الفوضى في السودان: من يقاتل من أجل السلطة؟

تصاعد الدخان في أم درمان بالسودان مع اندلاع القتال (رويترز)
تصاعد الدخان في أم درمان بالسودان مع اندلاع القتال (رويترز)
TT

الفوضى في السودان: من يقاتل من أجل السلطة؟

تصاعد الدخان في أم درمان بالسودان مع اندلاع القتال (رويترز)
تصاعد الدخان في أم درمان بالسودان مع اندلاع القتال (رويترز)

استهلك القتال بين فصيلين عسكريين في السودان، أسابيع. ويفر السودانيون والأجانب من تلك البلاد الاستراتيجية، الواقعة في شرق أفريقيا، بأعداد كبيرة، غير أن الكثير من الناس لا يزالون عالقين في الداخل.

عندما يُحوِّل الجنرالات المتناحرون مدينة يسكنها 5 ملايين نسمة إلى ساحة لحربهم الشخصية، كما فعل اثنان منهم في السودان، فإن المدنيين يدفعون ثمناً باهظاً.

وحوصر العديد من السكان داخل منازلهم، في العاصمة الخرطوم، منذ اندلاع أعمال العنف في 15 أبريل (نيسان)، حيث احتل المقاتلون بعض أحياء وسط المدينة، مطلقين النار من الأسطح وبين المباني على الطائرات الحربية. كما تعاني المدينة انقطاعاً مستمراً في الكهرباء ونقص الغذاء والمياه، فضلاً عن أعمال النهب والسلب.

يفر المواطنون السودانيون والرعايا الأجانب، على حد سواء، بأعداد كبيرة من مناطق القتال. ووفقاً لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، نزح أكثر من 1.4 مليون شخص، منهم 360 ألف شخص عبروا الحدود إلى البلدان المجاورة، مثل مصر وإثيوبيا وجنوب السودان. وهرب آلاف السودانيين ومواطنون من دول أخرى إلى مدينة بورتسودان على البحر الأحمر، أملاً في الفرار على متن قوارب إلى السعودية.

ومع تنافس الجنرالين المتناحرين على السيطرة، فإن المصادمات بين مجموعة شبه عسكرية تُعرف باسم قوات «الدعم السريع» والجيش السوداني، أعادت ترتيب الأوضاع في البلاد بسرعة مذهلة.

كما تبددت الآمال في أن يتمكن السودان (ثالث أكبر دولة في أفريقيا من حيث المساحة، مع أكثر من 45 مليون نسمة) من بدء حكم مدني في أي وقت قريب.

واستمر القتال في البلاد إثر الانتهاك المنتظم للعديد من اتفاقيات وقف إطلاق النار التي أبرمها الجانبان من قبل. وأعلنت الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية، في الأول من يونيو (حزيران) أنهما قررتا تعليق المحادثات التي كانتا تُسهلان إجراءها بين الجانبين في جدة، في المملكة العربية السعودية، «نتيجة للانتهاكات الجسيمة المتكررة» لاتفاقات وقف إطلاق النار السابقة.

أين يجري القتال؟

يبدو أن معظم القتال يجري الآن في الخرطوم، وفي المنطقة الغربية من دارفور. ويسيطر الجيش، الذي يمتلك قدرات الطيران الحربي، على معظم أنحاء البلاد، بما في ذلك بورتسودان. لكن المحللين يقولون إن معظم مناطق وسط الخرطوم تخضع لسيطرة قوات «الدعم السريع».

وتجاوز عدد القتلى المدنيين جراء القتال 865 شخصاً، وأصيب أكثر من 5000 شخص آخرين، بحسب وزارة الصحة السودانية، رغم أن العدد الفعلي ربما يكون أعلى من ذلك بكثير.

وفي الخرطوم، أسفر القتال عن انقطاع الكهرباء والماء عن العديد من الأشخاص الذين تقطعت بهم السبل في منازلهم. ويقول الأطباء إنهم يكافحون من أجل التأقلم مع الأوضاع الراهنة. وقد أُبلغ عن اندلاع قتال بالقرب من القصر الرئاسي، ولم يتضح بعد من يسيطر على البلاد، إن كان هناك من يسيطر عليها فعلاً.

