس سعيد، المعتمد على التمثيل القاعدي والرفع من نسبة المشاركة في الانتخابات، إذ إن الانتخابات البرلمانية التي جرت قبل أشهر لم تشهد سوى مشاركة 11.4 في المائة من الناخبين المسجلين. وتحدثت بعض القيادات السياسية عن إمكانية فرض إجبارية الاقتراع، أو دفع غرامة مالية في حال التخلف عن التصويت.


مقالات ذات صلة

منظمات تونسية ودولية تطالب باحترام «التعددية» في الانتخابات الرئاسية

شمال افريقيا فاروق بوعسكر يترأس اجتماعاً لهيئة الانتخابات التونسية (الهيئة)

منظمات تونسية ودولية تطالب باحترام «التعددية» في الانتخابات الرئاسية

طالبت 26 منظمة تونسية ودولية، وحوالي مائتي شخصية، في بيان مشترك، باحترام «التعددية» خلال الانتخابات الرئاسية وتطبيق القرارات الإدارية لإعادة قبول المرشحين.

«الشرق الأوسط» (تونس)
أميركا اللاتينية إدموندو غونزاليس مع زعيمة المعارضة ماريا كورينا ماتشادو (أ.ف.ب)

كاراكاس تنتقل من الدفاع عن «فوز» مادورو إلى شن هجوم واسع على قادة المعارضة

بعد مضي شهر على الانتخابات الرئاسية الفنزويلية التي ما زالت نتائجها موضع خلاف عميق، وقد تسببت في أزمة تهدد بانفجار اجتماعي جديد.

شوقي الريّس (مدريد)
الولايات المتحدة​ الأميركية كريستال غرير تلتقط صورة شخصية في تعاونية كينكت بعد فعالية فحص صحة الناخبين في 17 أغسطس 2024 في أتلانتا - جورجيا بالولايات المتحدة (أ.ف.ب)

السود في ولاية جورجيا مفتاح فوز انتخابي إذا أقبلوا على الاقتراع

تحتاج الديمقراطية كامالا هاريس إلى استقطاب الناخبين الشباب السود مثل جوليان روبرتس، إذا أرادت تحقيق الفوز في جورجيا بالانتخابات الرئاسية.

أوروبا رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (رويترز)

ستارمر: هاريس غيّرت حملة الانتخابات الرئاسية «بشكل عميق»

اعتبر رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أن حلول كامالا هاريس مكان جو بايدن مرشحة عن الحزب الديمقراطي قد «غيّر بشكل عميق» حملة انتخابات الرئاسة الأميركية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أميركا اللاتينية المعارض الفنزويلي إدموندو غونزاليس أوروتيا في كاراكاس فنزويلا - 23 مايو 2024 (أ.ف.ب)

مرشح المعارضة الفنزويلية لانتخابات الرئاسة مهدد بالسجن

بات مرشح المعارضة الفنزويلية إدموندو غونزاليس أوروتيا الذي يدعي الفوز على نيكولاس مادورو في الانتخابات الرئاسية مهدداً بالاعتقال إذا لم يمثل أمام القضاء.

«الشرق الأوسط» (كاراكاس)

الحكومة المصرية تواجه «سرقة الكهرباء» بإلغاء الدعم التمويني

أحد أحياء وسط العاصمة المصرية القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
أحد أحياء وسط العاصمة المصرية القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

الحكومة المصرية تواجه «سرقة الكهرباء» بإلغاء الدعم التمويني

أحد أحياء وسط العاصمة المصرية القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
أحد أحياء وسط العاصمة المصرية القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

شدّدت الحكومة المصرية إجراءات مواجهة «سرقة الكهرباء» باتخاذ قرارات بـ«إلغاء الدعم التمويني عن المخالفين»، ضمن حزمة من الإجراءات الأخرى.

وعدّ خبراء الإجراءات الحكومية «مطلوبة ضمن تدابير انتظام خدمة الكهرباء»؛ لكن قالوا «إن الإشكالية ليست في تشديد العقوبات، لكن في كشف وقائع السرقة وضبطها لمعاقبة المخالفين».

وكثّفت وزارة الكهرباء المصرية من حملات التوعية الإعلامية أخيراً لترشيد استهلاك الكهرباء، والتصدي لوقائع سرقة التيار. ودعت المواطنين «بالإبلاغ عن وقائع سرقة التيار الكهربائي حفاظاً على المال العام». وأعدت شركات الكهرباء المصرية، قوائم بأسماء مواطنين جرى تحرير محاضر سرقة التيار الكهربائي بحقهم، لتقديمها لوزارة التموين المصرية، لتنفيذ قرار مجلس الوزراء المصري بـ«رفع الدعم التمويني عنهم». ووفقاً لوسائل إعلام محلية، السبت، نقلاً عن مصادر مسؤولة بوزارة الكهرباء، فإن قائمة المخالفين «ضمت نحو 500 ألف مواطن، بوصفها مرحلة أولى، وتتبعها كشوف أخرى بمن يتم ضبطهم».