ووجد عمال الإغاثة والدبلوماسيون أنفسهم هذه المرة مستهدفين، بعدما كانوا قادرين من قبل، في كثير من الأحيان، على البقاء بعيداً عن الصراع في التوترات السابقة التي شهدها السودان.

من هما الجنرالان المتنافسان؟

الفريق عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)

زعيم أحد الفصيلين الرئيسيين المتنافسين، هو الجنرال عبد الفتاح البرهان، وهو قائد عسكري قوي، ظل لسنوات زعيماً فعلياً للسودان، بحكم الأمر الواقع.

وكان الجنرال البرهان، الذي لم يكن معروفاً إلا قليلاً قبل عام 2019، على صلة وثيقة بالحاكم السوداني القديم، الرئيس عمر حسن البشير، وصعد إلى السلطة في أعقاب الاضطرابات الصاخبة التي أدت إلى الإطاحة بالزعيم المكروه على نطاق واسع.

قبل ذلك، كان اللواء البرهان قائداً للجيش الإقليمي في دارفور، عندما قتل 300 ألف شخص هناك وشُرد ملايين آخرون في القتال الذي دار في الفترة من 2003 إلى 2008، والذي أثار إدانة عالمية لانتهاكاته حقوقَ الإنسان ولتسببه بخسائر بشرية فادحة.

وبعد أن وقع المدنيون والجيش على اتفاق لتقاسم السلطة عام 2019، صار اللواء البرهان رئيساً لمجلس السيادة، وهو الهيئة التي أنشئت للإشراف على انتقال البلاد إلى الحكم الديمقراطي. لكن، مع اقتراب موعد تسليم السلطة إلى المدنيين أواخر عام 2021، ثبت أنه غير راغب في التخلي عن السلطة.

الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) (رويترز)

المنافس الرئيسي للجنرال البرهان هو الفريق محمد حمدان دقلو، الذي يقود قوات «الدعم السريع»، وهي مجموعة شبه عسكرية قوية.

وبرز الجنرال حمدان، الذي يتحدر من أصول متواضعة، والمعروف على نطاق واسع باسم «حميدتي»، بوصفه قائداً لميليشيات «الجنجويد» سيئة السمعة، التي كانت مسؤولة عن أسوأ فظائع الصراع في دارفور.

وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2021، تحالف اللواء البرهان والجنرال حمدان للاستيلاء على السلطة في انقلاب عسكري، ما جعلهما فعلياً الزعيم ونائب الزعيم في السودان. لكن، في الأشهر الأخيرة، وقعت مواجهات علنية، ونُشرت بهدوء قوات ومعدات إضافية في معسكرات الجيش في الخرطوم وعبر مختلف أنحاء البلاد.

لماذا تستثمر دول أخرى كثيرة في الصراع؟

يحتل السودان موقعاً محورياً في القارة الأفريقية، حيث إن له ساحلاً كبيراً على البحر الأحمر، وتحيط به سبع دول هي: جمهورية أفريقيا الوسطى، وتشاد، ومصر، وإريتريا، وإثيوبيا، وليبيا، وجنوب السودان.

وهناك مخاوف من أن تجتذب الفوضى الجديدة تلك البلدان المجاورة.

وقد انتشر العنف بالفعل في قلب دارفور، المنطقة المعذبة بدائرة صراعها الخاص منذ 20 عاماً. ودارفور هي موطن للعديد من الجماعات المتمردة التي يمكن أن تنغمس في القتال، وكانت قاعدة لمقاتلي شركة «فاغنر» العسكرية الروسية الخاصة. وقد قدمت شركة «فاغنر» المشورة للحكومة السودانية، وحصلت على حق الوصول إلى عمليات التنقيب عن الذهب المربحة. كما سعت روسيا إلى السماح لسفنها الحربية بالرسو على ساحل البحر الأحمر في السودان.

وفي الوقت الذي بدا فيه أن السودان يتجاوز عقوداً مطولة من العزلة صوب الديمقراطية في السنوات الأخيرة، رفعت الولايات المتحدة تصنيف السودان كدولة راعية للإرهاب.

وفي الأشهر الأخيرة، حاولت مجموعة من المسؤولين الأجانب، من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي، فضلاً عن الولايات المتحدة، التفاوض على اتفاق بين الجنرالين، والضغط عليهما للسماح بالانتقال إلى حكومة يقودها المدنيون.