وأعلن رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، خلال اجتماع بمجلس المحافظين، الأسبوع الماضي «اتخاذ إجراءات حاسمة ضد كل من يُحرر له محضر سرقة كهرباء، ومن أهمها إيقاف صور الدعم التي يحصل عليها من الدولة المصرية». وقال مدبولي« إن هذا بخلاف الإجراءات القانونية المتبعة للتعامل مع السرقات، بما يسهم في القضاء على هذا السلوك السلبي».

وتواصل الحكومة المصرية حملات التفتيش والضبطية القضائية لمواجهة سرقات الكهرباء. وأعلنت وزارة الداخلية المصرية، السبت، عن حملات قامت بها شرطة الكهرباء، أسفرت عن ضبط 13159 قضية سرقة تيار كهربائي، ومخالفات شروط التعاقد، وفق إفادة لـ«الداخلية المصرية».

من جانبه، طالب رئيس «جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك السابق» في مصر، حافظ سلماوي، بضرورة «تطبيق إجراءات رفع الدعم عن المتهمين بسرقة التيار الكهربائي وفقاً للقانون، حتى لا يتم الطعن عليها»، مشيراً إلى أن «قانون الكهرباء الحالي وضع إجراءات رادعة مع المخالفين، ما بين فرض غرامات وإلغاء تعاقد».

وأوضح سلماوي لـ«الشرق الأوسط» أن «مواجهة سرقات الكهرباء، ليست بحاجة لعقوبات جديدة رادعة». وأرجع ذلك إلى أن العقوبات المنصوص عليها في قانون الكهرباء الحالي «كافية لمواجهة حالات هدر التيار الكهربائي». وقال «إن الأهم من تغليظ عقوبات السرقات، هو اكتشافها وضبط المخالفين وفقاً لإجراءات قانونية سليمة تثبت واقعة السرقة»، مطالباً بتطوير آليات الرقابة على المستهلكين من خلال «التوسع في تركيب العدادات الذكية والكودية، وتكثيف حملات (كشافي) الكهرباء، وحملات الرقابة والضبطية القضائية، خصوصاً في المناطق الشعبية».

ونص قانون الكهرباء لعام 2015، على «معاقبة من استولى بغير حق على التيار الكهربائي، بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر، وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تزيد على 100 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين». وفي حال تكرار السرقة تكون العقوبة «الحبس مدة لا تقل عن سنة، وغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه ولا تزيد على 200 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين». (الدولار يساوي 48.56 جنيه في البنوك المصرية).

وزير الكهرباء المصري يبحث مع مسؤولي شركة «سيمنس» الألمانية التعاون في مواجهة سرقة الكهرباء (الكهرباء المصرية)

وتعتمد وزارة الكهرباء المصرية على إجراءات جديدة لكشف سرقات الكهرباء باستخدام تكنولوجيا حديثة في الرقابة. وناقش وزير الكهرباء المصري، محمود عصمت، مع مسؤولين بشركة «سيمنس» الألمانية، أخيراً، التعاون في «برامج إدارة الطاقة بالشبكة الكهربية (EMS) باستخدام أحدث أساليب التكنولوجيا، والمقترحات الخاصة بكيفية الحد من الفاقد وسرقات التيار الكهربائي في كل الاستخدامات، خصوصاً المنزلي والصناعي».

ومع ارتفاع شكاوى المواطنين من انقطاع الكهرباء في بداية شهور الصيف هذا العام، بدأت الحكومة المصرية من الأسبوع الثالث من يوليو (تموز) الماضي وقف خطة قطع الكهرباء. وتعهدت بوقف تخفيف الأحمال باقي شهور الصيف، كما تعهدت بوقف خطة «انقطاع الكهرباء» نهائياً مع نهاية العام الحالي.

وعدّ رئيس«جهاز تنظيم مرفق الكهرباء السابق بمصر، تلك الإجراءات «مطلوبة لتقليل الهدر في استهلاك الكهرباء»، مشيراً إلى أن «الحكومة تتخذ مجموعة من المسارات لضمان استدامة وانتظام خدمة الكهرباء، وحتى لا تتكرر خطط تخفيف الأحمال (قطع الكهرباء)».

في المقابل، رفض عضو «اللجنة الاقتصادية» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب محمد بدراوي، اتخاذ الحكومة المصرية إجراءات برفع الدعم عن المخالفين في سرقة الكهرباء. وأرجع ذلك إلى أن «غالبية وقائع سرقة الكهرباء تأتي من المناطق الشعبية، ومعظم سكانها مستحقون للدعم»، مشيراً إلى أنه «على المستوى الاقتصادي لن يحقق فائدة، خصوصاً أن تكلفة سرقة الكهرباء قد تفوق قيمة الدعم الذي يحصل عليه المخالفون».

في حين أكد بدراوي لـ«الشرق الأوسط»، «أهمية الإجراءات المشددة لمواجهة الهدر في الكهرباء». وقال إنه مع «تطبيق عقوبات حاسمة تتعلق برفع قيمة الغرامات على المخالفين»، مطالباً بضرورة «إصلاح منظومة الكهرباء بشكل شامل، بحيث تشمل أيضاً تخطيط أماكن البناء في المحافظات، وتسهيل إجراءات حصول المواطنين على التراخيص اللازمة للبناء ولخدمة الكهرباء».