لكن الجنرالين لم يتفقا على مدى سرعة استيعاب قوات «الدعم السريع» في الجيش السوداني. وبدلاً من ذلك، دفعا بقواتهما إلى أتون الحرب المستعرة بين الفريقين.

 

* خدمة «نيويورك تايمز»



أبرز حوادث الغرق المصرية في البحر الأحمر

حطام الباخرة «سالم إكسبريس» في مياه البحر الأحمر (المصدر: مجموعة «DIVING LOVERS» على موقع «فيسبوك»)
حطام الباخرة «سالم إكسبريس» في مياه البحر الأحمر (المصدر: مجموعة «DIVING LOVERS» على موقع «فيسبوك»)
TT

أبرز حوادث الغرق المصرية في البحر الأحمر

حطام الباخرة «سالم إكسبريس» في مياه البحر الأحمر (المصدر: مجموعة «DIVING LOVERS» على موقع «فيسبوك»)
حطام الباخرة «سالم إكسبريس» في مياه البحر الأحمر (المصدر: مجموعة «DIVING LOVERS» على موقع «فيسبوك»)

قبل حادث المركب السياحي «سي ستوري»، الذي تعرض للغرق قبالة مدينة مرسى علم المصرية في البحر الأحمر، الاثنين، شهد البحر الأحمر على مدار السنوات الماضية حوادث مشابهة، طالت مراكب سياحية وعبّارات، وخلَّفت خسائر كبيرة، أبرزها:

- 7 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024: شهدت منطقة أبو الكيزان، جنوب البحر الأحمر، حادث غرق لنش سياحي اسمه «نوران» خلال رحلة غوص سفاري، ونجحت فرق الإنقاذ في إنقاذ 30 شخصاً كانوا على متنه، من بينهم 15 سائحاً أجنبياً من جنسيات متعددة، و4 مواطنين مصريين، بالإضافة إلى 11 فرداً من طاقمه.

- 26 يونيو (حزيران) 2024: شهدت مدينة مرسى علم حادث غرق «لنش» سياحي في إحدى مناطق الشعاب المرجانية الشهيرة، خلال رحلة لسفاري الغوص، وعلى متنه 24 سائحاً فرنسياً، إذ تعرض اللنش للشحوط، مما تسبب في تعرضه لخسائر كبيرة وإحداث ثقب كبير به، قبل أن يتدخل مركب مجاور ويتم نقل السياح دون خسائر في الأرواح أو إصابات.

- 5 يناير (كانون الثاني) 2024: غرق مركب سياحي في مدينة الغردقة المصرية الواقعة على ساحل البحر الأحمر خلال رحلة بحرية إلى أحد مواقع الغوص، كان على متنه 16 فرداً بين سياح ومصريين جرى إنقاذهم ونقلهم إلى الرصيف البحري دون أي إصابات.

- 25 أبريل (نيسان) 2023: شهدت سواحل مدينة الغردقة أيضاً بالقرب من منتجع «الجونة» السياحي غرق مركب سياحي يحمل اسم «كارلتون»، يُقلُّ 26 سائحاً من مختلف الجنسيات، و8 أفراد هم طاقم اللنش، وتم إنقاذ جميع من كانوا على متنه.

- 5 يوليو (تموز) 2015: غرق سفينة البضائع «طابا» على بُعد 10 أميال بحرية من ميناء سفاجا وعلى متنها 37 شخصاً كانت في طريقها إلى ميناء ضبا السعودية، حيث غمرتها المياه مما أدى إلى الميل الشديد بها، وغرقها، وجرى إنقاذ جميع من كان على متنها.

- 2 فبراير (شباط) 2006: غرق عبارة الركاب المصرية «السلام 98» قرب ميناء سفاجا المصري وعلى متنها أكثر من 1400 راكب، مات منهم 1034، أغلبهم من المصريين، حيث اشتعلت النيران في غرفة المحركات بالعبارة.

- 15 ديسمبر (كانون الأول) 1991: غرق باخرة الحجاج المصرية «سالم إكسبريس» قبالة سواحل ميناء الغردقة، حيث كانت قادمة من ميناء جدة، وجاء الغرق نتيجة اصطدامها بالشعاب المرجانية، مما أدى إلى مقتل جميع الركاب الذين كانوا على متنها وعددهم 476 شخصاً.